الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"السجائر والشيشة".. أدوات موت بين أيادي الصغار.. "ملف"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تصاعدت مؤشرات تدخين الأطفال للشيشة والسجائر، وقالت التقارير الصحية إن سن التدخين وصل إلى 10 سـنوات بدلا من 13 سـنة، فيما تحول القانون رقم «85 لسنة 2002»، والخاص بمنع التدخين لمن هم دون الـ 18 عاما إلى حبر على ورق، دون تطبيقه وحماية النشء من خطر التدخين القاتل. ويؤكد الأطباء أن التدخين يؤدى إلى آثار سلبية ومدمرة للجهاز المناعي، ويدمر الرئة والبنكرياس عند الأطفال والكبار، وتأثير ذلك عند الأطفال والمراهقين أخطر، لأن الطفل يكون غير ناضج فكريا وجسمانيا فى هذه المرحلة، وينجرف نحو الإدمان الذى يبدأ عادة بتدخين الشيشة أو السجائر. كما أن التدخين يعتبر أخطر الأسباب التى تتسبب فى رفع نسبة الإصابة ببعض أنواع السرطانات، مثل سرطان الرئة وسرطان اللسان والمريء والمعدة والبنكرياس والإثنى عشر.
«البوابة» تدق ناقوس الخطر، وتطرح السؤال: من يواجه إدمان الأطفال للتدخين، ولا أحد سوى وزارة التضامن، لكن دورها يقتصر فقط على برامج توعية، لا تقلل من أخطار تهدد أطفالنا ومستقبلنا. 
«الأكشاك والمقاهى».. طريق القتل السريع
جلس «محمد»، 15 عاما، بين أصدقائه يدخن الشيشة بجميع أنواعها، ظنًا منه أنه أصبح رجلا، وخرج من مرحلة الطفولة، لم يمنعه أو يوبخه أحد من القائمين على المقهى الذى يرتاده.
و«محمد»، واحد من العديد من الأطفال الذين يرتادون المقاهى لتدخين الشيشة والسجائر دون أن يمنعهم أحد، برغم أن القانون يمنع ذلك الأمر عن من هم دون 18 عاما، ولكن القانون شيء والتطبيق أمر آخر.
فالمكسب السريع لرواد المقاهى وبائعى السجائر، جعلهم يبيعون لأطفال لم يتجاوزوا السن القانونية، على الرغم من التحذيرات المطبوعة على علب السجائر والمعسل، والتى تحذر من التدخين لمن هم دون السن.
١٠ أكشاك مررنا عليها، ولم ينكر أحدهم عدم بيع السجائر للأطفال، وقال «عم محمد» صاحب كشك فى منطقة الدقي، «أبيع السجاير للجميع أطفالا وكبارا وسيدات، أى حد بيشترى أبيع له، والتحذيرات موجودة على العلبة للمدخنين، لكن لا أحد يلتزم بها، وطوال الـ٢٠عاما الذى قضيتها فى بيع السجائر، لم أصادف أى تفتيش بخصوص تلك التحذيرات».
وقال طارق مكرم، بائع سجائر: «كله على الورق يا بيه، كلنا بنشوف التعليمات مكتوبة، التدخين ضار بالصحة ويسبب الوفاة وبنشربها برضه».
وأضاف: «مفيش فرق إحنا بلد ورق، بنبيع للى بيدفع، كبير صغير مفيش فرق، ومنين نعرف إن الطفل ده هياخد السجاير دى لمين، مش يمكن بيشتريها لحد».
وحول منع القانون بيع السجائر للأطفال تحت سن ١٨ سنة، علق طارق: «يعنى كل واحد داخل يشترى هشوف بطاقته، إحنا محدش قالنا الكلام ده قبل كده، مافيش حد بيفتش عندنا على الموضوع ده».
