الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

علاقات تعاون وطدها الحب.. مواقف عبد الناصر مع البابا كيرلس

مواقف عبد الناصر
مواقف عبد الناصر مع البابا كيرلس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
اتسمت العلاقة بين بابا الكنيسة الأرثوذكسية والرئيس جمال عبدالناصر بالمودة والتقدير، ووصلت لصداقة قوية بين الطرفين، وبحسب شهود العصر، فإن البابا كيرلس كان دائم الزيارة للرئيس للاطمئنان عليه وتبادل الحديث معه، وزيارته فى مرضه، وحتى عندما أعلن الرئيس خطابا للتنحى عن الحكم ذهب البابا لمنزل ناصر بمنشية البكري، يطالبه بالعدول عن القرار. واستقبل ناصر البابا فى ١٤ أكتوبر ١٩٥٩ بعد فترة من الفتور بينهما، وتبادل الطرفان الأحاديث الودية، وأكد ناصر على أنه سيعمل على تعليم أبنائه حب الوطن ومعنى الأخوة والبعد عن أى صورة من صور الفتنة الطائفية، ومن هنا أصبح البابا يزور ناصر فى منزله بشكل متكرر وأصبحت العلاقة محلها التقدير والمودة. وقال الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، فى كتابه «خريف الغضب» عن علاقة عبدالناصر والبابا كيرليس السادس «إنها كانت علاقات ممتازة، وكان معروفًا أن البطريرك يستطيع مقابلة عبدالناصر فى أى وقت يشاء».

بناء كاتدرائية العباسية
ويروى لنا محمود فوزى فى كتابه «البابا كيرلس السادس وعبدالناصر» أن البابا كيرلس زار الرئيس ذات يوم فى منزله؛ فجاء إليه أولاده، وكل منهم معه حصالته؛ ثم وقفوا أمامه؛ وقال له الرئيس «أنا علمت أولادى وفهمتهم إن اللى يتبرع لكنيسة زى اللى يتبرع لجامع، والأولاد لما عرفوا إنك بتبنى كاتدرائية صمموا على المساهمة فيها. وقالوا حنحوش قرشين؛ ولما ييجى البابا كيرلس حنقدمهم له، وأرجو ألا تكسفهم وخذ منهم تبرعاتهم» فأخرج البابا كيرلس منديله ووضعه على حجره ووضع أولاد عبدالناصر تبرعاتهم؛ ثم لفها وشكرهم وباركهم. وفى حفل افتتاح الكاتدرائية يوم الثلاثاء ٢٥ يونيو ١٩٦٨؛ حضر الزعيم جمال عبدالناصر والبابا كيرلس السادس والإمبراطور هيلاسلاسى إمبراطور إثيوبيا. ومن القصص الجميلة التى تروى عن هذا الحفل أنه أثناء صعود البابا والرئيس لسلالم الكاتدرائية؛ صدرت «أنة» ألم خفيفة من الرئيس الراحل؛ فالتفت إليه البابا وسأله: ما بالك يا سيادة الرئيس ولماذا تتألم؟ لعلنى أنا الذى يحق لى أن أتأوه؛ إذ مازلت أشعر بألم فى ساقى إثر الجلطة التى أصابتنى فى العام الماضى، فرد عليه الرئيس إننى أشعر بآلام فى ساقى أيضا؛ فرد عليه البابا ولماذا لم تخبرنا بذلك، إننا كنا على استعداد لتأجيل الحفل حتى تتماثل سيادتكم للشفاء الكامل؛ فرد عليه الرئيس «لا بل أنا مسرور هكذا».

بيان باباوى حزين يوم التنحي
وعندما أعلن الرئيس الراحل خطاب التنحى فى ٩ يونيو ١٩٦٧ توجه البابا كيرلس إلى منزله بمنشية البكرى بصحبة ثلاثة مطارنة ونحو خمسة عشر من آباء الكهنة، وعندما وجدوا طوفان البشر محيطا بمنزل الرئيس، صدرت التعليمات من رئاسة الجمهورية أن تقوم سيارة بفتح الطريق أمام سيارة البابا كيرلس. وعندما دخل المنزل قال أنا عايز أقابل الريس فأخبروا الرئيس برغبة البابا فى مقابلته فتحدث إليه فى التليفون قائلا: «أنا عمرى ما اتأخرت عن مقابلتك فى بيتى فى أى وقت، لكننى عيان والدكاترة من حولي»، فقال له البابا: «طيب عاوز أسمع منك وعد واحد»، فرد عليه الرئيس «قل يا والدي» فقال له البابا «الشعب بيأمرك أنك ما تتنازلش» فرد عليه الرئيس «وأنا عند الشعب وأمرك». وعندما أعلن أنور السادات أن الرئيس قد نزل على إرادة الشعب، توجه البابا صباح يوم ١٠ يونيو إلى القصر الجمهورى بالقبة وكتب كلمة فى سجل الزيارات أعلن فيها عن فرحته بنزول عبدالناصر على إرادة الشعب، والعودة لممارسة مهامه كزعيم للأمة. وعندما توفى الرئيس جمال عبدالناصر فى ٢٨ سبتمبر ١٩٧٠ أصدر البابا كيرلس السادس بيانا جاء فيه «إن الحزن الذى يخيم ثقيلا على أمتنا كلها؛ لانتقال الرئيس المحبوب والبطل المظفر جمال عبدالناصر؛ إلى عالم البقاء والخلود؛ أعظم من أن يعبر عنه أو ينطق به. إن النبأ الأليم هز مشاعرنا جميعا ومشاعر الناس فى كل الشرق والغرب بصورة لم يسبق إليها».
ثم توجه البابا إلى القصر الجمهورى بالقبة وبصحبته وفد كنسى وتقابلوا مع أنور السادات مقدمين له واجب العزاء، وسجل قداسته كلمة فى سجل التشريفات بقصر القبة قال فيها: «يوم حزين على بلادنا وبلاد الشرق العربى؛ ما أعظم الخسارة التى لحقت بنا جميعا. إن اسم هذا البطل سوف يظل مرتبطا بتاريخ مصر والعرب وأفريقيا ودول عدم الانحياز، بل وبتاريخ الأسرة البشرية كلها».