الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

منير أديب يكتب: قراءة في استراتيجية الإمارات لمواجهة ظاهرتي الإرهاب والتطرف

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
** وضعت تصورات لتفكيك خطاب التطرف ببعديه الدينى والثقافى
ودعمت المؤسسات الإسلامية الوسطية

** قدمت تجربة رائدة فى التنمية الاقتصادية والقضاء على البطالة
ودشنت «حكماء المسلمين» لتعزيز قيم التسامح

تمتلك دولة الإمارات العربية المتحدة استراتيجية عامة لمواجهة ظاهرتي الإرهاب والتطرف التي تواجه العالم شرقه وغربه، فلم تقتصر هذه الرؤية على المواجهة الداخلية فقط، وإنما امتدت أيادي «الدولة» إلى مواجهة امتدادات الإرهاب في الخارج، ولم تقتصر هذه المواجهة على ظاهرة الإرهاب وإنما كان لها باعًا في مواجهة التطرف أيضًا وكل الأفكار المؤسسة له، مما أكد عمق هذه الاستراتيجية في المواجهة ونتائجها المؤثرة في المحيط الإقليمي وعلى المستوى الدولي أيضًا.

تميزت استراتيجية دولة الإمارات في مواجهة الإرهاب بأنها لم تكن مجرد خطة آنية، كما أنها لم تكن وليدة اللحظة ولم ترتبط بظرف سياسي بقدر كونها مثلت قناعة للقائمين عليها، كون الإرهاب يمثل خطر يُهدد الإنسانية وهو ما دفع لتعزيز أي جهود للمواجهة، فضلًا عن وضع رؤية متكاملة شاركت فيها غيرها في محاولة للقضاء على صور الإرهاب والأفكار التي تُحركه.

تجربة دولة الإمارات العربية غنية، فالدولة لديها ثراء في الطرح والمعالجة إزاء هذا الملف الشائك، فلديها تجربة رائدة في المواجهة، ونحاول من خلال هذه السطور أن نقرأ هذه التجربة وأن نقف على دورها ونتائجها وتأثيرها بعد أن نعرض أهم ملامحها وعلاما تستند هذه الرؤية كمحاولة لاستنساخها وتسليط الضوء عليها.


استنساخ تجربة «أبوظبى» إحدى أهم الأولويات الدولية والعربية الغائبة
أهم الأدوار التى لعبتها الإمارات فى محاربة هذه الظاهرة ضمن خطتها للمواجهة، تفكيك خطاب التطرف، فوضعت تصورات كاملة لتفكيك هذا الخطاب على المستوى الفكرى ببعديه الدينى والثقافى معًا، أطلقت «التراص الفكرى» لغلق الباب أمام محاولات تجنيد «المجتمع»
نجحت دولة الإمارات فى إنشاء وزارتى (السعادة والتسامح)، بهدف مواجهة خطاب العنف والكراهية، اعتقادًا منها بأن مواجهة التطرف داخل المجتمعات
اعتمدت دولة الإمارات على رؤية عامة فى المواجهة استندت على تجديد الفكر الدينى بكل ما يحتويه التراث
قامت «الدولة» بدعم المؤسسات الدينية ذات المرجعية الوسطية، ومن هذه المؤسسات الأزهر الشريف
دعم المؤسسات الوسطية الهدف الأساسى منه تقديم خطاب دينى وسطي، كما كان من جملة الأهداف أيضًا حماية الإماراتيين
لعبت الإمارات دورًا فاعلًا فى تعزيز الأمن الفكري، واعتبرت أن معركتها الحقيقية فى الأفكار وليس فى مواجهة الإرهاب
نجحت الإمارات، من خلال صحفها ومنابر إعلامها فى إعلاء قيم الوسطيِّة والاعتدال، كإحدى أهم وسائل المواجهة الفاعلة لتفكيك الأفكار المؤسسة للتطرف، والتى تُعد أحد مخرجاته، بعيدًا عن التصورات العابرة، فرؤيتها للمواجهة تميزت بالغنى والثراء والتركيز على محددات مضمونة وفق رؤية علمية ثابتة.
ومن أهم الأدوار التى لعبتها الإمارات فى محاربة هذه الظاهرة، تفكيك خطاب التطرف، فوضعت تصورات على المستوى الفكرى ببعديه الدينى والثقافى معًا، فلم يقتصر دورها على المواجهة الأمنية والعسكرية، وإنما تعدى هذا الدور إلى حدود المواجهة المباشرة لقطع جسور تجنيد الآلاف من الشباب، الذين يقعون ضحية لهذه الأفكار.
