الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

الحصاد السياسي لمونديال 2018

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
زخر مونديال روسيا ٢٠١٨ بالعديد من الأزمات السياسية والدبلوماسية التى تفاقمت تطوراتها مع انطلاق البطولة، وبدأت هذه الحالة المثيرة مبكرًا عندما ثارت حالة من الجدل خلال العامين الماضيين حول نزاهة وشفافية عملية التصويت للملفين الروسى لاستضافة نسخة ٢٠١٨، والقطرى لاستضافة نسخة ٢٠٢٢؛ حيث ظهرت العديد من ملفات الفساد لرئيس مجلس الاتحاد الدولى لكرة القدم «فيفا» «جوزيف بلاتر» وأعضاء مجلسه؛ حيث ترك منصبه مرغمًا إثر ظهور قضايا فساد مالى وإداري. 
ولم تقتصر الصراعات على إقليم الشرق الأوسط وحده بل تمددت للسياسة العالمية، خاصة الدولة المضيفة للمونديال (روسيا) التى خاضت أزمات سياسية طويلة بدءًا من تدخلاتها فى سوريا وأوكرانيا، مرورًا بأزمتها الدبلوماسية الكبيرة مع المملكة المتحدة على ضوء محاولات تسميم الجاسوس الروسى «سيرجى سكريبال».
فى السياق ذاته، لم تنحصر حالة الصراع فى مونديال روسيا ٢٠١٨ على الصراع، بل امتد لبروز أدوات القوة الناعمة التى تركت أثرًا كبيرًا فى صحف ومجلات الرأى العام العالمى ومنها ما هو إيجابى مثل ما ظهرت عليه رئيسة كرواتيا مع جمهور ومنتخب بلادها، وما هو سلبى مثل محاولات الرئيس التركى «رجب طيب أردوغان» توظيف صورته مع نجم المنتخب الألمانى ذى الأصول التركية «مسعود أوزيل» فى الانتخابات التشريعية والرئاسية التى شهدتها البلاد خلال الأيام السابقة، وهو ما لاقى استهجانا كبيرا من الألمان على اللاعب. فى السياق ذاته، حاول رئيس الشيشان «رمضان قاديروف» الذى تتهمه منظمات حقوقية بانتهاك حقوق الإنسان لتحسين صورته أمام الرأى العام العالمى بالظهور مع النجم المصرى العالمى «محمد صلاح».
أزمة التصويت على مونديالى روسيا وقطر
شهد الاتحاد الدولى منتصف ٢٠١٥ فضائح فساد أسفرت عن استقالة رئيس الاتحاد «بلاتر»، وقامت السلطات السويسرية بتوقيف عدد من أعضاء الاتحاد بتهم فساد تتعلق باستضافة بعض الدول لبطولة كأس العالم، وكذلك تمرير صفقات تتعلق بالتسويق وحقوق البث التليفزيونى للمباريات، وشكل الاتحاد لجنة للتحقيق وتقصى الحقائق فى ملابسات منح حق تنظيم مونديالى ٢٠١٨، و٢٠٢٢ لروسيا وقطر على الترتيب.
أبرزت نتائج التحقيق إدانة لإنجلترا التى نافست روسيا لاستضافة مونديال ٢٠١٨، واتهم التقرير إنجلترا بمحاولة شراء ذمة أعضاء الاتحاد. واتهم التقرير كذلك الدوحة بالتلاعب فى عملية التصويت للحصول على حق تنظيم مونديال ٢٠٢٢ من خلال ما عرضته لجنة التحقيق من تضخم فى حسابات لأعضاء من كونجرس الفيفا الموكل له عملية التصويت. ورغم لقاء رئيس الوزراء الروسى آنذاك «فلاديمير بوتين» بنصف أعضاء الاتحاد الدولى قبيل عملية التصويت على ملف استضافة روسيا لمونديال ٢٠١٨، إلا أن التحقيقات لم تتوصل إلى أدلة ملموسة على وجود أى انتهاكات من قبل روسيا للتأثير على عملية التصويت.
أزمات الشرق الأوسط 
طغت أزمات الشرق الأوسط على مونديال روسيا ٢٠١٨، فبرزت الأزمة الخليجية الأخيرة فى حالة الصراع حول حقوق بث المباريات التى تحتكرها الدوحة فى منطقة الشرق الأوسط. وامتنعت المملكة العربية السعودية عن شراء حقوق البث من المالك القطري، وحرمته من تسويقها كذلك فى المملكة، فيما حاولت مصر الحصول على حقوق البث على التليفزيون الأرضى لكنها فشلت فى تحقيق ذلك. نتج عن هذه الحالة المرتبكة ظهور مجموعة قنوات «بى أوت كيو» التى اتهمها الاتحاد الدولى فى بيانٍ له بسرقة حقوق بث مباريات كأس العالم نافيًا أن تكون «بى أوت كيو» حصلت على أى حقوق للبث من قِبل الاتحاد الدولى (فيفا)، ودعا الدول بالمساعدة فى مكافحة أنشطة القرصنة التى تتبناها القناة.
