الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

احتفالات "دير المحرق".. "كوالارات الترانيم الروحية" تطيح بـ"المولد"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
احتفالات «دير المحرق».. «كوالارات الترانيم الروحية» تطيح بـ«المولد» 
10 فرق وترانيم وعظات روحية ودورة أيقونة العذراء تسعد الزوار




شهد دير العذراء مريم، الشهير بالمحرق بالقوصية بمحافظة أسيوط، أول موسم احتفالي، تحت رئاسة الأنبا بيجول، الأسقف ورئيس الدير، الذى غير طرق الاحتفال التى كانت سائدة بمنطق «المولد»، وحولها إلى نهضة حقيقية روحية بطريقة جاذبة ومفيدة لكل من شارك فى الاحتفالات التى استمرت 10 أيام.
جاء هذا التغير من خلال مشاركة 10 فرق من كوالارات الترانيم الروحية، وهى كورالات كورال مارمرقس بكنيسة مارمرقس برزقة الدير المحرق وكورال قيثارة السماء بكنيسة العذراء مريم بديروط، وكورال افامكارى للشباب ثانوى وفتيان إعداى بكنيسة الأنبا مقار بأسيوط، وكورال تى باترا بكنيسة مارجرجس بأسيوط، وكورال أوالالسواح بكنيسة الأنبا بولا والأنبا أنطونيوس ببنى سويف، وكورال أفامكارى للكبار بكنيسة الأنبا مقار بأسيوط، وكورال مارن أثا بكنيسة الملاك بأسيوط، وكورال ملك السمائين بكنيسة الملاك بأسيوط وكنيسة القلب المرنم بكنيسة الأمير تادرس بالمنيا، وكورال العهد الجديد بكنيسة الشهيد أبادير بأسيوط.
ويلاحظ فى اختيارات الفرق التى قدمت عدد كبير ورائع من الترانيم الروحية انتماؤها إلى كنائس بالصعيد، وبذلك قام الأنبا بيجول بتحفيز هذه الفرق بعيدا عن الفرق الشهيرة بالقاهرة، وهذا فى حد ذاته إنجاز مهم لتسليط الضوء على كورلارت غير معروفة للبعض.
توافد آلاف الأقباط والمسلمين على زيارة الدير، وإلى جانب الترانيم، تضمن برنامج الاحتفالات أيضا عظات روحية للقس بولس أسعد، كاهن كنيسة مارمرقس برزقة الدير، والأنبا أسطفانوس، أسقف ببا والفشن، والأنبا بيمن، أسقف قوص ونقادة، والأنبا كيرلس، أسقف نجع حمادي، والأنبا كاراس، أسقف عام المحلة الكبري، والراهب القمص ميساك المحرقي، والقس دانيال ماهر، كاهن كنيسة الأنبا بولا، والأنبا أنطونيوس ببنى سويف، والخادم أكرم أنجلو. 
أما السعادة الكبرى التى شعر بها زوار الدير، فكان مصدرها الرئيسى دورة أيقونة العذراء بالدير، والتى كان يقودها الأنبا بيجول، وسط كوكبة من الشمامسة، فى منظر بهيج جعل الحضور يعيشون فى السماء ويهتفون بروح مملوءة بالسلام حبا فى العذراء مريم.

رئيس الدير الجديد يتحدث لأول مرة لـ«البوابة» 
الأنبا بيجول: نحتاج للدخول للعمق أكثر فى الحياة مع الله
حب الذات والمال.. أوثان القلب 
لأول مرة يتحدث فيها الأنبا بيجول، الذى تمت رسامته أسقفا لواحد من أهم الأديرة المصرية، بعد رحيل الأنبا ساويرس، أسقف الدير لمدة وصلت لأربعين عاما، قال الأنبا بيجول لـ«البوابة» إن فكرة الرهبنة بدأت وأنا طالب فى الجامعة وتأثرت جدا لموت شخص عزيز على فجأة بدون مرض، واخترت دير المحرق تحديدا لأنه دير عريق له تاريخ طويل لم تنقطع فيه الرهبنة تبارك بإقامة العائلة المقدسة فيه، وشفيعتى هى أمنا العذراء القديسة مريم وشفيعى الشهيد مارجرجس. 
وحول الجديد الذى يقدمه للدير ورهبانه وزواره، قال الأسقف: إن الحياة الرهبانية والروحية بصفة عامة تعتمد على التصاقنا بالله وطلبنا له باستمرار واتكالنا عليه، ونشكر ربنا الدير المحرق عامر وناهض، ولكن نحتاج للدخول للعمق أكثر فى الحياة مع الله، لأن الرهبنة كما عرفها الآباء هى الانحلال من الكل للارتباط بالواحد الذى هو الله.
وأظهرت الاحتفالات الأخيرة عمل الأنبا بيجول للدخول فى العمق فعليا، وحقق ذلك بإقامة الصلوات والعظات والترانيم، وبها انتصر لهيكل الرب وغلب روح المولد.

