الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

عمال "الدليفري".. الموت على "دراجة بخارية".. العاملون في خدمات التوصيل بين "استغلال" صاحب المحل و"استعجال" الزبون

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من يهتم بعامل «الدليفري»، من يسأل عنه؟ لا أحد ينتبه إليه، ولا أحد يراه من المسئولين، «ساقط من قيد التأمينات»، ويعمل بدون مظلة اجتماعية، يطير فى الشوارع على دراجته البخارية، ساعيا وراء الرزق و«البقشيش»، واقع بين سندان «صاحب المحل» الذى يضغط عليه بالسرعة وتوصيل الطلبات للمنازل، ومطرقة «الزبون» الذى يستعجل طلباته على طول الخط. والنتيجة ضغط مضاعف على عامل «الدليفري» يدفعه لقيادة دراجته البخارية بجنون فى الشوارع، وقد ينتهى به الأمر إلى حادث تصادم خطر يفقده حياته.
«البوابة» تفتح ملف عمال توصيل الطلبات، وتتساءل عن دور الجهات المختصة، وعن قوانين الحماية الاجتماعية، التى من المفترض أن تحمى كل العاملين.

طارق علي، شاب مثل مئات من الشباب من حملة المؤهلات العليا، الذين رفضوا الانتظار فى طابور البطالة وقرروا العمل فى توصيل الطلبات للمنازل.
ويحكى «طارق» الكثير عن مهنة «الدليفري»، قائلا: «أنا حاصل على بكالوريوس تجارة جامعة القاهرة، وأعمل لدى أحد المطاعم المعروفة بالدقي، ورزقى يوم بيوم».
وتابع: «لجأت إلى هذه المهنة عندما بحثت عن عمل فى أكثر من مكان وأكثر من شركة يناسبنى، ولكن دون أى نتيجة، ووجدت فى مهنة «الدليفرى» راحة رغم متاعبها أحيانا».
وعن أهم المشاكل التى تواجهه، قال «طارق»: إن ازدحام الطرق من أهم المشاكل التى تواجه أصحاب المهنة، وهو ما يجعل «الأوردرات» تتأخر بسبب الزحام، ومن المفترض أن أكون عند صاحب الأوردر فى ١٠ دقائق، لكن إذا حدث وتأخرت أكثر من ذلك، فإن وجبة الأكل ستصل باردة، والنتيجة صدام مع الزبون، وعودتى بـ«الأوردر»، وأضطر لأن أدفع ثمن الأكل أو يتم خصمه من راتبي».
وأضاف: «من أهم المشاكل التى تواجهنا أيضًا عدم وجود أى تأمينات أو وجود معاش لنا، بالإضافة الى أن مهنة «الدليفرى» كلها خطر، والكارثة أنه لو حدث لى مكروه فى الشارع، فإن مراتى وأولادى هيتشردوا».
واشتكى «علي» من معاملة بعض الزبائن، ومن نظرة الاتهام التى تسيطر عليهم و«كأنى حرامي»، موضحًا أنه بعد وصوله إليهم بالأوردر يعاملونه معاملة سيئة للغاية، وعلى سبيل المثال تجد بعضهم يقول: «مفيش فكة، انزل فك وتعالي».