على صعيدٍ آخر، ألغت الأرجنتين مباراتها الودية مع الكيان الصهيونى فى إطار المباريات الودية التى سبقت خوض نهائيات مونديال روسيا ٢٠١٨. جاءت هذه الخطوة بعد التوصية التى قدمها وزير الخارجية الأرجنتينى للاتحاد الأرجنتينى لكرة القدم بعدم إقامة المباراة نظرًا للظروف السياسية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة بعد قرار الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وفيما يتصل بالعقوبات الدولية على طهران بسبب برنامجها النووي، فشل الاتحاد الإيرانى لكرة القدم فى إقامة مباريات ودية للمنتخب؛ حيث اعتذرت اليونان وكوسوفو عن لعب مباريات مع المنتخب الإيراني. على صعيدٍ آخر، أعلنت شركة «نايك» أنها لن تزود لاعبى المنتخب الإيرانى بالأحذية الرياضية خلال مباريات كأس العالم فى روسيا، وذلك استجابة للعقوبات الأمريكية التى فرضتها واشنطن على طهران خاصة بعد الانسحاب الأمريكى من الاتفاق النووى الإيراني. وقالت «نايك» فى بيان رسمى لها: «العقوبات الأمريكية على إيران تفرض علينا كشركة أمريكية ألا نزود لاعبى المنتخب الوطنى الإيرانى بالأحذية فى هذا الوقت». 
طموحات روسيا وتأثيرها على أجواء المونديال
تعرض مونديال موسكو لانتقادات كبيرة وصلت حد مطالبة بعض الدول الأوروبية بمقاطعته، وذلك على خلفية المشاكل والأزمات السياسية مع روسيا. وحاول الرئيس الروسى «فلاديمير بوتين» العمل على الاستفادة من أجواء المونديال لتحسين صورته عالميًا خاصة فى ظل تقارير المنظمات الحقوقية حول ملفات الحقوق المدنية والسياسية، وتدخلاته فى الأزمة الأوكرانية والسورية، يُضاف إلى ذلك الأزمة الدبلوماسية الكبيرة التى نشبت بين المملكة المتحدة وروسيا على خلفية اتهام بريطانيا للمخابرات الروسية بمحاولة تسميم الجاسوس الروسى «سكريبال».
وشهد خروج روسيا من دور الثمانية أمام المنتخب الكرواتى فرحة جماهيرية على المستويين الأوكرانى والعربى نظرًا للانخراط الروسى فى الأزمة السورية والأوكرانية.
محاولات تسييس اللاعبين: «أردوغان» و«قاديروف» 
حاول الرئيس التركى «أردوغان» وحزبه الترويج السياسى لحزب العدالة والتنمية فى الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأخيرة للصورة التى التقطها «أردوغان» مع نجم المنتخب الألمانى ذى الأصول التركية «أوزيل» أثناء زيارة الأول إلى لندن. ورغم ارتباط هذا السلوك بقناعات الشخص الفردية، إلا أنه أثار تساؤلات تتعلق بملف الاندماج فى ألمانيا، خاصة فى ظل تدهور العلاقات الألمانية التركية؛ حيث استغل القوميون الألمان الأداء السيئ الذى ظهر عليه منتخب ألمانيا للهجوم على «أوزيل».
وفى السياق ذاته، حاول الرئيس الشيشانى «رمضان قاديروف» الذى يواجه اتهامات تتعلق بسجله السيئ فى حقوق الإنسان استخدام الرياضة كأداة تفاعل سياسية، وهو ما برز فى تصدير صورته مع اللاعب المصرى العالمى «محمد صلاح»؛ حيث قام بزيارة المعسكر المصرى والتقاط الصور مع «صلاح»، ودعا كذلك المنتخب وأعضاء البعثة المصرية على مائدة غداء، وما لفت الانتباه كسره للقواعد الدبلوماسية بالإصرار على الجلوس بجوار «صلاح» بدلًا من رئيس البعثة، وهو ما أثار حفيظة الصحف الإنجليزية، خاصة أن «صلاح» يلعب بين صفوف فريق «ليفربول» الإنجليزي. 
القوة الناعمة الكرواتية
ختامًا؛ ما زالت كرة القدم بما تتمتع به من شعبية كبيرة أرضًا خصبة للترويج والدعاية السياسية، وهو ما برز فى نشاط العديد من ملفات التنافس والصراع السياسى التى أشرنا لها فى هذا التقرير. وفى السياق نفسه، أصرَّ كثير من قادة العالم على التقاط صور توديع منتخباتهم قبل الذهاب إلى روسيا لكسب الدعم السياسي.