الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

رئيس وفد الحج المجرى المسيحي في حوار لـ"البوابة نيوز": المسيحية فى أوروبا ضعيفة.. والوحدة بين الكنائس تعكس الحب.. البابا تواضروس بسيط ومثال للكرم والمحبة

الأب الراهب سابولش
الأب الراهب سابولش في حواره لـ«البوابة»
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رئيس وفد الحج المجرى المسيحى: المسيحية فى أوروبا ضعيفة
الأب الراهب سابولش: الوحدة بين الكنائس هى التى تعكس الحب 
أن تصبح بالفعل كنيسة واحدة فذلك دور السيد المسيح
البابا تواضروس بسيط ومثال للكرم والمحبة ولقاؤه كان تكليلا للحج
أدعو مسيحيى العالم بزيارة مصر لتتميم الحج 

قال الأب الراهب سابولش، رئيس دير الآباء البولنديين فى العاصمة المجرية بودابست، ورئيس وفد الحجاج المجري، إن رهبنته تأسست على الرهبنة المصرية، فهو مصرى الرهبنة، وأن رحلة الحج لمصر أكثر من رائعة وأضافت إلى روحانية الحجاج، وما عكسه الرهبان والشعب المصرى من كرم وفخامة الاستقبال كان له أثر قوى عليهم، وشدد على أنه يدعو مسيحيى العالم لأن يتمموا مراسم الحج بزيارة مصر، والسير على أثر خطى العائلة المقدسة، وأشار إلى أن زيارته لمصر لم تكن الأولى، بل الثانية، حيث جاء قبل الوفد ليزور ويطمئن على أماكن الحج التى من المقرر أن يزورها الحجاج، وإلى نص الحوار:

 فى البداية.. حدثنا عن رحلة الحج الأولى لمصر بالنسبة لكم؟
- هذه الزيارة إلى مصر، ليست الأولى بالنسبة لي، وإنما الثانية، وحضرت لمعرفة الأماكن التى من المقرر أن يزورها وفد الحجاج، فى المرة الأولى، وها أنا أعود مجددا بصحبة وفد مجري، وأنا بالفعل سعيد جدا بتلك الزيارة.
 هل هناك نية لتكرار رحلات الحج إلى مصر من الجانب المجري؟
- أنا أدعم حضور وفود إلى مصر، فوجود أكثر من 17 مكانا زارتها العائلة المقدسة بمصر، هو أمر مهم وإيجابى جدا، سواء للأوربيين المسيحيين أو لمصر.


 التقيت البابا تواضروس.. ماذا عن اللقاء وماذا دار فيه؟
- قداسة البابا تواضروس إنسان عظيم جدا، وبسيط جدا، وكبير جدا، حيث كان اللقاء إنسانيا جدا، واللقاء أضاف لى الكثير، رغم أننى كثير القراءة عن الكنيسة الأرثوذكسية والبطاركة، فالمحبة، والبساطة، والأخوية، والكرم، جميعها أشياء لمستها خلال اللقاء، وأنا علاقتى بدأت مع الكنيسة الأرثوذكسية من سنين، ولكن لقاء البابا عمق تلك العلاقة جدا.
 هل هناك أى بروتوكولات روحية أو دينية تمت مع قداسة البابا تواضروس؟
- الزيارة كانت حجا دينيا مسيحيا، والبرنامج تم على أكمل وجه، ولقاء البابا كان تكليلا للحج، والحجاج الذين أتوا معى كانوا بحاجة للاحتكاك بمسار المسيح ومن يعيشون فى ذلك المسار، فليس دائما ما تأتى مثل تلك الفرصة لهم.


