الأربعاء 01 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

الثقافة في حياة عبدالناصر.. ألف 3 وقرأ 100 كتاب.. و«عودة الروح» أثرت بشخصية الزعيم

القراءة والكتابة.. و«تراجيديا الحكم»

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شغف «ناصر» بالقراءة منذ أن كان طالبا صغيرا، كما كان مغرما أيضا بالتصوير والكتابة.. الكتابة بدأها عام ١٩٣٤ وهو لا يزال فى المرحلة الثانوية بمقال عن «فولتير»، وكذلك رواية (فى سبيل الحرية). أما التصوير فأول ما حرص عليه بعدما أصبح رئيسا هو اقتناء آلة تصوير سينمائية. لم يتوقف «ناصر» عن الكتابة حتى فى أخطر المواقف فى حياته، فقد سجل يومياته عن الحرب وأهوالها، وهو محاصر على رأس الكتيبة ٣٦ مشاة فى الفالوجا.. كما لم يتوقف أبدا عن التصوير طوال تراجيديا الحكم وحتى وفاته.
من الحكايات الشهيرة التى تؤكد ولع عبدالناصر بالقراءة، هى ما رواه الكاتب الصحفى الراحل محمد حسنين هيكل فى كتابه «سقوط نظام: لماذا كانت ثورة يوليو؟» أن عبدالناصر زاره قبل الثورة برفقة زكريا محيى الدين، حيث قال: «بقى ناصر طيلة ثلث ساعة يتابع الحديث صامتًا ولاحظته يطيل النظر فى رفوف كتب تغطى حائطا من غرفة مكتبي. وانتهز لحظة الصمت ليقول لى إنه تابع تحقيقاتى عن الحرب فى فلسطين وانعقاد الدورة الاستثنائية للأمم المتحدة فى باريس وسأل عدة أسئلة. وواصل جمال عبدالناصر كلامه فذكر أنه تابع ما نشرت عن ثورة إيران، وقال إنه توقف كثيرًا أمام مشهد آية الله كاشانى الذى خرج بتظاهرة ضد الشاه بعد أن اغتسل وارتدى الكفن، مستعدًا للقاء ربه».
يحكى «هيكل» أن الرئيس الراحل أبدى عدة ملاحظات، منها أنه شاهد مع باعة الصحف، كتابًا يضم ما كتبه هيكل عن إيران عنوانه «إيران فوق بركان» وسألته إذا كان يستطيع استعارة نسخة منه وهو يتعهد بإعادتها. وأضاف أن الكتاب -الذى كان يُباع بعشرة قروش- غالى الثمن «وذلك مبلغ لا يستطيع مواطن عادى أن يخصصه لشراء كتاب»، حسب قوله، كما استشهد بواحدة من روايات «ديكنز» الشهيرة أثناء النقاش الذى دار حول مصير الملك فاروق، وقد انقسموا حوله بعد الثورة هل يحاكمونه أم يخرجونه إلى خارج البلاد؟ وإزاء احتداد الخلاف حول مصير الملك المعزول، صاح عبدالناصر: «إن الدماء ستزيد بالدماء، ويا جماعة افتكروا قصة مدينتين لتشارلز ديكنز».
ووفق الموقع الرسمى للرئيس الراحل، فإن عبدالناصر، قرأ أكثر من مائة كتاب، كانت الأغلبية منها فى فترة دراسته الثانوية والكلية الحربية منها «بونابرت حاكم مصر» للكاتب شارل رو، و«مطلع حياتي» لـ«ونستون تشرتشل»، و«تاريخ الثورة المصرية» بأجزائه الثلاث لـ«عبدالرحمن الرافعي»، و«الحرب الحقيقية» لـ«ليدل هارت»، و«الحرب الآلية» لـ«ماجور فولر»، و«السيرة الذاتية» لـ«هتلر»،. ومن الكتب التى قرأها «أم القرى» و«طبائع الاستبداد» لـ«عبدالرحمن الكواكبي»، الذى شنّ فيه ثورة عارِمة على استبداد الأتراك، وطغيانهم، ونهبهم لثروات الشعوب العربية، كما قرأ كتابات أحمد أمين عن حركات التجديد فى الإسلام التى تحوى دراسات جمال الدين الأفغانى والإمام محمد عبده؛ وفى الأدب قرأ رواية «البؤساء» لفيكتور هوجو و«قصة مدينتين» لـ«ديكنز»، إضافة إلى رواية «أهل الكهف» لـ«توفيق الحكيم»؛ وتركت رواية الحكيم «عودة الروح» أعمق الأثر على عبدالناصر وشخصيته وإحساسه بأهمية دور الزعيم، وكانت النسخة التى قرأها موجودة فى مكتبة منزله بمنشية البكرى، ومخطّطًا بقلمه تحت بعض العبارات التى لفتت نظره، ومن بينها المحادثة التى جرت بين عالِم الآثار الفرنسى ومهندس الرى الإنجليزى حول الشعب المصرى الذى يفتقر إلى قائد مصرى مخلص يقوده من الظلمات إلى النور. وذكر الكاتب الفرنسى جورج فوشيه، فى كتابه «عبدالناصر ورجاله» أنه طلب أن يطلِّعَ على فهارس الإعارات بالمكتبة أثناء دراسة عبدالناصر فى كلية الضباط، فوجد أن استعاراته للكتب كانت تركز على فكرة الكتب التى تتناول التاريخ والاستراتيجيات والاقتصاد السياسى والجغرافيا السياسية والشخصيات الأبطال، وأن هذه القراءات شكلت لدى عبدالناصر رؤية معينة للأحداث القائمة فى وقتها «لذلك فهو تعبير واضح عن المثقف الذى يعرف كل شيء عن شيء ويعرف شيئًا عن كل شيء»، حسب تعبيره.
أما عن الكتابة، فقد ألف عبدالناصر ثلاثة كتب وضع فيها أفكاره؛ ففى عام ١٩٣٤ كتب «فى سبيل الحرية» وهو كتاب من ١٢٠ صفحة يتضمن قصة كتبها وهو طالب فى المدرسة الثانوية عن معركة رشيد ١٨٠٧، وتم نشره عام ١٩٥٩؛ وفى عام ١٩٥٣ ألّف كتاب «فلسفة الثورة» وهو كتاب من ٢١٦ صفحة يشرح فيه فلسفته وأفكاره فى الحقبة التى تزعمها، وكان أبرز ما فيها السعى نحو القضاء على الاستعمار وتحرير دول العالم الثالث؛ كذلك كتب عام ١٩٥٥ سلسلة من المقالات نشرتها مجلة «آخر ساعة» تحت عنوان «يوميات الرئيس جمال عبدالناصر وحرب فلسطين» والتى جمعت فى ما بعد فى كتاب بنفس العنوان، وكان قد سجّل بخط يده يومياته عن حرب فلسطين تحت قصف المدافع مرتين فى اليوم الواحد.