الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

فيديو "الموت لفلسطين".. يفضح نظام الملالي ويكشف المستور

مظاهرات إيران
مظاهرات إيران
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يتأكد يوما بعد يوم، أن إيران، لم تكن داعمة للشعب الفلسطيني، بقدر ما استفادت من قضيته، وتاجرت بها، لتحقيق مخططاتها التوسعية في المنطقة، والتغلغل في الدول العربية.
ورغم أن هناك كتيبة في الحرس الثوري الإيراني، تدعى "فيلق القدس"، إلا أن الأزمات المستعرة في العراق وسوريا واليمن، كشفت أيضا، أن إنشاء هذه الوحدة العسكرية، لم يكن بهدف الدفاع عن هذه المدينة المحتلة، وإنما كان استغلالا لمعاناتها، لخداع الشيعة في أنحاء العالم، ومحاولة استقطابهم، لإثارة القلاقل في الدول العربية، بعيدا عن قتال إسرائيل.
ولعل قرار نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، ومواصلة إسرائيل تهويد هذه المدينة المقدسة، أثبتا أيضا زيف مزاعم إيران، لأنها لم تقترب من إسرائيل، ولم تستهدفها، بل بدأت أيضا في سحب ميليشياتها من جنوب سوريا، لتجنب خوض مواجهة مسلحة معها.
وجاءت الاحتجاجات الأخيرة، التي اندلعت منذ 25 يونيو في طهران وغيرها من المدن الإيرانية، لتؤكد بما لا يدع مجالا للشك، أن هذه الدولة تجد دائما في جراح الشعب الفلسطيني، طوقا للنجاة، من الأزمات، التي تواجهها داخليا وخارجيا.
ففي 30 يونيو، انتشرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر فيها محتجون إيرانيون، وهم يهتفون "الموت لفلسطين"، فيما فسره البعض على الفور، بأنه لعبة مخابراتية إيرانية، لتشويه صورة المتظاهرين من جهة، والترويج أنهم ينفذون أجندة إسرائيلية - أمريكية، من جهة أخرى.
ولعل ما يرجح صحة ما سبق، أن الاحتجاجات التي تضرب حاليا طهران وعدة مدن إيرانية، والتي جاءت بسبب انهيار العملة وارتفاع الأسعار بشكل حاد، لم تكن الأولى من نوعها، حيث سبقتها مظاهرات مماثلة، نهاية العام الماضي، ولم يظهر خلالها شعارات "الموت لفلسطين"، بل طالبت فقط بوقف التدخل الإيراني خارج حدود الدولة، وإنفاق المليارات المهدرة على الحروب الخارجية في إصلاح اقتصاد البلاد المتداعي.
ويبدو أن إلغاء الاتفاق النووي، هو كلمة السر في ظهور شعارات "الموت لفلسطين" هذه المرة، حيث حاول نظام الملالي في إيران، تفويت الفرصة على أمريكا، لاستغلال الاحتجاجات لإقناع دول العالم بتشديد العقوبات عليهم، عبر دس عناصر موالية لهم ضمن المحتجين، لترديد هذه الشعارات، وإثبات أنهم مدفوعون من واشنطن وتل أبيب.
ويبدو أن رد فعل حركة فتح الفلسطينية كشف أيضا تفاصيل مؤامرة نظام الملالي، حيث نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن الناطق باسم الحركة أسامة القواسمي، قوله في بيان: "نستنكر الهتافات الرخيصة التي خرجت خلال احتجاجات إيران، ضد الشعب الفلسطيني المناضل والتي تمنت الموت للفلسطينيين".
وأضاف القواسمي "هل يظن الإيرانيون أن حكوماتهم السابقة والحالية قدمت فلسا واحدا للشعب الفلسطيني؟ هذا غير صحيح بالمطلق".
وتابع "من العار أن يظن البعض أن الأزمة الاقتصادية في إيران سببها دعم الشعب الفلسطيني، فإيران لم تقدم شيئا للشعب الفلسطيني، بالرغم من وقوف حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية إلى جانب ثورة الخميني في العام 1979، ولم نسئ لهم يوما لفظا ولا فعلا ولم نتدخل في شئونهم الداخلية مطلقا".
