الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

روجيه جارودي.. والتأسيس للأساطير

روجيه جارودي
روجيه جارودي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
اشتهر روجيه جارودي في العالم العربي والإسلامي بداية من العام 1982، حينما أعلن إسلامه وقال قولته الشهيرة "إن حضارة الغرب في عصرنا هذا، إنما هي حضارة بلا أهداف، وأن الإسلام يمثل الحياة الكاملة التي تعرف أهدافها"، فتدافعت وسائل الإعلام العربية والإسلامية بنقل خبر إسلامه وكأن المسلمين قد حققوا فتحا عظيما.
ولد جارودي في 17 يوليو 1913 في مرسيليا، فرنسا. اعتنق البروتستانتية وهو في سن الرابعة عشرة، درس في كل من جامعة مرسيليا وإيكس أن بروفانس، وانضم إلى صفوف الحزب الشيوعي الفرنسي، وفي عام 1937 عين أستاذا للفلسفة في مدرسة الليسيه من ألبي، خلال الحرب العالمية الثانية أُخذ كأسير حرب لفرنسا الفيشية في الجلفة بالجزائر بين 1940 و1942، وفي عام 1945 انتخب نائبا في البرلمان، حصل جارودي على درجة الدكتوراه الأولى سنة 1953 من جامعة السوربون عن النظرية المادية في المعرفة، ثم حصل على درجة الدكتوراه الثانية عن الحرية عام 54 من موسكو، طرد من الحزب الشيوعي الفرنسي سنة 1970م وذلك لانتقاداته المستمرة للاتحاد السوفيتي، وفي نفس السنة أسس مركز الدراسات والبحوث الماركسية وبقي مديرا له لمدة عشر سنوات.
أشهر جارودي إسلامه في المركز الإسلامي بجنيف عام 1982، وظلّ ملتزما بقيمة العدالة الاجتماعية التي آمن بها في المرحلة الماركسية، ورأى أن الإسلام ينسجم معها ويطبقها، كما ظلّ على عدائه للإمبريالية الأمريكية والرأسمالية، في عام 1998 حكمت محكمة فرنسية على جارودي بتهمة التشكيك في محرقة اليهود في كتابه الأساطير المؤسسة لدولة إسرائيل، حيث شكك في الأرقام الشائعة حول إبادة يهود أوروبا في غرف الغاز على أيدي النازيين، وصدر بذلك ضده حكما بالسجن سنة مع إيقاف التنفيذ، وتوفى يوم 15 يونيو 2012 عن عمر يناهز 98 عاما. وأهم مؤلفاته بعد إسلامه: وعود الإسلام، الإسلام دين المستقبل، المسجد مرآة الإسلام، الإسلام وأزمة الغرب، حوار الحضارات، كيف أصبح الإنسان إنسانيا، فلسطين مهد الرسالات السماوية، مستقبل المرأة وغيرها، جولتي وحيدا حول هذا القرن، الولايات المتحدة طليعة التدهور.
ومن أشهر من قدم نقدا لجارودي المفكر المصري زكي نجيب محمود (توفي عام 1993) والذي يعتبر من أهم فلاسفة العرب في العصر الحديث. حيث أكد في مقالة له، أن جارودي قد ساهم في ترسيخ التأخر والخرافات والأساطير حول القرآن والإسلام في عقول المسلمين وفي العداء بينهم وبين الغرب. وقد قال نصا ".. تقديري للرجل لا يمنعني من ملاحظات أبديها، وأولها أنني كنت أتمنى لإسلامه أن يجيء على أساس "العقيدة" ذاتها، لا على أساس " الحضارة" لأنه إذا كان من الأسباب التي دفعته إلى اعتناق الإسلام، ما وجده من نقص جوهري في "حضارة" الغرب، إذ وجد أنها حضارة بلا هدف، فهي تخلق في الناس حاجات لم تكن بهم من قبل، ثم تعمل بعد ذلك على إشباع تلك الحاجات بما تنتجه الآلات. دون أن يؤدي ذلك إلى الارتقاء بالإنسان من حيث هو إنسان، فماذا لو لم يكن في حضارة الغرب مثل هذا النقص؟ واضح أن النتيجة هنا هي أنه لم يكن جارودي ليجد ما يدعوه إلى الإسلام، والملاحظة الثانية – هي أن المفكر الفرنسي الكبير، حين هاجم حضارة الغرب بما هاجمها به، فإنما كان في ذلك مسلحًا بثقافة الغرب ذاته، ومثل هذا الموقف المنطوي على مفارقة، كثيرًا جدًا ما نراه عند أعداء العصر وحضارته، فنجد الواحد منهم – مثلًا- يلعن حضارة الآلات، لكنه يوجه تلك اللعنة من إحدى الآلات التي يلعنها: من تليفزيون- راديو-أو أية وسيلة أخرى من وسائل العصر.