الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

"مهزلة العقل العربي".. كتاب يضغط على رجال الدين لتجديد خطابهم

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
واجه الكثير من المفكرين تناقضات العقل العربي وحرضوا الجماهير على التفكير والقراءة والعلم والتطور، وتوجب عليهم أن يشيروا بجرأة كاملة إلى تلك الأشياء والأفكار القديمة التي يجب أن يتخلص منها العقل العربي حتى يتيح لنفسه فرصة التطور ومواكبة العصر، وكان من أبرزهم الدكتور طه حسين الذي طالب بالتحري في أخذ التراث ونقده للتخلص من كل الزيف الذي علق به، ثم ظهر على الساحة من بعده أجيال أخرى ظلت تحمل الراية منها عابد الجابري الذي عكف على مشروع نقد العقل العربي ثم جورج طرابيشي الذي اشتبك مع تلك القضية ليكتب "نقد نقد العقل العربي" وهي محاولات لتفكيك العقل ومعرفة كوامن النهضة والتطور.
ومن بين هؤلاء المفكرين لمع في مرحلة متقدمة اسم المفكر العراقي الراحل علي الوردي، الذي كتب "مهزلة العقل البشري" محاولا من خلال عدة مقالات أن يتعامل مع العقل، ومعالجة قضايا الدين والتعصب والتاريخ والسياسة، والانتقال من المراحل القاسية التي تشبه القرون الوسطى، والوصول بالعقل لعصور الحضارة الحديثة.
وقد ركز الوردي خلال كتابه على ظاهرة الخطباء والوعاظ الذين ساعدوا بشكل سلبي على انغلاق تفكير الناس وبقاء عقولهم مرتبطة بالعصور الماضية، فكان بذلك يدعو لتجديد الفكر والخطاب الديني لديهم حتى يستطيعوا الارتقاء بفكر وعقول الناس، خاصة بعد كتابه "وعاظ السلاطين" الذي هاجمهم فيه بشدة.
وتعليقا على تأثير الناس في السامعين يحكى الوردي قصة طريفة حول الهالة الكبيرة التي يصنعها الناس حول الوعاظ دون وعي أو تفكير فيقول خلال كتابه "مهزلة العقل البشري": "رأيت ذات يوم رجلًا من العامة يستمع إلى خطيب وهو مُعجب به أشد الإعجاب. فسألته:"ماذا فهمت؟، أجابني وهو حانق: "و هل أستطيع أن أفهم ما يقوله هذا العالم العظيم".
وعالج خلال كتابه منطق المتعصبين، ودعا لحالة من التسامح والصفاء بين الأديان، وأيضا دعا لنبذ الخلاف السني الشيعي الذي يرتكز على خلافات ماضوية تاريخية تجاوزها الزمن ولم يتجاوزها أبناء الدين الواحد، ورأي الوردي أن الإنسان الذي يدافع عن عقائده التي اكتسبها من البيئة المحيطة من الأخطاء الكبيرة لأن ما أورثته له هذه البيئة كانت ستورثه أفكارا مغايرة بيئات أخرى وساعتها سوف يدافع عنها والأولى الدفاع عن تلك المكتسبات العقلية، ويقول الوردي في هذا الباب: "حين يدافع الانسان عن عقيدة من عقائده المذهبية يظن أنه إنما يريد بذلك وجه الله أو حب الحق والحقيقة. وما درى بهذا أنه يخدع نفسه. إنه في الواقع قد أخذ عقيدته من بيئته التي نشأ فيها. وهو لو كان قد نشأ في بيئة أخرى لوجدناه يؤمن بغير عقائد تلك البيئة من غير تردد ثم يظن أنه يسعى وراء الحق والحقيقة".