وقال «طارق»: «نعمل فى مهنة محترمة، ونأكل لقمتنا بالحلال ومش حرامية، ونطالب الزبائن بمعاملتنا بطريقة أحسن من كده».
ويقول طارق خالد، يقيم بالعجوزة، ٢٥ عامًا، ويعمل بأحد فروع المحلات الشهيرة، إن اعتماده بشكل أساسى يكون على «التبس»، أو «البقشيش».
وتابع: «البقشيش مهم لسائق «الدليفري»، لأن راتبه الأساسى لا يتجاوز ١٠٠٠ جنيه، والقضية أن بعض الزبائن لا يدفعون سوى ثمن الأكل والتوصيل».
وأوضح «خالد» أن سائقى الدليفرى يعانون من مشاكل عديدة، منها زحمة الطرق، وقلة الراتب، مؤكدًا أنه من غير المعقول أن يخرج سائق الدليفرى من منزله، ويعمل لمدة أكثر من ١٠ ساعات بألف جنيه فقط.
وأضاف أن الشركات الكبرى، والتى يوجد لها فروع فى أماكن كثيرة، فيها مميزات عديدة عن باقى المحلات الصغيرة، مثل التأمينات الاجتماعية والتأمين الصحي، ولو حدث أى مكروه مثل حادثة أو غير ذلك، تجد المحل يقف بجانبك، ولو احتجت عملية أو غيرها يتحمل التكلفة. ويقول محمد ممدوح، ٢٧ سنة، ويعمل بأحد فروع محلات «البيتزا»، «إن أهم مشكلة يواجهها عمال الدليفرى، هى زحمة الطرق، خاصة أن المحل يضع لنا وقتا معينا للعودة من تسليم «الأوردر». وأضاف «ممدوح»، «أن الجو أيضا يعد أهم المشاكل التى نواجهها، سواء كان فى الشتاء بسبب المطر، أو فى الصيف بسبب شدة الحرارة، أو غيره من تقلبات الجو»، موضحا أن السبب فى ذلك أن الدراجة البخارية لا تعزل عن الجو الخارجي، خاصة أنه يوجد زبائن يلومون على التأخير، و«يلقون بالبقشيش فى أيدينا وكأننا بـ«نشحت»، ما يهين كرامتنا».
ويرى «ممدوح» أن العمل فى مطاعم مشهورة لها اسمها، أفضل بكثير عن باقى المطاعم والمحلات الصغيرة، وذلك لأسباب عديدة أولها وجود تأمينات وبدلات ونسبة فى نهاية كل شهر، بالإضافة إلى أنه لو حدث لأحد حادث تجد المحل يقف بجانبه ويقوم بتكاليف علاجه وعند عودته للعمل يجد مكانه فى انتظاره، عكس المحلات الأخرى التى لا يوجد بها أى تأمينات وإذا اختفيت لأيام لظروف صحية، حل مكانك آخر، بالإضافة إلى أنك تعمل بالدراجة الخاصة بك، أما فى الفروع الكبرى، فتقوم الشركة بتوفير الدراجة البخارية لك. على الجانب الآخر، يقول محمود شاكر، صاحب أحد المطاعم فى منطقة وسط البلد، إن مهنة توصيل الطلبات للمنازل تخدم جميع الأطراف، سواء كان صاحب المحل، أو عامل «الدليفري»، أو المواطن، خاصة فى ظل الظروف الاقتصادية، وقلة توفر فرص العمل فى شتى المجالات. وأوضح «شاكر» أنه يتعامل مع عاملى الدليفرى وكأنهم أصحاب صنعة، خاصة أن المحل له نسبة من توصيل الطلبات المنازل. وأضاف، أن جميع عمال الدليفرى الموجودين بالمحل لهم «مرتب ثابت»، بالإضافة إلى أنهم يعملون بالنسبة ولهم نسبة على كل «أوردر» يقومون بتوصيله، وتابع شاكر أن المحل يتحمل جزءا كبيرا فى حالة حدوث أى حوادث أو ظروف تخص العاملين بالمحل.

برلمانية: الحل فى نقابة تحمى حقوق عمال التوصيل
قالت النائبة سولاف حسين درويش، عضو لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، إن حق العمال فى مصر ضائع بين أصحاب الشركات والمحلات، مطالبة بتكاتف جميع الجهات لبحث مشاكل عمال «الدليفري» خاصة أنها تعد من أخطر المهن الموجودة بين جميع العمالة الموجودين فى مصر.
وأكدت ضرورة العمل على حل تلك المشاكل والتأمين على العمال، والبحث عن المشاكل التى تواجههم، خاصةً بعد تعليمات الرئيس عبد الفتاح السيسى بالاهتمام بالعمالة الخاصة والعمل على تلبية احتياجاتهم.
وأضافت أنها تعمل حاليًا على البحث عن حقوق العمالة الخاصة بشكل عام، والتأكد من وجود عقود عمل لهؤلاء العمال، ووجودهم تحت مظلة التأمينات لحفظ حقوقهم عند حدوث أى ضرر لهم، خاصة أنه توجد حوادث كثيرة يتعرضون لها دون النظر إليهم، أو صرف معاشات أو مرتبات لهم بعد إصابتهم، خاصة أن بعض أصحاب المحلات يستغلونهم أسوأ استغلال، ويدفعون مرتبات متدنية، مما يجعل اعتمادهم الكلى على «البقشيش»، الذى يحصلون عليه من الزبائن.
وطالبت النائبة، العمال بأن تكون لهم مظلة أو نقابة تطالب بحقوقهم، والعمل على التشاور فيما بينهم حول ما يحتاجونه من خدمات.

