الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

أزمات الشرق الأوسط توحد كنائس العالم في إيطاليا.. سوريا المتألمة والقدس المنقسمة تسيطران على كلمة بابا روما.. في يوم الصلاة للشرق.. بابا مصر يدعو لإنهاء الحروب بالمنطقة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بدعوة من البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، شهدت مدينة بارى الإيطالية، صلاة مشتركة لرؤساء الكنائس الغربية والشرقية من أجل الشرق الأوسط، المحطة الأخيرة التى تم وضع فيها رفات القديس نيقولاس. 
لمدينة بارى أهمية كبيرة فى الحوار، فتعتبر نقطة التقاء بين الكاثوليك والأرثوذكس، فهنا يأتى الحجاج من مختلف دول الشرق، وفى «باري» تمت الموافقة على وثائق مهمة تتعلق بوحدة الكنيسة.
وقد ساعد العديد من الزيارات الشهيرة للمدينة على اكتساب طابعها المسكوني، تشمل القائمة عدة زيارات من طرف البطريرك المسكونى للقسطنطينية برثلماوس الأول، والمتروبوليت هيلاريون، الرئيس الحالى للعلاقات الخارجية لبطريركية موسكو؛ ومتروبوليت جوفيناليج من كروتيزك وكولومنسك، ومتروبوليت فيودوسيج من تامبوف وراسكازوفو، وشخصيات أرثوذكسية أخرى.
سمحت الزيارات المرتبطة بالصلوات والإشادات المشتركة والرغبة فى إقامة علاقات ودية وتأملات لتسمية المدينة كموقع طبيعى للاجتماعات فى إيطاليا بين البابوات وبطريرك موسكو من أجل التبادل الثقافى، وإقامة معارض للأيقونات والعروض المسجلة فى كتب، وتبادل الهدايا. 
وتم تخصيص أماكن للمؤمنين بالكنائس الأرثوذكسية «الشقيقة» المختلفة (الروسية، والرومانية، والجورجية، والإثيوبية، والإريترية، واليونانية) فى المدينة بحسب وضعهم وتاريخهم. 

صلاة من أجل الشرق
وفى 7 يوليو 2018، وبدعوة من البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، عقد فى مدينة بارى الإيطالية يوم للصلاة من أجل السلام. حضر الصلاة رؤساء الكنائس الشرقية ورؤساء الجماعات المسيحيّة فى المنطقة حول الوضع المأساوى الذى يتعرض له الشرق الأوسط، على رأس الحضور كان البابا تواضروس الثاني، بابا الكنيسة المصرية، والبطريرك إبراهيم إسحاق، بطريرك الكنيسة الكاثوليكية فى مصر.



دعوة لإنهاء الحروب 
دعا البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، الحكومات وقيادات الدول بالشرق الأوسط إلى إنهاء الحروب والصراعات التى تؤثر بشكل كبير على الإنسانية وسلام العالم. وقال بابا الكنيسة الأرثوذكسية المصرية، على هامش مشاركته فى الصلاة بمدينة بارى الإيطالية، ولأول مرة باللغة العربية: «نسألك يا الله أن تمنح سلامك للعالم وأن تنهى الحروب بمنطقة الشرق الأوسط». وأضاف: «نصلى من أجل الشهداء الذين سقطوا ضحية للحروب والعنف».
وأكد البابا تواضروس خلال حواره مع وكالة «S I R» الإيطالية؛ أن الصلاة هى السلاح الأفضل ضد أى نزاعات، قائلًا: «نحن نؤمن ونثق أن الصلاة هى السلطة الكبرى التى تخرجنا من أى مشكله وتحل النزاعات وتنير مستقبلنا للسلام والمصالحة. وتواجدنا معًا هو علامه لمحبتنا بعضنا لبعض وهذا أهم شيء فى اللقاء، وإننا هنا لنصلى بعضنا لبعض وهذا سيمنح تعزيه للمتألمين. 
كما أكد بابا الكنيسة المصرية، على رغبته فى أن يفهم العالم كله أن المسيحية مترسخة فى الشرق الأوسط، لذا مهم بالنسبة لنا أن العالم يفهم تقاليدنا ومبادئنا. وفى نهاية الحديث أكد البابا، عدم التدخل فى شئون بلادنا الداخلية. مؤكدًا «نحن قادرون على حل مشاكلنا بروح المحبة والحوار والتفاهم».



