الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

السيناريو المتوقع بعد مقتل "نجل البغدادي"

البغدادي ونجله
البغدادي ونجله
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رغم مقتل واعتقال العشرات من قيادات تنظيم داعش منذ بداية 2018، إلا أن مصرع حذيفة البدري، نجل زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، يعتبر الضربة الأكبر من نوعها، بل وقد تكون بداية النهاية لهذا التنظيم.
ولعل ما يزيد من أهمية هذا التطور، أن تقارير صحفية كانت تحدثت عن تواجد البغدادي في سوريا، وجاء مقتل نجله، ليضفي كثيرا من المصداقية على هذه التقارير، ويرجح أن اعتقال البغدادي أو قتله بات مسألة وقت.
ورغم أن العراق كان محور الاهتمام في البحث عن البغدادي، بالنظر إلى أنه يحمل جنسيته، إلا أن مقتل نجله في سوريا، سيجعل التحالف الدولي لمحاربة داعش يركز جل جهوده على ملاحقته في سوريا.
وكانت "رويترز"، أفادت، مساء الثلاثاء، الموافق 3 يوليو، بمقتل نجل البغدادي في عملية قتالية بالقرب من محطة كهرحرارية بريف حمص، ولم تكشف تفاصيل أخرى.


وبدورها، نشرت حسابات تابعة لتنظيم داعش الإرهابي على "التليجرام"، صورة لـ"حذيفة البدري"، نجل البغدادي القتيل، فيما تباينت الروايات الداعشية حول كيفية مقتله، حيث زعمت بعضها أنه قتل خلال عملية انتحارية نفذها التنظيم ضد قوات النظام السوري والجيش الروسي في محطة الطاقة الحرارية في ريف حمص وسط سوريا، فيما ادعت أخرى أنه قتل في المنطقة ذاتها خلال معارك مع القوات السورية والروسية

وفي 9 مايو الماضي، رجح ضابط برتبة لواء، في جهاز الاستخبارات العراقية، استهداف أبو بكر البغدادي، قريبا، بعد تحديد مكان اختبائه، حسب تعبيره.

ونقلت "فرانس برس" عن الضابط، الذي طلب عدم كشف هويته، قوله حينها، إن "البغدادي موجود في شرق سوريا، حيث تقع مناطق نفوذ التنظيم، وهي مناطق الهجين الشدادي والصور ومركدة".

وتابع "البغدادي يتنقل بالخفاء في هذه المناطق في الجانب السوري من الحدود، وليس بموكب". واستطرد " البغدادي يتنقل برفقة أربعة إلى خمسة أشخاص بينهم ابنه، وصهره".

ورجح الضابط العراقي اعتقال أو قتل البغدادي قريبا، بعد تمكن جهاز الاستخبارات العراقي من اعتقال 5 من أبرز قادة داعش، وقتل "حوالى 39 آخرين" بغارة جوية داخل سوريا في 19 إبريل الماضي.

واستطرد "الاعترافات التي حصلنا عليها تشير إلى ضعف كبير داخل صفوف داعش، وضعف في التمويل بعدما فقد جميع المصافي النفطية التي كان يسيطر عليها".

وفي فبراير الماضي، أعلن مسئول كبير في وزارة الداخلية العراقية، أيضا أن البغدادي "يعاني من كسور وجروح خطرة في ساقه وجسمه منعته من المشي بمفرده، وأدخل أخيرًا إلى مشفى لداعش في منطقة الجزيرة السورية". 

وبدورها، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في 21 مايو الماضي أن البغدادي لا يزال على قيد الحياة، وأنه متواجد في سوريا، في إحدى المناطق المتبقية، التي ما زالت بحوزة داعش.

وأضافت الصحيفة حينها، استنادا إلى معلومات مخابراتية، وتحقيقات أجريت مع معتقلين من داعش، أن البغدادي يدبر مخططا إرهابيا جهنميا جديدا، حيث أنه في ذروة خسائره بالعراق وسوريا، كان منشغلا بمسألة "استقطاب الجيل الجديد وبث الأفكار المتشددة في عقولهم".

