الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوادث وقضايا

نائب رئيس مجلس الدولة يكشف مفاجأة حول قطر واتفاقية قمع تمويل الإرهاب

المستشار الدكتور
المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أعد المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، ورقة بحثية عن الحقوق السيادية لأربع دول عربية بعنوان: (الحقوق السيادية للدول الأربع).. مصر - الإمارات - السعودية - البحرين"، في غلق مجالها الجوى أمام الطيران القطرى لحماية أمنها القومى من تدعيم وتمويل قطر للإرهاب. 
وكشف الدكتور محمد خفاجي، مفاجأة مذهلة للعالم أن قطر وافقت منذ شهرين فقط على اتفاقية قمع تمويل الإرهاب الصادرة منذ 19 عامًا لحمايتها من المثول أمام القضاء الدولى.
وقال خفاجى: "يقصد بالمجال الجوى المساحة من الفضاء الجوى الخاصة بكل دولة على حدة، والأصل العام أن حدود المجال الجوى لكل لدولة متطابقة مع حدودها السياسية وهذا ينطبق على الدول اليابسة، أما في الدول الساحلية فتمتد المجالات الجوية للدول الساحلية لتغطى بعض مساحة البحر أو المحيط الذي تطل عليه طبقا للتوصية الصادرة من منظمة الطيران المدنى الدولى إيكاو". 
وطبقا لما استقرت عليه قواعد القانون الدولى تقوم الدولة التى يمر بمجالها الجوى طائرات أجنبية بتقديم المساعدات الملاحية اللازمة لأى طائرة تطير في نطاق مجالها الجوى، شريطة أن يكون مصرح لها مسبقًا بدخول المجال الجوى لهذه الدولة وإلا عدت طائرة معادية تتعامل معها قوات الدفاع الجوى.
وقال الدكتور محمد خفاجى: "لقد بات واقعًا أن القرار السيادى للدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب بغلق المجال الجوى لكل منها أمام الطيران القطرى يرجع إلى أسباب قانونية وليست فنية، فهو يرجع في الأساس إلى ما دأبت عليه قطر من تعريض الأمن القومى لكل دولة من الدول الأربع للخطر بسبب تدعيمها للإرهاب وتمويله، وبعبارة أخرى أكثر تعمقًا يرجع إلى أن قطر تستخدم الإرهاب وسيلة للتدخل في الشئون السياسية الداخلية لتلك الدول، وربما يرجع ذلك إلى أسباب نفسية تتعلق بعجز دولة قطر عن أن يكون لها دور ايجابى على مسرح الحياة السياسية العربية، واستعاضتها عن هذا الضعف الحضارى باستخدام المال ولو كان تدعيمًا للإرهاب على نحو يضر بمصالح تلك الدول ويؤذى شعوبها.
وأكمل: من المعلوم أن منظمة الطيران المدنى الدولية لا تتمتع بسلطات قضائية اطلاقًا على غرار النظام الأساسى لمحكمة العدل الدولية وهو ما يؤكد دورها الفنى في إرساء قواعد السلامة لتأمين الطيران المدنى، ذلك أنه نظرًا لطبيعة الأمور الفنية التى تعالجها المنظمة انعكس ذلك الأمر على مجلسها حيث يغلب عليه كذلك الطابع الفنى ،لذا فإن معالجته للنزاعات التى تدخل في اختصاصه تتفق مع طبيعته وقدراته الفنية، ويترتب على ذلك أن مجلس المنظمة يعالج تلك النزاعات التى تنشأ عن الاتفاقيات الدولية بالطرق الدبلوماسية وليست القضائية، وذلك يرجع إلى طبيعة تكوين المجلس الذى يتألف من أعضاء يفتقرون الخبرة القانونية التى يستطيعون بها أن ينجزوا الوظائف القضائية المقررة وفقًا للفصل الثامن عشر من الاتفاقية المنشئة.
ويقول مائب رئيس مجلس الدولة فى دراسته: "من المعلوم أن ثمة شروط موضوعية وفقًا للمادة الرابعة من ميثاق الأمم المتحدة لعضوية الأمم المتحدة، أولها أنها مباحة لجميع الدول الأخرى المحبة للسلام وثانيها أنها تأخذ نفسها بالالتزامات التى يتضمنها هذا الميثاق والتى ترى الهيئة أنها قادرة على تنفيذ هذا الالتزامات راغبة فيه، كما أن ثمة شروط أخرى إجرائية تتمثل في إجراء مُركب في أن يتم قبول أية دولة في عضوية الأمم المتحدة بقرار الجمعية العامة بناء على توصية مجلس الأمن، إلا أنه في بعض الحالات تدق على مسرح الحياة الدولية مسألة إيقاف العضوية فى الأمم المتحدة، وإيقاف العضوية يعد أحد الجزاءات التى توقعها الأمم المتحدة على الدولة حال تقاعسها عن الالتزامات الواجبة على الدول أو اخلالها بأحكام واهداف ميثاق الأمم المتحدة ".