اهتمت بتحليل المحتوى الذى تبثه جماعات العنف والتطرف، من خلال عشرات المراكز والأبحاث، والوقوف أمام هذه الأفكار وتفكيكها، ذلك الدور لم يأخذ حقه على المستوى الدولى بالشكل الكافى أو بالصورة التى نستطيع أن نقول معها، إننا أصبحنا قادرين على قراءة أفكار هذه التنظيمات وحددنا معه شكل المواجهة وفق التحليل الدقيق.
وتمتلك دولة الإمارات العربية المتحدة استراتيجية عامة لمواجهة ظاهرتى الإرهاب والتطرف التى تواجه العالم شرقه وغربه، فلم تقتصر هذه الرؤية على المواجهة الداخلية فقط، وإنما امتدت أيادى «الدولة» إلى مواجهة امتدادات الإرهاب فى الخارج، ولم تقتصر هذه المواجهة على ظاهرة الإرهاب، وإنما كان لها باع فى مواجهة التطرف أيضًا وكل الأفكار المؤسسة له، مما أكد عمق هذه الاستراتيجية فى المواجهة ونتائجها المؤثرة فى المحيط الإقليمى وعلى المستوى الدولى أيضًا.
وتميزت استراتيجية دولة الإمارات فى مواجهة الإرهاب بأنها لم تكن مجرد خطة آنية، كما أنها لم تكن وليدة اللحظة ولم ترتبط بظرف سياسى بقدر كونها مثلت قناعة للقائمين عليها، كون الإرهاب يمثل خطرا يُهدد الإنسانية وهو ما دفع لتعزيز أى جهود للمواجهة، فضلًا عن وضع رؤية متكاملة شاركت فيها غيرها فى محاولة للقضاء على صور الإرهاب والأفكار التى تُحركه.
تجربة دولة الإمارات العربية غنية، فالدولة لديها ثراء فى الطرح والمعالجة إزاء هذا الملف الشائك، فلديها تجربة رائدة فى المواجهة، ونحاول من خلال هذه السطور أن نقرأ هذه التجربة وأن نقف على دورها ونتائجها وتأثيرها بعد أن نعرض أهم ملامحها وعلام تستند هذه الرؤية كمحاولة لاستنساخها وتسليط الضوء عليها.
الدور الإماراتى فى مواجهة الإرهاب
لم يعتمد الدور الإماراتى فى المواجهة على خطاب الرفض أو الشجب أو حتى السب، وإنما اعتمد على وسائل وأساليب علمية حديثة مؤكدة النتائج ومضمونة، بالشكل الذى يبدو مختلفًا إزاء محاولات بعض العواصم العربية وغير العربية لمواجهة ظاهرة الإرهاب.
فامتازت المواجهة بأنها أصبحت أكثر شمولية وأكثر تركيزًا فى نفس الوقت على المستهدفات التى أصابتها، فضلًا عن عالمية هذه المواجهة، فلا يمكن للمواجهة أن تكون وفق تصور محلى أو تقليد لتجربة أخرى قديمة، خاصة وأن ظاهرة الإرهاب نفسها عالمية وغير مقتصرة على نطاق جغرافى، وإنما تمتد بامتداد الأرض شرقًا وغربًا، وهو ما يحتم أن تكون المواجهة على نفس المستوى لا دونه.
وتمثل مواجهة العنف أولوية تعمل لها دولة الإمارات العربية المتحدة، ولذلك يتم تجميع كافة الجهود داخل الدولة وخارجها فى إطار هذه المواجهة، وتناغمها بالشكل الذى يؤدى فى النهاية إلى نتائج مرضية وآمنة ومؤكدة فى نفس الوقت.
وللإمارات العربية المتحدة دور ملموس وملحوظ فى مواجهة ظاهرة الإرهاب والتطرف معًا، اعتمد على رؤية شاملة خضعت فى غالب الحال للمناقشة والتقييم، حتى اطمأنت «الدولة» للنتائج التى سوف تُسفر عنها هذه الخطة، حتى إنه يتم مراجعتها للإفادة المطلوبة التى وضعت الخطة من أجلها. ومازالت تخضع هذه الخطة للحوار والمناقشة داخل المجتمع الإماراتى وخارجه وبخاصة مع المختصين فى محاولة للوقوف على نتائجها وتقيم هذه النتائج على المدى القريب والبعيد فى محاولة لاستثمارها.
