الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة ستار

"Skyscraper".. ٢٤٠ طابقًا من الاستعراض

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ربما يفضل الكثير من نجوم السينما العمل مع مخرجين يشعرون معهم بالراحة والثقة، فقبل عامين تعاون ممثل أفلام الحركة دواين جونسون مع المخرج روسون مارشال ثيربر بفيلم الكوميديا "Central Intelligence" وكان واحدًا من أنجح أفلام الأكشن والكوميديا في عام 2016، وتمكن من تعزيز مكانة جونسون لدى الجمهور، ولكن مشروعهما الجديد والذي حمل اسم "Skyscraper" كشف عن العديد من مواطن الضعف المتكررة لدى بطل العمل، والتي سيعيد التفكير بها بالطبع إذا أراد لمسيرته السينمائية أن تستمر طويلًا.


أحداث فيلم "Skyscraper" تدور حول مفاوض رهائن سابق بمكتب التحقيقات الفدرالية "FBI" يُدعي ويل سوير (دواين جونسون)، يتعرض لحادث مأساوي، خلال احدي عمليات انقاذ الرهائن، عقب ان قام احد الأشخاص المضطربين بتفجير منزله عن طريق سترة ناسفة، ما جعله يفقد ساقه اليسرى وبعض من رجال وحدته؛ يعود سوير إلى الحياة مجددًا بمعاونة الممرضة سارة سوير (نيف كامبل) والتي أصبحت زوجة مخلصة له فيما بعد وانجبا سويا طفلان هما هنري (نوح كوتريل) وجورجيا سوير (ماكينا روبرتس)؛ تقرر العائلة مرافقة سوير الأب خلال عمله الجديد كخبير أمني يحضر إلى هونج كونج لمراجعة كافة التفاصيل الأمنية لناطحة السحاب التي تُدعي "اللؤلؤة" قبيل الافتتاح الرسمي للمبني العملاق، الذي يبلغ طوله 3 أضعاف مبني إمباير ستيت بنيويورك وضعفي برج خلفية بالإمارات، ويتكون من 240 طابقًا، حيث تعتبر عائلة سوير هي الوحيدة التي تقطن المبني إلى الأن؛ وبالتزامن مع عملية الافتتاح تقتحم مجموعة مسلحة من الإرهابيين الأوروبيين على المبني بقيادة كورس بوتا (رولاند مولر)، وتتمكن من الاستيلاء على البرج بمساعدة بن (بابلو شرايبر) الصديق المقرب لـ سوير، واشعال النيران بالطابق رقم 96 من أجل محاصرة مالك المبني تشاو لونج جي (شين هان)، للحصول على قرص مدمج عليه أرقام حسابات عدد كبير من رؤساء عصابات المافيا في أوروبا، ليتعين على ويل سوير انقاذ رب عمله من هذا المأزق بجانب انقاذ افراد اسرته المحاصرة داخل المبني، فهل يتمكن من إتمام المهمتين على أكمل وجه، أم سينفذ واحدة على حساب الأخرى؟


القصة
كتب سيناريو الفيلم روسون مارشال ثيربر، وتعتبر الفكرة تقليدية إلى حد كبير وتمت معالجتها في العديد من أفلام الحركة مثل فيلم "Die Hard" للنجم بروس ويليس، وفيلم "Mission: Impossible – Ghost Protocol" لتوم كروز، كما تعد امتداد لقصة حملت نفس الاسم أيضا وتم إنتاجها بعمل سينمائي عام 1996، حول قائدة طائرة هليكوبتر تُدعى كاري وينك (أنا نيكول سميث) تهبط على أحد أسطح ناطحات السحاب لتكتشف بعدها ان هذا المبني محاصر من جانب إرهابيين، ليتعين عليها انقاذ الرهائن الموجودين بالمبني برفقة زوجها.
وعلى الرغم من التوظيف الجيد للتقنيات التكنولوجية من جانب المخرج واعتماده على الـ "GCI" في تصوير العديد من اللقطات الخاصة بالمبني وعملية الإنقاذ، إلا انه لم يتمكن من الوصول ولو قليلًا من كم الإثارة والتشويق الموجودين بفيلم كـ "Die Hard"، والذي هو بالمناسبة من إنتاج عام 1988، وهو وقت لم تكن تذخر فيه خزينة السينما الأمريكية بهذه التقنيات المتطورة القادرة على حسب انفاس المشاهدين.
التمهيد لما هو قادم من أحداث كان من أضعف ما يكون، فعقب مرور 15 دقيقة فقط على بداية الفيلم كشف المخرج كامل أوراق اللعبة في وقت مبكر للغاية، فنجده يأخذنا مباشرة نحو مشهد النهاية، المتمثل في احتراق المبني وحصار عائلة ويل سوير داخله، لنظل منخرطين طيلة الساعة وربع الساعة المتبقية من زمن الفيلم في البطولات الخارقة التي يقوم بها سوير لإنقاذ عائلته، وهو الأمر الذي أصاب المشاهد بالممل وقتل احاسيس الإثارة والتشويق المنتظرة بداخله، بجانب انه لم يترك له ولو قطعة صغيرة من لغز او سؤال مُلح لإثارة عقله.
السيناريو كاملًا قائم على حبكة بالغة في السطحية والمباشرة، بالإضافة إلى خلل في تسلسل عناصرها بداية من التقديم والتعريف بالشخصيات مرورًا بالحدث الصاعد الذي يأخذنا خطوة خطوة نحو الذروة، فلولا تواجد عائلة سوير بالمبني ما كان هناك قصة تروي، ولكن تواجد العائلة عن طريق "صدفة" ضعيفة، جعلت لشخصية ويل سوير هدفًا ينبغي اتمامه، مُتناسين أنّ درجة انفعال المُتلقي مع هذه المشاهد ترتبط في المقام الأول بدرجة ارتباطه بالشخصيات وتفاعله مع الحدث، وهي أمور يستحيل تحقيقها من خلال حبكة ضعيفة بالغة السطحية لا تولي أدنى اهتمام بتقديم الشخصيات، أو التمهيد بالقدر الكافي لنقطة التحول الرئيسية، أو إضفاء قدر ملائم من التعقيد بدلًا من تتبع مسار قصة شديدة البساطة معلومة النهاية قبل بدايتها، ولو نتذكر جيدًا كانت هذه نفس السلبيات التي عاني منها فيلم جونسون الأخير "Rampage"، ولكنه يُصر علي تكرار نفس الخطأ في كل مرة، موجهًا كل تركيزه فقط نحو الكاريزما الطاغية التي يملكها على الشاشة.
العصابة الإرهابية لم تكن العنصر المخيف بالعمل على الإطلاق، بل تحدي قوى الطبيعة كان أكبر مخاوف سوير خلال عملية الإنقاذ، فبعد ان اطمئن على مصير زوجته وابنه وتأكد من وصولهما إلى الأرض بسلام، تعين عليه انقاذ ابنته جورجيا التي وقعت في قبضة بوتا، واعطاه خيارًا اما ان يتمكن من فتح احد الأبواب المؤدية إلى شين هان، اما ان يُلقي ابنته من أعلى المبني؛ فتح هذه الأبواب يتطلب ان يسير سوير على سطح المبني من الخارج وتجاوز مجموعة من التوربينات الهوائية العملاقة للوصول إلى احد غرف التحكم، فيقوم باستخدام بعض الأشرطة اللاصقة على يديه ويسير على سطح المبني من الخارج، وهو ما اعاد إلى اذهاننا -مع فارق التشبيه بالطبع -المشهد الشهير للنجم توم كروز بالنسخة الرابعة من امتياز " Mission: Impossible – Ghost Protocol"، حينما قام بالسير على مبني برج خليفة من الخارج مستخدمًا القفاز الإلكتروني، للوصول إلى غرفة الخوادم للتحكم بكاميرات المبني، ولكنها على كل حال كانت رغبة المؤلف، الذي تجاهل كل قوانين الجاذبية وان الشريط اللاصق لن يؤمن حياته من على هذا الارتفاع الشاهق، وبالفعل يتمكن سوير من تخطي التوربينات والوصول لغرفة التحكم وتنفيذ ما امره به بوتا من اجل تحرير رقبة ابنته.



