الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"مؤتمر دولي بأستراليا" يكشف ولع العالم بمصر القبطية.. الأنبا مارتيروس يكشف سر النهضة الرهبانية الحديثة.. لوكاسيك: الكنيسة لعبت دورًا كبيرًا في انتشار التعليم الأرثوذكسي

 الأنبا مارتيروس
الأنبا مارتيروس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
على الرغم من انشغال جامعات العالم المختلفة بحقل الدراسات القبطية، فإن هذا العلم ما زال مهملًا بشكل كبير في مصر، هذا الملف آثاره مؤتمر القبطيات الدولي، والذي عُقد في استراليا الأسابيع الأخيرة، وخلاله قدم نموذجًا للاهتمام الدولي بهذا العلم والذي يكون حافزًا للجامعات المصرية الحكومية والخاصة على الاهتمام بهذا التخصص الذي يهتم به علماء من مختلف الجنسيات. 

المطالبات للجامعات المصرية تتضمن ضرورة الاطلاع على توصيات مؤتمر القبطيات الدولي الذي عُقد في استراليا، والذي اختتم الإثنين الماضي والذي عقد تحت عنوان «الأقباط في العصور الحديثة» بالمشاركة بين كلية القديس أثناسيوس اللاهوتية وجامعة اللاهوت بملبورن بأستراليا، حيث بدأت الفعاليات بكلمة من الأنبا سوريال أسقف ملبورن، والذي رحب فيها بالحضور، وقال إن حقل الدراسات للحياة القبطية في العصور الحديثة يحتاج لمزيد من البحث والدراسة حيث إنه حقل واسع يدعو الباحثين لمزيد من العمل فيه، ثم تحدث البروفيسور بيتر شيرولك نائب رئيس بكلية اللاهوت بملبورن عن التحديات الكثيرة التي واجهت الكنيسة القبطية وتأسيس تجمعات قبطية ببلاد المهجر، ثم تحدث البروفيسور جون ميدولي مدير قسم الأبحاث العلمية بكلية اللاهوت عن أهمية البحث في المرحلة الحديثة للكنيسة القبطية في المجالات التاريخية والآداب القبطية والفن ودراسة المخطوطات من ناحية دراسة النصوص وفي اليوم الأول لمؤتمر القبطيات الدولي بملبورن.
بينما قدمت البروفيسورة نيللي فان دورن محاضرة عن دور كل من الأنبا أثناسيوس مطران بني سويف المتنيح عام ٢٠٠٠، ودور الأم إيريني المتنيحة عام ٢٠٠٦م رئيسة دير أبوسفين للراهبات بمصر القديمة في الحياة الكنيسة فى الفترة الحديثة فكلاهما أثر في الحياة القبطية سواء في مجال التعليم أو العمل التنموي أو الحياة الرهبانية للراهبات ومعروف عن الأنبا أثناسيوس هو أول من طبع كتاب «بستان الرهبان»، وأسس دارًا للنشر وعمل مناهج للتربية الكنيسة «مدارس الأحد»، وأول من دعا لحياة التكريس للفتيات، وكان له فكره الخاص في الهدف من إقامة المكرسات «الخادمات غير المتزوجات والمخصصات للخدمة بالكنيسة فقط» في الكنيسة القبطية. 
ثم تحدث البروفيسور ماجد ميخائيل عن الكنيسة القبطية حديثًا والتحديات الكنسية من الماضي، وكيف نهضت الكنيسة وانتصرت على كل العوائق. 