ووصف الدكتور سعيد صادق، الخبير الاجتماعي، مهنة عامل الدليفرى بالظاهرة التى تطوق جميع محافظات الجمهورية، ويوجد بها جزء كبير من الشباب يعمل بها فى ظل غياب الوظائف الحكومية فى الدولة، فضلًا عن أن هذه المهنة تعد مهنة سهلة وفى المتناول، بالإضافة إلى أنه يوجد بها بقشيش مقارنة بالمهن الأخرى.
وتابع «صادق»: «لا ننكر أن هذه المهنة توجد فيها جوانب إيجابية كثيرة، منها مساعدة المواطنين فى تلبية طلباتهم وتوصيل الطلبات إليهم دون مشقة أو تعب، ويستفيد من ذلك الطرفان، المواطن وعامل «الدليفري».
وأوضح أن هناك من يندس فى هذه المهنة، حيث نجد شبابا منحرفين، وأحيانا ما نسمع أن عامل «دليفري» سرق محلا أو خطف شنطة من مواطنة، لذلك لا بد أن تكون هناك إجراءات تحفظ حقوق جميع الأطراف، المواطن والعامل وصاحب المحل، بأن توجد لهم بيانات كاملة مسجلة، بحيث لو حدث أى شيء من أى طرف يتم العثور عليه بطريقة سهلة.
طارق على: رزقى يوم بيوم.. وزحام الطرق أهم المشاكل طارق خالد: الزبون يرانا مثل «الحرامية» ولا أحد يقدر مجهودنا محمد ممدوح: المحلات الكبرى تؤمن علينا اجتماعيًا وصحيًا.. والصغرى لا تحمينا

مبادرة «طيارين الدليفرى»: هدفنا مساعدة أصحاب المهن المهمشة
قالت منة الله محمد، عضو مبادرة الحملة الشبابية «طيارين الدليفري»، إن الحملة تهدف إلى مساعدة أصحاب المهن المهمشة، خاصة سائقى «الدليفرى»، الذين يتعرضون لأزمات عديدة ومشاكل ضخمة من عدم التأمين عليهم ومشاكل أصحاب المطاعم الذين يعملون بها.
وشددت على ضرورة وجود أفكار من خارج الصندوق للوقوف خلف تلك المهن، وتوفير مرتبات ثابتة لهم، والتأمين عليهم فى حالة وقوع حوادث أو كوارث، خاصة أن ظروفهم المادية صعبة للغاية، فى ظل الأحوال الاقتصادية التى تمر بها البلاد.
وأضافت، أن عمال «الدليفرى» يتعرضون لكثير من الحوادث والمضايقات من الزبائن، بخلاف عملهم على الدراجة البخارية، وتعرضهم للحرارة فى الشمس أو شدة البرودة فى الشتاء، موضحة أن من ضمن المضايقات التى يلقونها من الزبائن، أنه يوجد بعض الزبائن إذا تأخر عليه سائق الدليفرى بالطعام يقوم برده وعدم استلام الأكل منه، مع العلم أن العامل يكون مضطرا للتأخير بسبب زحمة الطرق.
وناشدت الزبائن بـ«الرحمة» بعمال «الدليفرى»، وعدم مضايقتهم والابتسام فى وجههم ومعاملتهم معاملة حسنة.

«القوى العاملة»: 15 مليونا عمالة غير منتظمة
قال الدكتور علاء عوض، وكيل وزارة القوى العاملة، إن المهن غير المنتظمة تضم أكثر من ١٥ مليون عامل، موضحا أن تلك المهن تعانى من مشاكل عديدة، منها عدم الأمان أو الاستقرار العملى والوظيفي، لأن معظم هذه العمالة يعمل فى قطاعات غير رسمية، مثل الورش الحرفية، والمحلات، وقطاع المقاولات، والمعمار، بالإضافة إلى الباعة الجائلين.
وأكد «عوض» أن الدولة تقف على مسافة واحدة من جميع المواطنين، سواء كان عامل الدليفري، أو أصحاب المحلات، أو غيرهم من المهن الموجودة فى جميع أنحاء الجمهورية.
وكشف «عوض» عن أن هناك مهنًا لا يوجد لها أى ورق على أرض الواقع، والوزارة لا تملك السيطرة عليها فى ظل وجود أشخاص كثيرين يتحايلون على القانون ويهربون منه بطريقة أو أخري.
وأكد أنه لكى تكون هناك سيطرة على تلك المهن، لابد أن يكون لهم من يتحدث باسمهم، أو يقوم بتقديم شكاوى تطالب بحقوقهم.
وأضاف أن جميع الأطراف من مصلحتها أن يكون هناك تنظيم نقابى قوى، يعبر عن العمال ويحفظ حقوقهم من أى شخص يقوم بتهميش وتجاهل حقوقهم، قائلا: لو حدث ذلك لتحسن الإنتاج، وتم توفير فرص عمل للشباب ولتراجعت أعداد البطالة.
وتابع «عوض»، نعمل فى الفترة المقبلة للحفاظ على العمالة الخاصة أو العمالة غير المنتظمة، خاصةً فى ظل حديث الرئيس عبدالفتاح السيسي، عن رعاية العمالة المصرية غير المنتظمة، والتى تعمل بشكل غير منتظم، سواء بنظام اليومية أو غيره.