 ما المردود الروحى العائد على الفوج من مراسم الحج بمصر؟
- باختصار شديد، أنا والمجموعة تقابلنا مع أشخاص أقباط أرثوذكس، وذلك كان ثريا جدًا لنا على الجانب الإنساني، وكانت خبرة جميلة وطويلة، والأمر الرائع أن مسيحيى مصر الشرقيين، يعكسون دائما الحياة التى تناسب كل الأشخاص فى أى مكان، وهم ملهمون لأى شخص يمر عليهم، فتاريخ الكنيسة والفن القبطى والأدب المسيحى ليس هو الشيء الوحيد الذى تعلم منه الإنسان، لكن المثل الحى من حياة الرهبان واستقبال الأشخاص لنا، هو ما لمسنا خلال رحلة الحج بمصر.
والكنيسة الأرثوذكسية عريقة جدا، وهذا لا يعنى أنها قديمة، ولكن الأشخاص المعاصرين الآن يمثلون روح العراقة والواقع الحديث، وهو ما يعكس القيمة الكامنة فيهم، وما يعكس كيف استمرت الكنيسة وكيف تحيا الآن، فالحياة المعاشة للقبطى أمام التحديات هى الشيء المهم الذى لمسنا. وإذا تحدثنا عن عمق الحياة مع السيد المسيح، فذلك موجود فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية المصرية.
 ما أكثر المشاهد ترك أثرًا فيك خلال رحلة الحج بمصر؟
- حقيقًة، الرحلة كلها كانت جميلة، وتركت أثرًا رائعًا بداخلي، والخبرة الحقيقة التى شعرت بها من الصعب جدا أن أجد كلمات لوصفها، فقد كانت قيمتها كبيرة جدا، وعميقة جدا بداخلي، وللأسف المسيحية فى أوروبا «رحرحت وضعفت»، وباتت أعين المسيحيين هناك لا تركز على الهدف أو الشيء المهم فيها، فالجميع بأوروبا يسعون للراحة، ومن ثم لا يشعر بالتحديات التى تقابل شخصا يعيش فى الشرق، لأن التحديات تلك تحتم عليك تحديد قرارك ومصيرك، فالمواقف الجدية تحتاج لقرار جد، وهذا ما يميز حياة أقباط مصر، لأن تلك التحديات أظهرت قوة المسيحية فى مصر، وكان من المفترض أن يكون ذلك هو حال أوروبا، ولكن أوروبا ليست مسيحية كما يعتقد البعض.

