الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

في ذكرى الثورة.. تحية للبهية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كانت أعوامًا صعبة، أعوام أزمات وقلق، خوف وترقب، تقلبات ترنح خلالها المجتمع كقارب لم يكن لينقذه سوى ربان ماهر. فى كل بيت كانت المرأة- وما زالت- تتدبر وتفكر وتتحمل وترتب أولوياتها. فاردة ذراعها كتمثال محمود مختار لتحمى رجلها وأبناءها وأحفادها وجيرانها إذا لزم الأمر. هذا الكائن الأسطورى الذى كشفت نار الثورة عن حقيقة العنقاء فيه وعن وسَمْتِ جداتها من الملكات هى أمى وأمك. أختى وأختك، وهى ابنتك وزوجتك. إنها ببساطة أيقونة البيت والعمود الفقرى للمجتمع. من هنا واحتفاءً بدورها فى سنوات الثورة بما تحمله الكلمة من دلالات كان لا بد من تقديم التحية، للبهية فى كل بيت والكبيرة فى كل مستوى اجتماعي. والقوية على الدوام. تلك المرأة المرآة التى ينعكس عليها التاريخ والجغرافيا والسياسة منذ استخدمت جدتها حتشبسوت ذقنا مستعارة، وقادت الجيوش، مرورا بدورها فى مقاومة المحتل الإنجليزى والفرنسى، وتشييعها لجنازات أبنائها الشهداء فى النكسة وفى انتصارات أكتوبر، وحتى فترة الانفتاح وبدء حرية الحركة الدينية فى السبعينيات والهجرة إلى بلاد النفط. تلك الهجرة التى جرفت معها الكثير من ملامحنا المصرية الخاصة، وأتت بجديد وارد، تناغم مع أرض ممهدة لهزة طبقية ارتفعت معها قيمة المال ومن يملكونه مقابل العلم وحامليه ممن لا يملكون المال. فاهتزت بالتبعية التقاليد والعادات فى الأسرة المصرية ورويدا رويدا تغير وجه المجتمع، تغير نمط تفكيره. تغيرت ملابسه التى اعتدناها فى مناسباتنا وشوارعنا، اختفت القصات والدانتيللا فى القصير والطويل فى القرى والمدن فى الساحل والصحراء لتحل محلها عباءة سوداء. وهنا لا بد أن أشير إلى أننى مع حرية الملبس دونما فرض أو تعال أو تفضيل لطراز ملبسى على آخر. كل ما أفعله فقط هو التأمل واستقراء الواقع. محاولةَ البحث عن ملامحنا عن سبوع المواليد، ومواسم البنات فى رجب وشعبان ورمضان وشم النسيم، عن صباح الخير، عن شهامة الجار. 
وتربية أبناء البيت الواحد كإخوة وأخوات لا كحاسدين دائمين، وأعداء محتملين، عن بلكونة تجلس فيها العائلات حول الأب أو الخالات معا حول القهوة. عن ضحكات تتعالى ورضا يلف الجميع. ليس حلما أن تعود الألوان إلى شارعنا. ليس حلما أن تعود الأسرة للاجتماع حول جدة أو جد كبير. أن تجتمع زوجات الأعمام معا دونما ضغينة، أن يبحثن عن شقة مصيف واحد. ليس حلما رغم كل الصعوبات رغم كل الأزمات والكوارث التى ترسبت فى نسيج العلاقات عبر سنوات وسنوات.
إن طاقة الحياة التى تجددت فى شرايين المرأة المصرية التى حافظت على الثورة هى ما يعطى الأمل فى التغيير، وهى ما يجب استثماره، وتنميته. دعونى أحلم أن تقوم وزارتا الثقافة والتربية والتعليم معا باستهداف ورعاية جيل كامل منذ المرحلة الابتدائية وحتى الجامعة، تركز فيه على ثقافة المرأة وعلى احترام المرأة، وضرورة دعم المرأة فى طريقها، دعونى أتذكر معكم نبوية موسى، عائشة التيمورية، ملك حفنى ناصف، سهير القلماوي، هدى شعراوي، سيزا نبراوي، سميرة موسى، لطيفة الزيات، بنت الشاطئ، إنجى أفلاطون، أمينة السعيد، نهاد صليحة، وشاهندة مقلد، دعونى أرسل التحية لأمينة شفيق، وفريدة النقاش، وهدى وصفى.. وغيرهن. دعونى أرسل التحية لرفاعة رافع الطهطاوى، وقاسم أمين، وأحمد لطفى السيد، وطه حسين، وكل أب دعم ابنته وآمن بها ورعى خطواتها وفتح لها باب الحياة. دعوا البنات يحفظن تلك الأسماء، يعرفن تاريخهن وتاريخ الرجال الذين دعموهن وآمنوا بالنور. لقد كانت المرأة المصرية نموذجا دائما للتحضر سنوات وسنوات.. وآن الأوان بعد ولادة العنقاء أن ترفرف أعلى وأعلى وأعلى.