أرقام صادمة
أعلن صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي، عن نتائج المسح القومى عن التدخين والمواد المخدرة والكحوليات بين طلبة المدارس الثانوى العام والفنى لعام ٢٠١٧، وقال الصندوق إن المسح الميداني، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، كشف عن أن نسبة التدخين بلغت (١٢.٨٪) بين الطلاب، وتعاطى مخدرات بلغ (٧.٧٪)، وتعاطى الكحوليات (٨.٣٪) وقد تم إجراء المسح فى (١٣) محافظة ممثلة للأقاليم الجغرافية المختلفة، وتم تطبيق استمارة المسح (التى وضعت من قبل خبراء فى علم النفس والاجتماع) على (٥٠٤٨) طالبا وطالبة بـ(١٤٦) مدرسة.
وكانت وزيرة التضامن، الدكتورة غادة والي، شددت على ضرورة تدعيم التوعية ضد التدخين فى مناهج التعليم، ليشمل تفنيد المفاهيم المغلوطة المنتشرة بين الطلبة والطالبات، وفقا لنتائج المسح الذى تم، مع عدم الاكتفاء بمناهج التعليم الأساسى التى سبق وأن وضعها صندوق مكافحة الإدمان والوزارة، مع تأكيد ضرورة وضع مكون مستقل للتعليم الفنى والعام للتوعية والحرص على تناول المكون فى امتحانات المراحل التعليمية الأخرى، إضافة إلى العمل على استثمار المواد الإعلامية التى أنتجها الصندوق حول مشكلتى التدخين والمخدرات داخل المؤسسات التعليمية، من خلال عرضها على الطلاب أثناء حصص النشاط العام فى كل مدرسة، مع ربط الأنشطة الطلابية الرياضية والفنية ببرامج محاربة التدخين وتعاطى المخدرات، وكذلك صياغة حملات مباشرة تستهدف الطلاب فى المحافظات الأكثر عرضة للمشكلة.
وكشف تقرير «صندوق الإدمان» عن أن أولى هذه المحافظات (الجيزة ـ قنا) واللتان جاءتا من المحافظات الأعلى فى التدخين، أما (البحر الأحمر ــ القاهرة) فهما الأعلى فى تناول الكحوليات، و(بورسعيد ـ أسيوط) الأعلى فى تعاطى المخدرات.
رقابة ضائعة
اللافت أن القوانين المنظمة لبيع السجائر للأطفال وغير البالغين لم تصل أيضا إلى المقاهي، ففى محيط منطقة وسط البلد والدقى تنتشر المقاهى فى كل مكان، ويجلس الجميع يدخن الشيشة، ودخلنا إلى إحدى الكافيتريات، وشاهدنا أطفالا من الجنسين يدخنون الشيشة. وسألنا أحد العاملين بالقهوة عن الأطفال ورد: «هنعمل إيه مفيش تربية، الموضوع ده زاد أوى ومحدش بيسأل، ودول عيال صغيرة، ولو منعت عن حد فيهم عن الشيشة يعملوا مشكلة وصاحب القهوة ممكن يمشيني».
وأضاف: «الموضوع ده يتعلق بالتربية مش بالقانون، أنا عمرى ما شوفت حد جه هنا من حكومة أو حى أو صحة وسأل عن الموضوع ده، وإذا كان القانون بيقول كده، محدش بيطبقه ليه».
قوانين حبر على ورق 
يذكر أن القانون رقم ٥٣ لسنة ١٩٨١ فى شأن الوقاية من أضرار التدخين، نص على «حظر التدخين على الهيئات التابعة للدولة، والأشخاص الاعتبارية العامة، ووحدات القطاع العام، ودور العرض والمسارح والأندية الرياضية لما تحدده اللائحة التنفيذية للقانون»، كما حظر التدخين فى وسائل النقل العام والأماكن العامة والمغلقة التى يصدر بتحديدها قرار من وزير الصحة.
فيما أفرد القانون رقم ٤ لسنة ١٩٩٤ الخاص بشئون البيئة، جزءا خاصا بالتدخين، ونص على: «يلتزم المدير المسئول عن المنشأة باتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع التدخين فى الأماكن العامة المغلقة، إلا فى حدود المسموح به فى الترخيص الممنوح لهذه الأماكن، ويراعى فى هذه الحالة تخصيص حيز للمدخنين بما لا يؤثر على الهواء فى الأماكن الأخرى، ويحظر التدخين فى وسائل النقل العام».