وتابع: "هذا الإيقاف قد يكون جزئيًا يتعلق بحرمان حق التصويت في الجمعية العامة ويكون ذلك فقط وفقًا للمادة 19 من الميثاق في حالة تأخر العضو عن تسديد اشتراكاته المالية في الهيئة، وقد يكون الإيقاف كليًا لكافة حقوق العضوية، وهو ما أعنيه هنا لدولة قطر التى تمول وتدعم الإرهاب، فوفقًا للمادة الخامسة من الميثاق يجوز للجمعية العامة أن توقف أى عضو أتخذ مجلس الأمن حياله عملًا من أعمال المنع أو القمع عن مباشرة حقوق العضوية ومزاياها بناء على توصية من مجلس الأمن، ولمجلس الأمن أن يرد لهذا العضو مباشرة تلك الحقوق والمزايا".
ويشير الدكتور محمد خفاجى الفرض هنا إلى أن دولة قطر نتيجة تمويلها وتدعيمها الإرهاب تكون قد أخلت كدولة عضو بمقتضيات السلم والأمن الدوليين على نحو يجوز معه لمجلس الأمن اتخاذ تدابير عقابية حيالها مما هو منصوص عليه في الباب السابع من الميثاق، وعندئذ يجوز للجمعية العامة بناء على توصية من مجلس الأمن أن توقف هذه الدولة عن ممارسة حقوق العضوية والتمتع بمزاياها.
ويذكر: أن يكون في وسع مجلس الأمن اتخاذ تدابير إلزامية، عليه أن يقرر وجود أي تهديد للسلم أو إخلال به أو وقوع عدوان. وتدخل في نطاق الحالات التي يقرر المجلس أن فيها تهديدًا للسلم حالات لها خاصيّة قُطرية مثل النزاعات التي تنشب فيما بين أو داخل البلدان أو النزاعات الداخلية التي تكون لها أبعاد إقليمية أو دون إقليمية. ويحدد المجلس التهديدات المحتملة أو العامة التي تكون خطرًا على السلم والأمن الدوليين، وعلى قمتها الأعمال الإرهابية خاصة إذا ما دعمتها أو مولتها دولة ما كقطر في البحث الماثل.
ويتساءل الدكتور محمد خفاجى: "رب قائل يقول، أن هذا الفرض خيالى ومستحيل، والرأى عندى أنه كما تقول القاعدة العلمية أنه لا مستحيل في علم الهندسة، فإنه لا مستحيل كذلك في علم القانون وكلاهما يحملان المنطق كلٍ بمنظوره، وأرى أن الفقيه ليس عبدًا للقانون وإنما هو سيده، والفقيه ليس عبدًا للنصوص بل هو صائغه، لذا فإنه يتعين إعادة قراءة نصوص ميثاق الأمم المتحدة التى صيغت في القرن الماضى بعد أن تجمدت وتحجرت كى تتفاعل مع المتغيرات الدولية المستجدة، فالقانون هو الغد وليس الأمس، والفقه هو المستقبل وليس الماضى".
ويشير الفقيه القانونى إلى أن الحقيقة التى سوف تذهل العالم أن قطر قد وافقت على انضمامها للاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب الصادرة عام 1999 منذ شهرين فقط، وذلك بالمرسوم رقم (20) لسنة 2018 بتاريخ 4/4/2018 ونشر في الجريدة الرسمية العدد (10) بتاريخ 21/5/2018 وهى أخر دولة على وجه الكرة الأرضية توافق على الانضمام لتلك المعاهدة، وذلك له دلالته في أنها ترى أن نصوص تلك الاتفاقية الدولية عقبة أمام تمويلها للإرهاب مما أدى إلى تأخرها قرابة 19 عامًا للانضمام لتلك الاتفاقية التى تشتمل على نصوص صارمة تحول دون توفير الملاذ الاَمن للإرهابيين وتحظر تمويلهم وهو ما لا يروق لها ويتعارض مع ما تستهدفه من رعاية للتشكيلات الإرهابية.
وتابع: سيدهش العالم حينما يعرف أن قطر قد تحفظت على أحكام الفقرة الأولى من المادة (24) من الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب الخاصة باللجوء إلى التحكيم الدولى وقضاء محكمة العدل الدولية، فهى تريد أن تتنصل في علاقتها بجيرانها ودول العالم من الخضوع للتحكيم الدولى أو قضاء محكمة العدل الدولية عند قيام نزاع حول تفسير أى مادة من أحكام تلك الاتفاقية.
