ولد فى الإسكندرية وعاش حياته بها باستثناء الأوقات التى كان يزور فيها القاهرة لممارسة عمله، حتى عند رحيله فضل أن تكون آخر الأماكن التى يودع فيها الدنيا ومحبيه الذين عشقوا فيه روحه الخفيفة المرحة ونفسه النقية، إنه الفنان الراحل محمد شرف، والذى رحل عن عالمنا عصر يوم الجمعة بعد صراع طويل مع المرض.
فعندما تعرض لوعكة صحية كبيرة فى قلبه منذ فترة زمنية، فضل أن يتغلب عليها شيئا فشيئا، حتى إنه فضل تخطيها بممارسة عمله، لكن القدر كان له رأي آخر، فلم يستطع أن يقاوم الراحل المرض كثيرا حتى تمكن منه مرة أخرى ليجد نفسه داخل أحد المستشفيات بالإسكندرية لتزداد حالته سوءا وتنتقل روحه إلى بارئها، ويودعه جمهوره ومحبوه بعبارات شديدة الحزن، فقد كان له الفضل عليهم فى رسم الابتسامة على وجوههم ومعرفة الضحك طريقا إلى قلوبهم.
فخلال مسيرته الفنية الطويلة التى استمرت لعدة عقود، قدم أدوارا انحسر أغلبها فى طابع الكوميديا، لم تنضب أفيهاته التى كان يستخدمها فى أعماله بل كانت متجددة دوما، ليترك رصيدا ضخما منها يتذكره بها جمهوره الذي بات من الصعب أن ينساه، فما من عمل كوميدى ناجح إلا وكان ضمن فريق عمله، أغلبها كانت مع الفنان أحمد حلمى بداية من فيلم زكى شان، الذي حقق خلاله «حلمى» أقوى بطولاته التى أهلته بعد ذلك لبطولات أخرى، حيث وقف شرف بجانبه ليدعمه بكوميديته فى المشهد الأكثر تأثيرا فى الفيلم وهو عندما نصره على والده (والذي جسده الفنان حسن حسنى) عندما أوهمه بأن زكى نجله استطاع أن يمسك به وأنه بودي جارد ناجح.
لتتوالى بعدها الأعمال الكوميدية التى اشترك فيها الاثنان فى فيلم «جعلتني مجرما»، و«إكس لارج» و«آسف على الإزعاج»، والذي حقق نجاحا كبيرا وقت عرضه، كما شارك مع الفنان محمد هنيدي فى أغلب أفلامه منها «عسكر فى المعسكر»، وكعادته، استطاع أن يضفى الكوميديا على فيلم الرهينة الذي شارك فيه مع الفنان أحمد عز، رغم أن الفيلم لم يدر فى إطار كوميدي، وكذلك فى فيلم ثقافى مع الفنان فتحى عبدالوهاب. كما أضاف قدرا وافيا من الكوميديا فى فيلم «حرامية فى تايلاند» و«مستر اند مسيز عويس».
وخلال مسيرته لم يحسر نفسه فى خانة فنية واحدة، فقد شارك فى عدة مسرحيات وسهرات تليفزيونية ومسلسلات إذاعية وأفلام قصيرة ومسلسلات تليفزيونية، وشارك مع الزعيم عادل إمام فى مسلسل استاذ ورئيس قسم، ومع الفنان أحمد آدم فى مسلسل سر الأرض وغيرها.
ورغم أنه أفنى عمره محبا للفن، إلا أن الفن لم يعطه حقه، فلم يحصل محمد على شرف على البطولة المطلقة ولو لمرة واحدة، لكن الأدوار الثانوية كانت دائما تكتب من نصيبه، لينتهى به الأمر فى نهاية الحال إلى إنفاقه جميع أمواله على علاجه من مرض القلب الذي لحق به مؤخرا.
ورغم أنه معروف بعزة نفسه وقوة تحمله وعدم لجوئه إلى الشكوى، لكنه فى نهاية أيامه حزن كثيرا بسبب إهمال بعض زملائه فى السؤال عنه خلال فترة مرضه، لكنه لم ينس أيضا وقوف الفنان أشرف زكى وأحمد حلمى وطارق لطفى ومحمد هنيدى وأحمد آدم بجانبه أثناء فترة مرضه، حسبما صرح فى أحد لقاءاته الإعلامية الأخيرة، ولم ينس توجيه الشكر إلى زوجته الوفية التى وقفت بجانبه طوال حياته وخصوصا فى فترة مرضه وكذلك أولاده. ليرحل عنهم فى صمت، صانعا الكوميديا من قلب آلامه مع الحياة.
