السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الانفجار السكاني يتمدد.. الصحة تفشل في توفير وسائل تنظيم الأسرة لـ 12.6 % من نساء مصر.. وخبراء: القضاء على الفقر والأمية ورفع الوعي والتنمية البشرية مفاتيح الحل

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا تزال أزمة تنظيم الأسرة تلوح في الأفق، وبعد سنوات من التراجع فى معالجة القضية المحورية، ظهرت أرقام صادمة تكشف التدهور الكبير فى علاج الأزمة التي تقف حجر عثرة فى وجه التنمية، إذ ساهم الانفجار السكاني في تراجع النمو الاقتصادي واستنزاف الموارد الطبيعية وتدهور الحياة الاجتماعية.

وبعد أن تخطى تعداد سكان مصر حاجز الـ 96 مليون نسمة يزداد الخطر، إذ تشير الإحصائيات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن عدد سكان مصر بلغ 96.3 مليون نسمة مع بداية عام 2018، ولا تزال القاهرة أكثر المدن المصرية ازدحاما، بعدد سكان 9.9 مليون نسمة مع بداية العام الحالي، تلتها مدينة الجيزة بعدد 8.8 مليون نسمة، ويقع ما يقرب من ثلث عدد السكان تحت سن الـ 15 عاما، فيما يقع 3.9% فقط فوق سن 65 عاما، وفقا لما جاء في التقرير، والذي أضاف أن متوسط الأعمار المتوقعة لكل من الرجال والنساء ارتفع إلى 71.2 عاما و73 عاما على التوالي في عام 2018، بالمقارنة مع 66.5 عاما و69.1 عاما في 2006. ومثل سكان المدن 42.6% من إجمالي عدد السكان في شهر يناير الماضي.
وفي اليوم العالمي للسكان، قال مكتب الإحصاء الأمريكي: "إن تعداد سكان العالم وصل 7.5 مليار نسمة منتصف شهر يوليو من العام الماضي، فيما من المتوقع أن ينمو ذلك التعداد إلى 9.9 مليار نسمة بحلول عام 2050، كما أنه من المتوقع أن يصل تعداد مصر مع نهاية استراتيجية التنمية الوطنية 2030 إلى حوالي 120 مليون نسمة، وأن يزيد إلى 150 مليون نسمة، بعد 13 سنة أخرى 2043".
الدكتورة مايسة شوقي، أستاذ الصحة العامة بكلية طب جامعة القاهرة، ونائب وزير الصحة والسكان سابقًا، كانت حاضرة بتصريحات صادمة قبل أيام إذ قالت: "إن البحث الديموجرافي المصري 2014، أثبت أن هُناك 12.6 % من إجمالي السيدات في مرحلة الخصوبة، وبإجمالي 2 مليون سيدة، لا يجدنْ الوسائلة المناسبة لتنظيم الأسرة، داعية إلى ضرورة توفير وإتاحة وسائل وخدمات تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية للسيدات والرجال على حد سواء".
قنابل موقوتة
وهذه الأرقام تجعل من النمو السكاني في مصر قضية أمن قومي، بل ويذهب خبراء إلى وصفها بأنها "أم الأزمات"؛ فالعدد الكبير للسكان مع سوء التدبير الحكومي والتوزّيع الجغرافي العشوائي تكون نتيجته أزمات اقتصادية واجتماعية وثقافية، تستنزف الموارد الطبيعية المتهالكة وتؤثر في رأس المال البشري.
ويؤكد خبراء أن القضية السكانية، هي أهم القضايا التي تواجه المجتمع المصري خلال هذه الفترة، وأن خطورتها تزيد مع انتشار العنف والجماعات المتطرفة التي تسعى لاستقطاب المجندين، ويشدد خبراء على أن نسبة النمو السكاني التي بلغت في الوقت الحالي 2.6 بالمئة سنويا، يجب أن يواكبها نمو اقتصادي، تصل نسبته إلى 6 بالمئة سنويا، في حين أن النمو الاقتصادي في مصر خلال الخمس سنوات الأخيرة، لم يتعد 2 بالمئة، وبالتالي فإن معدلات الجريمة والعنف قد تصل إلى أعلى مستوياتها خلال السنوات المقبلة.

