الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

بابا الفاتيكان: دورنا الحفاظ على هوية القدس بعيدًا عن أي خلاف أو توتر.. بشرى يسوع المصلوب كسبت قلوب البشر عبر القرون.. المسيحيون يجب أن يكونوا مواطنين بشكل كامل متساوين في الحقوق

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
اختتم البابا فرنسيس يوم الصلاة من أجل السلام في الشرق الأوسط في مدينة باري الإيطالية، بكلمة أعرب في بدايتها عن الفرح للمشاركة. وقال إننا تبادلنا المساعدة لإعادة اكتشاف وجودنا المسيحي في الشرق الأوسط.
وشدد على أن هذا الوجود سيكون أكثر نبوية كلما شهد ليسوع رئيس السلام (راجع أش 9، 5)، مشيرا إلى خطر تعرض الكنائس أيضا إلى تجربة منطق العالم، منطق القوة والربح، وأيضا إلى خطيئة عدم تماشي الحياة مع الإيمان التي تعتم الشهادة. علينا الارتداد مرة أخرى إلى الإنجيل، وهو أمر ضروري اليوم في ليل الشرق الأوسط. وكما في ليل جتسمانية لن يكون الهروب أو السيف ما يستبق فجر الفصح المشع، بل هبة الذات في محاكاة للرب. 
وواصل قداسته متحدثا عن أن بشرى يسوع السارة، يسوع المصلوب والقائم انطلاقا من المحبة، قد كسبت قلوب البشر عبر القرون منطلقة من الشرق الأوسط، لا لارتباطها بقوى العالم بل بقوة الصليب العزلاء. وشدد الحبر الأعظم على أن الإنجيل يُلزمنا بارتداد يومي إلى تصميم الله وبأن نجد فيه الأمن والعزاء، وبأن نعلنه للجميع رغم كل شيء. وتوقف هنا عند إيمان الأشخاص البسطاء المتجذر في الشرق الأوسط كينبوع نستقي منه لسد عطشنا ولنتطهر، مثل ما يحدث عندما نعود إلى الأصول متوجهين كحجاج إلى القدس، الأرض المقدسة، أو إلى المزارات في مصر والأردن، لبنان وسوريا وتركيا والأماكن المقدسة الأخرى في المنطقة.
ثم تحدث البابا فرنسيس عن الحوار الأخوي الذي جمعه مع قادة الكنائس في الشرق الأوسط، والذي كان علامة على ضرورة التطلع المتواصل إلى اللقاء والوحدة بلا خوف من الاختلافات. 
وأضاف أن هذا ينطبق على السلام أيضا، الذي يجب إنماؤه حتى على أرض يبستها المواجهات، لأنه ما من بديل عن السلام والذي لا يتم بلوغه بهدنة تضمنها الجدران أو إظهار القوة، بل بالرغبة الفعلية في الإصغاء والحوار.
وقال قداسته: إننا ملتزمون بالسير والصلاة والعمل، ونتضرع كي يسود فن اللقاء على استراتيجيات الصدام، وأن تحل محل علامات التهديد والسلطة علامات الرجاء، أي الأشخاص ذوو الإرادة الطيبة من الديانات المختلفة الذين لا يخشون تبادل الحديث وقبول منطق الآخر والاهتمام المتبادَل. 
وأكد: أنه فقط من خلال الاهتمام بألا ينقص أحد الخبز والعمل والكرامة والرجاء ستتحول صرخات الحرب إلى أناشيد سلام. إلا أن هذا يتطلب من أصحاب السلطة أن يضعوا أنفسهم في خدمة السلام، لا مصالحهم الخاصة. كفى إذن لمكاسب قليلين على حساب الكثيرين، ولاحتلال الأراضي الذي يمزق الشعوب، كفى لسيادة حقيقة البعض على آمال الأشخاص، كفى لاستغلال الشرق الأوسط من أجل مكاسب غريبة عن الشرق الأوسط.
وتوقف البابا عند الحرب باعتبارها الآفة التي تصيب بشكل مأساوي منطقة الشرق الأوسط الحبيبة، مذكرا بأن الفقراء في المقام الأول هم ضحاياها. وتحدث عن سوريا المتألمة واصفا الحرب فيها بنتاج السلطة والفقر، والتي يمكن هزيمتها بالتخلي عن منطق الهيمنة وبالقضاء على الفقر. 
