الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

رد "جرير" على "إخوان البنا"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الغضب حالة طبيعية.. لكن الخطورة تكمن حين تتجاوز ظلاله حدود الخاص إلى أزمات جماعية عامة تمس مصير وطن فى مكانة مصر صمام أمان استقرار المنطقة العربية.. عندها يُصبح تدفق سيل المشاعر دون ضوابط الرؤية الواضحة والمنطق طاقة سلبية لا تملك أى حلول أو أجوبة، بالتالى لن تلِد سوى مسخ مشوه للفوضى والتخبط. استغلال كل مناسبة أو حدث من «عصابة إخوان البنا»، بعدما فشلت فى سرقة مصر، أصبح معتادا.. مذهب الجشع عندهم لا يستثني، بداية من المتاجرة بأغانى الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم، وهى تمثل نقيض كل ما بشّر به حسن البنا، مرورا بالشماتة فى خروج مصر من مونديال كأس العالم، بعدما سرقوا تحركا شعبيا خرج للتعبير عن مطالب مدنية بينما جذور عقيدتهم ترفض الثورات ومن يثورون.
قبل الذكرى الخامسة لثورة 30 يونيو وصل اليأس بالجماعة ذروته حين ألقت تغريدة على تويتر فى محاولة ساذجة انضمت إلى سابقة فشلهم.. فالضربات المتتالية أفقدتهم إدراك تحول وعى الشارع المصرى الذى لم تعد تنطلى عليه أكاذيب شعارات «الهاشتاج».. ما يثير اهتمامه الالتفاف حول رأى- أو رأى آخر مختلف- يقدم له حلولا واقعية تعينه على تجاوز تبعات الإصلاح الاقتصادى الذى تأخرت مصر كثيرا عن إجرائه بشهادة كل المرجعيات الاقتصادية العالمية.
«الهاشتاج» الساذج على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» يستدعى أشهر أبيات الشاعر جرير فى هجاء الشاعر الفرزدق والاستخفاف به (زعم الفرزدق أن سيقتل مرعبا.. فابشر بطول سلامة يا مربع).. إذ كلما ازدادت هذه المحاولات الخبيثة للنيل من مصر ورئيسها، وهى وظيفة يؤديها «تُجار» امتهنوا التشكيك والشتائم ودعوات إسقاط الوطن مقابل عوائد مالية مجزية للتلاعب على مشاعر نبيلة تتألم بصدق وهى تحاول اجتياز أزمات متوارثة عبر عقود.. كلما ارتدت إليهم الصفعة من الرأى العام الرافض لهم، ليس فقط على أرض الواقع، بل حتى فى العالم الافتراضى بين وسائل التواصل الاجتماعي. الشارع اختار التعايش مع مرارة الإصلاح الاقتصادى بعدما ذاق «علقم» دعاوى الفوضى وإسقاط الدولة ومؤسساتها القانونية والأمنية وعجزها عن تحقيق أحلامه بواقع أفضل. الفشل المتوقع دفع كتائب الإخوان الإلكترونية إلى التمادى فى صيغ أكثر خطورة من نوعية «هاشتاج» آخر مشبوه «ادعم شمال سيناء» موجه إلى دول أوروبا.. سيناء قطعة غالية من الوطن توجهت- فى مرحلة ما- نحوها أنظار الجماعات الإرهابية والتكفيرية كدولة خلافة لهم.. المؤكد أن هذا الوهم العبثى داعبهم بسبب عدم تجربة دخول مواجهة مع أبطال الجيش المصرى الوطني.
عبر السنوات الماضية، فشلت «عصابة إخوان البنا» فى تسويق شعاراتها الكاذبة التى مكنتها من سرقة الحكم لينتفض الشعب سريعا ويطردها، هوس التعالى على «الآخر» الذى رسخه البنا بين أعضاء جماعته وقف عائقا أمام الاندماج مع المواطن المصرى وصدق التواصل معه.. الشخصية التى رفضت عبر تاريخها الخضوع سواء للقوى التى احتلت مصر وقوبلت بمقاومة شرسة، أو للجاليات الأجنبية المختلفة التى عاشت فى مصر كجزء ضمن نسيج مواطنيها. الفطنة المصرية بذكائها الحاد، التقطت الفرق الشاسع والخطير بين نهج اعتبار «إخوان جماعة البنا» هم فقط المسلمون دون غيرهم، بالتالى يحق لهم التميز عن العامة من البشر.. والفطرة الدينية التى تقر بأن جميع المسلمين إخوة.
توالى الأحداث على الشارع المصرى منذ عام 2011– بما لها وعليها- كسر حائط اللامبالاة الذى ساد خلال عقود ماضية على اهتماماته.. لم يعد يستقبل جديا دعاوى تغيير المعادلات السياسية والاقتصادية من كلمات على وسائل أسست بهدف التواصل الاجتماعى وطرح مختلف الانطباعات الشخصية مهما بلغ تطرفها.. بالتالى هى قطعا لا ترقى إلى مستوى خطط ودراسات تقدم حلولا جادة واقعية لازماته. المؤكد أيضا أن «جينات» التعالى على «الآخر»– الشعب المصري- والاستخفاف به زينت لهم تطبيق مقولة «أينشتاين» الشهيرة عليه (الغباء هو فعل نفس الشىء.. بنفس الأسلوب والخطوات..وتوقع نتيجة مختلفة)، الشارع لم يعد يستجيب لأصوات من الفضاء يقتصر هدفها على إحداث شرخ، سواء فى علاقة الانتماء التى تربطه بالوطن ممن لا يعترفون به أصلا، أو زعزعة الثقة بين المواطن والرئيس بعدما أعماهم الغباء عن استيعاب التغيير الذى طرأ على صيغة هذه الصلة.. وظهرت فى شكل مؤتمرات ولقاءات منذ تولى الرئيس السيسى الحكم مع مختلف شرائح الشعب لتحفيز إشراكهم فى الحقائق والمسئولية.
لحظة توحد الوعى الشعبى فى مشهد مضىء منذ خمسة أعوام لا يليق بها الانسياق إلى محاولة تفتيت الجبهة الداخلية.. النظرة القاصرة لدى بعض الأطراف المشاركة فى ثورة 30 يونيو حول لحظة التوحد العام وافتراض ما سيواكبها فورا من تدفق أنهار اللبن والعسل، هو وهم لم يحدث فى أى دولة عبر التاريخ. المؤكد أن المعارضة الإصلاحية هى ظاهرة صحية مطلوبة، شرط ارتقائها إلى طرح مشاريع سياسية أو اقتصادية تضع ضمن حساباتها أخطاء العقود الماضية، أما «غربان» الخراب وكراهية الوطن.. فلا تجوز عليهم الرحمة فى لحظات الاحتضار.