 لو كانت التحديات بأوروبا قوية كمصر.. هل كانت المسيحية ستختلف هناك؟
- من المؤكد، فالتحديات تخلق العزيمة، ومن الوارد أن الوضع سيكون كذلك، ولكن ذلك يعود لكل شخص، سواء كان بتحديات أو فى رفاهية.
 بابا الفاتيكان سينظم يوما للصلاة مطلع يوليو بمشاركة جميع الكنائس.. هل ستشاركون فيه؟ وهل لتلك التجمعات مردود غير الروحي؟
- لم نتلق دعوة حتى الآن للمشاركة، ولكن قطعا سنشارك بالصلاة، أما عند مردود ذلك، فأنا أشدد على أن الوحدة بين الكنائس ستتم عن طريق المسيح، وأنا سأقتبس مجددًا قولا للأب متى المسكين، أن الوحدة ستتم عن طريق الله، ولكن يجب أن نعد نحن للوحدة أولا، فالإرادة يجب أن تعد، وأنه ليس جديدا أن تصلى الكنائس سويا، ولكن ماذا ستضيف الصلاة لا أحد يعلم، فالصلاة تأخذ مجراها إلى الله، والله هو الذى يحدد.
ماذا تقول للعالم عن الحج وزيارة مسار العائلة المقدسة بمصر؟
- أوجه رسالة لكل العالم، كى يأتوا إلى مصر، كى يروا مسار العائلة المقدسة، وأن يعيشوا خبرة الاحتكاك بأقباط مصر، وذلك بعد القراءة عنهم وعن رحلة العائلة المقدسة. وعلى الجميع الحضور لمصر لرؤية المثال الحى للأقباط، اعرفوا عنهم قبل الحضور، ثم تعالوا اختبروا ما عرفتموه بشكل معاش، فإنك إذا أتيت لمصر فستختبر الحياة مع السيد المسيح.
 من الآباء البولنديون؟
أنا أحد رهبان الآباء البولنديين أو «الباوليين»، ونحن تابعون للأنبا بولا المتوحد، وهو راهب مصري، رهبنتنا توحد وروحية وليس رهبنة إرساليات، وتأسست رهبنتنا فى القرن الـ13 تقريبا فى المجر، ومؤسس تلك الرهبة شخص يدعى «بول بوجيه»، وهو كان كاهن كاثوليكى مجرى، وكان مستشارا للأسقف، ومنذ عام 1246 بدء تأسيس الرهبنة، وذلك فى الحقبة التى قام فيها التتار والمغول بغزو المجر فى محاولة لإبادتها.
التتار أعلنوا أنه خلال 200 عام من بداية الغزو، لن تكون هناك دولة تدعى المجر ثانية، وبدأوا فى عملية المحو، وهرب حينها الملك وأسرته لإحدى الجزر، خوفا من البطش، وعندما عاد التتار من حيث جاءوا، بدأ الملك بيلا الرابع فى إعادة بناء المجر مجددا، ويعد هو الشخص الثانى المؤسس لدولة المجر، ومن أبنائه أصبح هناك قديسون كثيرون وأيضا طوباويون، والطوباوية هى المرحلة التى تسبق إعلان الشخص قديسًا، أما عن أشهر قديسى رهبنة الآباء «البوليين» هى القديسة مارجريتا، وهى مشهورة جدا فى المجر ككل.
إن رهبنتنا كانت لرهبان متوحدين، وكان أول اسم أطلق عليهم «رهبان الصليب المقدس» ببداية القرن الـ13، وذلك قبل أن يطلق عليهم أبناء الأنبا بولا، وهو شفيع للرهبة حتى الآن، ونحن نؤمن به كأول متوحد، كما الحال فى مصر.
وها قد أصبحنا الأبناء «الباوليين» نسبة له، ودعنى أقول مفاجأة لك، إن الأنبا بولا ليس شفيع الرهبنة فقط، وإنما هو شفيع المجر بأكملها، ونحن نحتفل فى أعيادنا بالعديد من الأشخاص من الكنيسة المصرية، كالأنبا مكاريوس الكبير، والأنبا أنطونيوس، القديسة ماريا، وهم شفاء للمجر ولرهبنتنا، حيث كنت أقرأ بأحد الكتب القديمة لدي، فوجدته يتحدث عن الرهبنة وفى خاتمتها صلاة للأنبا مكاريوس.
ورغم أنهم أشخاص مصريون، إلا أنهم قديسون عالميون لكل العالم، فلا يوجد ما يسمى بأرثوذكس وكاثوليك، وإنما هم شفعاء، وتلك هى العلاقة الروحية التى تربط الجميع بعضهم بعض، والقديسون هم ما يقربون بين الجميع، فشعار رهبنتنا الأنبا بولا والأسدان، والشجرة والغراب الذى كان يحضر له الخبز، وهى الأيقونة المصرية الشهيرة للأنبا بولا بالأرثوذكسية.
المهم الآن أننى كاثوليكي، ولكننى قبطى مصري، لأننى تابع لروحانية الأنبا بولا، وأن جزءا كبيرا منى كاثوليكى وجزء كبير أيضا أرثوذكسي، فالاثنان بداخلي، مضيفا: «أنا أقرأ حاليا كتاب حياة الصلاة لأبينا متى المسكين، وكلامه عن الصلاة حى جدا، فكونك تقرأ لشخص يعيش بأماكن داسها المسيح، فهى تلامس قلبك أكثر من الاستماع لكلام من أشخاص بعيدين عنه، ولذلك تلك الكلمات تبقى، وتكون تلك المعانى غنية جدا، ونحن نستسقى من أولئك الآباء والكتب.