نبوة أشعياء النبى 
جاءت عظة الأنبا بيجول بالنهضة معبرة ومناسبة فى العيد القومى لدخول العائلة المقدسة مصر، الموافق 1 يونيو من كل عام، حيث قال، لقد تنبأ أشعياء النبى قبل مجىء السيد المسيح «يكون مذبحا للرب فى وسط أرض مصر» تجسد السيد المسيح وولد فى بيت لحم وهرب من هيرودس وجاء إلى أرض مصر وارتجفت أوثان مصر وسقطت أمام السيد المسيح، وكانت الرحلة قاسية واستقر أخيرا فى دير المحرق ما يقرب من 6 شهور وخمسة أيام وتحققت نبوة أشعياء النبى حيث إن مذبح الكنيسة الأثرية بالدير المحرق يقع فى وسط مصر.
وأضاف الأنبا بيجول قائلا: ارتجفت أوثان مصر أمام السيد المسيح، الأوثان ليست بالضرورة أن تكون أصناما لنعبدها ولكن توجد أوثان فى القلب نستعبد لها وكل ما نستعبد له ولا نستطيع التخلص منه هو وثن نعبده.

أوثان القلب
أوثان القلب عدة أنواع تستعبدنا منها: أولا: الذات، ومن أمثلة الذين استعبدتهم الذات فى الكتاب المقدس، هيرودس الملك عندما علم من المجوس بميلاد ملك لليهود خاف على مملكته وذاته وقتل أطفال بيت لحم من سنتين فما دون ليتخلص منه، هيرودس حفيد هيرودس الكبير الذى قتل يوحنا المعمدان، لأنه كان عائقا أمام زواجه من هيروديا زوجة أخيه، أخوة يوسف تخلصوا من يوسف وباعوه لمحبتهم فى ذاته. والفريسى الذى صلى ومدح ذاته.
التواضع هو علاج لمحبة الذات مثل السيد المسيح الذى أخلى ذاته وأخذ شكل العبد والسيدة العذراء التى خدمت اليصابات ويوحنا المعمدان الذى قال عن السيد المسيح ينبغى أن ذاك يزيد وإنى أنا أنقص.
ثانيا: محبة المال، ليس المال فى حد ذاته خطية، ولكن محبة المال إذا تسلطت علينا أصبح وثنا نعبده، وكثير من الأغنياء كانوا قديسين مثل إبراهيم الجوهرى فى العصر الحديث ويوسف الرامى فى الكتاب المقدس، لا يستطيع أحد أن يخدم سيدين، إما الله أو المال. ونصلى لكى نتخلص من أوثان القلب التى تستعبدنا ولا نعرج بين الفرقتين.