قبطيات بالياباني 
وتحدثت الدكتورة اليابانية الأصل هاروكو ماكو، عن المؤرخين للتاريخ القبطي سواء من الأقباط أو الكتاب الغربيين أو المسلمين، وذكرت أعمال المؤرخ الأسقف يوحنا النقيوسي القرن السابع الميلادي، والمؤرخ أبوالمكارم بالقرن الحادي عشر، والأنبا ساوروس ابن المقفع بالقرن العاشر الميلادي، والمؤرخ ابن المكين بالقرن الرابع عشر الميلادي وصولا للمؤرخ يعقوب روفيلة نخلة أواخر القرن التاسع عشر، ثم لجنة التاريخ القبطى برئاسة المؤرخ كامل صالح نخلة أوائل القرن العشرين، كما تعرضت لأعمال بعض المؤرخين الغربيين الذين كتبوا عن تاريخ الأقباط والكنيسة، واختتمت المحاضرة بكتابات المؤرخين المسلمين عن الأقباط والكنيسة، وأعطت المقريزي كنموذج لذلك، وقد تم الاحتفاء بشكل كبير بهذه العالمة اليابانية التي تخصصت في حقل الدراسات القبطيات، ونالت استحسان الحضور وإعجابهم. 

دور المرأة 
أما الدكتورة دونا رزق، الأرمينية الأصل، والمقيمة بولاية كاليفورنيا الأمريكية، فتحدثت عن دور المرأة في الكنيسة القبطية والشرق عامة، حيث اهتم قداسة البابا شنودة الثالث برسامة المرأة مكرسة كشماسة للخدمة الرعوية، وليس للخدمة الليتورجية - العبادية - وتقاليد الكنيسة القبطية ثم عرضت وضع المرأة، ومشاركتها في صلوات العبادة في الكنائس الأخرى.
وتحدثت الدكتورة كريستين شايلوت الهولندية عن خدمة الشماسة في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية حيث ذكرت ظهور الشماسات في خدمة التربية الكنيسة، وقد شجعها الأرشيدياكون رئيس الشمامسة حبيب جرجس مؤسس مدارس الأحد، وأيضًا الخدمات الاجتماعية والاجتماعات الكنسية وقد ازداد عدد البنات المقبلات على خدمة التكريس سواء بالقاهرة أو الجيزة وباقي الإيبارشيات.

الموسيقى القبطية 
وتحدث الباحث نيقولاس راجيب عن وصف ووجهة نظر في الموسيقى القبطية وإمكانية كتابة الألحان القبطية بالنوتة الموسيقية، وتحدث عن تاريخ الألحان القبطية، والتي اهتم بها الكتاب الأقباط أمثال أبوإسحق المؤتمن ابن العسال وابن كبر، وقد حاول بعض الآباء الكاثوليك الفرنسيين سنة ١٨٩٩م، منهم الأب بادي كتابة نوتة موسيقية للألحان القبطية كلحن «هليلويا»، وقد قام شخص يدعى بطرس سنة ١٩٧٦م بتحليل لحن «أبؤرو» وتقسيمه لجمل موسيقية وتحديد سرعة اللحن لكل جملة في جدول ووضع أسماء المقامات، وكان اللحن بصوت المعلم فرج عبدالمسيح.
ثم تحدثت الدكتورة شيرين صادق عن شخصية «سالومى» في التاريخ والفن القبطي، وقد عرضت بعض الأيقونات والتي تحوي مناظر لـ«سالومي» سواء في أيقونات العائلة المقدسة أو مع يوسف النجار أو في قصة الميلاد، وهي القابلة التي استقبلت السيد المسيح المولود، وقد غسلته أيضًا ذلك بحسب القصص التقليدية، وبحسب التقاليد اليهودية، وأيضًا في أيقونات دخول المسيح الهيكل مع أمه العذراء مريم، وقد ظهرت «سالومي» أيضًا في أيقونات الفن الإثيوبي.
ثم تحدث الشماس الدكتور نيبوسجا تومارا، عن تاريخ الوشم عند المسيحيين الأقباط وصمودهم - الفخر والهوية، وذكر كيف كافح الأقباط من أجل الحفاظ على هويتهم من خلال وشم علامة الصليب على أيديهم، وقد عرض بعض رسومات الوشم في أورشليم للحجاج لكنيسة القيامة للابن ورموز مسيحية، ووشم للقيامة ولشهداء شهيرين وللملاك ميخائيل.