وأشار إلى أن حروبا عديدة غذتها أشكال من الأصولية والتعصب تتموه بذرائع دينية، بينما هي بالأحرى تجديف باسم الله الذي هو السلام، واضطهاد للأخ الذي كان يعيش دائما بالقرب. هذا ولا يمكن تجاهل دور الأسلحة في تغذية العنف، 
وذكَّر قداسة البابا بما وصفها بمسؤولية خطيرة تُثقل ضمير الدول وخاصة تلك القوية، في إشارة إلى التناقض بين الحديث عن السلام واللهاث الخفي في سباق التسلح.
ودعا الى عدم نسيان القرن المنصرم ودروس هيروشيما وناجازاكي، محذرا من تحويل الشرق، أرض الكلمة السلام، إلى أرض صمت مظلمة. وذكّر مجدَّدا بالسعي إلى الربح والذي، لا يكترث بشيء راغبا في الاستيلاء على حقول الغاز والمحروقات بدون احترام البيت المشترك، أو الخجل من أن يُملي سوق الطاقة قوانين التعايش بين الشعوب. 
ولفتح طرق التعايش، قال الحبر الأعظم، يجب التطلع إلى مَن يبغي تعايشا أخويا مع الآخرين، ومن الضروري حماية الجميع لا فقط الأغلبية. يجب أيضا في الشرق الأوسط السير نحو حق المواطنة المشتركة، وأكد أن المسيحيين يجب أن يكونوا مواطنين بشكل كامل متساوين في الحقوق.
القدس
تحدث قداسة البابا عن مدينة القدس معربا عن قلق كبير، ولكن بدون التخلي أبدا عن الرجاء، فوصفها بمدينة لجميع الشعوب، مدينة فريدة، مقدسة للمسيحيين واليهود والمسلمين في العالم بأسره. وأضاف أنه يحب الحفاظ على هوية هذه المدينة ودعوتها، بعيدا عن أي خلاف وتوتر، ويجب احترام الوضع القائم للمدينة المقدسة الذي حدده المجتمع الدولي وتطالب به بشكل متكرر الجماعة المسيحية في الأرض المقدسة. وأكد البابا أن فقط حلا تفاوضيا بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بدعم من المجتمع الدولي، هو القادر على بلوغ سلام ثابت ودائم وضمان وجود دولتين لشعبين.
هذا وخصص قداسة البابا الجزء الأخير من كلمته للأطفال، وجه الرجاء، فذكّر بالأرقام المخيفة حسب ما ذكر لأطفال الشرق الأوسط الذين يبكون مَن فقدوا في عائلاتهم جراء العنف، ويتم الاعتداء على أراضيهم ما يقود غالبا إلى الاضطرار إلى الهروب. أطفال رأوا في الجزء الأكبر من حياتهم الحطام بدلا من المدارس، ويسمعون دوي القنابل بدلا من صخب اللعب المرِح. ودعا البابا بالتالي البشرية إلى الإصغاء إلى صرخة الأطفال الذين تُعظم أفواههم جلال الرب (راجع مز 8، 3)، وأضاف أن العالم بتجفيف دموع هؤلاء الأطفال سيستعيد كرامته.
ثم ختم البابا فرنسيس حديثه في ختام يوم الصلاة من أجل السلام في الشرق الأوسط راجيا أن تظل قلوبنا متحدة ومتوجهة إلى السماء بانتظار أن تعود، ومثل ما حدث في زمن الطوفان، ورقة الزيتون الخضراء (تك 8، 11)، وألا يظل الشرق الأوسط قوس حرب بل أن يكون سفينة سلام تستقبل الشعوب والأديان. وتضرع الأب الأقدس من أجل أن تزول عن الشرق الأوسط الحبيب ظلمات الحرب والسلطة والعنف، التعصب والربح الجائر، الاستغلال والفقر واللامساواة وعدم الاعتراف بالحقوق. وأضاف مختتما: لأدعون لك بالسلام (مز 122، 8)، متضرعا من أجل العدالة وطالبا بركة الرب.