دير السيدة العذراء.. الاسم القديم
«تاريخ طويل لم تنقطع فيه الرهبنة 
عُرِفَ منذ القدم باسم دير السيدة العذراء، واشتهر بدير المحرق وأيضًا بدير جبل قسقام، وترجع شهرته بدير المحرق إلى أن الدير كان متاخمًا لمنطقة تجميع الحشائش والنباتات الضارة وحرقها، ولذلك دعيت بالمنطقة المحروقة أو المحترقة.
ومع مرور الوقت استقر لقب الدير بالمحرق، كما أنه اشتهر بدير جبل قسقام، وقسقام اسم قديم منذ عصر الفراعنة، وهو يتكون من مقطعين قُس.. وقام، وقس هى اسم مدينة اندثرت حاليا، كانت عاصمة الولاية الرابعة عشرة من الولايات الـ 22 التى كان مقسما بها صعيد مصر ولم يبق منها حاليا إلا البربا -المعبد- ومعناها الدينى المكان العلوي، ومعناها المدنى تكفين أو تحنيط جثة الميت ولفها بالكتان لتحضيرها للدفن. وقام... اسم كانت تختص به المنطقة التى تقع غرب الولاية الرابعة عشرة ومعناها الدينى اللانهاية ـ إلى الأبد، ومعناها المدنى كما يقول المؤرخ أبوالمكارم مكفن بالحلفاء للصعاليك -فقراء- ولقرب قام من قُسْ اشتهرت المنطقة والجبل المجاور بقسقام وبالتالى اشتهر الدير بدير جبل قسقام.
القدس الثانية.. مباركة الدير بإقامة العائلة المقدسة.. سر عشق الأحباش للدير 
الحبشة أمة عريقة، «إثيوبيا» وكانت تسمى كوش، وكان لها كيان لا يستهان به فى العالم القديم، ويروى التقليد الحبشى العريق أن ملكة سبأ (التى كانت تحكم اليمن والحبشة) عندما سمعت عن حكمة سليمان ذهبت لتراه واندهشت لحكمته الفائقة، فاعتنقت الديانة اليهودية ونشرتها فى بلادها، بعدما تزوجت الملك سليمان، وأنجبت منه منليك الذى لقب بابن الحكيم.
وأقدم خبر وصل حتى الآن عن اعتناق الأحباش المسيحية، ورد فى سفر أعمال الرسل الأصحاح الثامن، عندما كلم ملاك الرب فيلبس ليذهب إلى الطريق المنحدرة من أورشليم إلى غزة لكى يقابل رجلا حبشيا خص وزير كنداكة ملكة الحبشة ليكلمه عن رسالة الملكوت ويعمده.
ويذكر تقليد الكنيسة فى الحبشة أن أول من بشرها بالمسيحية هو القديس متى الرسول، ولكن المسيحية لم تنتشر انتشارًا واسعًا إلا بعد مارسم القديس أثناسيوس البابا الإسكندرى العشرون (326 ـ 373 م) فرمنتوس، أول أسقف على الحبشة، وأطلق عليه الأحباش اسم الأنبا سلامة، حيث أصبحت الحبشة بذلك إحدى إيبارشيات الكرسى الإسكندري، وأخذت المسيحية تنتشر بإقبال الأحباش إليها فى محبة وإيمان وعمق روحانى عجيب.
وأحب الأحباش وعشقوا الأماكن التى عاش فيها السيد المسيح له المجد فى فلسطين، كذلك فى قسقام فى مصر التى اعتبروها أورشليم الثانية. فانجذب الكثير منهم إلى ترك بلادهم والتوجه إلى هذه الأماكن ليحيوا فيها حياة النسك والزهد والرهبانية، وتوجد إشارة تاريخية تبين أنهم كانوا فى أواخر القرن الرابع فى دير قسقام. والدير عمومًا وكنيسته الأثرية خصوصًا لهما شأن عظيم بالنسبة لهم، وهم يجلُّون الدير ويحترمونه ويقدسونه ويهابونه حتى أن ترابه يعتبرونه بركة لأن السيد المسيح له المجد داسه بأقدامه المقدسة وهو طفل، وتعجز هنا الكلمات عن وصف مقدار تبجيلهم للدير وتمتلئ مخطوطاتهم المحفوظة فى أديرتهم بالمعجزات العديدة التى صنعتها السيدة العذراء فى دير قسقام.
ويقول العالم كونتى روسيّنى COUNTI ROSSINI أحد العلماء المتخصصين فى دراسة المخطوطات الإثيوبية (فى أوائل القرن العشرين الميلادي) إن مجتمع الأحباش الرهبانى فى دير قسقام فى القرنين الرابع عشر والخامس عشر الميلاديين كان نشيطًا، وكان يتكون من حوالى ثلاثين بين راهب وقس وشماس، وكان هذا المجتمع الحبشى مشهورًا لدرجة أن الملك الحبشى صايفا أراد SAYFA ARAD كرّمه بإرسال نسخة من الأناجيل على سبيل الهدية. ويذكر التاريخ أن اسم الراهب الذى كان فى دير قسقام واستشهد أيام البابا متاؤس الكبير (1378 ـ 1408) هو أرسانيوس الحبشى وفى مخطوطات أخرى أرشليدس.
ويقول الأحباش إن الملكة منتواب -معناها جميلة أو عجيبة- إمبراطورة إثيوبيا التى تنازلت بالحكم لابنها إياسو الثانى IYASU II معناها يسوع (1730 ـ 1755 م) زارت دير قسقام فى القرن 18 الميلادى ونقلت ترابًا منه مزجته فى مواد بناء كنيسة عظيمة فى مدينة قسقام التى تعتبر من المدن الإثيوبية الرئيسية (والتى لها مركز كنسى هام) بإقليم جوندار GONDAR فى الحبشة ـ باسم كنيسة جبل قسقام. 
ومن ذلك الوقت رتبت الكنيسة الحبشية الصوم المعروف بصوم قسقام مدته أربعون يومًا، ولقد كان كثيرون من الرهبان الأحباش يرغبون فى الإقامة بدير المحرق بالذات. ولهذا كان دير المحرق أكثر من غيره من أديرتنا القبطية ملاذًا للرهبان الإثيوبيين، فكان يصل عددهم فى بعض الأوقات إلى أربعين راهبًا أو يزيد. ولذلك رأى بعض الرؤساء بناء على رغبة هؤلاء الرهبان أن تُبْنَى لهم كنيسة خاصة بهم (كنيسة يوحنا المعمدان)، إذ تعذر عليهم متابعة الصلوات باللغة القبطية.
ولما أزيلت كنيسة القديس يوحنا المعمدان، وتوسعت الكنيسة الأثرية وبنيت الصالة الخارجية، تم بناء كنيسة للأحباش فوقها فى القرن 19 الميلادي، عرفت بكنيسة الأحباش أو كنيسة القديس تكلا هيمانوت الحبشي. وقد أزيلت هذه الكنيسة فى عام 1936 م، عندما صار بقاؤها خطرا على مبنى كنيسة العذراء الأثرية. وقد اهتم القمص قزمان، رئيس الدير السابق، بأن يكرس أحد المذابح الثلاثة المقامة بكنيسة العذراء الجديدة باسم القديس تكلا هيمانوت الحبشى، وذلك دعمًا لأواصر المودة والمحبة بيننا وبين إخوتنا الإثيوبيين الذين تربطهم بدير المحرق روابط تاريخية قديمة، ولاشك أنه لقدسية دير المحرق فى نظر الإثيوبيين كانت الغالبية العظمى من المطارنة الذين يسامون لإثيوبيا يختارون من بين رهبان القبط بدير المحرق.