وحدة رغم الاختلاف 
وقد تحدث البابا فرنسيس عن اللقاء الذى جمعه مع قادة الكنائس فى الشرق الأوسط، مؤكدًا أنه كان علامة على ضرورة التطلع المتواصل إلى اللقاء والوحدة بلا خوف من الاختلافات، وأن الأمر ينطبق على السلام أيضا، والذى لا يتم بلوغه بهدنة تضمنها الجدران أو إظهار القوة، بل بالرغبة الفعلية فى الإصغاء والحوار.
وقال فى هذا السياق، إننا ملتزمون بالسير والصلاة والعمل، ونتضرع كى يسود فن اللقاء على استراتيجيات الصدام، وأن تحل محل علامات التهديد والسلطة علامات الرجاء، أى الأشخاص ذوو الإرادة الطيبة من الديانات المختلفة الذين لا يخشون تبادل الحديث وقبول منطق الآخر والاهتمام المتبادَل. 
وأكد أنه فقط من خلال الاهتمام بألا ينقص أحد الخبز والعمل والكرامة والرجاء ستتحول صرخات الحرب إلى أناشيد سلام، إلا أن هذا يتطلب من أصحاب السلطة أن يضعوا أنفسهم فى خدمة السلام، لا مصالحهم الخاصة. كفى إذن لمكاسب قليلين على حساب الكثيرين، ولاحتلال الأراضى الذى يمزق الشعوب، كفى لسيادة حقيقة البعض على آمال الأشخاص، كفى لاستغلال الشرق الأوسط من أجل مكاسب غريبة عن الشرق الأوسط.

الحرب.. «آفة»
عند مصطلح «الحرب» توقف البابا فى كلمته فى ختام يوم الصلاة، معتبرًا إياها الآفة التى تصيب بشكل مأساوى منطقة الشرق الأوسط الحبيبة، مذكرا بأن الفقراء فى المقام الأول هم ضحاياها. وتحدث فى هذا السياق عن سوريا المتألمة واصفا الحرب فيها بنتاج السلطة والفقر، والتى يمكن هزيمتها بالتخلى عن منطق الهيمنة وبالقضاء على الفقر.
وأشار من جهة أخرى إلى أن حروبا عديدة غذتها أشكال من الأصولية والتعصب تتموه بذرائع دينية، بينما هى بالأحرى تجديف باسم الله الذى هو السلام، واضطهاد للأخ الذى كان يعيش دائما بالقرب، مشيرًا إلى أنه لا يمكن تجاهل دور الأسلحة فى تغذية العنف، وذكَّر البابا فى هذا السياق بما وصفها بمسئولية خطيرة تُثقل ضمير الدول وخاصة تلك القوية، وذلك فى إشارة إلى التناقض بين الحديث عن السلام واللهاث الخفى فى سباق التسلح. 



السلام للقدس
كعادته، لم تخل كلمة البابا فرنسيس من الحديث عن مدينة القدس معربا عن قلق كبير، ولكن بدون التخلى أبدا عن الرجاء، فوصفها بمدينة لجميع الشعوب، مدينة فريدة، مقدسة للمسيحيين واليهود والمسلمين فى العالم بأسره. وأضاف أنه يحب الحفاظ على هوية هذه المدينة ودعوتها، بعيدا عن أى خلاف وتوتر، ويجب احترام الوضع القائم للمدينة المقدسة الذى حدده المجتمع الدولى وتطالب به بشكل متكرر الجماعة المسيحية فى الأرض المقدسة.
وأكد البابا، فى هذا السياق، أنه فقط حل تفاوضي بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بدعم من المجتمع الدولي، هو القادر على بلوغ سلام ثابت ودائم وضمان وجود دولتين لشعبين.
هذا وخصص البابا الجزء الأخير من كلمته للأطفال، وجه الرجاء، فذكر بالأرقام المخيفة لأطفال الشرق الأوسط الذين يبكون مَن فقدوا فى عائلاتهم جراء العنف، ويتم الاعتداء على أراضيهم ما يقود غالبا إلى الاضطرار إلى الهروب. أطفال رأوا فى الجزء الأكبر من حياتهم الحطام بدلا من المدارس، ويسمعون دوى القنابل بدلا من صخب اللعب المرِح.
ودعا البابا بالتالى البشرية إلى الإصغاء إلى صراخ الأطفال الذين تُعظم أفواههم جلال الرب، وأضاف أن العالم بتجفيف دموع هؤلاء الأطفال سيستعيد كرامته.

تقارب فكري
من جانبه، أكد بطريرك الأقباط الكاثوليك الأنبا إبراهيم إسحق، أن اللقاء لكل كنائس الشرق الأوسط مع بابا الفاتيكان يساعد على تقارب الأشخاص فكرًا وقلبًا ومشجعًا للشعوب، حيث تصبح علامة رجاء فى عالم عطشان للرجاء والمحبة، ونحن ذهبنا لكى نعلن أننا معًا من أجل خير وسلام الشرق الأوسط».