الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

عزل البابا يوساب الثاني جماعة الإصلاح القبطية خطفت البابا.. وأجبروه على التنازل عن العرش البابوي

البابا يوساب الثاني
البابا يوساب الثاني
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شهد تاريخ الكنيسة المعاصر حالة لعزل خليفة مار مرقس، وهو البابا يوساب الثانى البابا الـ 115 على سدة مارمرقس فى الفترة من 1946 حتى 1956، وعقب وفاته ظل الكرسى البابوى شاغرًا ما يقرب من العامين ونصف العام.
البابا الذى ترهبن فى دير الأنبا أنطونيوس بالبحر الأحمر، باسم القمص أقلاديوس الأنطوانى عام 1895، من مواليد قرية النغاميش التابعة لمركز البلينا محافظة سوهاج، وعاصر الملك فاروق الأول، والرئيسين محمد نجيب وجمال عبدالناصر.
قامت جماعة الإصلاح القبطية، والتى كانت تهدف إلى الإصلاح، بخطف البابا يوساب الثاني، فى فجر أحد أيام يوليو عام 1954م؛ وقام خمسة شبان أقباط بهجوم مسلح على المقر البابوي، اقتحموا خلاله بوابة دار البطريركية بكلوت بيه، وصولًا إلى غرفة البابا، ليجد نفسه محاطا بثلاثة مسلحين يشهرون الأسلحة، ويطلبون منه أن يسرع بارتداء ملابسه لأنه سيذهب معهم.
البابا الـ115 على سدة مار مرقس استجاب لطلباتهم، واستعد أن يذهب معهم، ليجد نفسه مجبرًا على التوقيع على ثلاثة قرارات بالغة الخطورة، تضمنت تنازل البطريرك عن العرش البابوي، وتعيين الأنبا ساويرس، مطران المنيا بدلاً منه، ودعوة المجمع المقدس والمجلس الملى العام لانتخاب بطريرك جديد، وتوصية لتعديل لائحة انتخاب البطريرك، بحيث يشترك فى انتخابه جمهور رعاياه من العلمانيين.
وبعد أن وضع المسلحون من أعضاء الجماعة البابا فى الدير، قاموا بإصدار بيان يعلنون فيه تنازل البابا عن الكرسي، كما أنه وقع إقرارا بالفساد المستشرى فى الكنيسة، وتطلب من الشعب القبطى أن يقوم بانتخاب بطريرك آخر، وتحذر الدولة من التدخل فى شئون الأقباط الداخلية.
ورغم الظروف السياسية فى البلاد، أرسلت الحكومة وزير التموين، جندى عبدالملك، إلى المقر البابوى للتفاوض مع الجماعة التى قامت بالعملية، حيث كان يعتقد أن الأمر يتعلق بمسألة قبطية داخل الكنيسة. 
ولكن الوزير قام بإبلاغ وزير الداخلية لشكه فى وجود مخطط جنائي، بعدها اقتحمت الشرطة المبنى، وألقت القبض على الجناة ومعهم 37 من أتباعهم، وسارعت بتحرير البابا وأعادته إلى المقر البابوي، وحكم على مؤسس الجماعة بالسجن لمدة ثلاث سنوات.
الجماعة لم تكن بدايتها صادمة مع خليفة مار مرقس 115، فور منحها ترخيص عملها من قبل وزارة الشئون الاجتماعية، رحب البابا بها ظنًا منه أنها نشأت لمواجهة الفكر الإسلامى المتطرف، الذى قامت به جماعة الإخوان، إلا أنها فى النهاية دبرت محاولة لقتله فى 20 سبتمبر 1955، قام بها عبدالمسيح باشا، أحد المتهمين فى قضية الاختطاف.
وفى نوفمبر 1956 اعتقل إبراهيم فهمى هلال مؤسس جماعة الأمة القبطية مع آخرين لأسباب سياسية تتناول إصلاح وتسوية قضايا الأحوال الشخصية لغير المسلمين.
ورغم رفض غالبية الأقباط إجبار البابا وخطفه تحت تهديد السلاح، فإنه فى 21 سبتمبر 1955، جرد البابا يوساب الثانى رسميًا من مهامه البابوية، وأُرسل إلى دير المحرق بالقوصية التابعة لمحافظة أسيوط، حيث اشتد النزاع بينه وبين المجمع المقدس، بسبب رفضه بعض المطالب الإصلاحية، وذلك فى 25 سبتمبر 1954 لدرجة إغلاق باب البطريركية فى وجه أعضاء المجمع لمنعهم من الاجتماع.
وبعدها قام المجمع يوم 27 سبتمبر 1955 بتعيين لجنة ثلاثية من الأساقفة مكونة من الأنبا أغابيوس مطران ديروط وصنبو وقسقام، والأنبا ميخائيل مطران أسيوط، والأنبا بنيامين مطران المنوفية، للقيام بأعمال البطريرك الذى سافر إلى دير المحرق باختياره.
وفى دوامة النزاع بين البابا والمجمع المقدس، قامت الحكومة بإلغاء سلطة المجالس الملية فى قضاء الأحوال الشخصية، وأصبحت لأول مرة من اختصاص المحاكم الوطنية.
وفى محاولة منه لتصحيح الوضع، دعا الأنبا يوساب لعقد مجمع داخل دير المحرق، وحضره ثلاثة عشر مطرانًا وأسقفًا من الأقباط وسبعة من الإثيوبيين، وفيه أعلن الأنبا يوساب أمام الجميع استغناءه عن «الحاشية»، إلا أن الأساقفة الذين لم يحضروا، بالإضافة للمجلس الملي، رفض فكرة عودة البابا لمقر رياسته، فأقام فى المستشفى القبطي، واقتصر دوره على القيام بالصلوات والشعائر الدينية فقط، لمدة خمسة أشهر إلى أن تنيَّح بعد شهر من المرض. 
وقبل نياحته بيوم رأى الأطباء المعالجون أنه أقرب إلى الموت منه إلى الحياة، فاتفقوا مع آباء المجمع المقدس على نقله إلى الدار الباباوية ليموت فى مقر رياسته، صونًا لكرامة الكرسى المرقسي، ونُقِلَ إلى مقره الرسمى وهو مازال فى غيبوبته، وبعد أربع وعشرين ساعة توفى فى 13 نوفمبر 1956.