الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

كأس العالم.. أدباء مارسوا كرة القدم وكتبوا عنها

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعد بطولة كأس العالم لكرة القدم المقامة حاليًا بروسيا الحدث الأبرز الجاذب للأنظار من كل أنحاء العالم، والواقع أن كرة القدم ليست لعبة رياضية وحسب، وإنما هي دراما متكاملة تجري أحداثها على عشب أخضر في مدى زمني لا يتعدى ساعتين، وذلك المستطيل الأخضر إنما يكشف عن أنماط أخلاقية مختلفة استفاض الفلاسفة والمفكرون في الحديث عنها، فثمة من يبحث فيها عن السعادة واللذة بغض النظر عن عواقب تلك اللذة، وثمة من يسعى للنصر والفوز مهما كانت الوسائل، كما أنها مرآه تعكس بصدق صراع الفرد والجماعة، فهناك فرق جماعية تشبه خلية النحل التي يتوارى فيها دور الفرد ويتلاشى، وهناك فرق أُخرى تنهض على أكتاف النجم الأوحد.
وكرة القدم التي وصف السوسيولوجي الفرنسي "جوستاف لوبون" تشجيعها بأنه ضرب من الجنون، وأنصف مشجعوها الروائي البرازيلي "جورجي أمادو" بقوله: أغبياء أولئك الذين لا يحبون كرة القدم، تعتبر لعبة جاذبة للمثقفين والكتاب بقدر ما هي جاذبة للمحبين والمتابعين، فالكاتب والروائي الجزائري المولد والفرنسي الأصل "ألبير كامو"، الحائز على جائزة نوبل عام 1957، كشف أنه في السادسة عشر من عمره لعب في فريق كرة قدم جزائري بمركز حراسة المرمى، قبل أن يبتعد عن الساحرة المستديرة بعد إصابته بالسل ويهاجر إلى فرنسا، وقد صرَّح صاحب "الغريب"، الذي فارق الحياة على إثر حادث سيارة، أن كل ما تعلمه في الحياة تعلمه من كرة القدم.
أما جابرييل جارسيا ماركيز، رائد الواقعية السحرية المعاصرة، فقد روت بعض المصادر أن كرة قوية ارتطمت في بطنه كادت أن تمزق أمعاءه كانت هي الحادث الذي أسدل الستار على لعبه بمركز حراسة المرمى في ضاحية "أراكاتاكا" الكولومبية، وغيِّر مسار حياته من الرياضة إلى الأدب.
وقد كان الشاعر الروسي الشهير "يفجيني يفتوشينكو" مولعًا بكرة القدم، وبالتحديد بمركز حراسة المرمى، وكان يرى أن قواعد الكرة أكثر سهولة من قواعد الأدب، حيث قال إن الشاعر يأخذ وقتًا أطول حتى يثبت أن كرته أصابت الهدف، ولم يختلف حال القاص الروسي "فلاديمير نابوكوف" كثيرًا عن مواطنه، فكان يلعب هو الآخر في مركز حراسة المرمى، ربما لأن هذا المركز يضفي على صاحبه مسؤولية أكبر في زمن قد يصنف فيه المرء وفقًا لقدرته على المجازفة.
وفي الوقت الذي رأى فيه الشاعر الأمريكي "ارشيبالد ماكليش" أن الشعر وكرة القدم لا يجتمعان، أشار الروائي "بول أوستر" إلى رمزية الصراع في كرة القدم، مؤكدًا أنها تعد بشكل ما آخر ما تبقى من حروب الماضي، ووريثة معارك العصور الغابرة الشرعية، حيث قال: "البلدان تخوض حروبها اليوم في ملاعب كرة القدم بجنود ذوي سراويل قصيرة، وبينما يفترض أنها مجرد لعبة، وأن التسلية هدفها وغايتها الوحيدة، غير أن الذاكرة الخفية لتناحرات الماضي تسدل أستارها على كل مباراة، وكلما سجل هدف، تلوح في الأفق الانتصارات والهزائم القديمة".
وكتب نجيب محفوظ، الذي مارس كرة القدم في شبابه، في "المرايا": في ذلك اليوم شاهدت مباراة كرة قدم لأول مرة في حياتي، وعرفت لاعبين لم ينمح أثرهم من نفسي حتى اليوم وسعدت وسررت وبدأت أعشق هواية جديدة.
فلا شك في أن كرة القدم أكثر من مجرد لعبة.