الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

أبو العلا السلاموني يتحدث لـ"البوابة نيوز": حزين على حال المسرح.. العروض لا تؤدي دورها في مواجهة الإرهاب.. والمضمون بعيد عن قضايا المجتمع

أبو العلا السلامونى
أبو العلا السلامونى يتحدث لـ«البوابة»
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تكريمي من «المهرجان القومي» يرضي النفس لأنه الأهم
عروض «تياترو مصر» و«مسرح مصر» سيئة.. ولا تقدم أعمالًا هادفة
التأليف ضعيف الآن.. والمخرجون يلجأون إلى النصوص الأجنبية
السادات شرد الكثير من المسرحيين والمثقفين.. و«أمير الحشاشين» رفضها عبدالغفار عودة أثناء رئاسته لـ«الاستعراضي»
«دكتوراه في الحب»، «المليم بأربعة»، «ديوان البقر»، «الحادثة اللي جرت»، مسرحيات من الصعب أن تمحي من ذاكرة جمهور المسرح المصري، وذلك لعوامل عدة، من بينها مؤلف وكاتب هذه الأعمال وخبرته المسرحية، التي أهلته لمعرفة عوامل جذب الجماهير إلى المسرح، وتناوله العديد من القضايا التي تشغل حال المجتمع المصري، إنه محمد أبوالعلا السلاموني، الذي يُعد واحدًا من الذين أثروا الحركة المسرحية بأهم الأعمال الراسخة في وجدان أجيال عديدة. 
وقدم «السلاموني» على مدار سنوات مجموعة كبيرة من أهم الأعمال المسرحية، منها «مآذن المحروسة، والثأر ورحلة العذاب، ورجل في القلعة، والصعود للقلعة، وبحبك يا مجرم، وتحت التهديد، ومولد يا بلد، وست الحسن».
«البوابة» تلتقي الكاتب المسرحي الكبير محمد أبوالعلا السلاموني، لتسترجع معه تاريخًا طويلًا من النجاحات الفنية والمشهد المسرحي المصري الحالي.
فإلى نص الحوار..

■ كيف ترى الدورة الحادية عشرة من المهرجان القومي للمسرح.. وماذا يمثل تكريمك فيها؟
- إن كل دورة من دورات المهرجان القومي للمسرح المصري، تعتبر خطوة للأمام، وذلك بعد انقطاعه فترة، لكن عودته بعد ثورة ٢٥ يناير بدأت متواضعة وتزيد عامًا تلو الآخر، وهذا العام تختلف عن الأعوام السابقة، لأنها تحوي تجارب مسرحية جديدة.
وأنا سعيد بتكريمي من المهرجان القومي لهذا العام، وأوجه الشكر لزملائي، الذين قاموا بترشيحي لهذا التكريم لأعتبره اليوم تتويجًا لي.
ونلت قدرًا كبيرًا من التكريمات من بينها المركز القومي للمسرح، والثقافة الجماهيرية، والجامعات وبعض الشركات، بالإضافة إلى تكريم الشارقة، وأهمها تكريم المهرجان القومي للمسرح، لأنه يمثل قمة العمل المسرحي، ويعتبر النموذج الذي نسعى إليه جميعًا للوجود به فهو تكريم يرضي النفس تمامًا. 
■ وماذا عن مسرح السبعينيات مقارنة بالمشهد المسرحي في الوقت الحالي؟
- المسرح يمثل الثقافة، لكنه قاوم في فترة السبعينيات أثناء فترة ظهور الجماعات الإسلامية، وشرد الرئيس الراحل «السادات» كثيرًا من المسرحيين والمثقفين، لدرجة أنهم هاجروا إلى الخارج، وكان من أمثال هؤلاء المسرحيين سعد أردش وألفريد فرج، ونقل كثيرًا منهم إلى وظائف أخرى بعيدًا عن التأثير المسرحي كل البعد.
وعاصرت هذه الفترة وقدمت مجموعة من الأعمال المسرحية التي تناقش قضايا محاربة الإرهاب والتطرف، إلا أنها لاقت الرفض من جميع أدوار العرض المسرحية خوفًا من تقديمها، مثل مسرحية «أمير الحشاشين» في ظل تولي عبدالغفار عودة رئاسة المسرح الاستعراضي.
وأيضا مسرحية «الحادثة التي جرت» وقدمت على المسرح القومي، والتي تدور أحداثها حول أحداث ١١ سبتمبر والإرهاب العالمي، لكن رفضها شريف عبداللطيف، وغيرها من المسرحيات التي لاقت الرفض لخوف المسرحيين ذاتهم.
ومطلوب من المسرحيين أن يكونوا على قدر المسئولية وتحملها مواجهة هذه المخاطر التي تلاحق المجتمع المصري.