ومن أهم الأدوار التى لعبتها الإمارات فى محاربة هذه الظاهرة ضمن خطتها للمواجهة، تفكيك خطاب التطرف، فوضعت تصورات كاملة لتفكيك هذا الخطاب على المستوى الفكرى ببعديه الدينى والثقافى معًا، فلم يقتصر دورها على المواجهة الأمنية والعسكرية فقط، وإنما تعدى هذا الدور إلى آخر قد لا يكون مرئيًا، ولكنه أكثر تأثيرًا وقد يكون وراء تجنيد الآلاف من الشباب، الذين يقعون ضحية لهذه الأفكار. وتحت هذا المحور، حاصرت دولة الإمارات، ضمن خطتها، ظاهرة التطرف بشكل قضى عليها عبر أراضيها، وكاد أن يقضى عليها خارج أراضيها، هذا الاعتقاد يُدلل على أهمية المواجهة الفكرية وأهمية خطواتها فى إطار الحرب أو الصراع المفتوح مع تنظيمات العنف والتطرف التى تملأ الساحة. وأخذ ملامح الدور الإماراتى عدة أشكال، كان المحور الأساسى منه المواجهة الفكرية والثقافية، والمؤسسة الدينية أصبحت رأس حربة لهذه المواجهة يلحقها دور آخر على مستوى التعليم والثقافة، فأنتجت رؤية شاملة محرضة ضد الظاهرة ومؤثرة فى ذات الوقت.
التسامح والسعادة فى مواجهة العنف والكراهية
وإزاء هذا السياق، نجحت دولة الإمارات فى إنشاء وزارتى «السعادة والتسامح»، بهدف مواجهة خطاب العنف والكراهية، اعتقادًا منها بأن مواجهة التطرف داخل المجتمعات لابد أن يواجهه خطاب آخر أكثر تسامحًا، والمعنى هنا غير مقصود منه التسامح مع المتطرفين، وإنما مواجهة هؤلاء بنشر ثقافة التسامح داخل المجتمع بالشكل الذى يقتل أى أفكار تؤدى فى النهاية إلى التطرف، فضلًا عن قناعة «الدولة» بدروره فى إسعاد المجتمع، وهنا تغلق الأبواب أمام التطرف الذى يبحث عن «المتمردين» فى محاولة لتجنيدهم من قبل جماعات العنف والتطرف.
وعلاقة دولة الإمارات بالسعادة قديمة، ولكنها نجحت فى تطويرها وأخذت شكلها البنّاء فى مواجهة تيارات العنف والتطرف، وهى لا تتعامل مع السعادة على أنها من باب الرفاهية، وهى الدولة التى سجلت أعلى مؤشرات السعادة وحققتها لمواطنيها سواء السعادة المادية أو المعنوية، وإنما تعاملت معها كواجب وقدر مرتبط بفكرة تفكيك خطاب المتطرفين، خشية أن يتحول هذا التطرف إلى إرهاب. وتنبع أهمية الرؤية الإماراتية، من أنها تعاملت مع خطاب التطرف فى سياقين مهمين، أحدهما قد يكون مرتبطًا بالمواجهة الأمنية والعسكرية والفكرية، والسياق الثانى مرتبط بفكرة المواجهة السابقة قبل الوقوع فى براثن التطرف أو عصمة المجتمع من الوقوع فى سياقات التطرف، وبالتالى تُصبح السعادة صمام أمان المجتمع وطريقا مؤكدا لمواجهته، ولعل هذه الرؤية كانت أجدر بقطع جذور الإرهاب على الأقل داخل الإمارات، فكانت رائدة فى محاربة الظاهرة عندما حاول الإخوان إقامة تنظيم سرى على أراضيها.
كما تعاملت دولة الإمارات مع النصوص الدينية المقدسة بشكل حفظ قدسية هذه النصوص واحترامها، وأخرج أى محاولات للتأويل ساعدت فى بناء تصورات غير صحيحة عن الإسلام، فوقفت أمام التصورات الخاطئة التى غالبًا ما تؤدى إلى نتائج كارثية فى فهم النّاس للدين.
