الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

اقتصاد

مصر تدخل عالم الصناديق السيادية.. رأفت عامر: يخلق نوعًا جديدًا من استثمارات الدولة بالمشاركة مع القطاع الخاص.. وفخري الفقي: تنوع الاستثمارات يساهم في خفض المخاطر

 الدكتور فخرى الفقى،
الدكتور فخرى الفقى، الخبير الاقتصادى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بدأت مصر مؤخرًا اتخاذ أولى خطواتها نحو امتلاك صندوق سيادي، برأسمال مرخص 200 مليار، ورأسمال مدفوع 5 مليارات جنيه، يهدف إلى المساهمة في التنمية الاقتصادية المستدامة، من خلال إدارة أمواله وأصوله، وتحقيق الاستغلال الأمثل لها وفقًا لأفضل المعايير والقواعد الدولية، لتعظيم قيمتها للأجيال القادمة، كذلك التعاون والمشاركة مع الصناديق العربية والأجنبية النظيرة والمؤسسات المالية المختلفة، بما يمكن من إدارة الأصول غير المستغلة. 
ومن المعروف أن الصناديق السيادية، هي صناديق مملوكة من قبل الدول تتكون من أصول مثل الأراضي، الأسهم، السندات، الثروات المعدنية، أو أي استثناءات أخرى، وتعتبر كيانات تدير فوائض الدولة من أجل الاستثمار، وأموالها المقدرة بالمليارات تستثمر عادة في الأسهم والسندات.

الكويت أول صندوق
يعود تاريخ تأسيس أول صندوق سيادي في العالم لعام 1953، وأنشأته الكويت باسم "الهيئة العامة للاستثمار"، لكنها بدأت في التوسع بصورة كبيرة في السنوات الأخيرة، مستحوذة على حصص في مؤسسات عملاقة في الاقتصاد العالمي مثل "مورجان ستانلي، بير ستيرن، ميريل لينش، وسيتي جروب".
وبلغ إجمالي ثروة الصناديق السيادية عالميا العام الماضي أكثر من 7.1 تريليون دولار، حسب تقارير مؤسسات دولية، ويأتي صندوق معاشات التقاعد الحكومي النرويجي بحجم استثمارات تريليون دولار تقريبا، ليصبح أضخم صندوق سيادي حول العالم، ويمتلك حصصًا استثمارية في أكثر من 9 آلاف شركة فى 75 دولة، ويأتي في المرتبة الثانية عالميًا، والأول عربيًا وفي الشرق الأوسط، صندوق "جهاز أبوظبي للاستثمار" بقيمة 828 مليار دولار، وتأسس الصندوق فى عام 1976 ويمتلك حصصا فى مطار لندن غاتويك وشركة الغاز النرويجية "غازليد"، وفي أبريل 2017 اشترى الصندوق 50% من 3 فنادق في هونج كونج، في صفقة بلغت 2.4 مليار دولار. 
وفي المرتبة الثالثة عالميًا صندوق "مؤسسة الاستثمار الصينية" بقيمة 814 مليار دولار، والمركز الرابع لصندوق "الهيئة العامة للاستثمار الكويتي"، بـ524 مليار دولار، والخامس "مؤسسة النقد العربي السعودي القابضة الخارجية"، "ساما" 514 مليار دولار، يليها هونج كونج وسنغافورة.

مصر لاعب قوي
ويرى خبراء الاقتصاد أن الفرصة متاحة أمام مصر لتصبح لاعبًا قويًا في الاقتصاد العالمي لتلحق بأكبر 10 صناديق سيادية في العالم، وأوضحت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط، أن صندوق مصر السيادي ‏هو صندوق مملوك للدولة يتكون من أصول مثل الأراضي، أو الأسهم، أو السندات، يستهدف استغلال أصول مصر الاستغلال الأمثل، لتعظيم موارد الدولة، والحفاظ على تلك الأصول، خاصة أن هناك أصولًا عديدة بمئات المليارات غير مستغلة، كما أنه يعتبر في الوقت نفسه بمثابة صندوق استثمار يساهم في التنمية الاقتصادية المستدامة من خلال إدارة أمواله وأصوله.
وأكدت أن الأصول الصغيرة غير المستغلة سوف يتولى بنك الاستثمار القومي التصرف فيها بالتعاون مع بعض شركات إدارة الأصول بناء على موافقة مجلس الوزراء، مشيرة إلى أن هناك دراسة أخرى للأصول الكبيرة وتحديد خطوات ضمها، بحيث لا يمكن ضم هذه الأصول إلى الصندوق مرة واحدة لأنها سوف تعظم من قيمة الصندوق بدون استثمارات كبيرة.

