الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

إبداع البوابة| كل التفاصيل.. قصة لـ"أميرة علاوة"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تصاعدت أصوات خطواته المُرهقة وهو يقترب من باب الشقة، دلف بهدوء وهو يُغلق الباب وعلامات الإرهاق بادية على وجهه، التقط أنفاسه وأنصت إلى الهدوء حوله فبدت عليه علامات الدهشة، تساءل لماذا لم يستمع إلى صوتها؟ خطا هو الآخر بهدوء نحو غرفتها التى تبدو هادئة حتى لا يُفزعها وهو يُعاود التساؤل حول إلى أين ذهبت وأين اختفت؟
كان يشتعل من الداخل، فهو يعرفها أكثر من الجميع، وقد تركها صباحًا فى حالة غريبة على غير عادتها. وقف أمام الباب مباشرة، تردد فى الدخول لكن الصمت البالغ دفعه للدخول دون أن يُصدر صوتًا، ما إن فتح الباب حتى وجدها تمسك بآلة حادة تحاول بها انتزاع حياتها، هرول إليها بثبات ومد يده لينتزع الآلة والعرق يتصبب على جبينه، صرخ فيها «ماذا تفعلين أيتها الحمقاء؟! أهكذا تكون النهاية؟! أتريدين أن تذهبى إلى ربك بتلك الحالة!!»؛ مع كل كلمة كانت ترتجف ودموعها تنهمر أكثر، بينما ظلّت صامتة وكأن الحروف لا تستطيع التعبير عما تشعر به.
احتضنها بقوة كادت تكسر أضلاعهما معًا. كان يرغب فى أن يُشعرها بوجوده معها، حاول أن يخبرها بأنهما شخص واحد وأنها لم تكن وحيدة أبدًا. كان يُريد أن يُثبت لنفسه أنه لم يفقدها بعد.
بعد برهة من الوقت هدأت. نظر إلى عينيها اللامعتين بالدموع وحاول الابتسام «أنا معك ولن أتركك أبدًا. وأنت كذلك لن تتركيني. ثقى فى هذا»، حاولت الابتعاد قليلًا لتنظر إليه فعاد يدفعها إلى حضنه مرة أخرى «تكلمى هكذا.. وأنت فى حضني».
ترقرقت الدموع فى عينيها وهى تتحدث بصوت ضعيف ترتجف حروفه «تعبت.. أقسم بأنى تعبت من دور تلك القوية التى أصبحت أُتقنها، تعبت من خذلان الجميع وأنا معهم»، سقطت من أهدابها دمعة أخرى وعادت تبوح «أتعلم!.. المرء يستطيع أن يخذل نفسه عندما ينهزم أمامها، عندما يخون عَهْدُها معها. أَعْلم أن مشاكلى لم تكن بالكبيرة، وأنها فى نظر الكثيرين مثلك ومما تعرضت له أنت بالشيء الهين؛ ولكن تلك مشاكلي، وهذه طاقتي، أنا لم أخدع أحدًا يومًا وأقول إن مشاكلى نهاية الكون أو أعظم ما مَرَ به شخص قط. لكن بالنسبة لى هى هكذا لأنها أقصى ما بوِسْعِي».
نظر لها فى رقة وبدأ فى لوم نفسه بينما تابعت بصوت مرتفع تحوّل إلى صراخ أودعت به جميع آلامها «حتى أنت يا من اخترتك، بالرغم من حبك الكبير لكن دائمًا ما توّجه ليّ الانتقادات، يا ليتك تفعل ذلك بيننا، ولكنك تفعلها أمام الجميع. أتعرف أنك بتلك الطريقة لا تجرحنى فقط ولكن تُهين كرامتي». 
بدت فى حضنه كطفلة، أحاطها بذراعيه بقوة وبدأت أصابعه تروح جيئة وذهابًا على خصلات شعرها، فهدأت أكثر وواصلت وهى تتشبث به، «كنت دائمًا استمع إلى جدتى وهى تحكى لى أن كرامة العاشقة من كرامة معشوقها؛ ولكن أين أنت من كل هذا؟! تمنيت الزواج حتى ألتقى برجل يهتم بتلك التفاصيل الصغيرة، بدلًا من تجاهل ذلك والاكتفاء بالقول إن عقلى فارغ، وإننى من أكثر النساء تفاهةً». شعرت باضطراب أنفاسه فرفعت رأسها عن صدره ونظرت إليه فرأت عينيه تمتلئان بتلك الدموع التى يخشى الرجل الشرقى من سقوطها، كانت نظرات الألم تطفو منهما مُخبِرة إياها كم يُعانى هو الآخر. عند ذلك تراجعت على الفور، «لم تكن تلك كل أسبابى أقسم لك، فلا تُحمّل نفسك الذنب وحدك».