الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

يوسف شاهين.. رائد الرمزية في السينما

يوسف شاهين
يوسف شاهين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يُعد المخرج الراحل يوسف شاهين، أيقونة من أيقونات الإخراج في تاريخ السينما المصرية، فقد شكلت مسيرته الفنية رحلة عطاء للكثير من المخرجين الذين وجدوا فيه القدوة والمثل، رحلته للعالمية بدأت من حدود وطنه العربي الثري بالأفكار والتراث، وبمناسبة الذكرى العاشرة لرحيله، "البوابة ستار" تستعرض عدد من محطاته المهمة: 

نشأته 
يوسف جبرائيل شاهين، مسيحي كاثوليكي، ولد لأسرة من الطبقة الوسطى، في 25 يناير 1926 في مدينة الإسكندرية لأب لبناني كاثوليكي من شرق لبنان في مدينة زحلة، وأم من أصول يونانية هاجرت أسرتها إلى مصر في القرن التاسع عشر، وكمعظم الأسر التي عاشت في الإسكندرية في تلك الفترة فقد كانت هناك عدة لغات يتم التحدث بها في بيت يوسف شاهين، وبعد إتمام دراسته في جامعة الإسكندرية، انتقل إلى الولايات المتحدة وأمضى سنتين في معهد باسادينا المسرحي يدرس فنون المسرح.

وقدم له والده كل ما يمكنه حتى يتمكن ابنه من دراسة حلمه، لكن أعباء الحياة وغلاء الأسعار، جعلته يطلب منه العودة خصوصا أنه لم يعد قادرا على تحمل مصروفاته في أمريكا، فقرر شاهين أن يترك دراسته في أمريكا ويترك حلمه ويعود لمصر، وعلى الرغم من إصرار أساتذته في المعهد وزملائه على استكمال الدراسة، كانت الظروف أقوى منه، وبعد أن جهز نفسه للسفر فوجئ بأن والده أرسل له مبلغا أكبر من المعتاد، وعاد مجددا ليستكمل دراسته، وفي الشهر التالي أرسل له نفس المبلغ في المواعيد المحددة، وساعده ذلك على دراسة الإخراج والتمكن من الإلمام بتفاصيل المهنة وصقل موهبته، ليكتشف شاهين بعد سنوات وسنوات أنه مدينا للجامعة بمبلغ 700 جنيه ليكتشف أن الجامعة أرسلت له هذه الأموال عن طريق الخطأ، ولولا هذا الخطأ ما كان شاهين ليستكمل دراسته في أمريكا.

أعماله
بعد رجوع شاهين إلى مصر، ساعده المصور السينمائي ألڤيزي أورفانيللي، بالدخول في العمل بصناعة الأفلام، وكان أول فيلم له هو بابا أمين (1950) وهو في سن الـ23 من عمره، وبعد عام واحد شارك فيلمه ابن النيل (1951) في مهرجان أفلام كان للمرة الأولى، وبعد قيام ثورة يوليو كان فيلمه (صراع في الوادي) الذي قدم فيه النجم العالمي (عمر الشريف) للمرة الأولى على الإطلاق، صنع بعدها عددًا من الأفلام حتى عام 1958 حين صنع أحد العلامات السينمائية وهو فيلم (باب الحديد).

وفي عام 1963 كان ميعاده مع علامة أخرى من علامات السينما العربية، وهو فيلم (الناصر صلاح الدين)، حيث صنع فيلمًا حربيًا ملحميًا مدته ثلاث ساعات عن الحملة الصليبية الثالثة بقيادة (ريتشارد الأول) وتصدي (صلاح الدين الأيوبي) لها، وكان للمصادفة دور كبير في هذا الفيلم حيث كان للمخرج عز الدين ذو الفقار الذي يدين له شاهين بكثير من الفضل، لكن المرض قد طال عز الدين ذو الفقار قبل وفاته، فطلب من شاهين أن يقدم هذا الفيلم إذا وافته المنية، وأكد له شاهين أنه سيعيش وسيقدمه بنفسه، لكن كلمة القدر كانت أقوى، وبالرغم من طمع شقيق عز الدين في الفيلم قرر شاهين أن يقدمه وفاء وتنفيذا لوصية عز الدين ذو الفقار، وكان يوسف شاهين قريبا من الحصول على جائزة الأوسكار العالمية عن هذا الفيلم، ولكن لعبت الكيانات الصهيونية دورًا في فقدانه هذا اللقب العالمي.

