الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

لبنان: لقاءات واتصالات مكثفة لتحريك الجمود في تشكيل الحكومة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تسارعت في الساعات الأخيرة وتيرة اللقاءات والمشاورات ومستوى الاتصالات بين القوى والتيارات والأحزاب السياسية اللبنانية، في ظل هدنة سياسية هشة بين الفرقاء السياسيين، لتجاوز العقبات و"العقد" أمام تشكيل الحكومة برئاسة سعد الحريري رئيس الوزراء المكلف منذ 24 مايو الماضي، وسط حديث عما يشبه التوافق بين القوى السنية، وزيارة مرتقبة لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع إلى القصر الرئاسي في بعبدا، لنزع فتيل التوتر الحاد مع الرئيس ميشال عون وحل الأزمة المسيحية، ودون أن يكون هناك ثمة جديد لحل عقدة التوزير الدرزي.
ووسط هذه الأزمات والتوتر، يراقب الثنائي الشيعي (حركة أمل وحزب الله) المتوافق على حصولهما على حصة من 3 وزراء لكل منهما، المشهد بترقب، قاصرين تدخلهما في الأزمة على ما يحقق مصالحهما بالحصول على وزارات سيادية وخدمية، وفي بعض الأحيان إطلاق (فيتو) بالممانعة تجاه حصول أحد أطراف الأزمة على حقيبة وزارية بعينها.
وبينما يرى البعض أن مشاورات تشكيل الحكومة تشهد هدوءا وربما إجازة ممتدة، خاصة في ظل سفر رئيس مجلس النواب نبيه بري لقضاء عطلته السنوية في أوروبا، وكذا اعتزام "الحريري" السفر إلى فرنسا لبضعة أيام في زيارة عائلية خاصة، غير أن مصادر بيت الوسط (مقر إقامة الحريري) أكدت أن هذه الإجازة لا تعني توقف مشاورات واتصالات "الحريري" مع الجميع لاستكمال مهمته بأسرع ما يكون.
وبدا لافتا نجاح سعد الحريري في إحداث حالة من التوافق في صفوف قوى الطائفة السنية من خارج تيار المستقبل، وسط معلومات تفيد حصوله على "تفويض سني شامل" في مسألة تشكيل الحكومة، بعد الاجتماع الذي عقده ببيت الوسط مع رؤساء الوزراء السابقين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام، وما تم الإعلان عنه عقب الاجتماع من "تضامنهم ودعمهم له في تشكيل الحكومة".
ومن شأن تلك الخطوة غير المتوقعة أن تقوي الموقف التفاوضي لرئيس الوزراء المكلف في مواجهة مطالبات قوى سياسية أخرى، وعلى وجه التحديد حزب الله والتيار الوطني الحر، بأحقية النواب السنة من خارج تيار المستقبل والموالين للفريق المناوىء (8 آذار) بالتمثيل الوزاري في الحكومة خصما من حجم الحصة السنية التي يتحكم بها سعد الحريري، لاسيما وقد تسربت معلومات عن توافق بين الرجل القوي نجيب ميقاتي مع الحريري على شخصية وزارية توافقية بينهما.
وجاء اجتماع الحريري مع "ميقاتي والسنيورة وسلام" بعد أقل من يوم من حديث متلفز للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، دعا فيه إلى اعتماد معيار واحد لتشكيل الحكومة، يتمثل في أن يتم تحديد الحصص الوزارية على أساس نتائج الانتخابات النيابية، وهو ذات الطرح الذي يدعو إليه، بل ويتمسك به التكتل النيابي (لبنان القوي) برئاسة وزير الخارجية جبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر، والذي يتصادم مع رؤية الحريري والقوات والحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة وليد جنبلاط.
وتأتي هذه الخطوة بإحداث توافق سني بعد أن استطاع "الحريري" من قبل، تهدئة الأجواء مع الرئيس ميشال عون، عقب زيارة أجراها رئيس الحكومة المكلف إلى بعبدا، وأكد بعدها على وجود "تفاهم على كل كبيرة وصغيرة" بينه وبين رئيس الجمهورية، بعد أن كان "عون" قد أصدر بيانا أعلن فيه أنه لن يتخلى "عن حقه في اختيار نائب رئيس الحكومة وعدد من الوزراء يتابع من خلالهم عمل مجلس الوزراء والأداء الحكومي" ودعوته القوى السياسية إلى "احترام الأحجام التي أفرزتها الانتخابات النيابية الأخيرة لكل منهم".