وتقدم التنظيمات الدينية تصورا خاطئا للدين وفق رؤيتها أو تعمد خلطها حتى يُصبح النّاس أسرى هذه التصورات، وبالتالى يمكن التأثير عليهم بشكل أو بآخر، وبالتالى لابد أن يكون واضحًا لمن يتصدرون فكرة المواجهة هو الوقوف أمام هذه التصورات ومن يخلقون لها مساحات للتأييد. وتعاطت دولة الإمارات مع الظاهرة بقدر عال من التخطيط، فهى أول من أدرك أمميّة ظاهرة التطرف وأنها لا تقتصر فى وجودها على مكان أو زمان، فعالجتها بطريقة لا تقل عن ذات الطريقة التى يتحرك من خلالها هؤلاء المتطرفون، فكان خيالها فى المواجهة أسبق بكثير من خيال المتطرفين أنفسهم، وكان هذا بمثابة النجاح سواء فى وضع الخطة أو حتى فى تنفيذها.
تجديد الخطاب الدينى عبر تفكيك خطابه
اعتمدت دولة الإمارات على رؤية عامة فى المواجهة استندت على تجديد الخطاب الديني، ليس مجرد تجديد للخطاب، وإنما تجديد للفكر الدينى بكل ما يحتويه التراث، وتعاملت بشجاعة مطلقة، حافظت من خلالها على الثوابت ولكنها كانت أكثر حكمة فى التعامل مع ما لا يصلح من التراث وأصبح عبئًا على الفكر.
وفى إطار هذا السياق قامت «الدولة» بدعم المؤسسات الدينية ذات المرجعية الوسطية، ومن هذه المؤسسات الأزهر الشريف باعتباره أهم مؤسسة دينية فى العالم العربي، وعلى قدر أهميته وقوته وحجة علمائه وتأثيرهم كان خيار الدعم لهذه المؤسسة وغيرها من المؤسسات الأخرى، فساعدت الإمارات مع المؤسسات الدينية فى تقديم خطاب دينى وسطى بعيد عن التطرف، كما نجحت هذه المؤسسات فى تفكيك خطاب هؤلاء المتطرفين ومقولاتهم التى انتشرت عبر الكتب وانتقلت أيضًا عبر الفضاء الإلكتروني.
كان للإمارات دور مهم فى عودة بعض المؤسسات الدينية فى عالمنا العربى لدورها الريادي، وبالتالى تكون أكثر تأثيرًا وتتغلب على كافة الخطابات المتطرفة التى تًصدرها جماعات العنف والتطرف والتى تعتمد فى الأساس على الأدلة الشرعية.
والدور الذى قامت به الإمارات بخصوص دعم المؤسسات الدينية فى عالمنا العربى كان هدفه الأساسى تقديم خطاب دينى وسطي، كما كان من جملة الأهداف أيضًا حماية الإماراتيين من الانجراف لبؤرة العنف والتطرف، وقد نجحت «الدولة» عبر دعم المؤسسات الدينية الرسمية، حتى من وقعوا فى براثن ذلك التطرف نجحت «الإمارات» فى عقد ما أطلقت عليه «مناصحة» للكثير من هؤلاء المتطرفين فتراجعوا عن الأفكار، وكرثوا حياتهم فيما بعد لمواجهة العنف والتطرف، وكانوا أقدر للقيام بهذه المهمة على اعتبار أنهم أقدر النّاس على فهم هذه الأفكار.
ولم يقف تأثير المؤسسات الدينية على الداخل الإماراتى ولم يكن دورها للداخل فقط، وإنما تعدى هذا الدور لخارج الإمارات، ويحسب للإمارات أنها نجحت فى تفكيك خطاب المتطرفين خارج أراضيها، فكان تأثيرها على امتداد مئات الآلاف من الكيلو مترات شرقًا وغربًا.
وجزء من عبقرية الدور الإماراتى فى مواجهة التطرف فى أنه ميّز بين التطرف والإرهاب، ووثق هدفه لمواجهة التطرف على اعتباره فكرة تسكن فى العقول وتحرك الأجساد نحو صناعة الإرهاب، وهنا الأزمة ليست فى الصناعة وإنما فى الأفكار التى تُحرك هؤلاء المتطرفين، وأولت اهتمامًا لمواجهة التطرف، بينما نجحت فى مواجهة الإرهاب فى سياقه الأمنى والعسكري.