الأداء التمثيلي
دائما ما تفتقر اعمال دواين جونسون، للعنصر التمثيلي والاعتماد بدلًا من ذلك على الكاريزما الخاصة به وخفة ظله وتوظيفها في العديد من مشاهد الحركة والتشويق لإخفاء عيوبه كممثل او حتى التغاضي عنها، فجاء الأداء مقبولًا ولكنه أقل من الأعمال السابقة والسبب في ذلك يمكن ان يكون بسبب طبيعة الشخصية التي تعتمد على قدم صناعية عقب الحادث المؤلم الذي تعرض له قبل سنوات؛ هذا بالإضافة إلى السطحية والمباشرة في رسم الشخصيات الأخرى بالفيلم، والتي لن يشكل غياب الكثير منها عن الأحداث أي فارق لدي المشاهد.



الإخراج
لطالما كانت الكوميديا هي الوجهة المفضلة لدي المخرج روسون مارشال ثيربر، الذي استمتعنا معه بأفلام " We're the Millers" و" Central Intelligence"، و" Dodgeball: A True Underdog Story"، ولكن عندما وصل الأمر لغاية الحركة والإثارة فإنه لم يتمكن من مجاراة الأمر بالشكل المطلوب؛ فليس المطلوب ان تقوم بتنفيذ بعض مشاهد الحركة المبهرة بل يجب ان تتمكن من اقناع المشاهد بالطريقة المنطقية التي تمت بها عملية التنفيذ.
واستنادًا لأبسط قوانين الفيزياء، فإن السرعة التي اعتمدها ويل سوير، للقفز من رافعة التحكم إلى المبني المواجه، كفيلة بأنه تجعله يصل طابقين او ثلاثة طوابق أسفل وجهته المنشودة وبالتالي سيكون مصيره هو الموت المحتم، لذا إذا كان سوير يريد الوصول إلى وجهته عليه ان يكون سريعًا للغاية حتى يأخذ دفعة قوية ومناسبة لوصوله للشرفة المكسورة، وهذا امر مستحيل بالفعل مع وجود قدم صناعية، ستجعل بالتأكيد سرعته أبطأ من الإنسان السليم؛ فعندما حاول النجم توم كروز القفز من فوق سطح أحد المباني إلى اخر اقصر خلال تصوير فيلم " Mission: Impossible – Fallout"، لم يتمكن من الوصول إلى وجهته بسلام وتعرض لكسر بالكاحل الأيمن، على الرغم من استخدام الكابلات الرافعة، وهو ما جعل تصوير الفيلم يتوقف لمدة شهر ونصف.

هذا العمل ليس الأضعف في مسيرة جونسون في السينما، ففي العام 2017 قدم فيلم "Baywatch" الذي حاز على تقييمات سلبية للغاية، وجاءت أرقامه بشباك التذاكر مخيبة للآمال؛ جونسون سيعاود الكرة مجددًا مع ثيربر بفيلم " Red Notice" والمقرر إطلاقه عام 2020، لذا لا يسعنا إلا ان نأمل ان يكون المشروع الجديد أكثر تماسكًا وابتكارًا.