الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

محاولات أوروبية لإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني عقب انسحاب أمريكا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تأتي الذكرى الثالثة لتوقيع الاتفاق النووى الإيرانى مع الدول الست الكبرى والتى يحل موعدها اليوم، هذا العام بعدما أطلق الرئيس الأمريكى دونالد ترامب رصاصة الرحمة على الاتفاق، في مشهدٍ لم يكن أكثر المتشائمين تشددًا يتصور حدوثه عند توقيع الاتفاق فى عام 2015.
انسحبت الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووى الإيرانى الذى وُصف عند توقيعه بالتاريخى رغم محاولات الدول الموقِّعة عليه إنقاذ الصفقة، وفيما أكدت تلك الدول الالتزام به لم يتنازل ترامب عن العقوبات على البنك المركزى الإيرانى وعلى جميع الدول التى ستشترى النفط من إيران والذى يعد أهم صادراتها، حيث هددت الولايات المتحدة بفرض عقوبات على كل من روسيا ودول الاتحاد الأوروبى والصين حال مواصلتها شراء النفط الإيرانى لتكثيف الضغط على طهران، وترتب على ذلك عزوف البنوك الدولية وبيوت المال الرئيسية فى العالم عن القيام بأعمال تجارية واستثمارية مع إيران. 
وفي الظاهر يمثل انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني مجرد انسحاب طرف واحد ضمن ستة أطراف وقّعت هذا الاتفاق الذي اكتسى لاحقًا صبغة دولية بعد اعتماده من مجلس الأمن الدولي، لكن الواقع يؤكد أن انسحاب واشنطن منه يمثل في رأي العديد من الخبراء إصدار شهادة وفاة له، ويحاول الأوروبيون امتصاص الصدمة التي تركها انسحاب الرئيس دونالد ترامب من هذا الاتفاق ويؤكدون أنه لم يمت، ومن جانبها تجنبت طهران الانسحاب الفوري منه وآثرت منح شركائها الآخرين في الاتفاق فرصة “لا تتعدى أسابيع” لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
بيد أن المعطيات وحقائق الواقع تؤكد أن خروج الولايات المتحدة يعني انهياره بشكل كامل، بحسب كثير من المحللين والمتابعين، حيث تتحكم واشنطن فيما نسبته أكثر من 90% من العقوبات على إيران، كما تتحكم في النظام المالي العالمي ومن خلاله تستطيع فرض عقوبات تخشاها جميع الأطراف.
ودخلت العلاقة بين طهران والغرب مرحلة جديدة بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق، شابها تحركات دبلوماسية وإعلان المواقف السياسية للأطراف الموقعة على الاتفاق النووي، ولم يمنع كل ذلك حتى الآن الاتفاق من الترنح، الأمر الذى دفع الأطراف الموقِّعة عليه للعودة مرة أخرى لنفس الغرف المغلقة التى شهدت التوقيع عليه قبل 3 سنوات فى محاولةٍ لإنقاذه، حيث اشترطت إيران على الأوروبيين الحصول على ضمانات تبرر بقاءها فى الاتفاق، وفي الوقت الذي وصف فيه وزير الخارجية محمد جواد ظريف مباحثات فيينا بالبناءة داعيا الدول الأوروبية إلى تطبيق تعهداتهم على أرض الواقع، حث الرئيس الإيراني حسن روحاني الأوروبيين على اتخاذ إجراءات عملية خلال جدول زمني واضح من أجل إنقاذ الاتفاق النووي.
إن غليان طهران بعد الانسحاب الأمريكى من الاتفاق النووى لم يهدأ بعدُ، حيث اشعل الصراع داخل البلاد بين التيارات السياسية، على خلفية انتقاد نواب البرلمان من التيار الإصلاحى إحراق المتشددين العلم الأمريكى داخل قاعة البرلمان، والرئيس روحانى الذى يقع بين سندان الضغط الشعبى ومطرقة العقوبات المسترجعة يحاول أن يظهر صامدًا لينجو بنفسه ومَن معه من تلك الأزمة، فعلى إثر ذلك الانسحاب تتزايد المخاوف في الشارع الإيراني من التبعات الاقتصادية لقرار الولايات المتحدة الأمريكية، وتخيم أجواء من التشاؤم على المواطنين الإيرانيين الذين يخشون زيادة الضغوط الاقتصادية على حياتهم اليومية وعلى التكلفة المعيشية. 
سيناريوهات ثلاثة وضعتها إيران للرد على الانقلاب الأمريكى على الاتفاق، والسيناريو الأول هو أن تنسحب هى أيضًا من الاتفاق وتنهى التزامها بمضمونه وتستأنف تخصيب اليورانيوم، والسيناريو الثانى مستخلص من آلية الخلاف والنزاع المدرجة أصلا فى الاتفاق والتى تسمح لجميع الأطراف بتقديم شكوى رسمية فى اللجنة التى تم تشكيلها للبت فى انتهاك مضمون الاتفاق، والتى تقدمت إيران إليها حتى الآن بـ11 شكوى، فيما يتمثل السيناريو الثالث وهو الأكثر جدية وقوة فى أن تتخذ طهران قرارا بشأن الانسحاب من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية الموقعة عليها.
وينص اتفاق لوزان الذى وقعته إيران في سويسرا بعد مفاوضات ماراثونية استمرت 18 شهرًا في كل من جنيف، فيينا، نيويورك ولوزان نفسها مع والدول الست الكبرى (الصين، روسيا، أمريكا، فرنسا، ألمانيا وبريطانيا)، على رفع العقوبات الأمريكية والأوروبية بمجرد تحقق الوكالة الدولية للطاقة الذرية من احترام إيران التزاماتها، ووقتها أسدل الاتفاق الستار على أزمة استمرت 12 عامًا حول برنامج إيران النووي، حيث تم الاتفاق على رفع عقوبات الأمم المتحدة بمجرد احترام إيران كل النقاط الأساسية في الاتفاق، كما ينص على إمكانية إعادة العمل بالعقوبات حال عدم تطبيقه.