ونجحت الإمارات فى تجميع كافة القوى فى المحيط العربى والمجتمع الدولى وداخل الإمارات فى إطلاق ما أسمته بــ «التراص الذكي» وهى استراتيجية مبنية فى الأساس على مشاركة المجتمع للدولة فى مواجهة الإرهاب والتطرف، وهو ما يُغلق الباب أمام أى محاولات تجنيد للمجتمع ويقف أمام أى محاولات قد لا تكون مرئية أو محسوسة لهذه التنظيمات، ولكن وقوف المجتمع أمامها يخلق حالة من المواجهة مأمونة النتائج. وعلى صعيد التنمية الاقتصادية، كانت وما زالت التجربة الإماراتية رائدة، بحيث تقضى على البطالة، فليس من المتصور أن تواجه التطرف فى مجتمع ينجح فيه هؤلاء المتطرفون فى استقطاب الشباب بدعوى عدم وجود فرص للعمل أو تنمية حقيقية تعصم من اللعب على وتر المجتمع الفقير، الذى غابت عنه التنمية الاقتصادية والبشرية معًا، فالعلاقة بين التنمية والإرهاب عكسية، فكلما غابت التنمية وجد الإرهاب وإذا حضرت غاب الإرهاب.
الأمن الفكرى واستنساخ التجربة
لعبت الإمارات دورًا فاعلًا فى تعزيز الأمن الفكري، واعتبرت أن معركتها الحقيقية فى الأفكار وليس فى مواجهة الإرهاب، فهو مجرد فكرة تحمل سلاحًا، والخطورة ليست فى السلاح بقدر كونها فى الفكرة التى يتسلح بها الآخرون ليبرروا اعتداءهم على الآخرين تحت غطاء الشرع والفكرة.
وفى هذا السياق أنشأت عشرات مراكز الأبحاث واهتمت كثيرًا بتحليل المحتوى الذى تبثه جماعات العنف والتطرف، والوقوف أمام هذه الأفكار وتفكيكها، وهذا الدور يكاد يكون منسيا، أو لم يأخذ حظة بالشكل الكافى أو بالشكل الذى نستطيع أن نقول معه، إننا أصبحنا قادرين على قراءة هذه التنظيمات وحددنا معه شكل المواجهة وفق التحليل الدقيق.
وعقدت الإمارات العربية المتحدة مئات المنتديات للمناقشة فى ذات السياق بهدف التقاط الفكرة الجيدة والتصور القادر على التأثير على الظاهرة، وما زالت تقوم بهذا الدور وسط اهتمام بالغ باختيار العناوين، فضلًا عن تدشينها مجلس حكماء علماء المسلمين باعتباره هيئة مستقلة لتعزيز قيم التسامح وإظهار حقيقية الإسلام الحنيف وسط زخم القراءات غير الصحيحة والتأويلات الخاطئة لجماعات العنف والتطرف.
وتبقى فكرة استنساخ التجربة الإماراتية لمواجهة غول التطرف والإرهاب للتطبيق فى عواصم عربية أخرى أو حتى الاستفادة منها وإدارة نقاش تظهر نتائجه على كامل المنطقة، خاصة وأن ملامح هذا الدور تُبشر بنتائج حقيقية تتعلق بمشروع المواجهة الشاملة للإرهاب وتؤكدها النتائج الحقيقية التى أنجزتها «الدولة» فى الداخل الإماراتي.
وفى هذا السياق نجحت الإمارات فى إشاعة المناهج العلمية، فـ«الدولة» لم تُعلن يومًا احتكار مفهوم المواجهة، وإنما فتحت مساحات أكبر للنقاش المفيد للوصول إلى نتائج مثمرة ومفيدة، وقيدت رؤيتها وفق ما أثمرت عنه حالة الحوار وما مثلته هذه المخرجات من قيمة حقيقية.
«الدولة» كانت أكثر ذكاء بأنها قطعت الطرق على تنظيمات التطرف وأفكارها، فكانت «الوقاية خير من العلاج» شعارًا ساعدها على تقليص فرص انتشار هذه الأفكار أو تواجدها من الأساس.
وتعاملت الإمارات مع ظاهرة الإرهاب بيقين أنها سوف تنتصر فى معركتها، سواء ضد الأفكار أو من يروجون لهذه الأفكار، ومن هنا تولد النجاح، فالإمارات نجحت مرتين إحداهما فى وضع الرؤية والثانية فى تطبيق هذه الرؤية وإقناع غيرها بجدواها ولم يبق سوى تفاعل المجتمع الدولى والمنطقة العربية مع أهم الرؤى والتصورات التى وضعت فى إطار مواجهة الإرهاب الدينى والطائفى معًا. خلاصة ما سبق، أن الكتابة عن الدور الإماراتى فى مواجهة ظاهرة الإرهاب والتطرف، محاولة للاجتهاد عن ملامح مشروع نجح فعليًا فى تهاوى مملكة الإرهاب، غير أنه يحتاج لمزيد من الرؤى والتحليل والكشف عن أبعاد ودلالات هذه الرؤية.