وأضافت الصحيفة أن البغدادي يعتزم الانتقال من حالة "الخلافة"، التي تبسط سيطرتها على أراض معروفة، إلى جماعات من المتشددين تنتشر في أماكن متفرقة، وتشن عمليات مباغتة، وتواصل نشاطها في استقطاب عناصر جديدة.

وتابعت: "واشنطن بوست"، أن البغدادي وكبار معاونيه قرروا أيضا إعطاء الأولوية لغسيل دماغ الأطفال، سواء في العراق وسوريا أو في الخارج عن طريق الإنترنت، والتركيز على غرس الأفكار المتطرفة في عقول الجيل الجديد.

وأوضحت الصحيفة أن البغدادي وجه دعوة بشكل شخصي لعقد اجتماع بالقرب من مدينة دير الزور شرقي سوريا، لمناقشة إعادة كتابة المنهج التعليمي للتنظيم.

وأشارت إلى أن البغدادي وكبار القادة قرروا إعطاء الأولوية لتلقين الأطفال الأفكار المتطرفة عبر الإنترنت، مضيفة أن "قيادة داعش مقتنعة بأنه طالما في الإمكان التأثير على الجيل القادم من خلال التعليم، ستستمر فكرة الخلافة حتى لو اختفت دولة الخلافة".


وجاء تقرير "واشنطن بوست"، بعد أن كشفت الحكومة العراقية، الخميس الموافق 10 مايو الماضي، أسماء خمسة قيادات في تنظيم "داعش"، تم إلقاء القبض عليهم، منذ بداية 2018.
وجاء في بيان للحكومة العراقية، أن القيادات الداعشية الخمس، هم: إسماعيل علوان العيثاوي، أو "أبو زيد العراقي"، أحد مساعدي البغدادي، وصدام الجمل، وهو سوري، وكان يتولى منصب أمني ولاية شرق الفرات في التنظيم الإرهابي.
وإلى جانب العيثاوي والجمل، تم اعتقال 3 قادة دواعش ميدانيين، هم السوري محمد حسين القدير والعراقيان عمر شهاب الكربولي وعصام عبد القادر الزوبعي.
وفيما يتعلق بتفاصيل الإيقاع بهذه القيادات الداعشية، قال المستشار الأمني للحكومة العراقية، هشام الهاشمي، في 10 مايو، إن ضباطًا في الاستخبارات العراقية، استخدموا تطبيقا على هاتف أحد مساعدي البغدادي، للإيقاع بأربعة آخرين من كبار قادة التنظيم.
وتابع "السلطات التركية ألقت القبض على إسماعيل العيثاوي المعروف كذلك بكنيته أبو زيد العراقي في فبراير الماضي، وسلمته إلى مسئولين في الاستخبارات العراقية".
وأضاف "العيثاوي مساعد مباشر للبغدادي، وكان مسئولا عن التحويلات المالية إلى الحسابات المصرفية لفروع التنظيم الإرهابي في عدة دول".
ونقلت "رويترز" حينها عن الهاشمي، قوله أيضا، إن "ضباط الاستخبارات العراقية استخدموا تطبيق تليجرام للرسائل على هاتف العيثاوي للإيقاع بقادة آخرين من التنظيم، واستدراجهم لعبور الحدود من سوريا إلى العراق، حيث ألقي القبض عليهم".
وتابع "العملية تمت بالتعاون مع الاستخبارات الأمريكية، والاستخبارات التركية"، في إطار التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد "داعش" على جانبي الحدود السورية العراقية.
وأشار المسئول العراقي، إلى أن "من بين المقبوض عليهم، صدام الجمل، وهو سوري كان والي منطقة شرق الفرات في التنظيم الإرهابي"، واصفا العيثاوي والجمل بأنهما أبرز شخصيتين يتم اعتقالهما من داعش.
وتابع أن ضباط الاستخبارات العراقية والأمريكية تمكنوا، بعد القبض على العيثاوي، من الكشف عن الحسابات المصرفية للتنظيم، وجميع الشفرات التي كان يستخدمها.
وبالإضافة إلى اعتقال القيادات الداعشية الخمس، أعلن مكتب رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، أيضا في 19 إبريل الماضي عن تنفيذ سلاح الجو العراقي ضربات ضد مواقع تعود لتنظيم "داعش" في سوريا، قرب الحدود مع العراق.
وكشفت وزارة الداخلية العراقية، في 22 إبريل الماضي، أسماء بعض قيادات تنظيم "داعش"، الذين لقوا مصرعهم في الضربة الجوية داخل سوريا.
ونقل موقع "بغداد بوست" عن الوزارة، القول في بيان حينها، إن بين القتلى الدواعش الـ36 في الضربة الجوية، قياديون، هم "أبو إسلام – أبو طارق الحمداني – أبو مريم العكاوي – أبو حسين وهو مصاب مبتور الساق– أبو ياسر – أبو جعفر".
وأضافت الوزارة أن "القوة الجوية العراقية وجهت عبر طائرات إف - 16 ضربات ضد داعش داخل الأراضي السورية، أسفرت عن مقتل 36 إرهابيا".


