الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ما مخاطر إغلاق "مضيق هرمز"؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هذا سؤال يراودنى مُنذ أعلن الرئيس الإيرانى حسن روحانى بالتهديد بإغلاق «مضيق هرمز».. والإجابة عن السؤال تُحتم علينا النظر للعلاقات الإيرانية الأمريكية منذ سنوات، لكننا إذا بحثنا عن طبيعة العلاقات الثنائية بينهما سنضرب «أخماسًا فى أسداس»، وسنظل نُحلل ونفحص ونتفحص ونبحث عن الأسرار والخفايا بينهما طوال سنوات مضت تقترب من الأربعين عامًا، وتحديدًا منذ الثورة الإيرانية عام ١٩٧٩.. سنجد العجب العجاب بينهما، سنجد أمريكا تُنشئ تنظيم القاعدة لضرب الاتحاد السوفييتى فى أفغانستان، وحينما تنجح أمريكا وينتهى دور تنظيم القاعدة سنجد إيران تؤوى قيادات تنظيم القاعدة الذين تم إدراجهم على قوائم الإرهاب الدولى، وسنجد أيضًا أن إيران الدولة الوحيدة فى العالم- ومعها قطر- التى لم يطلها أى تفجير يتورط فيه تنظيم القاعدة، وفجأة وفى عِز اشتداد الصراع بينهما واستمرار الحصار الاقتصادى الأمريكى لإيران يقوم الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما بالإعلان عن اتفاق نووى مع إيران، اتفاق يقلب الموازين الدولية وتتحفظ عليه دول الخليج ويجعل من إيران دولة تُناطح أمريكا، ليس هذا فقط بل إن إيران بموجب الاتفاق حصلت على مليارات الدولارات، وبطبيعة الحال لم تُصرف هذه المليارات على الشعب الإيرانى لكن تم استغلالها فى تمويل الحرس الثورى الإيرانى الذى أصبح يصول ويجول فى أكثر من خمس دول عربية. 
زاد نفوذ الحرس الثورى الإيرانى خلال السنوات العشر الماضية وتشعب وتمدد وتوسع، وما كان من «قاسم سليمانى» قائد فيلق القدس بالحرس الثورى الإيرانى إلا أن خرج علينا وقال: نسيطر على القرار فى (٦) دول بالشرق الأوسط، وهى العراق وسوريا ولبنان واليمن وأفغانستان وغزة ومستعدون لغلق مضيق هرمز فى حالة التضييق علينا. 
هُنَا لابد أن نسأل: ما المخاطر التى ستعود علينا من جراء ذلك بعد توافق الرؤى بين حسن روحانى الرئيس الإيرانى وقاسم سليمانى قائد فيلق القدس بالحرس الثورى وتهديدهم بإغلاق مضيق هرمز؟ الإجابة تحمل فى طياتها مخاوف كثيرة وتبعات أكثر خطورة مما يتوقعها أحد، ليس على دول الخليج فقط، بل على دول الشرق الأوسط بالكامل، وسيؤثر أيضًا على العالم بأثره.
من المعروف أن «مضيق هرمز» يُنقل عن طريقِه ١٨ مليون برميل بترول يوميًا وهو البترول الذى تنتجه دول الخليج، وتحتل السعودية النصيب الأكبر من الإنتاج تليها الكويت والعراق وقطر والإمارات والبحرين، وفى حالة إعاقة الملاحة فى «مضيق هرمز» وإغلاقه سيتم التوقف عن إنتاج ١٨ مليون برميل بترول يوميًا وستُرفع أسعار البترول عالميًا، ومن المحتمل أن يصل سعر برميل البترول إلى ٢٠٠ دولار للمرة الأولى، وهذا يُعتبر كارثة على الاقتصاد العالمي، فى ظل تنامى الصراع الدولى على البترول، وَمِن المُمكن حدوث صراع ضار تكون «إيران» بمثابة الفتيل فى إشتعاله. 
فمثلًا (مصر) تستورد ٤٠ ٪ من احتياجاتها من المواد البترولية بالدولار وفى حالة ارتفاع أسعار البترول سيُزيد ذلك من الأعباء على الموازنة العامة للدولة.. والأهم أن جميع دول المنطقة تعتبر غلق إيران لمضيق هرمز بمثابة إعلان حرب، إذن: فى هذه الحالة ماذا نحن فاعلون؟ ونحن نعلم أن «إيران» لها مطامع فى المنطقة بأكملها، ففى «العراق» نجحت إيران فى تقوية حلفائها السياسيين فى الأحزاب والائتلافات والبرلمان ولها وزراء تابعون لها، إضافة إلى مقدرتها على تحريك الشارع فى أى وقت وتنامى دور «ميليشيات الحشد الشعبى» والذى تم انضمامه للجيش العراقى وقيادات الحشد الشعبى محسوبة على الحرس الثورى الإيرانى.. وفى «سوريا» أصبحت إيران قوة كبرى نتيجة دعمها لبشار الأسد وعدم سماحها برحيله ونشرِها لميليشيات تابعة لها ودعمها لجماعات تحمل السلاح، وفى «لبنان» زاد نفوذ حزب الله الموالى لإيران وتُموله وتُسلحه وتُشرف على تدريب عناصره.. وفى «اليمن» تدعم إيران «ميليشيات الحوثيين»، والتى تعمل على تحقيق المصالح الإيرانية وتُهدد أيضًا بإغلاق الملاحة فى مضيق باب المندب.. وفى «الكويت» تم القبض على خلية إرهابية تُسمى (خلية العبدلى)، وتم الكشف عن تبعيتها لإيران وكان بِحوزة المُتهمين متفجرات وأسلحة وقذائف وقنابل.. وفى «البحرين» تم القبض على عدد من الخلايا التابعة لإيران وبحوزتهم كميات من مادة الـ (C 4) شديدة الانفجار، والتى يستخدمها تنظيم القاعدة فى عملياته الإرهابية.. وفى «الإمارات» ما زالت تهديدات إيران بإغلاق مضيق هرمز بمثابة «جر شكل» واضح وصريح لها.. إضافة إلى القبض على عناصر إرهابية موالية لإيران تعمل على تهديد الأمن فى السعودية.. وفى «مصر» قدمت إيران يد العون لحليفتها جماعة الإخوان وساعدتها فى مخططاتها ضد الدولة المصرية، فقد قام مهندس تابع للحرس الثورى الإيرانى بتدريب عناصر الإخوان طريقة تفجير خط الغاز فى سيناء لأكثر من ٢٣ مرة، وهو ما أثبتته التحقيقات مع المُتهمين فى عدد من قضايا العنف، وهو ما تسبب فى خسائر تقدر بـ ١٣ مليار جنيه، وتعاون الحرس الثورى الإيرانى مع الإخوان من أجل تشكيل شرطة إخوانية موازية تابعة للمُرشد، وقامت مصر بعد نجاح ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ بـ طرد مدير مكتب رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة. 
مِن المؤكد أن خطر إيران علينا وعلى المنطقة غير مسبوق نتيجة لدخولها فى اللعبة الدولية التى تلعبها أمريكا ومعها عدد من الدول ومنها (تركيا وقطر وإسرائيل) من أجل تحقيق فوضى فى المنطقة، هُم جميعًا يقولون عكس ما يُخططون له فى السر، ويظهرون أمامنا وكأنهم ألد الأعداء لبعضهم، لكنهم فى نهاية المطاف (شِلة الخراب والدمار).