الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

القس سهيل سعود يكتب: سفينة الكنيسة

القس سهيل سعود
القس سهيل سعود
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من الصور التي استخدمت تاريخيا لوصف الكنيسة أثناء مواجهتها الاضطرابات والصعوبات، صورة السفينة التي تتقاذفها العواصف والأمواج العاتية وسط البحر الهائج. يخبرنا سفر أعمال، الذي هو سجّل الكنيسة الأولى، أنه أثناء كرازة الرسل بالمسيح وانتشار الكنيسة الأولى، فقد واجهوا الكثير من المصاعب والضيقات والآلام. فالرسل سجنوا وضربوا وشتموا واستشهدوا في سبيل ايمانهم بالمسيح، ابتداء من الشهيد الأول الرسول استفانوس، الى الرسول يعقوب أخا يوحنا، الى الرسولين بطرس وبولس، وغيرهما. لكن الكنيسة استمرت وسط الضيقات والاضطهادات والآلام. يخبرنا التاريخ، أنه في بداية النصف الثاني من القرن الأول أي حوالي العام 60 ميلاديا. شهدت الكنيسة مرحلة من الضيقات والآلام، بسبب حرب مدمّرة دارت بين الرومان واليهود، والتي انتهت بتدمير الرومان لأورشليم وللهيكل اليهودي عام 70 ميلاديا. وقد دفع المسيحيون بدمائهم وضيقاتهم والآمهم ثمن الصراعات بين الطرفين. في ذلك الوقت، كتب البشير مرقس انجيله، وسوف أتوقف عند حدث تهدئة المسيح للأمواج والعواصف، التي تعرضت لها السفينة التي كان على متنها يسوع وتلاميذه، (مرقس 4: 35-41 ومتى 8: 33-37)، والتي ترمز الى الصعوبات التي كانت تمر فيها الكنيسة انذاك.
يخبرنا البشير مرقس، أنه بعد أن قضى المسيح يوما كاملا في التعليم والكرازة من على متن السفينة، صرف الجموع وأمر باجتياز السفينة الى العبر. وفيما كانت السفينة تبحر، حدثت نؤء ريح عظيم وصارت الأمواج تضرب السفينة حتى صارت تمتلىء. ولشدة تعب المسيح بعد تعليمه الناس ليوم كامل، فقد نام على وسادة في مؤخر السفينة. ويبدو أن نؤء الريح هذا كان قويا جدا، بحسب تقدير على الأقل أربعة من تلاميذ المسيح، الذين كانوا صيادين ولهم خبرتهم في معرفة قوة الرياح والعواصف. ويركّز البشير متى على وصف قوة العاصفة وأمواج البحر، فيقول " واذا اضطراب عظيم قد حدث في البحر، حتى غطّت الأمواج السفينة" (متى 8: 23) وتستخدم كلمة "اضطراب" لوصف قوة الزلزال. وبالتالي، فالعاصفة كانت قوية جدا كقوة الزلزال، جعلت التلاميذ يضطربون ويخافون كثيرا، ويظنون بأنهم على وشك الهلاك والموت لأن المياه دخلت الى السفينة وهي على وشك اغراقها.
أثناء الخوف يفقد الانسان قدرته على تمالك نفسه. أثناء الخوف يشكّك الانسان برعاية الله ويتساءل ويدخل في أزمة ايمان معتقدا، أن الله نفسه لا يبالي به وبمصيره. أثناء ذلك الوقت من الخوف، تذكّر التلاميذ أن المسيح نائما معهم في مؤخر السفينة. فأسرعوا اليه وأيقظوه وهم مذعورون: "يا معلم: أما يهمّك أننا نهلك؟". بينما يسجّل البشير مرقس، في هذا الحادثة عتاب التلاميذ على المسيح، بقولهم: "يا معلم. أما يهمّك اننا نهلك". فان البشير متى، يذكر طلب التلاميذ من المسيح أن يتدخّل وينجّهم. فقد أيقظوا المسيح من نومه، قائلين له: "يا سيّد نجّنا. اننا نهلك"(متى 8: 26). تذكّر التلاميذ أن المسيح الذي يرافقهم في نفس السفينة، ليس فقط معلما، وانما هو أيضا صانع المعجزات والعجائب، اذ رأوا بأم أعينهم شفاءاته للكثير من المرض والمتألمين. ظنوا بأن المسيح يستطيع ان يقوم بأمر ما، لكي ينجّيهم ويخلّصهم من خطر الهلاك والموت. استجاب المسيح، لطلب التلاميذ بتهدئة العاصفة واظهار سلطانه على قوى الطبيعة. يقول البشير متى، "فقام وانتهر الريح، وقال للبحر: أسكت. ابكم. فسكتت الريح وصار هدوء عظيم"(متى 4: 39). رأى التلاميذ بأم أعينهم،أن للمسيح المعلم قدرة الاله الخالق، القادر على انتهار الريح. واسكات أمواج البحر. وفي نهاية الحدث، تعجّب التلاميذ من قدرة المسيح، قائلين بعضهم لبعض. "من هو هذا؟ فان الريح أيضا والبحر يطيعانه" (مرقس 4: 41).
ان ما قام به المسيح، في حدث تهدئة المسيح لأمواج البحر، التي كانت تتقاذف سفينة التلاميذ، يؤكد أن المسيح، يهتم بتلاميذه وبكنيسته في الشرق الأوسط. المسيح لا يريد لكنيسته الهلاك، بل الخلاص والنجاة.