وبعد حدوث النكسة مباشرةً صدر فيلمه الذي يعده البعض أفضل أعماله وأفضل فيلم مصري وهو فيلم (الأرض) عن قصة مجموعة من الفلاحين يقاومون محاولة إقطاعي سلب أرضهم ليصل قصره بالشارع الرئيسي.

وفي عام 1972 خرج عن صمته ودخل في صدام مع القيادة السياسية بعما قام بإخراج فيلم العصفور الذي يُحمل مسئولية هزيمة الجيش المصري في حرب يونيو للفساد في المؤسسة السياسية المصرية، واستمر هذا الخط النقدي في العديد من أعمال شاهين ومنها عودة الابن الضال والأرض والمهاجر وباب الحديد والمصير والآخر وهي فوضي.

كما قدم شاهين سيرته الذاتية ورصد تطورات الحياة الاجتماعية والسياسية في مصر من خلال أربعة أفلام شهيرة هي إسكندرية ليه وحدوتة مصرية وإسكندرية كمان وكمان وإسكندرية نيويورك، واختار النقاد عشرة من أفلامه من بين أهم 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية.

يوسف شاهين الممثل 
كان شاهين حريصا على الظهور في أفلامه فظهرت لقطة ليوسف شاهين يصرخ في أحد مساعديه "يمين ايه ح تخش في الحيط" في فيلم حدوتة مصرية، لكنه ظهر في أفلام أخرى كممثل كأدائه الرائع لشخصية "قناوي" في "باب الحديد" ومشاهده القصيرة في "إسماعيل ياسين في الطيران" إخراج فطين عبدالوهاب، وظهر في لقطة خاطفة في فيلم (ابن النيل) أثناء نزول محمود المليجي على السلم هاربا من البوليس، ويبدو أن عباراته لإسماعيل "هايل يا سمعة.. كمان مرة.. عايز ضرب واقعي" اشتهرت لتتحول إلى أحد أشهر أفيهات السينما التاريخية، كما قام شاهين بالتمثيل في أفلام أخرى من إخراجه مثل فيلم "فجر يوم جديد" و"اليوم السادس" و"إسكندرية كمان وكمان"، كان آخرها ظهوره في فيلم "ويجا" مجاملة لتلميذه خالد يوسف.

جوائزه
في 1970 حصل على الجائزة الذهبية من مهرجان قرطاج، كما حصل على جائزة الدب الفضي في برلين عن فيلمه إسكندرية ليه؟ (1978 )، وأفضل تصوير من مهرجان القاهرة السينمائي عن فيلم "إسكندرية كمان وكمان" عام 1989، والإنجاز العام من مهرجان كان السينمائي عن فيلم "المصير" عام 1997، كما حصل على فرنسوا كاليه من مهرجان كان السينمائي عن فيلم "الآخر" عام 1999، واليونيسكو من مهرجان فينيسيا السينمائي عن فيلم "11/9/2001" عام 2003.

وفاته
وفي يوم الأحد الموافق 27 يوليو لعام 2008م توفي المخرج السينمائي "يوسف شاهين" عن عمر يناهز 82 عامًا، نتيجة الإصابة بجلطة في المخ، أدت إلى نزيف متكرر والدخول في حالة غيبوبة لمدة ستة أسابيع، وقد تم دفن جثمانه في مقابر الروم الكاثوليك بالشاطبي في الإسكندرية مسقط رأسه.