كما نص على العقوبات للمخالفين، بغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه حال عدم التزام المدير المسئول عن المنشأة بمنع التدخين فى الأماكن العامة المغلقة لحكم الفقرة الأولى من المادة ٤٦ من هذا القانون.
ويعاقب بغرامة لا تقل عن عشرة جنيهات ولا تزيد على خمسين جنيهًا، كل من يدخن فى وسائل النقل العام بالمخالفة لحكم الفقرة الثانية من المادة المشار إليها، وفى حالة العودة تكون العقوبة الحبس والغرامة.
وحرص قانون العمل أيضًا على صحة الموظفين، وغلظ عقوبات تصل إلى فصل الموظف، فى حالة إذا كان التدخين يسبب خطورة على المنشأة أو الموظفين.
ونصت المادة ٣٩ من لائحة تنظيم العمل والجزاءات التأديبية بأن «التدخين أثناء العمل أو فى أماكن العمل، إذا كان التدخين لا يترتب عليه خطورة، يخصم أول مرة يوم ثم يومين ثم ثلاثة ثم خمسة أيام، وإذا كان التدخين يسبب خطورة على المنشأة، فأول مرة إنذار بالفصل وثانى مرة يفصل بعد العرض على اللجنة الثلاثية.
رقابة قوية فى القانون.. وهشة فى الواقع
ونص القانون رقم ٨٥ لسنة ٢٠٠٢ بتعديل بعض أحكام القرار بالقانون رقم ٥٢ لسنة ١٩٨١ فى شأن الرقابة من أضرار التدخين، على أن يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يخالف حظر الإعلان أو الترويج لشراء أو استعمال السجائر ومختلف منتجات التبغ كلية، سواء كان ذلك فى الصحف أو المجلات، أو ما يصدر عنها أو تقوم بتوزيعه، أو بالصور الثابتة أو المتحركة أو بالرمز أو بالصور المرئية أو بالوسائل المسموعة أو بأى وسيلة أخرى.
ويحظر توزيع السجائر أو منتجات التبغ بكافة أنواعها فى مسابقات أو فى صورة جوائز أو هدايا مجانية، أو أن تكون منتجات السجائر أو التبغ وسيلة للحصول على جوائز مالية أو عينية أو أدبية.
ويحظر بيع السجائر ومختلف منتجات التبغ أو بطاقات شرائها وذلك لمن يقل عمره عن ثمانية عشر عاما.
القانون ١٥٤ وحظر التدخين نهائيا 
بالإضافة إلى حزمة القوانين السابقة، صدر القانون رقم ١٥٤ لسنة ٢٠٠٧، مع تعديل بعض أحكام القانون رقم ٥٢ لسنة ١٩٨١، فى شأن الوقاية من أضرار التدخين، والتى يحظر التدخين نهائيا بكافة صوره فى مختلف المنشآت الصحية والتعليمية والمصالح الحكومية والنوادى الرياضية والاجتماعية ومراكز الشباب، والأماكن الأخرى التى يصدر بها قرار من وزير الصحة، ويلتزم المدير المسئول عن هذه الأماكن باتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع التدخين فيها، ويعاقب عن إخلاله بهذا الالتزام بغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه كما يعاقب المدخن بغرامة لا تقل عن خمسين جنيها ولا تزيد على مائة جنيه.
على الجانب الآخر، أنشئ صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى بالقرار الجمهورى رقم ٤٦ لسنة ١٩٩١، نفاذا لأحكام القانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩، الصادر بتعديل بعض أحكام القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠، بشأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها، ويعتبر هيئة عامة تخضع لإشراف وزارة التضامن الاجتماعي، ويضم فى عضويته ممثلين عن الجهات والمؤسسات الحكومية والأهلية، بالإضافة إلى عدد من الكفاءات والخبراء فى هذا المجال.