النهضة الرهبانية 
بينما ألقى نيافة الأنبا مارتيروس، أسقف عام كنائس شرق السكة الحديد بالقاهرة، والذي سافر خصيصًا للمشاركة بالمؤتمر في استراليا، محاضرة بعنوان «النهضة الرهبانية بأديرة وادي النطرون في عهد البابا يوأنس الثامن عشر» (١٧٧٠م – ١٧٩٦م).
وطالعنا فيها الأب أرمانيوس حبشي شتا البرماوي السرياني، من دير السيدة العذراء السريان بوادي النطرون بتعداد لرهبان الأديرة بوادي النطرون بمصر منذ عام ١٦٦٧م إلى عام ١٩٣١م، حيث أورد في عام ١٧٨٠م، أن عدد الرهبان بأديرة وادي النطرون الأربعة قفز فجأة إلى ٧٨ راهبًا بالمقارنة بالمائة سنة السابقة، حيث كان العدد يتراوح ما بين ١٠ و١٤ راهبًا فقط، وهذا يجعلنا نبحث عن الأسباب الحقيقية في قفز هذا العدد سنة ١٧٨٠م، ونبحث في أسباب الانتعاش للحياة الرهبانية في منطقة وادي النطرون في هذه الفترة بعد أن تهدمت الأديرة وقل عدد الرهبان فيها كثيرًا جدًا في الثلاثة قرون السابقة، ويذكر أن هذه الفترة تقع في حبرية البابا الأسكندرى يؤانس الثامن عشر (١٧٧٠م - ١٧٩٦م).
حال الكنيسة في النصف الثاني من القرن الثامن عشر.
كان حال الكنيسة كما هو معتاد في الأزمنة السابقة تتألم من جور الحكام والاضطهادات المتوالية الكثيرة، ومن المعلوم أنه قد «بدأت الدولة العثمانيّة بقيادة السلطان سليم الأول حملة علی البلاد العربية، فاحتل سورية، (١٥١٦ م) ومصر، (١٥١٧م)، أخذ السلطان العثماني يكتسب تدريجيًا الخلافة... ولكن هذا الجيش القوي، «ما لبث أن فسدت دخيلته، واضمحلت سلطة الأتراک في مصر، وعادت الكلمة للمماليك، ولكن أخلاقهم انحطت إلی أسفل درك...»، وفي منتصف القرن الثامن عشر استطاع زعماء مصر، وبقية الأمراء من الشراكسة أن يستردوا نوعًا من الاستقلال المحلي، وأن يبسطوا حكمهم الفعلي على مصر، وأن يجعلوا سلطة الدولة العثمانية أسمية رمزية فقط، ومن الأسباب التي أدت إلى الانتعاش الملحوظ فى الحياة الرهبانية في وادي النطرون، دور الآباء البطاركة حيث قاموا بدور كبير في إعادة التعمير للحياة الرهبانية، وكان من أهم أولوياتهم الرعوية خاصة رعاية الأديرة الأربعة في وادي النطرون، وقد أدى ذلك إلى استقرار الحياة الرهبانية هناك، ومن ثم تزايد رغبة الشباب للترهب والانضمام للحياة بالأديرة، ويسجل المؤرخ توفيق إسكار وسنقلًا عن المؤرخ الإسلامي المعروف القلقشندي ما ذكره عن الآباء البطاركة بالكنية القبطية: «فأما بطريرك اليعاقبة... يتفقد فيها ككل أمر ويجتهد في إجراء أمورها على ما فيه رفع الشبهات علما بأنهم إنما اعتزلوا فيها للتعبد فلا يدعها تتخذ متنزهات وإنما أحدثوا هذه الرهبانية للتقلل من هذه الدنيا والتعفف عن الشهوات..»، ويذكر القمص يعقوب مويزر أن «نعم لقد رأينا أن ما بني بالكد العظيم في أمكنة غير مأهولة خرب ثم أعيد بناؤه مرة بعد مرة باهتمام بطاركة كنيسة الإسكندرية». 

