السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مستقبل القوة الأمريكية "5"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يتابع المفكر الاستراتيجى جوزيف ناى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة هارفارد الأمريكية، فى كتاب «مستقبل القوة» الذى نقله إلى العربية أحمد عبد الحميد نافع ومن إصدارات المركز القومى للترجمة، لواقع ومستقبل القوة الأمريكية فى القرن الحادى والعشرين بقوله: إن الجدال حول انتشار القوة ومصير الدولة ذات السيادة بالغ التبسيط غالبا وحيث يفكر الأفراد أحيانا فى تحديات المدى الطويل على نظام الدول «فقط بلغة الكيانات التى يمكن استبدالها على شكل مؤسسى بدلا من الدولة».
وليست القضية الحقيقية المتصلة بانتشار القوة هى الوجود المستمر للدولة. ولكن القضية كيف تمارس مهمتها. ويمكن أن تحدث التحركات المعارضة بشكل متزامن وتتعايش مع المشروعات التى تملكها الدولة، وتتنافس مع اتحاد الشركات المتعددة الجنسيات والتى تجتاز مئات الحدود، وعلى سبيل المثال فإن شركة آى. بى. إم. تحصل على ثلثى إيراداتها من وراء البحار وتقدم فقط ربع قوتها العاملة التى يبلغ عددها ٤٠٠ ألف فى الولايات المتحدة، وتقدر الأمم المتحدة أنه يوجد ٢١٤ مليون مهاجر عبر العالم بأسره، وإن العديد من المهاجرين يظلون على اتصال ببلادهم من خلال الاتصالات الحديثة. وتصبح السياسة أكثر تقلبا، وأقل احتواء ذاتيًا داخل الهياكل الوطنية، وفى ظل عالم من الاعتماد المتبادل العولمى، فإن جدول عمل السياسة الدولية أوسع وأرحب، ويبدو فيه أن كل شخص يمارس العمل.
ويشير جوزيف ناى إلى أن الإرهاب له جذوره الضاربة فى التاريخ، وفى القرن التاسع عشر استعمل الإرهاب من جانب الفوضويين والثوريين عبر الحدود الذين قتلوا ستة من رؤساء الدول. وفى القرن العشرين، اندلعت الحرب العالمية الأولى جزئيا بسبب مغتال إرهابى. وما هو جديد هو أن التكنولوجيا تقع فى أيدى الأفراد المنحرفين، والجماعات التدميرية قوة كانت قاصرة من قبل، وعلى نحو أساسى على الحكومات، وذلك هو سبب أن بعض المراقبين يشيرون إلى الإرهاب على أنه خصخصة للحرب. وزيادة على ذلك، فقد جعلت التكنولوجيا النظم المعقدة للمجتمعات الحديثة أكثر عرضة للهجوم على نطاق واسع. كان الاتجاه نحو إمكانية التعرض المتزايد لما يحدث قبل أن يتسارع الإنترنت فى الانتشار.
وقد يمجد الجيل الحالى من المتطرفين الإسلاميين العنيفين نموذج القرن السابع للإسلام، ولكنهم حاذقون فى استعمال شبكة الإنترنت فى القرن الواحد والعشرين. والإرهاب، على غرار المسرح، يتنافس من أجل كسب الجمهور. وتستهدف الأحداث الصادمة الاستحواذ على الانتباه، والاستقطاب، وإثارة ردود فعل فائقة من أهدافها. وفى عام ٢٠٠٤ نقل شريط فيديو صادم للقاعدة على شبكة الإنترنت، ولملايين المرات، الإرهابى أبو مصعب الزرقاوى يجتث رأس أحد الأمريكيين فى العراق. وأثار الشريط محاكاة قطع الرأس من جانب الجماعات الأخرى، إن من أقوى الأشياء التي يقوم بها الإرهابيون تنظيم خلايا موثوق بها عبر الحدود، والتى لا يمكن لأجهزة المخابرات والشرطة أن توقع بها. وبالانتقال من الملاذات المادية فى التسعينيات إلى الملاذات الافتراضية للإنترنت يخفض الإرهابيون من مخاطراتهم. ولم يعد تجنيد الأفراد قاصر الحدوث على المواقع المادية مثل المساجد، والسجون. وبدلا من ذلك يمكن للأفراد المتطوعين فى خلايا منعزلة أن يقوموا أيضا بالاتصال بمجموعة افتراضية جديدة من «المؤمنين المخلصين» حول العالم.
ولا تقوم هذه المواقع الشبكية بالتجنيد فحسب، بل أيضا بالتدريب. إنها تشمل تعليمات تفصيلية بكيفية صنع القنابل، وكيفية عبور الحدود، وكيفية زرع المتفجرات وتفجيرها بهدف قتل الجنود والمدنيين. ويستخدم الخبراء مواقع الثرثرة، ولوحات الرسائل للإجابة عن أسئلة المتدربين، ثم ترسل الخطط والتعليمات بعدئذ من خلال رسائل مشفرة، وبطبيعة الحال، يمكن لهذه المواقع الشبكية أن تراقب من الحكومات. ويتم إغلاق بعض المواقع، فى حين «تركت أخرى مفتوحة حتى يمكن رصدها». ولكن لعبة القط والفأر بين أجهزة الدولة، والإرهابيين عبر الحدود هى لعبة قريبة. والإرهابيون هم فقط أبرز الفاعلين من بين الفاعلين العديدين الجدد عبر الحدود.
إن القوة المرتكنة إلى مصادر المعلومات ليست جديدة، ولكن الجديد هو قوة التجمع الإلكترونى، وهناك عشرات التعريفات لحيز التجمع الإلكترونى ولكن بشكل إجمالي، فإن اللفظ هو سابقة تشير إلى الأنشطة الإلكترونية المتصلة بالكمبيوتر. وحتى الآن يبدو أن الإرهابيين قد صمموا على استخدام المتفجرات بهدف تحقيق أغراضهم، تقدم الأداة للضرب العنيف المباغت ضد الأفراد. ولكن ذلك لا يعنى أن الجماعات الإرهابية لا تستخدم الإنترنت لتدعيم الإرهاب.