من هو البغدادي؟

ورغم النجاحات العراقية السابقة، ومقتله نجله أيضا، إلا أن بقاء البغدادي طليقا، يعني استمرار هذا التنظيم الإرهابي لسنوات، وحتى عقود، بسبب دهائه وقدرته على الاختباء. 
وكانت وسائل الإعلام ذكرت على الأقل ست مرات منذ 2014 أن البغدادي قُتل أو أصيب إصابة خطيرة، فقد قيل 3 مرات إنه قُتل في غارات للطائرات الروسية أو الأمريكية، وروجت تقارير أخرى عديدة أنه اُعتقل في هجوم بالمدافع شنته القوات السورية، حيث أصيب ثم توفي مسموما.
وتسبب رفع الجائزة الأمريكية أواخر 2016 للقبض على البغدادي من عشرة ملايين دولار إلى 25 مليونا في ورود سيل من البلاغات المزعومة برؤيته.
ولد البغدادي، واسمه الحقيقي، عواد إبراهيم البدري، في مدينة سامراء بمحافظة صلاح الدين في شمال العراق عام 1971 لأسرة بسيطة وسنية، وعُرفت عائلته بتدينها، خاصة أنها تدعي أنها من نسل الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
ودخل البغدادي جامعة بغداد ودرس العلوم الإسلامية، وحصل على شهادة البكالوريوس في الدراسات الإسلامية من الجامعة عام 1996، ثم حصل علي شهادتي الماجستير والدكتوراه في الدراسات القرآنية من جامعة صدام حسين للدراسات الإسلامية عام 1999، وقضى البغدادي سنوات دراساته العليا في حي الطوبجي المتواجد في بغداد، مع زوجتين له، وستة من الأبناء.
وعرف عنه أنه كان محبا للغاية لكرة القدم، إذ أصبح نجما لفريق مسجد مديمة الطوبجي المتواجد في منطقته، إلا أنه سرعان ما انجذب إلى الأشخاص المتشددين، الذين يتبنون نهج العنف والقتل والخراب، وانضم إلى جماعات السلفية الجهادية، وأصبح تحت وصايتهم.
وفي 2003، وبعد الغزو الأمريكي للعراق، ساعد البغدادي في تأسيس جماعة باسم "جيش أهل السنة والجماعة"، وفي فبراير 2004، ألقت القوات الأمريكية القبض عليه، في مدينة الفلوجة، وظل بالسجن عشرة أشهر.
وحسب رواية أحد رفاقه في السجن، كان البغدادي قليل الكلام، لكنه كان ماهرا جدا في التنقل بين الفصائل المتنافسة داخل السجن، الذي كان يضم مزيجا من عناصر سابقة مقربة من الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وجهاديين.
واستغل البغدادي فترة سجنه في تحقيق أهدافه الإرهابية، إذ شكل تحالفات مع العديد من المعتقلين، وظل على اتصال بهم، حتى بعد الإفراج عنه.
واتصل البغدادي، بعد إطلاق سراحه، بأحد المتحدثين باسم تنظيم القاعدة الإرهابي في العراق، الذي كان يقوده حينها الأردني أبومصعب الزرقاوي، وحينها انضم للقاعدة.
