الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

استيراد الحديد السعودي يثير أزمة في مصر.. خبراء: القرار يضرب الصناعة في مقتل.. الرغبة في خفض أسعار مواد البناء لا يجب أن تتحقق على حساب المنتج المحلي.. والحل في القضاء على الاحتكار

 صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تفاوتت آراء خبراء ومطورين عقاريين ومصنعين حول استيراد الحديد من السعودية بين تحقيق إيجابيات للقطاع العقاري وبين وقوع أضرار على الإنتاج الصناعي المحلي في ظل حصول الحديد السعودي على دعم من الحكومة السعودية.
ففي الوقت الذي يرى فيه خبراء أن التنوع في قنوات استيراد الحديد سيسهم في خفض الأسعار، وبالتالي تكاليف التشييد في القطاع العقاري، وهو ما سيسهم في نمو الطلب، والمنافسة على شراء الوحدات العقارية، وتوسيع مفهوم التصدير للعقارات، خاصة أن الحديد السعودي سيتوفر بسعر أقل من المصري بنحو ألفي جنيه.
وفي المقابل هناك من يرى أن فروق أسعار تكليف إنتاج الحديد بين السعودية ومصر في ظل حصول المنتج السعودي على دعم ومزايا وأسعار طاقة مدعومة يقلل من فرص المنافسة للإنتاج المصري لصالح المنتج السعودي.
ويبلغ معدل الإنتاج السنوي المحلي من الحديد نحو 11 مليونا، فيما يتراوح الاستهلاك المحلي الفعلي بين 7 و 8 ملايين طن سنويًا، وأقرت الحكومة نظاما لحماية السوق المحلية ودعم المصانع المحلية بقرار من وزارة التجارة والصناعة، وذلك برسوم إغراق ضد واردات الحديد من تركيا أو أوكرانيا والصين حتى يونيو 2022.
إلا أن حالة القلق بين مصنعي الحديد، بدأت ومازالت مستمرة بعد قرار هيئة الرقابة على الصادرات والواردات بتسجيل شركات سعودية للسماح لها بتصدير الحديد لمصر، بهدف فتح الفرصة أمام المنافسة الحرة داخل الأسواق، إلا أن المصنعين يرون عكس ذلك.
ويرى المصنعون أن القرار يضر بالصناعة المحلية، ويهددها وهوما يتطلب منع اتخاذ مثل تلك الخطوات للحفاظ علي الصناعة المصرية، حيث تنتج مصر نحو 11.5 مليون طن سنويًا، في الوقت الذى يتراوح فيه حجم الاستهلاك المحلى بين 8 و9 ملايين طن سنويًا.

ويقول المهندس عبدالمجيد جادو، خبير عقاري: يجب إجراء دراسة حول مسببات حالة التذبذب في الأسعار، وذلك من أجل تحجيمها، فلا يمكن لصناعة العقار أن تستقر طالما هناك تذبذب في أسعار مواد البناء خصوصًا الحديد، موضحًا أن أسعار الحديد في الدول المحيطة بنا وخصوصًا في المنطقة العربية أقل من مصر، ومن المهم حدوث استقرار في الأسعار، كما يجب على الحكومة أن تضع سعرا مستقبليا خاصة في الإسكان المحدود.
وأوضح، أن انخفاض أسعار الحديد في دول أخرى مثل السعودية عامل مهم في توفير منتج بسعر مناسب يقلل في تكاليف بناء العقارات، وامتصاص جزء من التكاليف التي ترتفع بشكل مستمر، وبنسب عالية جدًا، ربما يكون غير مبرر.