وتنص الفقرة الأولى من المادة (24) من تلك الاتفاقية على إنه: " 1 - يعرض للتحكيم أي خلاف ينشأ بين دولتين أو أكثر من الدول الأطراف حول تفسير أو تطبيق هذه الاتفاقية وتتعذر تسويته عن طريق التفاوض خلال مدة معقولة، وذلك بناء على طلب واحدة من تلك الدول. وإذا لم تتمكن الأطراف من التوصل، في غضون ستة أشهر من تاريخ طلب التحكيم، إلى اتفاق على تنظيم التحكيم، جاز ﻷي منها رفع الخلاف إلى محكمة العدل الدولية، بتقديم طلب بذلك، وفقا للنظام الأساسي للمحكمة".
ويضيف الدكتور محمد خفاجى، أن تحفظ قطر في هذا الشأن وإن كانت تجيزه نص الفقرة الثانية من ذات المادة إلا أنه يخفى ورائه قرينة قاطعة على رغبتها الدفينة في عدم المثول أمام القضاء الدولى فهى تريد أن تعفى نفسها من المساءلة نتيجة تمويلها للإرهاب وتدعيمها للجماعات الإرهابية، لذا فإن تحفظ قطر في عدم الخضوع للقضاء الدولى هو اعلان بإرادة منفردة عن سياسة دولة تنتهج من الإرهاب سبيلًا، هو تحفظ ظاهره الرحمة بالسماح القانونى له بموجب المعاهدة، وباطنه العذاب إذ يتعارض مع موضوع المعاهدة الدولية ذاتها.
ويوضح الدكتور محمد خفاجى، إن تحفظ قطر على عدم المثول أمام القضاء الدولى لا يخلو من مساوئ لأنه يقضي على وحدة النظام التعاقدي الذي تنظمه تلك المعاهدة الشارعة الكبرى ومثل تلك التحفظات تخفف من فائدة المعاهدة وتقضي على الجهود المبذولة أثناء المفاوضات وعلى الاَمال المعقودة والنتائج المرتقبة من عقد المعاهدة الأهم في تاريخ البشرية لحماية الشعوب من مخاطر الإرهاب، وقد لاحظت أن مصر – وهى في قلب الأمة العربية – قد تحفظت لصالح شعب فلسطين وحقه فى نضاله، فمصر لم تتحفظ لنفسها بل لصالح شعب عربى من أجل قضيته الإنسانية والقانونية، وهو الأمر الذى لم يكن يشغل بال قطر اطلاقًا وهى التى تتاجر بقضيتهم، وكل شاغلها أنها تحفظت على عدم المثول أمام القضاء الدولى.
ويستطرد "خفاجى": من المعلوم أن التحفظ وفقًا للفقرة د من المادة الثانية من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات 1969 يقصد به إعلان من جانب واحد أي كانت صيغته أو تسميته يصدر عن الدولة عند توقيعها أو تصديقها أو قبولها أو موافقتها أو انضمامها إلى معاهدة وتهدف به استبعاد أو تعديل الأثر القانوني لأحكام معينة في المعاهدة من حيث سريانها على هذه الدولة، وتحفظ قطر فى هذا المجال هو تحفظ استبعادى وليس تحفظًا تفسيريًا والأثر المباشر للتحفظ هو إلغاء الحكم القانوني الوارد في نص أو أكثر من المعاهدة واعتباره غير نافذ في مواجهة الطرف الذي أبداه أو اعتباره نافذا بشروط أي بعد تعديله وهو يضع الطرف الذي أصدره في مركز قانوني مختلف عن بقية أطراف المعاهدة.
وفى ختام بحثه الوثائقى المتفرد الذى يخص أربع دول داعمة لمكافحة الإرهاب هى مصر الإمارات والسعودية والبحرين ضد قطر التى تدعم الإرهاب وتموله بشأن حق تلك الدول في غلق مجالها الجوى حفاظًا على مصالحها العليا وفكرة الأمن القومى العربى من تلك الدولة المارقة، يقول الفقيه العربى الدكتور محمد خفاجى إن هذا البحث كشف عن منهج جديد في العلاقات الدولية إذ تحاول إمارة قطر بدعم من العقول المستأجرة أن تفرض وجودها على المجتمع الدولى وتضع منهج جديد تفرضه هذه الدويلة على العالم وتحاول أن تفرض فكرتها ضد الالتزام الجماعى بديمقراطية انتهاكات الأفاعى.
ويضيف في ختام بحثه إن هذه القضية لن يسدل الستار عنها كما نكتب في الماضى لأن الستار يسدل على مسرحية أو مشهد قد انتهى لكن هذا المشهد هو مشهد صراع الإنسانية مع هذه الدويلة التى تريد أن تشكل لنفسها دورًا ليست هى مؤهلة له.