لكن سرعان ما تغيرت الأمور، إذ قتل الزرقاوي عام 2006 في غارة جوية أمريكية، وحينها، خلفه أبو أيوب المصري.
وفي أكتوبر من نفس العام، قرر أبو أيوب المصري حل تنظيم القاعدة الإرهابي في العراق، وأسس تنظيما يُسمي بـ"الدولة الإسلامية "في العراق، وكان معهم في هذا التنظيم أبو بكر البغدادي وقام بالعديد من العمليات الإرهابية حينها، خاصة أنه كان لديه ميول إرهابية، كما تم تعيين البغدادي رئيسا للجنة الشريعة، وتم اختياره عضوا في مجلس الشورى للتنظيم، والذي كان يضم 11 عضوا.
وعام 2010، حدث تحول إرهابي كبير في تاريخ أبو بكر البغدادي، إذ تم تنصيبه قائدا لتنظيم القاعدة في العراق وأصبح أمير التنظيم، كما يقولون الإرهابيون، وحينها استطاع البغدادي بعقله الإرهابي أن يعيد بناء التنظيم.وعام 2011، استغل البغدادي الاضطرابات المتزايدة في سوريا، وأصدر أوامره لأحد النشطاء التابعين له بسوريا ليؤسس فرعا لتنظيم القاعدة في سوريا، والذي عُرف بـ" جبهة النصرة"، وحينها حدثت خلافات كبيرة بينه، وبين أبو محمد الجولاني زعيم الجبهة.
وعام 2013، أعلن البغدادي أن جبهة النصرة هي جزء من تنظيم القاعدة في العراق، وحينها طلب أيمن الظواهري، زعيم التنظيم الأم، من البغدادي منح جبهة النصرة استقلالها وإعطائها الحرية الكاملة في قراراتها، لكن البغدادي رفض هذا الأمر، ودخل في صدام مع الظواهري، إذ أعلن انفصال تنظيمه عن التنظيم الأم.
وعقب ذلك، قام رجال البغدادي في العراق وسوريا بقتال عناصر جبهة النصرة، وحينها فرض البغدادي سيطرته وقبضته على شرق سوريا، ووضع مجموعة من القوانين والتشريعات الخاصة به.
وبعد أن عزز البغدادي مقاتليه في شرق سوريا، أمرهم بالتوسع في غرب البلاد، وفي يونيو 2014، أعلن البغدادي بشكل رسمي عن ولادة تنظيم "داعش" الإرهابي، وحينها سيطر بشكل كامل على مدينة الموصل في العراق، وعلى ما يقارب من ثلث مساحة بلاد الرافدين، كما أعلن سيطرته على أراض في سوريا، واتخذ الرقة معقلا له، إلا أنه في 2017، تعرض التنظيم لهزائم قاسية في العراق وسوريا، وقتل أيضا قادة كبار في صفوفه، بينهم الناطق باسمه، أبو محمد العدناني، الذي قتل في 30 أغسطس 2016 في حلب شمالي سوريا، وتضاربت الروايات حول كيفية مقتله، إذ أعلن التحالف الدولي لمحاربة داعش، مصرعه في غارة جوية، فيما زعمت وكالة أعماق التابعة للتنظيم، أنه قتل خلال متابعته لما سمتها العمليات العسكرية في حلب.