الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

محاولة لحل لغز عجز توريد القمح.. أرقام التموين تؤكد نقص نصف مليون طن في واردات القمح.. نقيب الفلاحين يُحمل "المصيلحي" المسئولية.. وخبراء: السعر الظالم للفلاح ومافيا الاستيراد وراء الأزمة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قبل ساعات أعلنت وزارة التموين عن أرقامها الرسمية لحصيلة واردات القمح المحلي الذي شهد تراجعا كبيرا العام الحالي، إذ وصلت الكمية الإجمالية الموردة من الفلاحين للوزارة إلى 3.15 مليون طن قمح بقيمة إجمالية 12 مليار جنيه.




وكشفت الحصيلة عن وجود عجز في كمية القمح الموردة بنحو نصف مليون طن أقماح عن العام الماضي بعدما اشترت الحكومة القمح من المزارعين المحليين هذا العام بسعر بين 570 و600 جنيه للأردب بناء على درجة النقاوة مقارنة مع حوالي 575 جنيها للأردب العام الماضي، وبالرغم من أن ما تم شراؤه يقل عن مستهدف الحكومة والذي قالت من قبل إنه سيكون ما بين 3.5 و4 ملايين طن من القمح المحلي، إلا أنه يقل أيضا عن 3.6 مليون طن التي جرى شراؤها العام الماضي
خبراء الزراعة في مصر اعتبروا الرقم صادم وأكدوا أن المساحة المزروعة كان من شأنها رفع الكمية الموردة ثلاثة أضعاف عن العام الماضي إلا أن قرار وزير التموين المفاجي بانتهاء موسم توريد القمح، والسعر المعلن من قبل الحكومة لتوريد الذهب الأصفر، بالإضافة إلى استمرار هيمنة مافيا وعصابات الاستيراد على سوق القمح المصري كانت من أهم أسباب تراجع الكمية الإجمالية لواردات القمح هذا العام

قرار صادم
في البداية أعرب حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، عن تعجبه للقرار الغريب والمفاجئ من قبل وزير التموين بوقف التوريد قبل الموعد النهائي للتوريد والمحدد مسبقا وهو 15 يوليو، وقال إنه في العام الماضي زرع الفلاحون 2.9 مليون فدان، ووردوا لوزارة التموين بحسب الأرقام الرسمية 3.6 مليون طن.
وأضاف نقيب الفلاحين أنه بالمقارنة مع العام الحالي فالفلاحين زرعوا 3.260 مليون فدان، وكان من المفترض أن تجمع المساحة المزروعة نحو 9 ملايين طن، بمتوسط للفدان 18 أردبا، وفوجئنا بقرار وزير التموين بوقف استلام المزيد من القمح والاكتفاء بتوريد 3.15 مليون فدان بالرغم من أن قرار الاستلام يمتد لـ 15 يوليو 2018.
أعباء إضافية 
وأشار أبو صدام إلى أن الفلاحين واجهوا متاعب كبيرة في نقل إنتاجهم من القمح لبعد أماكن الصوامع الحديثة والمتواجدة في أماكن بعيدة عن مواقع الحقول والإنتاج وتكدس المزارعين عليها، مما يزيد من أعباء وتكاليف النقل نتيجة عدم وجود نقاط تجميع، كذلك التعنت في تحديد جودة القمح من قبل الوزارة حيث رفضت الحكومة استلام أكثر من 40 ألف طن من المزارعين مما يمثل عبئا على الفلاح نتيجة تحمل تكاليف نقل مضاعفة
وتابع: "كل هذه الخطوات أجبرت الفلاحين على النفور عن توريد القمح مما دفع الفلاحين للبحث عن التجار ومصنعي الأعلاف في القطاع الخاص الذين يشترون القمح بأعلى من السعر الحكومي ومنه يصنعون الأعلام التي وصل سعر الطن منها الـ5000 جنيه