خبراء: التدخين أهم سبب للإدمان
قال الدكتور طارق عبد المنعم، استشارى الأطفال، إن التدخين يؤدى إلى آثار سلبية ومدمرة للجهاز المناعي، ويدمر الرئة والبنكرياس عند الأطفال والكبار.
ولفت إلى أن تأثير ذلك عند الأطفال والمراهقين أخطر، لأن الطفل يكون غير ناضج فكريا وجسمانيا فى هذه المرحلة، وينجرف نحو الإدمان الذى يبدأ عادة بتدخين الشيشة أو السجائر. 
وأضاف «الشناوي»: أن التدخين أخطر الأسباب التى تتسبب فى رفع نسبة الإصابة ببعض أنواع السرطانات، مثل سرطان الرئة وسرطان اللسان والمريء والمعدة والبنكرياس والإثنى عشر.
وتابع أن التدخين يسبب العديد من المشاكل فى الجهاز الهضمي، منها فقدان التذوّق بالشكل الصحيح، وقرحة المعدة، وأيضًا عسر الهضم، كما ان مواد التدخين ترفع من نسبة الإجهاض، ويقرب من مرحلة الشيخوخة، حيث إنّه يزيد من أعداد التجاعيد والخيوط الرفيعة على البشرة، ويقلل التدخين من قدرات المدخن الجنسية، كما أنّه يسبّب العقم، ويضعف الأسنان، ويسبب السعال الشديد للأفراد، كما أنه السبب فى نقص المناعة عند الأطفال.
وأوضح «الشناوي» أن التدخين يعتبر من أهم أسباب الإدمان وأكثرها انتشارا فى العالم، رغم ما يسببه من أمراض السرطان والقلب وأمراض الرئة وغيرها من الأمراض المختلفة، وعلى الرغم من علم الكثير بأضراره، إلا أنهم لا يمتنعون عن التدخين.
وكشفت تقارير منظمة الصحة العالمية، إن عدد المدخنين وصل إلى مليار شخص فى العالم، وبسبب التدخين يتوفى أكثر ثلاثة ملايين شخص سنويا على مستوى العالم، وفى مصر عدد الوفيات بسبب التدخين يقدر بـ١٨٠ ألف حالة سنويًا، فيما تنخـفض إنتاجـية العامل المصرى ما بين ٢٥٪ – ٢٧٪ بسـبب التدخين.
وفى نفس السياق، يقول عادل قطب، الخبير الاجتماعي، إن الشباب يبدأ خوض تجربة التدخين فى سن المراهقة، وأكثر الأعمار للتدخين ما بين ١٤ إلى ١٦ عاما، والقليل هم من يبدأ فى التدخين بعد عمر العشرين، لذا يجب الاهتمام الأسرى بتلك الفترة العمرية فى فترة المراهقة.
وأضاف «قطب» أن أعراض الاعتماد على النيكوتين تظهر سريعًا بعد التدخين، وهو ما يمنع الكثير من الإقلاع عن التدخين، وينتشر استخدام مادة النيكوتين فى صورة «التبغ» المستخدم فى السجائر والشيشة والسيجار، أو فى تدخينه باستخدام البايب.
وطالب محمود فؤاد، مدير مركز الحق فى الدواء، بتطبيق القانون على أصحاب المقاهى لعدم منعهم الشيشة للأطفال.
وشدد على ضرورة وجود رقابة من الجهات التنفيذية على المقاهي، وأكشاك بيع السجائر، لخطورة الأمر على حياة هؤلاء الأطفال.
وأضاف «فؤاد» أن على وزارات الصحة والتموين والداخلية، عمل لجان لمتابعة المقاهى ومحلات السجائر، وتطبيق العقوبات المقررة فى القانون، وإغلاق المنشآت التى تخالف ذلك، للحفاظ على صحة أطفالنا من الضياع.
وطالب «فؤاد» الجهات التنفيذية بالتحرك فورا بالتعاون مع مراكز حماية الطفولة وكذلك وزارة التربية والتعليم والإعلام، لإعداد حملات توعية فى المدارس ووسائل الإعلام بخطورة التدخين، وذلك للقضاء على المشكلة قبل انتشارها.