السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مرسوم ملكي باسم الملك فؤاد الثاني يلغي اسم الملك فاروق!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الدستور فى مصر له قدسية فى أصعب الظروف خاصة وأن فيها سدنة هذه الوثيقة وفقاءها وباحثيها وعلماءها الذين حرسوا مسيرته مؤكدين أن فى مصر دولة لها بناء راسخ صلب من البنية التشريعية السليمة.
وعندما قامت ثورة 23 يوليو 1952م استفاد الثوار بشيخ الفقهاء المعجزة عبدالرازق السنهورى باشا وكان وقتها رئيسًا لمجلس الدولة، والمستشار الجليل سليمان حافظ وكيل مجلس الدولة الذى صاغ وثيقة تنازل الملك فاروق الأول عن العرش لابنه أحمد فؤاد الثانى والذى يطالع وثيقة التنازل يلاحظ أن الملك فاروق وقع مرتين التوقيع الأول فى أسفل قرار التنازل، وفى أعلى الوثيقة وهى موجودة فى قصر عابدين حاليًا، والسؤال هل كان الملك قد وقع فى غير حضور ممثلى القيادة العامة وتم التوقيع أمام على ماهر باشا رئيس الوزراء وفى حضور السفير الأمريكى جيفرسون كافرى الذى ضمن باسم بلاده الانتقال الهادئ للسلطة فى البلاد، ووضح منذ اللحظة لقيام الثوار بالحركة المباركة الالتزام الحرفى بصحيح الدستور وهو دستور 1923م بداية من إيفاد الثوار لأستاذنا الكبير العظيم إحسان عبدالقدوس صاحب ومفجر قضية الأسلحة الفاسدة على صفحات «روز اليوسف» والحاضن الأول لشباب الثوار فى مقدمتهم الرئيس أنور السادات وكان موضع اعتزاز وتقدير شخصى من الرئيس عبدالناصر الذى كان يضرب المثل على حرية القلم بمقالاته وأبرز تلك الإشادات أثناء المؤتمر الأول للقوى الشعبية التى أقرت «الميثاق الوطني».
طبعًا السياسة لها متغيراتها وإحسان عبدالقدوس هو الذى عرض رغبة الثوار على الداهية السياسى على ماهر باشا أن يتولى رئاسة الوزارة فاشترط على ماهر باشا أن تكلفه بهذه المأمورية السلطة الدستورية فى البلاد وهو الملك فاروق وتم ذلك وتشاء الأقدار أن رئيس الوزراء الذى كلفه الملك فاروق هو نفس السياسى الداهية الذى وجد مخرجًا دستوريًا فى أن يتولى فاروق عرش مصر حين حسب عمره بالتاريخ الهجرى لا بالتاريخ الميلادى وبهذه الصيغة التوفيقية نودى بالأمير فاروق مليكًا على البلاد وتشاء الأقدار والأحداث أن يكون هو رئيس الوزراء الذى يبلغه رغبة الثوار فى تنازله عن عرش مصر.
وفى جلسة مع القانونى الكبير الصديق الدكتور أحمد عبدالمنصف محمود مؤسس علم اللوجيستيات فى الجامعات والأكاديميات العربية وخريج الدفعة الأولى للكلية البحرية التى زامله فيها الوزير محمود عبدالرحمن فهمى والدكتور جمال الدين مختار واللواء دكتور سميح إبراهيم، وهو فى نفس الوقت ابن اللواء عبدالمنصف باشا محمود مدير الأمن العام ليلة ثورة 23 يوليو وطلب إليه مرتضى المراغى باشا وزير الداخلية أن يتدخل البوليس لكى يطوق الجيش، وكان البوليس وقتها قد تسلم أسلحة قمعية جديدة مؤهلة للمواجهة لكن عبدالمنصف باشا محمود رفض قائلًا لن نقف وجهًا بوجه أمام رفقاء السلاح بالجيش وهذا هو السبب الذى أضاف فيه اللواء محمد نجيب قائد الحركة عبارة «سنحافظ على الأموال والممتلكات بالتعاون مع البوليس» وتقديرًا من الثورة لموقف اللواء عبدالمنصف باشا محمود الطنى المسئول فتم تعيينه مديرًا لخفر السواحل وهو أول وآخر ضابط شرطة يتولى موقعًا يتبع وزارة الحربية.
