الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الخوف والفضول

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الإنسان بطبعه، يخاف من أى شئ يجهله.. يمكننا أن نرى طبيعتنا هذه عن قرب وبدقة، إذا ما شاهدنا طفلًا صغيرًا، يبكي، إذا انعكس ضوء ليزر صغير على ملابسه. يخاف بشدة وهو يحاول أن يبعده بيده، أو أن يهرب منه، فيطارده. يشعر بأن لا حيلة له، وبأنه خائف بشدة، يريد التخلص من هذا الشئ، المريب بالنسبة له. يمكننا كذلك أن نضحك ونحن نشاهد هذا المسكين، الذى نعتقد أنه مجرد أبله، لأن الأمر بالنسبة لنا فى غاية السخافة، ببساطة لأننا نعرف مصدره وسببه. لكن هذا المشهد، ليس إلا حقيقتنا عارية. 
جهل الإنسان البدائى بسبب الرعد، هو ما جعله يخلق حوله أساطير وآلهة خاصة به، وأسبابًا أوهم نفسه أنها حقيقة، كى يتوقف عن خوفه. كما حدث للإنسان البدائي، وللطفل، يحدث لنا كل يوم، لكننا، مثلهم تمامًا، لا نرى أن ردود فعلنا التى تبدو غير منطقية للذين يعرفون ما نخاف منه تكون بسبب الجهل فقط، ليس لأن تلك الألغاز حقًا مخيفة أو تستحق هالات وهمية من القداسة! إذا تعلّم الإنسان، إذا ما واجه هذا الشعور بالخوف، بأن يحاول معرفة هذا الشئ المجهول، واستكشافه من مسافة أقرب، لانتهى من تلك الفطرة الطفولية، ولما اضطر إلى الصراخ، وسط ضحكات من يعرفون أن الأمر لا يستحق كل هذه الجلبة. إذا خطى الطفل الذى تحدثنا عنه منذ قليل، نحو شعاع الليزر، وتتبعه حتى وصل إلى نهاية الخط، فوجد أخيه الأكبر ممسكًا بشئ يضغط به على زر، ثم أخذه منه لحب الاستكشاف، وضغط على نفس الزر، ووجد أن الشعاع الذى هابه منذ قليل، أصبح مفهومًا، بل ويمكنه هو نفسه التحكم به، هل سيبكى فى المرة القادمة، إذا فعل أخوه نفس الفعلة ذاتها؟ ماذا لو ركض الطفل إلى غرفته، وأغلق الباب مرتعدًا، ثم هدأ لاختفاء ما يقلقه عن نظره، كيف ستكون ردة فعله، فى المرة القادمة، التى يفعل بها أخوه نفس الشئ؟ سيظل خائفًا حتى يفهم، وهو لن يفهم، حتى يشعر بالفضول، الذى دائمًا ما يؤدى إلى المعرفة، لا الهلاك، كما يظن أغلب الأطفال الكبار.