هيمنة مافيا الاستيراد
وأكد النقيب على وجود مافيا استيراد القمح الذين يتلقون عمولات ورشاوى تغذي الفساد ومحاربة الإنتاج المحلي، مشيرا إلى أن العام قبل الماضي تجلت عمليات الفساد عندما تم الإعلان عن توريد أكثر من 5 ملايين طن قمح لمخازن التموين، وبعد الكشف عن قضية فساد وزارة التموين وتشكيل لجنة لتقصى الحقائق اكتشفت أن أرقام التوريد كانت أقل من المعلن بكثير، مما يدل على أن المافيا والفساد كانت تدخل أقماح أجنبية وتخلطها بالقمح المصري وتضيفها للكمية الموردة مما يثبت أن الأرقام والكميات وهمية
وأشاد النقيب بالنسب المعلنة للتوريد مؤكدا أن النسب هذا العام قد تكون دقيقة بنسبة 100% نتيجة الدقة في الاستلام، إلا أنه ألقى باللوم على الوزارة بعد رفض السعر المقترح لتوريد القمح والمتمثل في 700 جنيه تشجيعا للفلاح، مؤكدا أنه أثر بنسب كبيرة على كميات التوريد
وقال الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة ومستشار مركز الدراسات الاقتصادية الزراعية، إن السعر الذي حددته الوزارة لتوريد القمح كان العامل الرئيسي لانهيار معدلات التوريد من قبل الفلاحين.
السعر ظالم 
وأكد صيام في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز" أن السعر يقل عن السعر العالمي حوالي من 50 إلى 100 جنيه، كما أن تأخر إعلان سعر التوريد يعد نوع من المراوغة من قبل الحكومة مع الفلاحين، متابعا: "المستفيد من هذا نقص التوريد المحلي للقمح هو عصابة التجار المستوردين فالنص مليون طن العجز عن العام الماضي ستعوض بالاستيراد".
ويضيف الخبير الزراعي، أن هناك مشكلات متوطنة في هذا القطاع منها غياب نقاط التجميع والتسليم، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف النقل بعد ارتفاع أسعار الوقود، الأمر الذي يرمي الفلاحين في أحضان التجار ويكونون عرضة للاستغلال.

جمعيات زراعية "خيال مآتة"
ودعا الخبير الزراعي إلى الضرورة الحتمية لتفعيل دور الجمعيات الزراعية لتكون مراكز ونقاط للتجميع، بدلا من كونها كيانات عديمة القيمة في الفترة الأخيرة "خيال مآتة"، وتسهيل المهمة على المزارعين، وتقليل نفقات النقل لأن الجمعيات الزراعية منتشرة في معظم القرى والبلدان.
وشدد الخبير على أن السعر وتحديد الجودة كانت ظالمة للفلاح وينقصها العدالة في التقييم، فالفلاح بعد رفع الدعم عن المقومات الرئيسية كالوقود وارتفاع تكاليف الإنتاج بعدما أصبح يحاسب بالسعر العالمي، فلماذا لا يورد إنتاجه بالسعر العالمي؟ 
أما التجار فقالوا إن شركات المطاحن الخاصة اشترت هذا العام جزءا من المحصول المحلي وعرضت أسعارا أعلى من الحكومة للقمح مع ارتفاع الأسعار العالمية فوق السعر الحكومي خلال وقت الحصاد
وأضافوا أن فارق السعر بين القمح المحلي والمستورد أتاح فرصة استفاد منها القطاع الخاص لسداد قيمة القمح بالجنيه المصري بدلا من شراء القمح المستورد بالدولار الأمريكي
عجز مستمر 
ويجبر العجز في ورادات القمح الهيئة العامة للسلع التموينية استيراد المزيد من القمح من الخارج لسد فجوة الإمدادات، الأمر الذي يصب في مصلحة مافيا استيراد القمح بحسب ما قال الخبراء في تصريحاتهم لـ"البوابة نيوز".
واشترت مصر، أحد أكبر مستوردي القمح في العالم، نحو 3.4 مليون طن قمح من الفلاحين في موسم عام 2017، إذ يستهلك المصريون نحو 9.6 مليون طن من القمح سنويا لإنتاج الخبز المدعم.
وذكر تقرير لوزارة الزراعة الأمريكية أن من المتوقع أن تستورد مصر نحو 12.5 مليون طن من القمح في السنة المالية 2018-2019 التي تبدأ في يوليو، وهو رقم يتضمن مشتريات الهيئة العامة للسلع التموينية والقطاع الخاص.