الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

في ذكرى ثورة يوليو.. هل طرح "بستان الاشتراكية" ثماره؟.. خبراء يكشفون سر ارتباطها بالزعيم ويؤكدون التأمين الصحي من أهم إنجازاتها.. ومصر أذهلت العالم بزراعة مليون ونصف المليون فدان في وقت قياسي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"مصر تستطيع" هذا هو الشعار الذي خرجت من رحمه ثورة 23 يوليو لعام 1952 التي قام بها الضباط الأحرار بعدما تمردوا على الحكم الملكي للملك فاروق ليبدءوا مرحلة جديدة أخرى من تاريخ مصر ساهمت في إثراء مصر اجتماعيًا واقتصاديًا وصناعيًا.. وفي هذا الملف حاولت "البوابة نيوز" إلقاء الضوء على أبرز منجزات ومزايا ثورة 23 يوليو على مستوى مختلف الأصعدة.


على مستوى التعليم:
قال الدكتور كمال مغيث، الباحث في المركز القومي للبحوث التربوية: إن التعليم قبل وبعد ثورة 23 يوليو اختلف اختلافات كثيرة سواء من حيث الكفاءة والجودة ومدى الشعبية وإتاحته للناس جميعًا وسواء من حيث توجهات التعليم أو من حيث مستوى الخريجين والمتعلمين والمعلمين.
وأشار مغيث إلى أنه قبل ثورة 23 يوليو كان على المتفوقين في الدراسة الثانوية أن يقدمون على شهادة تسمى "شهادة فقر" هذا بجانب العديد من الإجراءات الصعبة لكي يستطيعون أن يكملون تعليمهم بصورة مجانية، مضيفًا أن كلية الحقوق كانت كلية العظماء والخاصة بعلية القوم داخل البلاد هذا أنه لم يكن هناك إمكانية للتعلم داخل الكليات العسكرية سوى بالنسبة للطبقات العليا أيضًا وهي الأمور التي تغيرت بعد ثورة 23 يوليو حيث أصبحت كلية الهندسة والطب هي الكلية الأهم لاسيما مع إنشاء الدولة للسد العالي واتجاه الدولة للتنمية الأمر الذي كان يستدعي الحاجة إلى خبرات تقوم بتلك المشاريع.
وأضاف مغيث أن التعليم قبل ثورة 23 يوليو لم يكن متاحًا للجماهير لم يكن متاحًا بشكل كبير أمام جماهير الشعب المصري، لافتًا إلى أن حلم المجانية كان يراود المصريين منذ فترة ما قبل القرن الـ 19 ولكن ظروف الحكم الطبقي والطبقية التي كانت تجتاح مصر خلال فترة الحكم الملكي جعلت مجانية التعليم غائبة.
ولفت مغيث إلى أن مصر لم تعرف مجانية التعليم إلا بعد دستور 1923 والذي نصّ على المجانية في المكاتب العمومية وهو تعليم مقفل لا يؤدي التعلم الجماعي؛ حيث كان محدودًا من حيث الكفاءة فمن يتعلمه كان يقتصر على معرفة مجرد القراءة والكتابة والحساب ويوفر موظفين بدائيين يقرءون ويكتبون فقط، مضيفًا أنه بعد ذلك بدأ يظهر على الساحة طه حسين الذي كان له أفكار وتوجهات ساهمت كثيرًا في مواجهة البيروقراطية داخل قطاع التعليم حيث أراد طه حسين جعل التعليم داخل مصر كالماء والهواء، مضيفًا أنه في عام 1944 ومع تولي حزب الوفد زمام الحكم في مصر كان لطه حسين صلة بالحزب الحاكم وهو الأمر الذي يسر تقرير التعليم المجاني خلال المرحلة الابتدائية فقط، وفي عام 1950 ومع تولي حزب الوفد مرة أخرى ليكون الحزب الحاكم تولى طه حسين حقيبة وزارة المعارف فتقرر مجانية التعليم للمرحلة الثانوية فحسب ليكون التعليم المجاني غير مكتمل واستمرت المعوقات أمام المواطنين في تفعيل المجانية وكانت البيروقراطية والظلم الذي أفرزه الحكم الملكي الطبقي على مصر حال دون دخول أولاد الفلاحين والعمال إلى التعليم الجامعي والعالي.
وأكد مغيث أنه حينما جاءت ثورة 23 يوليو نادت بالإصلاح الزراعي وتمليك الفلاحين، لافتا إلى أنه في عام 1961 قررت ثورة 23 يوليو مجانية التعليم العالي والجامعي وخرج مئات آلاف من المواطنين من شتى الوظائف والطبقات لتعليم أبنائهم.
وأشار مغيث إلى أن جودة التعليم كانت مرتفعة جدًا قبل ثورة 23 يوليو نتيجة أن الإنفاق على التعليم كان مخصصًا لقطاع ضئيل من الشارع المصري ولكن بعد ثورة 23 يوليو أصبح العبء كبيرًا لاسيما مع تقدم مئات الآلاف من المواطنين للتعليم، وهو ما جعل جودة التعليم تقل قليلًا إلا أنها أحدثت في البلاد صحوة فكرية وتعليمية وتقدم المواطنين للكليات التي كانت محصورة على الطبقات العليا فقط، لافتا إلى أنه قبل الثورة كان التعليم لا تستطيع الطبقة الوسطى الإنفاق عليه بسبب كثرة النفقات وهو الأمر الذي تغير تمامًا، مؤكدًا أنه كان قبل الثورة تعليم الثقافة بوجه عام وبقضية الدستور ولكن بعد الثورة كان توجيه الطلاب نحو النظام السياسي القائم وهو مبادئ النظام مثل القومية والحرية.