التعليم اللاهوتي 
وتحدثت الدكتورة كانداس لوكاسيك عن التعليم اللاهوتي في الكنيسة القبطية في القرن الـ٢١ حيث عبرت عن مدى انتشار التعليم الأرثوذكسي من خلال الإكليريكية، والحوارات المتنامية مع الكنيسة البيزنطية.. ثم تحدث البروفيسور بيتر كوزمان عن دور البابوات الأقباط في الكنيسة القبطية في القرن العشرين، وهم البابا كيرلس الخامس والبابا يؤانس الـ١٩ والبابا مكاريوس والبابا يوساب الثاني والبابا كيرلس السادس والبابا شنودة الثالث، ثم قدم الدكتور كارل إينمي، محاضرة عن رحلة الاستكشافات والترميم للرسومات المكتشفة بالأديرة القبطية وكيفية حمايتها.
ثم تحدث الراهب القمص بيجول السرياني عن مساهمات البابا بطرس السابع في مقاومة المد الكاثوليكي في مصر، والرد على الأقاويل بالإيمان المخالف في لاهوت السيد المسيح، وقد عرض مخطوطة تحوي رسائل البابا بطرس السابع، وحواراته مع الوهابيين، والكاثوليك والإثيوبيين المخالفين في العقيدة. 
أما محاضرة الدكتور جودة جبرة عالم القبطيات فقد قرأها الدكتور مارك سوانس عن مجهودات الدكتور الألماني مارتن كراوزه في حقل الدراسات القبطية.
حيث أسس قسمًا خاصًا للدراسات القبطية بجامعة مونستر بألمانيا، وكيف تعاون مع الدكتور عزيز سوريال عطية في إصدار الموسوعة القبطية، وإصدار كتب بالألمانية عن حضارة الأقباط، وساهم بكثير من المقالات في الكتب والمجلات الصادرة في ذات المجال، وتحدث عن البروفيسور فان مورسيل الذي اهتم بدراسة الفن القبطي.
ثم تحدثت الدكتورة مريم ويصا عن حالة معاصرة بعنوان ٦٠ عامًا في خدمة مدارس الأحد، وقدمت فيها شهادة للخادم الأرخن لويس ذكرى ويصا، وذكرت أنه كان تلميذا للأرشيدياكون حبيب جرجس، وكان عضوا باللجنة العليا لمدارس الأحد سنة ١٩٤٨م، وتحدثت عن علاقته بالأستاذ وهيب عطالله (الأنبا إغريغوريوس) والأنبا صموئيل والأستاذ نظير جيد - البابا شنودة. 
وتحدث الدكتور يوحنا نسيم عن إبصالية القديس مارمرقس بالكاتدرائية المرقسية بالأزبكية وشرح مفرداتها والنقاش حول تعبير الناظر الإله والقمص ميساك الأنبا بولا ذكر رؤية، خاصة به عن مكان مغارة الأنبا بولا أول السواح، وهي على يسار أيقونة السيد المسيح بكنيسة الأنبا بولا الأثرية، وقد جاءت هذه الرؤية فى مخطوطة تحت رقم ١٥٢/١٣٠ تاريخ بمكتبة دير الأنبا بولا بالبحر الأحمر سنة ١٩٤٤م - ١٦٦٢ للشهداء.. ذلك في حبرية الأنبا أرسانيوس ريس الدير، وقد عرض ترجمة بالإنجليزية، وذكر الرؤى المختلفة من العهد القديم والعهد الجديد مرورا بقديسي الكنيسة على مر العصور وقد قام القمص ميساك بعمل شاهد رخامي موجود حتى الآن بالدير. 

كما ألقى الأنبا ابيفانيوس، رئيس دير أبو مقار في وادي النطرون، محاضرة عن تراث الأب متى المسكين، وكتبه التي بلغت نحو ٢٠٠ كتاب في العقيدة واللاهوت والتفاسير وسير القديسين والروحيات. 
واختتم المؤتمر بقيام نيافة الأنبا سوريال، أسقف ملبورن باستراليا بتجديد عقد التعاون ما بين كلية القديس أثناسيوس الرسولي القبطية، وجامعة اللاهوت بملبورن للاستمرار في عقد المؤتمرات الدورية عن الحضارة القبطية.