الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الحالة النفسية للمصريين بعد ثورتين.. صدمة أحدثتها الثورة وإحباط وقف وراءه الإخوان وغليان بسبب ارتفاع الأسعار.. وخبراء: الحالة كانت تحت الصفر ثم اختلفت تمامًا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
للسياسة علاقة وثيقة بالحالة النفسية للمجتمع؛ بل أحيانا ما ينتج عن السياسة قد يحدث صدمة كبيرة تؤثر في الناس وتتوارثها الأجيال تلو الأخرى؛ مثلا الحرب الأهلية اللبنانية إحدى مخلفات السياسة نتج عنها اتفاقيات جديدة للتعايش بين القبائل اللبنانية بعضها البعض، فأثرت كثيرا على سلوك الناس المجتمعي، فتبدل المجتمع تماما من حالة عنف وتعصب إلى مواطن يطمح في خلق حياة كريمة لنفسه ومستوى معيشي مرفه؛ ولم تكن مصر بمنأى عن ذلك فتاريخها حافل بالتغييرات السياسية منذ ثورة القاهرة الأولى التي انتفضت ضد الاحتلال الفرنسي مرورا بــ ثورة 19 وتأسيس دستور 1923 وتأسيس الحياة البرلمانية الديمقراطية في مصر حتى اندلاع ثورة يناير ومن بعدها ثورة الثلاثين من يونيو تلك الفترة التي شهدت زخمًا سياسيًا كبيرًا أحدث ما أحدثه في الصحة النفسية للمجتمع، والتي تتعرف "البوابة نيوز" على ملامحها في هذا التحقيق.

في البداية يوضح الدكتور وليد هندي، استشاري الطب النفسي، أن الشعب المصري بجميع طوائفه المختلفة يتأثر بالأحداث التي تدور حوله سواء كانت متغيرات جغرافية أم اجتماعية أو سياسية، مشيرًا إلى أن الشعب المصري قد عانى من "كرب ما بعد الأزمة"، وذلك في أعقاب الثورات المتتالية لما يعرف بالربيع العربي، موضحًا أن صعود التيار السياسي الدينى ما بعد الثورة جعل جميع المصريين يشعرون بالإحباط مما أدى إلى ارتفاع نسبة الاكتئاب لدى عامة الشعب.
ولفت "هندي" إلى أنه ظهرت لدى المصريين مجموعة من الأعراض والاضطرابات النفسية الأخرى مثل الشعور بالخوف نتيجة موجات العنف المتتالي في أحداث الاتحادية، وحرق الكنائس، وقطع أذن أحد المواطنين، وحصار المؤسسات ذات السيادة من قِبل الميليشيات الإخوانية المسلحة، مثل حصار المحكمة الدستورية العليا وحصار مدينة الإنتاج الإعلامي، مفسرًا أن جموع المصريين فى هذه الفترة الزمنية قد أصيبوا بالصدمة النفسية شديدة الوضع، خاصة من ذوبان الهوية المصرية وقت حكم الإخوان، مضيفًا: بعد فترة صُدموا بالواقع الأليم، وأن كل من جلس على كرسي عرش مصر قد أجل فاتورة دفع الحساب للرئيس عبدالفتاح السيسي، فتماسك المصريون لفترة طويلة وواجهوا الأزمة الاقتصادية بشجاعة ولم يستدرجوا إلى محاولات الكذب والتضليل ولم ينساقوا وراء الشائعات على الرغم من وجود بعض الأزمات الحقيقية التى واجهتهم.
وبعد رفع الدعم فى الآونة الأخيرة عانى جموع المصريين من ارتفاع الأسعار، وهو ما أثر لا شك على حالتهم النفسية والمزاجية، مؤكدًا أن فى ذلك الغلاء قد استنفر طاقتهم الكامنة بداخلهم.
وأشار إلى أنه لزيادة الأسعار انعكاسات أخرى، فهي تحول السلوك الاستهلاكي لدى المواطن المصري من سلوك عشوائي ومهدر وعبثي إلى سلوك استهلاكي رشيد، وأصبح الجميع يحدد أولوياته، ويخطط لأوجه إنفاقه حتى يستطيع التكييف والتعايش السلمي مع غلاء الأسعار.
مضيفًا أن المصريين واثقون كل الثقة في أمانة قيادتهم السياسية الحكيمة، والتى يتعلق الإيمان بها يومًا بعد يوم، خاصة أن نتيجة ما يلمسه المواطن من إصلاحات اجتماعية وإصلاحية وإجراءات عديدة لحماية المجتمع، مع اكتشاف العديد من الثروات النفطية كحقل ظهر للغاز الطبيعي، والتمتع بخيرات مصر بعد القرارات الحكيمة للقيادة السياسية فى ترسيم الحدود مع قبرص وغيرها من الدول.
وما يسهم فى تخفيف حدة الأعراض النفسية الناتجة عن غلاء الأسعار هو انخفاض قيمة بعض السلع الغذائية، ودخول منافذ القوات المسلحة فى سوق المنافسة للسلع الغذائية بأسعار مخفضة حتى لا تضعهم فريسة لأباطرة الاحتكار.

وعلى نفس السياق يقول أحمد علام، أخصائي الطب النفسسي، إن التغيرات في المناخ السياسي الذي طرأت على المجتمع المصري في السنوات الأخيرة، أثرت بشكل سلبي في بدايتها خاصة أن المصريين كانوا منعزلين سياسيا لعدة سنوات سابقة.
وأشار إلى أن الأوضاع السياسية الأسوأ التى مرت على المصريين خلال فترة حكم جماعة الإخوان الإرهابية، وعيش المصريين في أجواء من الرجعية والجهل، وكان حكم "الأهل والعشيرة"، ما أثر سلبيًا على شعور المواطن بأنه في وطن آخر غير وطنه، مما يزيد الشعور بالقلق والخوف من المستقبل وعدم تحديد مصير الأبناء فيما بعد.
لافتا أن الحالة النفسية للمصريين كانت "تحت الصفر"، وحاليا الوضع اختلف تماما، فزاد شعور الطمأنينة وحب الإبداع ورسم المستقبل يتمتع به المصريون بشكل ملحوظ في كافة المجالات، لأن المواطن إذا وجد الأمن والأمان لا يريد شيئا آخر، مما يزيد إحساسه بحب الوطن.