السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

ثورة يوليو في مرآة الأدب

 نجيب محفوظ ..  إحسان
نجيب محفوظ .. إحسان عبد القدوس .. توفيق الحكيم ..السباعي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعد ثورة 23 يوليو عام 1952 أحد أهم الأحداث في تاريخ مصر المعاصر، وربما هي الحدث الأهم على الإطلاق، لما خلفته من آثار سياسية واجتماعية واقتصادية، ولا شك في أن الثورة كان لها أيضًا أثرًا كبيرًا على الحياة الثقافية والفنية، ليس على مستوى الموضوعات المتناولة وحسب، وإنما أيضًا في طرائق التعبير والسرد الأدبي، فقد اتجه بعض الكتاب بعد مرور سنوات على الثورة إلى التعبير السريالي، بعد أن كانت اليد الطولى في المشهد الأدبي للسرد الواقعي.

ظهرت في المشهد الأدبي الكثير من الروايات التي تناولت الثورة وما تلاها من أوضاع اجتماعية وسياسية وفكرية، منها رواية "رد قلبي"، الصادرة بعد الثورة بثلاثة أعوام، للكاتب يوسف السباعي، التي تعتبر أشهر الروايات التي تناولت تلك الحقبة حتى أنه قيل إن السباعي قصد بالبطل حياة جمال عبد الناصر شخصيًا، وهو أمر لا يمكن التأكد بشأنه طبعًا، ولكنها تحكي التدرج في العلاقة بين الضباط وأسرة محمد علي، من خلال العلاقة بين ابن الجنايني وإنجي بنت الباشا، بما تضمنه من سرد لسوط الإقطاع الذي ألهب ظهر فلاحي مصر قبل الثورة، ووقف فيها السباعي إلى جانب رفاقه وأطلق عليهم وصف "الطهارة السياسية"، بحركتهم التي أنقذت الشعب من الملكية الشنيعة، وأنصفت الفقراء بإعادة حقوقهم لهم مثل حق التعليم المجاني، وكذلك قانون الإصلاح الزراعي، ورسم شخصية الضابط بصورة الطيب، المثالي، الوطني، أما الإقطاعي فهو رمز الشر المطلق الذي لا غاية له إلا سرقة حقوق الفلاحين، ولا يبالي بأي قانون في سبيل تحقيق هدفه.

وكذلك رواية "اللص والكلاب"، الصادرة في عام 1961، للكاتب الكبير نجيب محفوظ، وقد تناول فيها الواقع المصري بعد الثورة، والصراع القائم بين شخصيات اتسمت بالانتهازية والمتاجرة بالشرف، وضعف النفوس، ودخول طريق الإجرام، وذلك من خلال شخصية اللص ذي الميول الإجرامية، أما الكلاب فهم الأبطال نبويَّة وعليش ورؤوف علوان، وكل الشخوص التي واجهها البطل وتعامل معها.

أما الرواية التي تناولت آثار الثورة بشكل رومانسي، فهي "أنا حرة"، الصادرة في عام 1954، للكاتب إحسان عبد القدوس، وقد تناول فيها وضع المرأة قبل الثورة وفي أعقابها، من خلال شخصية أمينة، الفتاة البسيطة التي تعيش في حي العباسية، وتنتمي إلى الطبقة المتوسطة، وتحاول التمرد على التقاليد والأعراف السائدة لنيل حريتها بشتى الطرق.
وحاول إحسان من خلالها أن يقدم للقاريء النموذج الثوري المثالي من خلال الشاب عباس، الذي تحبه أمينه ويحاول طوال الوقت إرشادها في رحلتها نحو الحرية دون منعها، وفي العمل ينسب الفضل للثورة في زرع روح الوطنية والحرية في نفس أمينة من خلاله مشاركتها عباس تاريخه النضالي الناقم على فساد الملك وسلطة الاستعمار، بل ودخولها السجن معه، بعد توزيعها المنشورات، ومن خلال جريان الأحداث يتناول عبد القدوس مفهوم الحرية، ويتساءل عمّا إذا كانت الحرية هدفًا في ذاتها، أم معبر في سبيل شيء آخر.

وفي مسرحية "الأيدي الناعمة"، التي كتبها توفيق الحكيم بعد ثورة 1952 بعد فترة انقطاع عن التأليف، اعتمد الحكيم على قاعدة فكرية لها ثلاثة محاور، الأول أنه لم يعد هناك متسع في المجتمع الجديد للأيدي الناعمة التي لا تعمل، والثاني أن العلم بمعناه الحقيقي ينبغي أن لا ينفصم عن حركة المجتمع وأنه لا جدوى من علم عقيم لا ينتفع به، والثالث هو ضرورة التقارب الطبقي وإزالة الفوراق بين الطبقات، وقد انطلق الحكيم في النص من مقولة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر"العمل شرف.. العمل واجب.. العمل أمانة"، وسعى من خلال الأحداث للتأكيد على هذه القيمة الاجتماعية، فالنص كان دعوة إلى فكرة التقارب الطبقي، لكونها أحد أهداف المرحلة الاشتراكية التي كان يمر بها المجتمع المصري فيما بعد الثورة.