رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

فرنسيس الأسيزي أسس رهبنة للحفاظ على المقدسات بالأراضي المقدسة

فرنسيس الأسيزى
فرنسيس الأسيزى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
800 عام على زيارة مؤسس الحوار «المسيحى الإسلامى»
زار مصر خلال الحروب الصليبية.. التقى السلطان كامل.. وتنبأ بهزيمة الصليبيين فى دمياط
بعث برسالة سلام لقادة العالم.. رفض الحروب الصليبية.. والسلطان كامل منحه تصريح الوعظ فى مصر
تحتفل المسيرة الفرنسيسكانية، بذكرى مرور 800 عام على لقاء القديس فرنسيس بالسلطان الكامل، وتستمر الاحتفالات عامين حتى 2019، وهو اللقاء المهم الذى جرى فى عام 1219، عندما سافر«فرنسيس» إلى الأراضى المقدّسة، وفى طريقه التقى فى مدينة دمياط مع السلطان الفاطمى «الكامل الأيوبي»، الذى كان يحكم الأرض المقدّسة.
يعتبر لقاء القدّيس فرنسيس مع السلطان الملك الكامل، الأخ الأكبر لصلاح الدين الأيوبي، أول لقاء سلمى ورمزًا للحوار الأوّل من نوعه فى التاريخ بين الأديان، وخلال هذا اللقاء منحه السلطان تصريحًا كتابيًا يخوّل له زيارة البلاد المقدّسة والوعظ فى مصر. 
وكان قدوم القدّيس فرنسيس إلى القدس بداية وجود الفرنسيسكان فى الأراضى المقدسة، ومع مرور الزمن، انتشر الرهبان الفرنسيسكان وأسّسوا أديرة فى معظم مدن بلاد الشام، فى القدس ويافا وعكا وبيروت وأنطاكيا وصيدا وصور وطرابلس وطرطوس. 
بداية رحلة الأسيزى لمصر
«يا رب استعملنى لسلامك فأضع الحب حيث البغض، والمغفرة حيث الإساءة، والإيمان حيث الشك، والرجاء حيث اليأس»، كان هذا شعار فرنسيس الأسيزى الذى دفعه للسفر إلى الأراضى المقدسة مرورًا بمصر، فى الوقت الذى كانت الحروب تشتعل بين الغرب والشرق.
ورغم أن «الأسيزى» كان ضد الحملات الصليبية، والتى كان أحد أسبابها إعلان من البابا أوربان الثاني، يقول فيه، إن العرب والمسلمين يمنعون الحجاج المسيحيين من الوصول إلى مدينة القدس لتأدية شعائرهم الروحية، الإ أن القديس، كان يرأها بأنها حروب قادها كبار الإقطاعيين التجار الطامعين، وهو الأمر الذى دفعه للسفر على متن الأسطول الذى يقل إحدى الحملات الصليبية من ميناء أنكونا، قاصدًا الأرض المقدسة فى فلسطين، فى 4 يونيو من عام 1219، وفى منتصف يوليو من ذات العام رست السفن فى ميناء عكا.
وانطلق فرنسيس بعدها إلى دمياط التى كان يحاصرها الصليبيون، والتى كان يدافع عنها المصريون ببسالة منذ أكثر من سنة، وإذ بلغ فرنسيس أن الصليبيين يعدون العدة لمهاجمة المصريين، حذرهم أكثر من مرة بأن الهزيمة ستكون لا محالة من نصيبهم ومصيرهم، وأن هزيمتهم هذه ستكون دامية نكراء، وقد تم بالفعل ما تنبأ به فرنسيس، فقد سقط من الصليبيين فى هجومهم على قلعة دمياط فى 29 أغسطس أكثر من خمسة آلاف جندي.
وخلال إقامته فى مصر تعرف فرنسيس على سلطان مصر الملك الكامل بن العادل الأيوبي، والذى أعجب بشجاعة فرنسيس ومحبته وصدقه، فاستقبله استقبالًا فيه كثير من الفروسية والشهامة، وقربه إليه، وقدم له منحًا وهدايا ثمينة، وكان أهم ما حصل عليه هو تصريحًا كتابيًا يمنحه الحق فى زيارة الأماكن المقدسة فى فلسطين، والوعظ فى طول البلاد وعرضها متى يشاء.
غادر فرنسيس ميناء دمياط منطلقًا إلى الأراضى المقدسة، وفى القدس اتصل الأسيزى بالسلطان عيسى، سلطان دمشق مستخدمًا كتاب التوصية الذى أخذه من سلطان مصر، وطلب منه التصريح له ولرفاقه بالإقامة فى مقر متواضع فوق جبل صهيون، بهدف رعاية المقدسات المسيحية الموجودة فوق الجبل، وخاصة «علية صهيون»، وكانت هذه العلية عبارة عن مبنى مكون من طابقين فى أولهما قاعتان وفى ثانيهما قاعتان أخريان، هما المسميتان بعلية صهيون وبحسب التقليد المسيحي، فإنه فى القاعة الغربية منهما تناول السيد المسيح العشاء الأخير مع تلاميذه.
فرنسيس الأسيزى
وُلد فرنسيس الذى عرف بالأسيزى نسبة إلى مدينة أسيزى الصغيرة بمقاطعة أومبريا فى إيطاليا الوسطى، فى أواخر سبتمبر من عام 1182 م، ومن بعده اشتهرت المدينة بأنها مدينة جامعة للقاءات السلام.
فرنسيس الذى عُرف بحبه للفقراء ولد فى عائلة ثرية حيث كان والده «بطرس برنردوني» التاجر الثري، واحد من كبار تجار الأقمشة بالمدينة. كان شغل الأب الشاغل هو المال ولا شيء غيره، فيما رفض الأبن «فرنسيس» مال والده وأسس جماعته على التجرد من حب العالم والدعوة إلى السلام والوئام بين الناس، وحتى بين الطبيعة والمخلوقات.
رسالة إلى العالم
رسالة «الأسيزى» إلى العالم جاء فيها «من فرنسيس خادم الله إلى قادة الشعوب»: تبصروا وانظروا فى حياتكم، لا تدعوا مشاغل وهموم هذه الدنيا لتنسيكم الله، وتجعلكم تحيدون عن وصاياه، لأن كل الذين ينسونه ويخرجون عن طاعته يبغضهم ولا يعود يتذكرهم، وعندما يحين أجلهم فإن كل ما كان يحسبونه ملكًا لهم سيذهب منهمـ».
وأضاف فى رسالته «وكذلك فإن كل ما لديهم من قوة أو علم أو حكمه فإنه إذا لم يكرس للخير سيعود عليهم بالعذاب الشديد فى الآخرة، لهذا السبب فإننى يا سادتى ألح عليكم فى النصيحة والقول، بأن تلقوا جانبًا كل قلق وهم بفرح كبير، وبادروا إلى استقبال الله فى قلوبكم، مجدوا الله وعظموه أمام جميع أفراد الشعب الموكلة إليكم سياسته ورعايته، أعلنوا لهم بكل الوسائل وفى جميع الأوقات، بأن على الجميع واجب تقديم المديح والشكر للرب الإله».
واختتم: اعلموا أنكم إذا لم تفعلوا هذا فإنكم ستقدمون عنه حسابًا عسيرًا أمام الله يوم الدين، أما أولئك الذين يحفظون هذه الوصية أمام الله يوم الدين ويعملون بموجبها فإنهم مباركون من الله.