عندما صلت العذراء.. فذاب الحديد كالماء
أقيم الاحتفال بدير المحرق بمناسبة عيد العذراء حالة الحديد، ولهذا العيد قصة تقول عندما بشر متياس الرسول فى الهند، قبض عليه الوثنيون على متياس ووضعوه فى السجن، فسمعت السيدة العذراء بالخبر، فصلت وطلبت من ابنها أن يرشدها إلى مكان متياس؛ فأرشدها إلى مدينة برطس، وهناك قابلت امرأة «عجوز» كانت قد آمنت على يد متياس الرسول، فسألتها عن مكانه، فأرشدتها إلى السجن، فلما وصلت إلى السجن ورأت أنه مقفول بسلاسل من الحديد، صلت أن ينحل الحديد ويذوب ويصير كالماء، فسمع الله صلاتها، وذاب الحديد الموجود فى الأبواب والأقفال وذاب أيضًا كل الحديد فى المدينة، وحينئذ خرج المسجونون بفرح من السجن، فذهب السجانون إلى الوالى وأخبروه بما حدث، فاضطرب ولم يصدق، وأمر بإحضار سياف لقطع رؤوس المسجونين الهاربين، ولما حضر السياف قال له إن كل الحديد والنحاس قد ذاب وليس لدينا سيوف ولا آلات عذاب وحتى آلهتنا ذابت اليوم!!
سأل الوالى عن السبب، فقالوا له قد حضرت لمدينتا سيدة غريبة وعجيبة تبحث عن متياس الرسول المسجون، فلما أوقفناها أمام أبواب السجن المغلقة بالأقفال، صلت صلاة لم نفهمها ورأينا بعدها أبواب السجن والأقفال قد ذابت وخرج جميع المسجونين، وجرى هذا الحادث العجيب فى المدينة كلها، فأرسل الوالى فى طلبها ولما حضرت عنده سألها قائلًا: أخبرينى من الذى حل الحديد؟ فأجابت البتول: إلهنا الحقيقى يسوع المسيح هو الذى جعلنى أذيب الحديد.
وكان للوالى ابن مجنون به شيطان، فأمر بإحضاره أمام السيدة الطاهرة، فلما رآها من بعيد صرخ قائلًا: هذه هى أم الله الواحد، فقالت له العذراء اخرج منه يا شيطان فخرج للحال وجلس يتكلم بعقل، ففرح الوالى جدًا وآمن بالمسيح، وهكذا أهل المدينة جميعًا؛ حينئذ سألوها أن ترجع لهم قوة الحديد ثانية، فصلت فرجع الحديد فرجع الحديد جامدًا كما كان، فعاد فى الحال فعمدهم متياس؛ وحينئذ حطم الوالى كل الأصنام وأمر ببناء كنيسة عظيمة على اسم والده الإله، أما السيدة العذراء فكرمها أهل المدينة جدًا وطلبوا أن تشفع فيهم فى كل وقت.