الأربعاء 01 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

كأس العالم في سيناء

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حالة الإحباط التى فرضها علينا فشل منتخب كرة القدم فى كأس العالم يجب ألا تستمر، ليس من منطلق أن الكرة مكسب وخسارة، ولكن من منطلق أن المقدمات السيئة تؤدى إلى نتائج أسوأ، وما حدث من فوضى بدأت قبل أسابيع من المونديال يؤدى حتمًا إلى هذه العودة الخائبة. وللخروج من دائرة الإحباط المعتمة إلى منطقة الأمل المضيئة.. علينا متابعة مونديال آخر تجرى مبارياته على الأراضى المصرية، ويحقق منتخبنا فيه انتصارات تثلج الصدور.
المونديال الآخر.. المنافسة فيه ليست على كأس أو ميداليات، لكنها على مصر، حيث يواجه الجيش المصرى منتخب إرهابيى العالم، وقد فرض علينا الأعداء أن تكون سيناء مسرحًا لأحداثه التى تحدد نتائجها مصائر شعوب.
مونديال سيناء لم تستغرق جولاته شهرًا، أو حتى عاما، لكنها مستمرة منذ سبع سنوات، ومدة المباراة ليست تسعين دقيقة، لكنها ساعات تطول لأيام، وفيها يخرج الحكم المرتشى عن قانون اللعبة؛ حيث يسمح باستبدال فريق من الإرهابيين بآخر عندما يشعر بإخفاق أو فشل، وأحيانًا نراه لاعبًا أساسيًا ضدنا رغم محاولاته التخفى خلف صوت (صفارته) المدوي، أما رعاة المونديال فهم كثر، منهم طامعون فى مصر، وآخرون طامعون فى مسرح الأحداث، ومنهم منتمون للعروبة كانت رعايتهم ثمنًا لحمايتهم، ومنهم جيران فتحوا مستشفياتهم لعلاج المصابين من منتخب العالم.
الجيش المصرى اعتاد العمل بخطة واحدة، هى الدفاع عن حدود وطنه، لكنه اضطر إلى تغيير خطته عندما شعر بالخطر على مرماه، حيث تحول كل لاعبيه إلى مهاجمين، يتنافسون على الشهادة من أجل الوطن، حتى من يصاب يصر على التواجد فى الصفوف الأمامية ليكون رأسًا للحربة.
أبطال جيشنا فى مونديال سيناء لا تبهرهم الأضواء، ولا تطاردهم الكاميرات ولا يسعون لنجومية، يلعبون دون جمهور، فلا فنانين ولا إعلاميين ولا رجال أعمال، ولا (تورتة) يفاجئهم بها أحد من هؤلاء، ولا محاولات تسلل إلى مقر إقامتهم فى الصحراء وبين الجبال، بل يخشى من اعتادوا الهرولة لزوم الشو الإعلامى وادعاء الوطنية من مجرد التواجد فى محيط جيش مصر فى سيناء. 
أبطال جيشنا فى سيناء لا يبحثون عن عقد احتراف فى الخارج؛ لأنهم أقسموا ألا يلعبوا إلا لمنتخب بلدهم، ولا ينتظرون مكافأة من نادٍ أو اتحاد أو رجل أعمال، ولا ينتظرون عائدًا ماديًا من ظهور فى إعلانات أو برامج تليفزيونية أو مسلسلات، ولا يبتزون ولا يهددون ولا يخشون على أنفسهم من الإصابة أو الإحتكاك بالفريق الآخر. ولم ينتهزوا فرصة مشاركتهم فى مونديال يحدد مصير بلدهم فيتاجرون بهذه المشاركة، وكأنها فرصة لجمع أكبر قدر من المال.
أبطال جيشنا فى سيناء رجال عرفوا معنى الوطنية، فوهبوا حياتهم من أجل بلدهم، فلا ميوعة ولا جرى خلف سهرات أو ملذات، متعتهم فى تحقيق فوز يطهرون به البلاد، فراشهم الأرض ولحافهم السماء، وطعامهم كسرة خبز وشربة ماء، وغايتهم أن يعيش شعبهم فى أمن، حتى لو كانت حياتهم ثمنًا لذلك.
أبطال جيشنا فى سيناء بينهم احترام متبادل، فلا يستخدم أحد زملاءه فى تصوير ليتاجر به، ولا يتطاول أحد على زميل أو رئيس له، ولم يصدر من أحدهم فعل مع زميل كان أقرب للفضيحة، ولم يرضخ أحد لإغراء المال فيتعاقد مع فريق آخر منتهزًا فرصة تواجده فى المونديال، فكل من فى سيناء يدركون أن مهمتهم لن تنتهى بالفوز، فالفوز يعقبه البناء.
أبطال جيشنا فى سيناء لم يتبادل أعضاؤه الاتهامات، فلا بطحة على رأس أحد فيهم حتى يرضخ لتهديد الآخر أو ابتزازه، كما أنهم متفرغون لإدارة المنتخب، ولم ينشغلوا عنه بتقديم برامج أو ظهور فى قنوات مقابل أجر، ولم يستغلوا مناصبهم فى جمع المال.
اخرجوا من دائرة الإحباط بعد فشل منتخب كرة القدم فى روسيا، وتابعوا إنجازات جيشنا العظيم مع منتخب إرهابى العالم فى مونديال سيناء، تابعوا واستمتعوا بانتصارات يومية يحققها جيشنا، فهذا هو المونديال الحقيقي، وهؤلاء هم الأبطال الأحق بالمتابعة والتشجيع.