فرص عمل
ويقول الدكتور عبدالعزيز هاشم، الخبير الاقتصادي، إن الصندوق في بداية تشغيله يركز على الاستثمار في البنية التحتية وإدارة أصول الدولة والدخول في شراكة مع صناديق عربية، وإعادة هيكلة قطاع الأعمال العام.
وأضاف: "إن الصندوق سيتم تمويله بـ5 مليارات جنيه من موازنة الدولة كبداية، ويسهم الصندوق في تنفيذ مشروعات في البنية التحتية بنظام الشراكة مع القطاع الخاص والصناعات التحويلية، مما يخلق فرص عمل وتحقيق أرباح تساهم في سد عجز الموازنة".

خفض المخاطر
فيما قال الدكتور فخري الفقي، الخبير الاقتصادي، إن الحكومة لجأت لإنشاء صندوق سيادي لإدارة أصول الدولة، نظرًا لنجاح التجربة في العديد من الدول، وبسبب ضعف أداء الشركات القابضة، وعددها 8 شركات، ويتبعها 121 شركة في مختلف القطاعات، مؤكدًا أن الصناديق السيادية إحدى الأدوات الاقتصادية الحديثة القائمة على استثمار الفوائض المالية لبعض الدول لتحقيق عوائد مالية مرتفعة تحافظ على قيمة النقود نتيجة معدلات التضخم.
وأضاف، أن الصندوق سيعمل على زيادة الاستثمارات الحكومية، والمساهمة في تطوير الشركات والمصانع الحكومية والتي سيتم ضمها للصندوق خلال الفترة المقبلة، مشيرًا إلى أن بداية الصندوق السيادي المصري برأسمال مرخص به 200 مليار جنيه، ورأسمال مدفوع 5 مليارات جنيه، خطوة جيدة، وسيضم الشركات الرابحة المملوكة للدولة، بعد طرح جزء منها في البورصة، مع الإبقاء على أكثر من 50% من أسهمها، والباقي سيكون مملوكا للمساهمين لإدارة أصولها وتحقيق الاستغلال الأمثل لها.
وشدد على أن الصندوق السيادى سيعمل على فصل الملكية عن الإدارة، من خلال الاستعانة بشركة إدارة لها خبرة في إدارة الصناديق السيادية، حتى تتمكن من إدارة الأصول وتحقيق أرباح، وهو ما نجح في العديد من الدول، أبرزها السعودية والكويت، كما أن رأس مال الصندوق قابل للزيادة، خلال السنوات المقبلة، مشيرا إلى ضروة أن تختار الحكومة شركة إدارة عالمية لها خبرة طويلة لإدارة الصناديق، وضرورة تنوع استثمارات الصندوق في شتى المجالات، ما يساهم في خفض المخاطر.

جهة واحدة
فيما أكد رأفت عامر، المحلل المالي بأسواق المال، أن الهدف من إنشاء الصندوق السيادي هو إدارة أصول الدولة، ففي ظل وجود الصندوق السيادى سيكون هناك جهة واحدة هي من تمتلك قرار التصرف الحقيقي في الأراضي والأصول، وهذا الأمر سيسهل على الجميع ويعالج عوائق الاستثمار.
وأضاف، أن الصندوق السيادي سيتمكن من حصر أصول الدولة التي لا يتخيل أحد حجمها المترامي في مختلف المحافظات، ليتم بعد ذلك إدارتها، ضاربًا مثلًا بالأراضى المترامية على ضفاف النيل، والتي لا يمكن أن توصف أهميتها وحيويتها وتستخدم على أنها مقالب قمامة فقط، فالأمر بشأنها سيختلف تمامًا مع وجودها تحت إدارة الصندوق، وهي أراض يقدر ثمنها بالمليارات.
وأكد، أن الصندوق السيادى سيتلافي كل أخطاء الخصخصة في بيع شركات قطاع الأعمال التي حدثت في التسعينيات، بالإضافة إلى تشكيل مجلس خبراء لتقييم أصول الدولة ماليًا وفنيًا لتحديد قيمة الأصول الحقيقية التي تمتلكها الدولة، وسيتولى مهمة استغلال جزء من أصول الدولة بقرار من رئيس الجمهورية لتحقيق ربح والاستفادة منها.
وأشار إلى أن الصندوق يتيح انتزاع الأصل ممن لا يستفيد منه لآخر لتحقيق عوائد منها عبر استغلال تلك الأصول في دعم الشركات والاستثمار، مما يخلق نوعًا جديدًا من الاستثمارات التي تتولاها الدولة بالمشاركة مع القطاع الخاص، وأن العوائد التي سيتم تحقيقها من إدارة الاصول ستزيد من موارد الدولة بدلا من الاعتماد على القروض الخارجية.