وإن كلا من الدكتور عبدالرازق السنهورى باشا وسليمان بك حافظ وكيل مجلس الدولة توقفا عند صياغة وثيقة التنازل عن العرش عند كلمة «التنازل» أثناء المداولة واختلف الفقيهان الجليلان عند هذه الكلمة فكان هناك رأى على أن تصاغ على أن الملك فاروق يتنازل عن العرش لابنه أحمد فؤاد الثانى لكى يتم المناداة به لمصر والسودان، ثم رأى هل الملك فى هذه الحالة يكون «متنازلًا» عن العرش أو «نازلًا» عن العرش وهناك فارق جوهرى وفقهى بين كلمة (متنازلًا) ونازلًا ولكل حجته وأسانيدة واستقرت الآراء بعد ساعات من المناقشات إلى صيغة (التنازل) حيث إنها محددة لابنه وهى صيغة تكون ملائمة للموقف بكل أبعاده المحلية والدولية والدستورية لكن اعتباره (نازلًا) قد تجر على البلاد تفسيرات تعرض النظام وسلطة السيادة الجديدة لهزات مبكرة خاصة أن البرلمان قد تم حله وقتها.
وأول قرار أو تشريع وقبل صدور قوانين الإصلاح الزراعى أصدرت الثورة يوم 27 ذى الحجة 1371 الموافق 17 سبتمبر 1952 مرسومًا بالقانون رقم 200 لعام 1952 بتعديل القانون رقم 32 لعام 1942 الخاص بإنشاء وتنظيم جامعة فاروق الأول وتكشف الصياغة الدقيقة لهذا القانون كيف كانت تحترم الدستور وآلياته ونقرأ صيغة القانون باسم حضرة صاحب الجلالة ملك مصر والسودان.
وتسترسل صيغة القانون وتقول الديباجة هيئة الوصاية المؤقتة بعد الاطلاع على المادتين 41 و55 من الدستور وعلى القانون 32 لعام 1942 الخاص بإنشاء وتنظيم جامعة فاروق الأول وعلى ما أراه مجلس الدولة، وبناء على ما عرضه وزير المعارف العمومية وموافقة مجلس الوزراء.... رسمت بما هو آت 
المادة الأولى:
يستعاض من الفقرة الأولى من المادة 1 من القانون رقم 32 لعام 1942 الخاص بإنشاء وتنظيم جامعة فاروق الأول بالنص الآتي:
تنشأ فى مدينة الإسكندرية جامعة تسمى «جامعة الإسكندرية: وتتكون من الكليات....
المادة الثانية: يطلق على جامعة «فاروق الأول» اسم جامعة الإسكندرية فى جميع التشريعات التى صدرت استنادًا إلى القانون رقم 32 لعام 1942 الخاص بتنظيم جامعة فاروق الأول.
المادة الثالثة: على وزير المعارف العمومية تنفيذ هذا القانون ويعمل به من تاريخ نشره فى الجريدة الرسمية.
ووقع على هذا المرسوم بقانون كلٌ من الأمير السابق محمد عبدالمنعم.. ومحمد بهىالدين بركات، ومحمد رشاد فهمى وذيلت توقيعاتهم بعبارة «بأمر هيئة الوصاية المؤقتة.. ووقع فى ذيل القرار لواء أركان حرب محمد نجيب رئيس مجلس الوزراء وإسماعيل محمود القبانى وزير المعارف العمومية وسكرتير مجلس الوزراء.
وبعدها بـ48 ساعة صدرت قوانين يوم 9 سبتمبر 1952 تشريع خاص بتنظيم الأحزاب عقب استقالة رئيس الوزراء على ماهر باشا حيث إن دستور 1923 كان قد أباح بالمادة أن للمصريين حق تكوين الجمعيات لكن هذا التشريع لم يعمر طويلًا حيث ألغى بالمرسوم 37 لعام 1953 والأمانة تقتضى أن نذكر أن التشريع الأول الخاص بالأحزاب كان مثاليًا طبع بطابع ديمقراطى تسوده روح الاعتدال لكن الخلافات بين القيادات هى السبب وتأرجح الموقف عند طلب إعادة صياغة الدستور ما بين «النظام الرئاسى والبرلمانى وشكلت لجنة بتاريخ 7 سبتمبر 1952م لكن الظروف أدت إلى تأجيل إعلان الدستور إلى عام 1957 م.
والمقصود بهذه الوقائع أن الدستور عندما يطبق فهو أبو القانون وراعى العدالة والحارس على الدولة وهو غير قابل للقسمة فى آليات تطبيقه فلم يعرف الدستور أن القانون الذى ستصدر سلطة الوصاية على العرش ستطبق على أبوملك مصر والسودان فى ذلك الوقت الطفل الملك أحمد فؤاد على الجميع، وفى أولهم شطب أبيه من على الجامعة التى افتتحها وأطلق عليها اسمه.