وأوضح المهندس عبدالمجيد جادو، الخبير العقاري أن أسعار الحديد والأسمنت تؤثر بشكل كبير على الإسكان المحدود، إلا أن تأثيرها نسبي على الإسكان الفاخر، وفقًا لنسب استخدامات الخرسانة، بينما الرسوم ثابتة على الإسكان الفاخر والمحدود، مشيرًا إلى أن نسبة الخرسانة في 15% في الإسكان المحدود و7% في الإسكان الفاخر.
وأضاف، أن الأسباب التي أدت إلى ارتفاع الحديد إما احتكارية أو أخرى، ومن المهم تحديدها والتعرف عليها حتى لا يتكرر الارتفاع ثانيًا، ولاشك أن استقرار الأسعار بشكل عام لمدخلات صناعة العقار مهم للقطاع وتطوره وزيادة الاستثمار فيه، مشددًا على أن استقرار تكاليف القطاع العقاري مهمة جدًا في مساعدة المستثمر في وضع سعر مستقبلي، وتحديد هامش الربح والأسعار لأن الحديد والأسمنت من القطاعات المؤثرة على صناعة العقار وبالتالي يجب أن تعرف الأسباب الحقيقية لارتفاعه لعلاجها.
وأوضح المهندس عبدالمجيد جادو، أن تذبذب أسعار مواد البناء والحديد خاصة له تأثير على القطاع العقاري وله تأثير حسب القطاع الموجه إليه، ففي الإسكان المحدود تأثيره كبير، وفي الإسكان الفاخر تأثيره يقل لأن تكلفة الخرسانة في الحالتين واحدة، بينما الحديد متحرك.

ومن جانبه قال محمد حنفي مدير عام غرفة الصناعات المعدنية، باتحاد الصناعات، إن استيراد مصر للحديد السعودي يفتح الباب أمام تراجع الصناعة المحلية، خلال المرحلة المقبلة، ويلحق خسائر كبيرة بها، خاصة أنه تم فرض رسوم إغراق على واردات الحديد حتى يونيو 2020 للحفاظ على الصناعة، حيث جاء القرار بعد دراسة وافية من وزارة الصناعة.
وأشار إلى أن صناعة الحديد التي يتم استيرادها من السعودية تحصل على دعم من الحكومة السعودية، لتوفير غاز للمصانع بنحو 1.7 دولار للمليون وحدة حرارية، في حين تقدمها الحكومة المصرية الغاز لمصانع الحديد بنحو 7 دولارات، وهو ما يعني حدوث فجوة سعرية وفروق في الأسعار بين المنتج المصري والسعودي.
وبين حنفي أن الصناعة في مصر تعاني خلال الفترة الأخيرة بسبب الإجراءات الصعبة التي تتخذها الحكومة وفقا لتنفيذها لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، ما يتطلب تقديم دعم حقيقي للصناعة يساهم في إسراع النمو وتقليل الأسعار أمام المستهلكين، خاصة في تلك المرحلة الصعبة، والتي تحتاج تكاتف الجميع.

أما أحمد العادلي خبير اقتصادي، فيرى أن السماح لحديد التسليح من منتجات الشركات السعودية بالدخول للسوق يضر الصناعة وظلم بين للشركات المصرية فأسعار الطاقة هناك مجانية مقارنة بالأسعار المصرية، موضحًا أنه في حال السماح باستيراد الحديد السعودي يجب أن ترخص الحكومة المصرية أسعار الطاقة حتى تكون المنافسة عادلة.
ولفت إلى تخوفات غرفة الصناعات المعدنية، باتحاد الصناعات، من أن توريد الحديد السعودي لمصر سيرفع من خسائر الشركات المحلية، تحديد أي كيلو حديد يدخل لمصر من الخارج هو على حساب الإنتاج المحلي، كما يطالب المنتجون بسعر غاز مماثل للسعر السعوددي البالغ 1.7 دولار بدلًا من 7 دولارات لمليون وحدة، لتتساوى أسس المنافسة.

ويرى شريف الدمرداش خبير اقتصادي، أن فتح باب الاستيراد يفتح الباب أمام السيطرة على ارتفاع أسعار الحديد المحلية ومحاولة التغلب على ذلك لزيادة المبيعات وتحقيق عنصر المنافسة، فإن استمرار الأسعار المحلية كما هي لن تكون هناك مبيعات محلية، مشيرًا إلى أن ذلك يصب في مصلحة المستهلكين، خاصة بعد القرارات الاقتصادية التي اتبعتها الحكومة خلال الأسبوعين الماضيين برفع أسعار المحروقات والكهرباء والعديد من السلع والخدمات. 
من جانبه قال شريف الدمرداش، خبير اقتصادي، إن دعم الصناعة المحلية لن يأتي إلا من خلال توفير السيطرة على المحتكرين، والذين يتلاعبون بالأسواق، مشيرا إلى أن صناعة الحديد في مصر يسيطر عليها قلة حاولت فرض كلمتها على الأسواق خلال العامين الماضيين ورفعت الأسعار بصورة كبيرة، وذلك بعد استجابة وزير الصناعة السابق على قرار فرض رسوم الإغراق، ما جعلهم يستبدون بالأسعار.