الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

كتاب يكشف تأثير مدرسة الإسكندرية في التراث الفلسفي الإسلامي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كتاب «مدرسة الإسكندرية المتأخرة وأثرها فى التراث الفلسفى الإسلامي»، الصادر عن مركز المخطوطات بمكتبة الاسكندرية فى نهاية ٢٠١٧، للباحث حسين الزهري، يهدف إلى تتبع انتقال فكر سمبليكيوس الفلسفى إلى العالم الإسلامي، حيث ذكر كثيرا وقد تأثر بأفكاره بن سينا، لكنه وضعها فى ميزان النقد، فقبل منها ما رآه متوافقا مع معتقداته ومع ما وصل إليه الفكر الفلسفى فى زمنه فى القرنين الرابع والخامس الهجريين، ورفض ما يختلف مع فكره العقلاني.
ويتكون الكتاب من مقدمة وأربعة فصول وخاتمة، تغطى حياة سمبليكيوس الشارح لأرسطو، وفلسفته فى نهاية العصر الكلاسيكي، ثم انتقال هذه الشروح إلى العالم الإسلامى وتأثر بن سينا وغيره بها، وكذلك أثر فلسفة سمبليكيوس فى فلسفة بن سينا.
فحسب الباحث يعد سمبليكيوس (٤٨٠- ٥٦٠) من أهم الأمثلة على تعقب الوثنية من السلطات المسيحية، وتشير شروحه لأرسطو إلى الموقف الصعب الذى تعرضت له الوثنية فى أثينا فى نهاية العصر الكلاسيكي، وهى الشروح التى كتبها فى المنفى، والذى مال البعض إلى كونه بلاد فارس، واعتقد آخرون فى مدينة حران. حيث اتخذها محلا لاستقراره وكتابة شروحه بعد مغادرته بلاط كسرى، وتمثل دراسة حياة سمبليكيوس وفلسفته أهمية كبيرة لدارسى تاريخ الفلسفة القديمة، لأنها تصور المرحلة الأخيرة للفلسفة اليونانية، كما يعد سمبليكيوس من أهم شراح فلسفة أرسطو فى نهاية العصر القديم، وهى الشروح التى ضمنها كل العلم والفلسفة اليونانية القديمة، ولم تقتصر على الفهم الكامل لفلسفة أرسطو، بل أعطت الفرصة لإعادة بناء تاريخ الانتقادات والشروح ذات الصلة بفلسفة أرسطو فى العصر القديم.
ويعد الكتاب فى المقام الأول محاولة للبرهنة على أن دور العرب فى تاريخ العلم لم يكن مجرد حافظ وناقل لفكر الحضارات السابقة عليه، بخاصة اليونانية والفارسية منها، بل انفتح العرب على غيرهم من الثقافات من دون أن يؤثر ذلك فى تمسكهم بدينهم وثقافتهم، وذلك للرد على عددٍ من المستشرقين الذين بذلوا جهدًا كبيرًا وكتبوا المئات من المؤلفات لإثبات أن جلَّ ما قام به العرب والمسلمون أيام ازدهار حضارتهم ما كان إلا قراءة علوم غيرهم بعد ترجمتها إلى اللغة العربية، ليحفظوها كى يترجمها اللاتين الأوروبيون بعدهم، وليقيموا عليها فكر عصر النهضة والعلم الحديث فيما بعد.
استنكر المؤلف ذلك مؤكدًا أن العرب عرفوا الآخر المختلف عنهم وقبلوا منه ما قبلوا ورفضوا منه ما رفضوا، وحاولوا توفيق الأفكار الثابتة بالحجج والبراهين العقلية مع فكرهم الديني، ليبنوا حضارتهم الأصيلة والمستقلة، فهل من شك فى إضافة الكندى والفارابى وابن سينا والغزالى وابن رشد وغيرهم من العلماء المسلمين على الحضارات السابقة عليهم، ليستفيد منهم الغرب بعد ذلك، وعلينا نحن الباحثين الآن فى العصر الحديث الاهتمام بقراءة تراثنا الفكرى القديم للتعريف به وبدوره فى الإضافة للفكر الإنساني.