وعلى صعيد "العقدة المسيحية" بين حزب القوات اللبنانية من جهة، والتيار الوطني الحر ورئاسة الجمهورية من جهة أخرى، بدا واضحا خفوت حدة السجال وحرب التصريحات الإعلامية بين الجانبين والتي كانت قد اشتعلت في ضوء الخلاف الشديد بينهما على حجم الحصص الوزارية لـ القوات" ونوعيتها، حيث كان الموقف المبدئي للأخير يتمسك بمنصب نائب رئيس الحكومة وحقيبة سيادية وعلى وجه الخصوص (الدفاع) ضمن الحقائب التي ستسند إليه، وسط رفض شديد من جانب التيار وبعبدا.
وكانت الحرب الإعلامية بين (القوات اللبنانية) و(التيار الوطني الحر) قد بلغت ذروتها الأسبوع الماضي، بإعلان الوزير جبران باسيل قبل عدة أيام أن الاتفاق السياسي الذي بني على اتفاق معراب (اتفاق المصالحة الذي دعم بمقتضاه حزب القوات ترشيح ميشال عون للرئاسة) لم يعد قائما، وهو ما تم تفسيره في البداية على أنه سقوط للمصالحة برمتها، قبل أن تعود مصادر بالتيار لتؤكد احترام تعهداتها والمصالحة، وهو ما يعني اعتماد التيار لمقاربة سياسية مفادها إمكانية فصل المصالحة عن تضارب المصالح على قاعدة تنظيم الخلاف مهما اشتد.
وترجح الكثير من المصادر السياسية أن تكون الزيارة المرتقبة للدكتور سمير جعجع رئيس حزب القوات إلى بعبدا والتي يلتقي خلالها الرئيس ميشال عون، بداية تطور إيجابي وعودة للتقارب بين الجانبين، على نحو سينعكس بصورة جيدة على مساعي تشكيل الحكومة، حيث بدا لافتا حرص "جعجع" على ترميم جسور العلاقة مع "عون" ولكن دون أن تكون هناك مساع مماثلة من جانب رئيس "القوات" مع جبران باسيل في ضوء التوتر الحاد وغير المسبوق بينهما.
ووسط أجواء التهدئة الرامية لإنهاء التجاذبات السياسية بين القوات والتيار، نقلت مصادر عن قيادة التيار عدم وجود "ممانعة" أن يتم إسناد حقيبة سيادية ضمن الحصة الوزارية الخاصة بـ "القوات" دون أن يتم تحديد نوعية هذه الحقيبة، خاصة مع عدم وضوح الرؤية من جانب حزب الله الذي قيل في البداية إنه يعترض على أن تكون وزارة الدفاع من حصة القوات، ثم تواردت أنباء أخرى عن عدم ممانعته لهذا الأمر.
وتأتي الزيارة المفاجئة التي تم الإعلان عنها خلال الـ 24 ساعة الماضية، لجبران باسيل إلى بيت الوسط للقاء سعد الحريري، في إطار محاولات التوفيق التي يبذلها رئيس الحكومة المكلف لحلحلة الأزمة المسيحية والتي تعتبر الأصعب أمام تشكيل الحكومة، في ضوء تأكيد الحريري أن الأوضاع الاقتصادية التي يمر بها لبنان لا تحتمل التأخير تشكيل الحكومة، خاصة وأن الدول التي تعهدت بتقديم قرض ومساعدات اقتصادية للبنان في مؤتمر سيدر (لدعم الاقتصاد والبنى التحتية في لبنان) تنتظر إصلاحات محددة يقوم بها لبنان من خلال حكومته الجديدة.
ومن جانبه، صدرت عن زعيم الطائفة الدرزية وليد جنبلاط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، تصريحات حسم فيها مسألة التوزير الدرزي مؤكدا أن الوزراء الثلاثة الدروز بالحكومة، لن يخرجوا عن حصة تكتله النيابي (اللقاء الديمقراطي) وهو الأمر الذي يتصادم مع الطرح المقدم من التيار الوطني الحر بتسمية وزير المهجرين بحكومة تصريف الأعمال النائب طلال أرسلان (أحد الزعامات الدرزية) في الحكومة المقبلة، وذلك خصما من الحصة الدرزية بالحكومة.
كما أكد "جنبلاط" رفضه القاطع لمقترحات التوافق أو الشراكة مع أي طرف كان (درزي أو غير درزي) في اختيار وزير من بين وزراء الطائفة التي يتزعمها، وهو الأمر الذي يسعى معه رئيس الحكومة المكلف إلى التوصل لحل لهذه الأزمة.