الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

محمد علي.. ناصر.. السادات.. الرئيس السيسي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا تخلو حواراتنا إبان أعيادنا الوطنية القومية من المشاحنات فنتجاذب أطراف ثياب التاريخ بعنف بين مؤيد ومعارض بكل رعونة وتحيز، بين ناصري وملكي وساداتي.
لا شك أن كل حاكم كان له ما له وعليه ما عليه، ويبقى التاريخ غير منصف؛ لأن كتاب التاريخ يكتبه قلم واحد، ولو كنت رئيس مجلس إدارة التأريخ لأمرت بأن يُكتب التاريخ بأقلام عدة حتى نتركه لأجيالنا القادمة حياديًا منصفًا.
كان محمد علي باشا المؤسس لمصر الحديثة، ذلك الرجل ألباني الأصل ارتأى فى مصر ما لم يره المصريون، ورأى بها موقعًا ووطنًا مثاليًا يعج بالكنوز،  ولكنه ظل يحمل ذلك الكود الجينى الألبانى والعرق التركى هو وأسرته العلوية التى كانت تعبأ بالعرش، وترى أن المصريين غير أهلٍ لوطن مثل مصر، فخلفه إبراهيم باشا، وسعيد باشا الذى طبق نظام السخرة والخديوى إسماعيل الذى تم عزله وتولى بعده الخديوى توفيق ولعل تلك الواقعة بقت فى ذاكرة الملك فاروق الذى حمل فى ذاكرته منذ الصغر أن نزع العرش من أفراد الأسرة العلوية واردًا فى أى لحظة، كما حدث مع جده محمد علي باشا والخديوى إسماعيل يومًا ما، مما جعل بيان الثالث والعشرين من يوليو لا يثير فى نفسه أي تردد أو حيرة فترك الحكم ورحل دون أي مماطلة أو استماتة.
حتى جاء بعده لفترة وجيزة الرئيس محمد نجيب وتلاه الرئيس جمال عبد الناصر الذى استطاع أن يصنع شعبية فولاذية له- ربما عند دون عمد - فيبدو أن الرئيس جمال كان شخصًا عاطفيًا فى قرارته، يتخذها بوازع شعوري أكثر من عقلي، وازع الزعامة والقومية العربية؛ فساند شعوب عربية كثيرة في ثوراتها وحروبها مما قد أثر على الاقتصاد المصرى كثيرًا ولم ينقده الشعب أو يسخط عليه لمكانته فى قلوب الشعب وخطاباتها الرنانة التى وصلت لقلب الشعب المصرى كثير الطيبة وقتها،   وانتهى عهده بحرب الاستنزاف التى أنهاها الرئيس السادات بنصر أكتوبر ولكن السادات لم يكن يتخذ قراراته بوازع عاطفى – على العكس- فكانت قرارته عقلانية سياسية تتسم بالدهاء والمكر والحيلة وقد تعلم الكثير من أخطاء من سبقوه، ولكنه لم يتعلم الخطأ الوحيد الذى ارتكبه فى إعطاء الإخوان فرصة أخرى فى الحياة السياسية، وهم الذين سرقوا حياته منه إثر حادث الاغتيال.
وحتى فى عهد الرئيس مبارك لم يتلقن ذلك الدرس، فمنذ أن أسس حسن البنا جماعته، واتسمت مواقف الحاكم معهم بالازدواجية -مدّ وجزر- حتى سرقوا ثمار ثورة يناير 2011م من براثن الشعب المصرى.
أما اليوم ومنذ تولى الرئيس السيسي ونحن لم نرَ يومًا قرارًا اتُّخذ بوازع شخصي أو عاطفى بل يحرص دائمًا على التوكيد على عدم التدخل فى شئون الآخرين وعدم تدخل الآخرين فى شئوننا!
لم يكن موقف الرئيس يومًا ما مع الجماعة الإرهابية مزدوجًا ولم يستخدمهم فزاعة أو ليحارب بهم تيارا يساريًا أو شيوعيًا أو حتى آمن شرهم بموقف واحد، بل حمى الوطن من شرورهم وكانت كل قراراته حتى يومنا هذا رصينة ذات وجه واحد،  لا تخطب ود الشعب ولا دولة ما ولا تخضع لهوى ذاتي بل كانت، وستظل كلها لصالح رصيد الأجيال الحالية والقادمة دون أي وازع شخصي. فإذا كنت ترثي الملكية، أو كنت ناصريًا أو ساداتيًا، فالتاريخ الماضي سيبقى فى صفحات عجوز ويُكتب اليوم التاريخ الجديد.