 متى يذوب الثلج بين الكنائس المختلفة.. كالأرثوذكسية والكاثوليكية؟
- لى علاقة قوية جدا على المستوى الشخصى بالكنيسة الأرثوذكسية اليونانية، والكنيسة الأرثوذكسية بالمجر، ورؤساء تلك الكنائس يتبادلون الضيافة معنا، ودوما ما تكون لقاءات سعيدة، ودوما ما نصلى من أجل السلام ومن أجل الأشياء المشتركة بيننا، ولكنى ليس لدى السلطة أو المنصب لأن أتحدث عن قرارات الباباوات بكل كنيسة، ولكن هناك محبة وتواصل وصلاة مشتركة دوما بيننا، ونحن دوما يوجد حديث مع الجانب الأرثوذكسي، وخبرتى الشخصية الحياتية تعكس ذلك، فالتعامل يكون دوما بكل حب، وهو ما الأحساس الذى شعرت به خلال زيارتى أديرة البحر الأحمر، وأنا فى النهاية راهب ولست صاحب قرار.
 وإذا كنت صاحب القرار فماذا ستفعل حيال توحيد الكنائس؟!
- أولا يجب أن يتم فعل أى شيء بمحبة، فالأمر ليس كلمة تقال، وإنما حياة تعاش، ويجب أن تعاش بالفعل فى محبة، فأنا أود أن نصلى القداس «مع بعضنا»، وأن نقف على المذبح مع بعضنا البعض، وأنا نكسر الخبر فى التناول مع بعضنا البعض، جميع الكنائس لديها تلك الرغبة بالفعل، وسأستشهد بمقال كتبة الأب متى المسكين عن الوحدة بين الكنائس، قال فيها: «المسيح وحده فقط من يستطيع تحقيق الوحدة بين الكنائس»، ولكن علينا أن نقود بدورنا الذى سيوصلنا لتلك النقطة، ودائما يجب التركيز على الأمور المشتركة بيننا، فهى التى ستزيد الترابط بيننا، وهذا هو دورنا، أما أن تصبح بالفعل كنيسة واحدة، فذلك هو دور السيد المسيح.
ومحاولة بناء الوحدة سويا، هو واجب مشترك علينا، وإلزامى علينا من جهة الأشخاص، فأنا حينما تقابلت مع قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وكذلك بطريرك الروم الأرثوذكس بمصر، شعرت بمحاولات كل شخص من جهته، وأن الرغبة واضحة من الجميع.
والوحدة ليس معناها أن هناك بابا واحد للكنيستين، ولا تعنى أنه يجب أن يصبح مبنى كنيسة واحدة يجمعنا، الوحدة هى أن نصبح ذا هدف واحد، وهو أن نستطيع أن نكون مسيحيين حقيقيين، نحب، أن نعيش كمسيحيين بالفعل، وذلك هو الوحدة الحقيقية، فليست الوحدة فى المبنى ولا وجود بابا واحد، ومن الواضح أن ذلك لن يحدث، فكمثال، داخل كل كنيسة والأرثوذكسية كمثال، فإن هناك بعض الاختلافات بناء على المكان، فالكنيسة الأرثوذكسية بالصعيد بها اختلاف عن نظيرتها بالقاهرة، وإنما هناك بعض الاختلافات، فمثلا لحن الصلاة يكون بينهما مختلفا، وهو الأمر المماثل بين الكنائس المختلفة الثلاث.
ومفهوم الوحدة لدى الأشخاص مغلوط، وبه فلسفة خاطئة، فالوحدة فى أن نكون مثالا حيا للمسيح فى الأرض، وأن البطاركة يسعون بينهم، والقساوسة والكهنة يفعلون ذلك أيضا، وأكيد الشعب أيضا.
 بالعودة للرهبنة.. ما الفارق بين الرهبنة فى مصر ونظيرتها بالمجر؟
- هما مختلفتان تماما، فالحياة الداخلية لكل منهما مختلفة كليا عن الأخرى، ومن الممكن أن نقيس ذلك على الأنبا بولا، شفيعنا بالمجر ومؤسس رهبنتنا، وأحد أهم شفعاء الرهبنة فى مصر، فلك أن تتخيل أن قصة حياته مختلفة لدينا عنكم، حيث يكون هناك تقليدان سار كل منا خلف أحدهما، فالشخص ذاته، ولكن بعض نقاط قصة حياته بها اختلاف، فما بالك بطبيعة الرهبنة ذاتها، ومن عامين كان هناك لقاء مع الأنبا دانيال، رئيس دير الأنبا بولا بالبحر الأحمر، ومن أيام كان هناك لقاء آخر معه، وحينما سألنى عن قيمة الأنبا بولا والأنبا أنطونيوس لدينا، شددت على قيمتهما العظيمة لدينا، الأمر الذى يعكس أن هناك تواصلا وأشياء مشتركة بيننا كرهبنة على الرغم من اختلاف التفاصيل، وتلك حقيقة، فالأنبا بولا يشفع لنا ويشفع لكم، وأن الأنبا بولا يبنى جسرا بيننا وبين الكنيسة الأرثوذكسية.
كم عدد الآباء البولنديين؟ وهل هناك رهبان منهم فى مصر أو أى دولة عربية؟
- عدد الآباء «الباوليين» حوالى 500 راهب، منهم 400 راهب داخل بولندا فقط، وهو الأمر الذى أطلقه علينا الآباء البولنديون رغم أن أصلهم من المجر، أما الـ100 الباقية فى أكثر من بقعة، ولكن ليس لدينا رهبان فى مصر أو أى من الدول العربية، وأن كل خدماتنا فى أوروبا.