الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مستقبل القوة الأمريكية "4"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يتابع المفكر الاستراتيجى جوزيف ناى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة هارفارد الأمريكية، فى كتاب «مستقبل القوة»، الذى نقلة إلى العربية أحمد عبدالحميد نافع، ومن إصدارات المركز القومى للترجمة، لواقع ومستقبل القوة الأمريكية فى القرن الحادى والعشرين، بقوله: «ثمة نوعان من متغيرات القوة يحدثان فى هذا القرن، وهما: انتقال القوة، وانتشار القوة، إن انتقال القوة من دولة مهيمنة إلى دولة أخرى هو واقعة تاريخية مألوفة، ولكن انتشار القوة هو عملية أكثر جدة. وتتمثل مشكلة الدول كافة فى عصر المعلومات العولمى الحاضر فى أن أكثر الأشياء تحدث خارج نطاق سيطرة الدول حتى أقواها».
وجاء فى كلمات أحد مديرى التخطيط السياسى السابقين بوزارة الخارجية الأمريكية: «إن انتشار المعلومات هو سبب اللا قطبية مثل انتشار الأسلحة». أو كما يذكر محلل بريطاني: «لأننا نواجه مخاطر، وتهديدات، وتحديًا أكثر فأكثر، أمور تؤثر فى الأفراد فى إحدى الدول، ولكنها تنشأ فى أصلها فى دول أخرى بشكل أساسى أو كلى، ومثالها الأزمة المالية، والجريمة المنظمة، والهجرة الجماعية، والاحتباس الحرارى العولمى، والأوبئة، والإرهاب الدولي».
يجادل البعض فى أن تكلفة ممارسة القوة تثقل فى نهاية الأمر العبء على الإمبراطوريات كافة، وأن تحول القوة سوف يحدث بسبب الامتداد الإمبريالى الأمريكى المفرط، وحتى الآن، لا تناسب الحقائق هذه المقولة بشكل صحيح لأن الأعباء الخارجية لم تزد بمرور الوقت. إن سرد القوة الذكية بالنسبة إلى القرن الحادى والعشرين ليس تعاظم القوة أو الاحتفاظ بالهيمنة. إنه يتعلق بوجود الأساليب التى تجمع الموارد فى استراتيجيات ناجحة فى السياق الجديد لانتشار القوة الكبرى تظل القيادة الأمريكية لها أهميتها فى الشئون العالمية، ولكن الحكاية القديمة فى القرن العشرين حول القرن الأمريكى والأولية الأمريكية، أو على نحو بديل حكايات التراجع الأمريكي، وكلا الأمرين مضلل بشأن نوع الاستراتيجية التى ستكون ضرورية. وبحسب مسئول كبير فى وزارة الخارجية الأمريكية؛ فإن مفهوم القوة الذكية (وهى الإدماج الذكى وشبكة العمل الدبلوماسي، والدفاع، والتنمية والأدوات الأخرى، لما يسمى بالقوة الموجعة والناعمة) هى نفسها جوهر رؤية سياسة الرئيس أوباما والوزيرة كلينتون.
ومن الناحية التاريخية، استخدمت الدول الناهضة استراتيجيات القوة الذكية لتستفيد أيما استفادة، وفى القرن التاسع عشر استخدم أوتو فون بسمارك فى بروسيا، الاستراتيجية العسكرية العدوانية ليلحق الهزيمة بالدنمارك، والنمسا، وفرنسا فى ثلاث حروب أفضت إلى توحيد ألمانيا. ولكن بمجرد ما أنجز بسمارك ذلك الهدف قبيل سنة ١٨٧٠ حتى طوع الدبلوماسية الألمانية لخلق تحالفات مع جيرانه، وجعل من برلين محورا للدبلوماسية الأوروبية وحل المنازعات. وكان أحد أكبر أخطاء القيصر بعد ذلك بعقدين أنه أزاح بسمارك؛ حيث فشل فى تجديد دبلوماسية معاهدة إعادة التأمين مع روسيا.
وقد بنت الصين بقيادة ماو قوتها العسكرية بما فيها الأسلحة النووية واستخدمت القوة الناعمة للنظرية الثورية لماو تضامن العالم الثالث لخلق حلفاء فى الخارج، ولكن بعد الشعور بالسأم من الاستراتيجية الماوية فى السبعينيات، تحول القادة الصينيون إلى آليات السوق لدفع التنمية الاقتصادية. وفى ٢٠٠٩، كانت الصين فخورة تماما بنجاحها فى التحول للنهوض رغم الانكماش العالمى بمعدل عال للتنمية الاقتصادية. وقد اقتنع عديد من الصينيين بأن هذا كان يمثل تحولا فى الميزان العالمى للقوة، وأن الولايات المتحدة باتت فى تراجع، وقد أرخ أحدهم عام ٢٠٠٠ بأنه ذروة القوة الأمريكية.
وتملك الدول المهيمنة أيضا دوافع لجذب موارد قوتها الموجعة والناعمة.ومن السهل على الإمبراطوريات التى تحكم حينما تعتمد على القوة الناعمة فى الجذب إلى جانب القوة الموجعة فى القسر. وقد سمحت روما للنخب المقهورة بأن يتطلع أفرادها للحصول على المواطنة الرومانية. وقد أشركت فرنسا القادة الأفارقة مثل: ليوبولد سنغور، فى الحياة السياسية والثقافية والفرنسية. وقد استخدمت بريطانيا فى خلال عهد فيكتوريا المعارض والثقافة لجذب النخب من الإمبراطورية. لقد كانت قادرة على حكم إمبراطورية متزامنة بشكل جزئى غالبا بواسطة الأفراد المحليين وعدد بالغ الضآلة من القوات البريطانية. لقد أخطأ الأكاديميون والعلماء والرؤساء فى تقييم مركز أمريكا العالمي. وعلى سبيل المثال، فمنذ عقدين كانت الحكمة التقليدية أن الولايات المتحدة آخذة فى التراجع، وتعانى فرض الامتداد الإمبريالي، وبعد عقد واحد، وبنهاية الحرب الباردة، كانت الحكمة التقليدية الجديدة هى أن العالم صار أحادى القطبية تهيمن عليه أمريكا.. وللحديث بقية.