على مستوى الزراعة:
قال الدكتور زكريا الحداد، أستاذ الهندسة الزراعية والنظم بكلية الزراعة بجامعة بنها: إن هناك الكثير من المكاسب التي شهدها قطاع الزراعة عقب ثورة مكاسب كثيرة لقطاع الزراعة وهو ما تجلى في نهضة زراعية شاملة فزرعت مصر منذ بداية الثورة حتى أوائل السبعينيات ما وصل إلى مليون ونصف فدان وهي مساحة كبيرة جدًا مقارنة بتلك الفترة الضئيلة، لافتًا إلى أنه كانت الدولة تهتم بشكل كبير من المحاصيل الاستراتيجية خاصة القمح والقطن والأرز أيضًا.
وأضاف الحداد أن الدولة اهتمت بالفلاحين فأصدرت قانون الإصلاح الزراعي الأشهر وبموجبه حصل آلاف الفلاحين على حقوق تملك الأراضي الزراعية وهو ما شجعهم بصورة كبيرة في الزراعة، كما أن الدولة اهتمت بالفلاحين بصورة كبيرة على الصعيد الإداري والتعاوني بما يعزز من القدرة على الإنتاج فدخلت الميكنة الزراعية على أساس علمي لأول مرة في مصر وعرف الفلاحين لأول مرة آلات الحرث والحصاد ووسائل الزراعة الحديثة، مضيفًا أنه ما كان يميز الزراعة في تلك الفترة هو أنه كان هناك تعاون بين الدولة والفلاحين ومعاملتهم معاملة آدمية فكان الفلاح ينتظر حصاد محصول القطن أو القمح أو الأرز لكي يربح منه ما يكفيه للحياة الكريمة ويزوج أبنائه بالأرباح التي تأتيه من حصاد المحصول الواحد.
ولفت الحداد إلى أن أهم ما يميز ثورة 23 يوليو بالنسبة للزراعة هو إنشاء التعاونيات الزراعية التي كان لها دور كبير في تحقيق الاتصال بين الفلاح وبين الدولة والتعاون من أجل تنفيذ المحاصيل مؤكدا أن تلك التعاونيات كانت تقوم بما يساعد الفلاح على الزراعة وخاصة تسويق المحصول الخاص بالفلاح وهي الأدوار التي يفتقدها الفلاح المصري حاليًا نتيجة عدم اهتمام الدولة به.
وأكد أن عبدالناصر استصلح الكثير من الأراضي داخل الدولة وظهر اهتمام عبدالناصر بالزراعة في مشروعه الزراعي الكبير الذي حمل اسم مديرية التحرير انقسم هذا المشروع إلى قسمين "قطاع التحرير الشمالي" عبارة عن مدينة ومركز و6 وحدات محلية قروية و26 قرية رئيسية و8 وحدات اعتبارية و96 كفرًا وعزبة ونجع ويقع محافظة البحيرة وتم إنشاء هذا القطاع عام 1962 هذا بجانب قطاع التحرير الجنوبي في بدر وغيرها من المناطق، لافتًا إلى أن تلك القطاعات أثرت الزراعة بشكل كبير وكانت متكاملة الخدمات التي تقدمها للمزارعين حيث تم إنشاء مناطق كاملة الخدمات داخل تلك القطاعات مثل المستشفيات والمنازل والمدارس للفلاحين بما يكفل لهم حياة كريمة وبما يحقق تنمية الزراعة التي تحقق الأمن الغذائي لمصر وهو الأمر الذي تحقق بالفعل فمصر لم تكن تستورد محصول القمح كما كان لديها كفاية كبيرة من القطن الذي كانت الدول تتهافت على استيراده من مصر لاسيما مع جودة القطن المصري طويل التيلة.

على مستوى الصناعة والحياة الاجتماعية:
قال طلال شكر، القيادي العمالي ونائب رئيس النقابة العامة لأصحاب المعاشات: إن ثورة 23 يوليو كان خطها وهدفها اجتماعيًا من الطراز الأول فاهتمت بالعمال والفلاحين، مشيرا إلى أن العمال كانوا بلا حقوق خلال فترة الحكم الملكي فكان هناك من يعمل بأجور متدنية جدًا وكان لا يوجد نظام عمل يمنع الفصل التعسفي بالنسبة للعمال المصريين وجاءت ثورة 23 يوليو لتصحيح هذا الأمر بصورة كبيرة فأدخلت منع الفصل التعسفي للعمال.
وأضاف: العامل كان محل اهتمام الدولة فكان يتم تخصيص أجور مجزية لهم حتى وإن لم تكن الأجور كبيرة ولكنها كانت تكفيهم وتضمن لهم حياة كريمة وظهر اهتمام عبد الناصر بالعمال إيمانا منه في أن الإنتاج يتحقق من خلالهم ومن خلال رفع الظلم الاجتماعي الذي عانوا من وطأته على مدار عقود عديدة تكالبت فيها النظم السياسية الفاسدة بجانب الاستعمار الذي ضرب البلاد وهو ما جعل الثورة تتجه إلى توزيع الأراضي الزراعية على الفلاحين وإقرار قوانين الإصلاح الزراعي.