■ هل قدم المسرح أعمالًا هادفة وقضايا مهمة في الآونة الأخيرة؟
- أنا حزين من حال المسرح في هذه الفترة، وذلك لما يقدمه من عروض غير هادفة وانحرافها عن مسارها الصحيح، فالمسرح الآن لم يقدم دورًا في مواجهة الإرهاب والتطرف، ولا يوجد دور في مقاومة قضية تجديد الخطاب الديني، والإعلامي، والثقافي، فكل العروض التي قدمت كانت بعيدة كل البعد عن الواقع، وللأسف الشديد، مضمون الأعمال المسرحية التي قدمت كانت بعيدة كل البعد عن تناول قضايا المجتمع المصري.
■ كيف ترى الإقبال الجماهيري على المسرح الآن؟
- الجمهور في الوقت الحالي موجود وبشدة، لكن للأسف الشديد على العروض السيئة التي لا تقدم أعمالًا هادفة، مثل «تياترو مصر» و«مسرح مصر»، وغيرهما من العروض التي تلاقي إقبالًا جماهيريًا، مثل «ليلة من ألف ليلة» فتجد الجمهور الآن يغزو المسرح، وهذا ليس عيبًا على الجمهور، لكن فيما يقدمه المسرحيون للمسرح، وأتمنى على مسرح الدولة أن يقود هذه المعركة، وعلى البيت الفني للمسرح والبيت الفني للفنون الشعبية مسئولية وضع برنامج لمواجهة هذه الظاهرة.
■ ما تقييمك للكتابة المسرحية في الفترة الحالية؟
- مقبولة نوعًا ما، وللأسف الشديد أرى من وجهة نظري أن كل المخرجين يلجأون إلى النصوص الأجنبية، ولاحظت هذا بنفسي داخل المهرجان القومي للمسرح السابق، فمعظم عروضه كلها للخارج، لذلك يجب علينا أن ننتبه للنص المسرحي جيدًا فهو عقل العملية المسرحية، وليس النص وسيلة للعرض كما يعتقد البعض، بل الهدف الذي يسعى العرض لتحقيقه، ولاحظت أن جماليات العرض تطغي كثيرًا على كل معاني النص وأهدافه، كما فوجئت بالضعف الشديد في ظاهرة التأليف المسرحى المصري، والاستهانة بها تحت مصطلحات تستخدم في غير محلها والكتابة على الكتابة، وهذه تعديات على حقوق المؤلف وقوانين الملكية الفكرية المعترف بها دوليًا.

