كُونِى مَلاذًا لِلَّذِى مَا كَانَ لَهْ
إِلَّا مَدًى قَدْ تَاهَ فِيْهِ مِنَ الْوَلَهْ
كُوْنِى وِسَادَتَهُ فَإِنّ بِصَدْرِهِ
قَلْبًا تَأَرَّقَ وَالْجَوَى مَا أَقْتَلَهْ!
ضُمِّيْهِ قَدْرَ الْمُسْتَطَاعِ فَإنّه
يَهْفُو إِلَى الْفِرْدَوْسِ بَعْدَ الزَّلْزَلَهْ
وَدَعِيْهِ يَلْهُوْ؛ رُبَّمَا يَنْسَى الْأَسَى
وَدَعِى الحياةَ طَلِيْقَةً لِتُقَبِّلَهْ
هُوَ مَا يَزَالُ بِلا يَقِيْنٍ حَائِرًا
رَحِمُ الْحَيَاةِ مُكدَّسٌ بِالْأَسْئِلَةْ
هُوَ مُتْعَبٌ كَالْأنْبِيَاءِ وَوَحْيُهُ
فِى عَيْنِهِ، يَبْكِى فَقَطْ لِيُرَتِّلَهْ
مُلْقَىً بِنَهْرِ شُجِوْنِهِ، فِى تَخْتِهِ
طِيْنٌ وَعُوْدٌ مِنْ ثِقَابٍ أَشْعَلَهْ
فِى حَاجَةٍ، هَذَا الْوَحِيْدُ لِصَاحِبٍ
كَيْ يَسْتَعِيْنَ بِهِ عَلَيْهِ وَيَسْألَهْ
عَنْ صَرْخَةٍ فِى الْحَلْقِ عندَ وِلَادةٍ
هِيّ فِى الْحَقِيْقَةِ لِلحَيَاةِ الْبَسْمَلَةْ
عن أولِّ الأشياءِ قبلَ بدايةٍ
هَلْ كَانَتِ الْأَرْضُ الْبَرِيْئَةُ مَنْزِلَهْ؟!
وَرَأَى بِحِكْمَتِهِ مَكَانًا آمِنًا
فَمَضَى بَعِيْدًا عَنْ مَكَانِ الْقُنْبُلَهة؟
هَذَا الْوَحِيدُ بِحَاجَةٍ لِتُدَثْريـه وتغسلى بالحبِّ فيه الأخْيِلَةْ
هُوَ خَائِفٌ/ مُتَوَتِّرٌ/ فِى حَيْرِةٍ
هُوَ فِى الْمَرَآيَا هَادِئٌ مَا أَجْمَلَهْ!
فِى رُوْحِهِ كُلُ الرَّمَادِ مُكوَّمٌ
تَحْتَ الرَّمَادِ فَرَاشةٌ وَسَفَرْجَلَهة
نَهْرٌ بِأَجْنِحَةٍ، غَزَالٌ رَاكِضٌ
رَجُلٌ هِلالُ اللهِ أَصْبَحَ مِنْجَلَة
فِى الْبَدْءِ كَانَ خَيَالُهُ كَخُيُولِهِ
وَنَدَى الصَّبَاحِ يَدُلُّه كَالبَوْصَلَةْ
وَلَهُ تَمَرُّدُ شَاعِرٍ فِى قَومِه
مَا كَانَ يَنْطِقُ عَنْ هوًى أَوْ عَنْ بَلَهْ
هَذَا الصَّعِيديُ الذى فى حَلْقِهِ
صَابُّ الْحَيَاةِ بِصَبْرِهِ قَدْ عَسَّلَهْ
فِى ظِلِّهِ كَبُرَتْ شُمُوْسُ بَيَاضِهِ
هُوَ كَالْقَصِيْدِ أَنَا هُنَا لأؤِّلَهْ
إنّى عَرَفْتُ الْحُبَّ مُنْذُ عرَفْتُه
ورأيتُ فيه الحبَّ فأسًا/ سُنْبُلَة
وَمَشَيْتُ أَتْبَعُ خَطْوَهُ فِى رِحْلَةٍ
كَالرِّيْحِ تَتْبَعُ ثَوبَه لِتُدَلِّلَـهْ
يَشْدُو بِشْعِرٍ قُلتُه أَو قَالَهُ
مَنْ قَالَ فِينا الشِعرَ أَصْبَحَ بُلْبُلَة
كلُّ النساءِ قلوبُهنَّ بقلبِهِ
أمرٌ بسيطٌ قادرٌ أن يَقْتُلَهْ
لكنَّ كلَّ قلوبِهنَّ فِدَاؤهَا
تلك التى اجْتَرَعَتْ فَرَاغًا أثْمَلَهْ
فِى رِيْقِهَا خَمْرٌ إِذَا وَصَلَتْ أَبَا
لَهَبٍ لَفَاجَأ قَوْمَهُ بالهَيْلَلَة!
مَلأتْ عليه حياته ببريقها
قالت لكلِّ الناسِ جهرًا: هيتَ لَهْ!
كادت تكونُ نبيةً؛ فى طبعِها
ما تستحقُ عليه تلكَ المَنْزِلَة
مازالَ يذكرُ فى المحطةِ لَوْعَةً
لمّا رأى ذاتَ اصفرارٍ مَشتلَهْ
ولقد تساءل فى اضطرابِ شعورِه
أمِنَ الفؤادِ أم القطارِ الْوَلْوَلَةْ؟
أيَّامُه قد غرَّبتْه بأرضِه
جادت بحزنٍ لم تكنْ لتُقَلَّلَـهْ
مِثْلُ الطَّحِينِ بِرَاحِهَا أحلامُنا
خُبْزٌ تَطَايرَ عُمْرُه فِى الْغَرْبَلَةْ
مَوْتٌ يَسيرُ كَهَوْزَبٍ فِى بِيْدِنَا
أَعْمَارُنَا كَلأٌ نَمَى كَى يَأْكُلَهْ
فى الروحِ تغفو أرضُنا وكواكبٌ
والروحُ تغفو تحتَ أصغرِ أُنْمُلَة
قصيدة لـ«مصطفى الحفناوى»