السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

شريان التجارة العالمية تحت تهديد الحوثيين

التجارة العالمية
التجارة العالمية والحوثيين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بعد تهديدات روحانى.. هل بدأت معركة إيقاف تصدير النفط فى الشرق الأوسط؟
بعد تهديدات سابقة، امتدت يد الحوثيين إلى باب المندب -الذى يمثل شريان التجارة العالمية، وهو أحد أهم الممرات المائية فى العالم، حيث يمر عبره سنويا نحو 25 ألف سفينة- من خلال استهدافهم  ناقلتى نفط فى البحر الأحمر، ما أدى بالسعودية إلى تعليق جميع شحنات النفط الخام التى تمر عبره إلى أن يصبح آمنا للملاحة.
وظلت أهمية باب المندب، محدودة حتى افتتاح قناة السويس 1869، وربط المحيط الهندى بالبحر المتوسط، عبر البحر الأحمر، فتحول إلى واحد من أهم الممرات البحرية بين أوروبا وآسيا وشرق أفريقيا.
ويفصل المضيق البحر الأحمر، عن خليج عدن والمحيط الهندى، وقارتى أفريقيا وآسيا، وتحده من الجانب الأفريقى جيبوتى ومن الجانب الآسيوى اليمن.
وزادت أهمية مضيق باب المندب، مع الاكتشافات النفطية فى منطقة الخليج العربى، إضافة إلى كونه ممرا مائيا تجاريا مهما على صعيد سرعة النقل البحرى والتبادل التجارى بين أوروبا وآسيا، فعدد القطع البحرية المختلفة التى تعبره سنويا يقدر بحوالى 25 ألف قطعة، أى بمعدل 75 قطعة يوميا.




كان لزيارة الرئيس الإيرانى حسن روحانى، إلى الدول الأوروبية الشهر الجارى أثر كبير فى بدء سيناريو ومرحلة جديدة فى صراعات الشرق الأوسط، حيث كانت تهديدات روحانى بمنع تصدير نفط المنطقة فى حال تم إيقاف تصدير نفط إيران بداية فصل جديد لمرحلة ما بعد خروج الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووى الإيرانى.
وبعد تهديد روحانى، أشاد قائد فيلق القدس الإيرانى، الذراع العسكرية والسرية الإيرانية فى الخارج، قاسم سليمانى بتلك التصريحات الصادرة عن رئيس الدولة، ثم أتى المرشد الأعلى الإيرانى على خامنئى ليمتدح تصريحات روحانى، وبذلك كان من المتوقع أن تلك التصريحات ستأتى بنتائجها فى المستقبل القريب. حيث قامت إيران مؤخرًا ببدء التطبيق الفعلى لتهديدات النفط فى المنطقة، وهى المجملة فى «إذا لم يصدر نفطنا فلن يصدر نفط المنطقة».
وقامت الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران فى اليمن باستهداف ناقلة نفط سعودية مؤخرًا فى البحر الأحمر غربى ميناء الحديدة، ما مثل تطورًا خطيرًا ينذر بإحداث اختلال واضطراب فى حركة النفط البحرية فى البحر الأحمر عبر مضيق باب المندب، إلا أنه من ناحية أخرى، فإنه على الرغم من هذا التطور الأخير المذكور، فإن الربط بينه وبين تهديدات المسئولين الإيرانيين بأن «البحر الأحمر لم يعد آمنًا» تحتاج بعض التدقيق والمراجعة فيما إذا كانت إيران تستطيع الذهاب إلى ما هو أبعد من ذلك فى تهديد حركة النفط فى البحر الأحمر، وما الاستراتيجية الأمريكية والدولية الممكنة حيال ذلك؟