■ لماذا حجبت جائزة التأليف عامين متتالين بالمهرجان المسرح القومي ما أدى إلى استياء الكثير؟
- حجب جائزة التأليف العامين السابقين، دليل على أن هناك أزمة، وهذه الأزمة ليست دليلًا على أنه لا يوجد كاتب مسرحي، لكن الأزمة الحقيقية فى الإدارة، لأننا نبحث عن الكاتب المسرحي الجديد لأنه موجود.
وقدمت ما يقرب من ١٠٠ نص ولا يقدم منها أي نص حتى الآن، بالإضافة إلى النصوص التي تظهر في المسابقات، فكلها يخرج منها مؤلفون، لكن للأسف الشديد لا أحد يقدمها، لأن مخرجي هذا العصر يبحثون عن النصوص الأجنبية أو النصوص التي تحتوي على ورش، والكاتب المسرحي هو إبداع فردي ناتج عن ثقافة يكتسبها، من خلال قراءته ومشاهداته وتفاعلاته مع المجتمع.
■ كيف ترى النظرة المستقبلية للمسرح خلال الفترة المقبلة؟
- لدينا هموم قومية ووطنية واجتماعية وثقافية تحاصر حياتنا ليلًا ونهارًا، ولم تجد لها صدى قويًا في هذه العروض، وكأننا نعرض خارج التاريخ، فنحن نعيش فترة تاريخية من أصعب الظروف التي تمر بها مصر والمنطقة العربية، لأنها الفترة التي تعرضت فيها للتدمير والتفتيت وفقد الهوية من قبل قوى شيطانية، سواء من الداخل أو الخارج، وهناك تآزر بينهما في صورة مؤامرة تهدد هذا الكيان القومي والوطني ونسيجه الاجتماعي، حيث حاولت تمزيق عقله ووجدانه وثقافته وتراثه المستنير.
ودور المسرح مهم جدًا في مواجهة الإرهاب والتطرف والفكر الرجعي، ولن ننسى دور مسرحيات المقاومة والتنوير من التراث العظيم، ولا نجد له أثرًا فيما يعرض علينا من عروض، رغم أننا ونحن في هذه الظروف الصعبة أحوج ما يكون إلى محاكاة مثل هذه النماذج والنسج على منوالها، في مواجهة أخطر هجمة شرسة تهدد مصيرنا وهويتنا من مهاجمة أفكار التطرف والتشدد والإرهاب والتكفير والفكر الديني المتخلف، والذي تقوده التيارات الوهابية والسلفية والإخوانية والقبطية والقاعدية والداعشية، فأين نحن كمسرحيين من هذه التيارات الوحشية التي تهددنا في وجودنا ووجداننا وعقولنا.

■ وماذا عن المسرح الشعبي؟ 
- المسرح فى بدايته له نشأة واحدة عند كل البشر، وهي النشأة الشعبية التي من أخص خصائصها لعبة الارتجال والتشخيص التي ظهرت في احتفالات الشارع، كما حدث عند الإغريق فيما عرف بالاحتفالات الديثرامبية، أو في أوروبا المسيحية في الساحات والقرى والمدن والعربات الجوالة، أو في الكوميديا الديلارتية الشعبية، أو في الاحتفاليات في الشرق الأقصى، مثل عروض النو والكابوكي، أو كما في الشرق الأوسط الممثلة في فنون السامر والسير الشعبية والموالد والحكواتي والتعازي والفنون الاحتفالية وغيرها.
■ ما الهدف الذي تسعى في تحقيقه من خلال المسرح الشعبى؟
- لا بد من ضرورة إحياء وتوثيق الذاكرة الفنية لتراث المسرح الشعبي قبل اندثاره وإعادة الاعتبار إليه بكثقافة شعبية يجب احترامها، وضرورة كشفه واستثماره كدراما وطنية مستقلة كشرط من شروط الحفاظ على كيانه وشخصيته، ومحاولة تأسيس نظرية عن فن المسرح الشعبي في بلادنا، بالإضافة إلى أهمية العودة بفن المسرح إلى منابعه الأصلية التي انطلقت من الشوارع والساحات والاحتفاليات والموالد والمناسبات الاجتماعية المتجذرة في وجدان شعوبنا مع بحث مستقبله وإمكانية تطويره.
بالإضافة إلى العمل على تقديم عروض المسرح الشعبي كجزء من دعم الهوية الثقافية لمجتمعاتنا العربية وكقوة ناعمة في مواجهة الفكر المتطرف والإرهابى الذي يسعى إلى تدمير كل الفنون والإنجازات الحضارية والثقافية باسم الدين، بالإضافة إلى كيفية استغلال فنون المسرح الشعبي للتأثير في القاعدة الواسعة للطبقات الشعبية المحرومة من الثقافة وجذبها لارتياد المسرح ومعالجة قضاياها ومشاكلها إسهامًا في برامج التنمية والتنوير وتجفيف منابع العنف والتطرف والتعصب والإرهاب والفساد.
■ وماذا عن الرسالة التي تقدمها للمسرحيين والمخرجين والكتاب؟
- لا بد من قراءة النصوص المسرحية العربية والأجنبية جيدًا، بالإضافة إلى مشاهدة العروض المسرحية، وذلك لاكتساب الخبرة العملية من داخل خشبة المسرح حتى يكتمل العمل المسرحي.