أزمة تنظيم
وقال الدكتور محمد حسن خليل، المنسق العام للجنة الدفاع عن الحق فى الصحة: "إن الأزمة تكمن في تنظيم عملية الإتاحة في مكان قريب وبدون مصاريف تشكل عبئ مادي على المواطن، وتوافر المعلومات حول وجود الوسيلة المناسبة لتنظيم الأسرة دون أن تشكل إرهاق مادي يمنعهم من تلقي الخدمة". 
وأوضح خليل، أنه فى وقت من الاوقات كانت دعاية تنظيم الأسرة عبر وسائل الإعلام المختلفة وفى قوالب مختلفة ومن هنا انتجت أفلام ومواد تعريفية إلا أن كل هذه الوسائل التعريفية توقفت لإنها كانت ضمن مشروعات ممولة ويدفع منها أجر الإعلانات، وفي الفترة الأخيرة يرفض التليفزيون المصري الرسمي المملوك للدولة أن يكون وسيلة تثقيف تعمل على رفع الوعي لدى المواطنين ويرفض عرض هذه الإعلانات المعلوماتية المعرفية، وتحول إلى أداة للتربح.
محاور الحل 
ويرى أن حل أزمة السكان تبدأ من القضاء على الفقر لأن الإنجاب المفرط يرتبط بالأسر الفقيرة وعمالة الأطفال ويحول الأطفال إلى مصدر رزق، ومن هنا يجب العمل على رفع معدل الدخل يقضى على ظاهرة عمالة الأطفال.
وأشار منسق الحق فى الصحة، إلى أن النقطة الثانية هي التعليم، وبحسب الإحصائيات الصادرة عن وزارة التعليم فإن 99 % من الأطفال يلتحقون بالصف الأول الابتدائي، إلا أن هذا الرقم قد يكون غير دقيق في ظل استمرار عمليات تسرب الطلاب من التعليم الأمر الذي وصل إلى 12.5 % يتسربوا تدريجيا حتى الصف السادس الابتدائي، ومن هنا نقول أن إتاحة التعليم تكون المحور الثالث بعد القضاء على الفقر وتحقيق معدل دخل مناسب للأسر المصرية يكفي لحياة كريمة.
عمل المرأة 
وأضاف: "عمل السيدات يأتي ضمن أهم المحاور التي تؤدي لخفض نسبة الإنجاب، ونسبة البطالة وسط الإناث ترفع نسب الإنجاب، وكذلك ارتفاع نسبة الأمية بين الإناث والذكور ترفع معدلات السكان بشكل كبير.
وتابع: "دراسة سابقة حول المجتمع المصري، أوضحت أن متوسط عدد الأبناء يتوقف على مستوى تعليم الأب، فيزداد عدد الأبناء مع انخفاض معدل تعليم الأب ما بين الجامعي والمتوسط وأقل من المتوسط، وعلى الرغم من انخفاض النسبة عن السابق إلا أن القاعدة لا تزال ثابتة".
أما عن الجانب التقني، فيقول خليل: "يجب توزيع مراكز تنظيم الأسرة يجب أن تكون متاحة لكل المواطنين وفي كل الأماكن"، مستنكرا تصريحات بعض المسئولين وكذلك أعضاء مجلس النواب الذين يفكرون بالعقلية العقابية التي تدعو لمعاقبة الأب أو الأسرة التي تنجب أكثر من 3 أطفال، وكذلك معاقبة الطالب الذي يرسب بتحمل الأعباء المادية للدراسة فى سنة الرسوب ومثل هذه المقترحات تعمق الجرح وتوسع من ظاهرة التسرب من المدارس، وبالتالي استعادة نسبة الأمية المرتفعة بالتدريج.
وشدد على أن تقليل الوفيات فى الأطفال تساعد فى مسأـلة التنظيم، قائلا: "ما زلنا في مصر ضعف المعدل العالمي، فنسبة وفيات الأطفال في مصر 20 / 1000 والمعدل العالمي من 5: 8 / 1000، ومن هنا يجب العمل على رفع معدل التنمية البشرية بين المواطنين وزيادة التوعية كما كانت موجودة فى السنوات الماضية بمعدل مقبول".