الأهمية النفطية الاستراتيجية لمياه البحر الأحمر ومضيق باب المندب
ويمثل مضيق باب المندب الواقع جنوبى البحر الأحمر أهمية كبيرة لحركة التجارة العالمية؛ إذ يمر من خلال سنويًا حوالى ٢٥ ألف سفينة تجارية، أى بمعدل ٧٥ سفينة يوميًا، كما يربط المضيق ما بين البحر الأحمر والمحيط الهندى وخليج عدن، وكذلك ما بين قارتى أفريقيا وآسيا. ويمر عبر المضيق حوالى ٧٪ من حجم الملاحة العالمية، أما من ناحية الأهمية النفطية، فإن المضيق يعبر من خلاله حوالى ٣.٨ مليون برميل نفط يوميًا، أى ما يُعادل ٣٠٪ من النفط العالمى. 
* لماذا التهديد بإيقاف تصدير النفط عبر مياه باب المندب؟ 
- بسبب الأهمية التى سبق ذكرها لمضيق باب المندب، تحاول إيران اللعب سياسيًا والمساومة مع الولايات المتحدة الأمريكية بعد خروج الأخيرة من الاتفاقي النووي واقتراب فرض عقوبات نفطية عليها فى ٤ أغسطس المقبل. وعليه، تريد طهران أن تسبق الأحداث وأن ترسل إلى الولايات المتحدة رسالة مفادها أنه إذا ما قمتم بفرض عقوبات نفطية علينا ومنعتم تصدير نفطنا، فإن النتيجة ستكون إيقاف تصدير نفط المنطقة من خلال المضائق البحرية ممثلة فى مضيقى باب المندب وهرمز. 
ولا تريد طهران فقط التهديد بإيقاف تصدير النفط عبر مضيق باب المندب، ولكن تريد التهديد بإيقافه من خلال التحذير من إغلاق مضيق هرمز الواقع على حدودها، والذى يمثل هو الآخر أهمية كبرى فى الحركة التجارية الدولية، خاصة فى تجارة النفط. 
* هل يمكن لإيران أن تقوم بمنع تصدير النفط الدولى عبر باب المندب؟
- يمكن لإيران من الناحية العملية أن تقوم بإحداث إخلال كبير فى حركة التجارة النفطية فى مياه البحر الأحمر، ومضيق هرمز، إلا أنه من الناحية السياسية والعسكرية الدولية، فإن إيران لن تستطيع الاستمرار فى ذلك التهديد للأسباب التالية: 
* الأهمية الحيوية التى تمثلها هذه المضايق نفطيًا، وبما أن النفط هو عصب الحياة ليس فقط فى الشرق بل فى الغرب كذلك، فإن الدول الشرق أوسطية والدول الغربية لن تصمت كثيرًا أمام محاولات إيقاف التجارة النفطية فى البحر الأحمر أو مضيق هرمز.
* من الممكن، نتيجة لذلك، أن تفقد إيران ما يمكن أن نطلق عليه «تضامن المصلحة» الأوروبى الذى تظهره بعض دول أوروبا حاليًا فى تعاملها مع القضية النووية الإيرانية والاتفاقية النووية الموقعة عام ٢٠١٥، حيث إن ما تقوم به إيران لن يهدد فقط الولايات المتحدة الأمريكية، لكنه على الناحية الأخرى سيعمل على تهديد دول فى الشرق الأوسط، ومنها مصر التى يمثل لها باب المندب بوابة الدخول لقناة السويس الحيوية، كما سيعمل على تهديد عصب الحياة للدول الأوروبية، وهو النفط. 
* سعى الولايات المتحدة الأمريكية للرد السريع، من خلال التعاون مع الحلفاء، على محاولة إيران إيقاف أو الإخلال بعملية تصدير النفط عبر مياه الخليج العربى أو البحر الأحمر. 
* خشية النظام الإيرانى نفسه من التوسع والاستمرار فى هذه العمليات؛ لأنه بذلك يعطى مبررًا دوليًا لفرض مزيد من العقوبات الدولية والأممية عليه.
وبذلك، يمكن القول إجمالًا إن إيران من الممكن لها ان تعمل على إحداث «مناوشات» حربية وتهديد نوعى للملاحة فى البحر الأحمر، أو حتى الخليج العربى، إلا أنها لا يمكنها الاستمرار فى ذلك أو التوسع فيه؛ للأسباب المذكورة آنفًا. ولذلك، فإن الجزم بأن هناك معركة إيرانية مع النفط يُعد أمرًا مبالغًا فيه.

 هل يكرر ترامب النموذج الكورى الشمالى مع إيران.. رؤية مستقبلية للعلاقات الإيرانية الأمريكية؟ 
فعندما تولّى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الرئاسة العام الماضى ولشهور قلية مضت، كانت العلاقات الأمريكية الكورية الشمالية تمر بمرحلة اضطراب وتوتر شديدين مثلما تمر هى الآن العلاقات الإيرانية الأمريكية. إلا أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب من الواضح أنه يتبع سياسة الضغط ثم اللين بحيث يقوم بفرض ضغوطات كبيرة على الدولة ومحاصرتها سياسيًا واقتصاديًا من أجل أن ترضخ الدولة فى النهاية لطلب التسوية السياسية عبر التفاوض، لكن من خلال وجهة النظر الأمريكية «غير المباشرة». 
وهذا هو ما حدث بالفعل ما بين بيونج يانج وواشنطن، حيث قامت الأخيرة بفرض عقوبات جمّة على كوريا الشمالية، ثم ألمحت سياسيًا إلى ضرورة عقد لقاء مع بيونج يانج، وهو ما حدث بالفعل فى ١٢ يونيو الماضى فى سنغافورة.
وعليه، فإنه من الممكن للرئيس الأمريكى دونالد ترامب أن يقوم بتكرار هذه التجربة مع إيران، وهى ما تشير إليه تطورات الأحداث المتلاحقة.