وتابع "أي دعم له شواهده الواضحة، التي تؤثر على حياة الشعب الفلسطيني وصموده، ولم ير أحد من الشعب الفلسطيني، أو يسمع عن الدعم الإيراني بالمطلق، ولم نر أو نسمع أن إيران ساهمت في بناء مدرسة أو جامعة أو مستشفى أو أي مشروع تنموي".
واستطرد "إن كان بعض الإيرانيين يظن أن دعمهم لحزب ما هو دعم للشعب الفلسطيني فهذا وهم وخطأ، فإيران بدعمها لحماس لم تدعم الشعب الفلسطيني بالمطلق".
وبجانب البيان السابق، فإن كثيرين يرون أن اللعبة المخابراتية الإيرانية حول المتاجرة بالقضية الفلسطينية، لن تجدي نفعا هذه المرة، لأن "بازار طهران"، وهو نبض الاقتصاد الإيراني، كما يطلقون عليه، عندما نظم إضرابا عام 1979، كان من بين العوامل الرئيسية في سقوط حكم الشاه حينها، وخروجه من إيران، دون عودة.
ولعل ما يكشف أيضا حجم المأزق الذي يعيشه نظام الملالي، أن دعوة الإضراب، التي انطلقت في 25 يونيو في سوق طهران الكبير أو "بازار طهران"، سرعان ما انتشرت كالهشيم في كافة أرجاء البلاد.
وكانت آلاف المحال التجارية في سوق طهران الكبير أغلقت أبوابها منذ 25 يونيو، تلبية لدعوة إضراب أطلقها التجار، احتجاجا على تدهور قيمة العملة الوطنية "الريال"بشكل قياسي، حيث وصلت قيمتها لى مائة ألف ريال للدولار الواحد.
ولم يقف الأمر عند ما سبق، حيث تظاهر المئات من أصحاب المحال التجارية تنديدا بالسياسات الاقتصادية التي أدت الى ارتفاع كبير في أسعار السلع، في الوقت الذي تواجه البلاد العقوبات الأمريكية الجديدة بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي.
وفيما هدد نواب في مجلس الشورى الإيراني "البرلمان" باستجواب الرئيس حسن روحاني في حال استمرت العملة بالهبوط، تداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو التقطت بالهواتف المحمولة تظهر آلاف الأشخاص في الشوارع المحيطة بالبازار وهم يدعون إلى تنظيم إضرابات أوسع.
وذكرت "بي بي سي" أن هذه أكبر احتجاجات تشهدها العاصمة الإيرانية منذ أكتوبر 2012 عندما فرضت العقوبات الدولية المتعلقة بنشاط إيران النووي، وأدت هذه العقوبات حينها إلى انخفاض قيمة العملة الإيرانية بشكل سريع، وهي الاضطرابات التي أدت في نهاية المطاف إلى تغيير الحكومة وموافقة إيران على إجراء محادثات نووية مع القوى العالمية الكبرى.
ويزيد من احتمالات اتساع نطاق الاحتجاجات، أن حكومة روحاني فرضت في إبريل الماضي سعرا موحدا للعملة قدره 42 ألف ريال للدولار الأمريكي في محاولة لوقف انخفاض الريال، إلا أنه كان يتم تداول الدولار مقابل نحو 85 ألف ريال في سوق الصرف غير الرسمية.
ويبلغ سعر الدولار حاليا ما يقارب 90 ألف ريال، مقارنة بـ 65 ألف ريال قبل إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي، ما أثر سلبيا على الحياة اليومية للمواطنين الإيرانيين، حيث ارتفعت الأسعار الغذائية بشكل غير مسبوق.
وفيما يوسع نظام الملالي الاعتقالات في صفوف المحتجين، يتوقع مراقبون أن تؤدي مظاهراتهم إلى تغيير في الحكومة الحالية، وأن تدفعها إلى إجراء محادثات موضوعية مع القوى العالمية بشأن تعديل الاتفاق النووي، مثلما تطالب واشنطن، وإلا، فإن الأسوأ ما زال بانتظار حكم رجال الدين في طهران، الذي عاث فسادا داخل البلاد وخارجها.