الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

30 يونيو بين الواقع والأمل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى الذكرى الخامسة لثورة 30 يونيو العظيمة التى صححت بمؤازرة الجيش الوطنى الباسل والمنحاز لإرادة الشعب مسارات الوطن واستردتها من جماعة حاولت خطفها بل وخطف وطن بأكمله، والعدوان على هويته بمكوناتها الثقافية البالغة الثراء والتنوع، ولعل من أهم المعانى التى انطوت عليها ثورة 30 يونيو أنه لا أحد يستطيع قهر إرادة المصريين ماداموا متحدين، وفى الوقت ذاته وكما قالها من قبل الرئيس السيسى فلن يستطيع أحد أن يعود بالمصريين للخلف مرة أخرى.
كما يحمل هذا اليوم العظيم رسالة لكل من يحاول ترويع شعب مصر بأنه لن يكون أقوى من القرار الذى اتخذه هذا الشعب فى 30 يونيو 2013 فيما كان خروج الملايين من أبناء مصر فى هذا اليوم ملحمة شعبية ستبقى دوما فى ذاكرة التاريخ. وبلا شك أن إسقاط حكم جماعة الإخوان الإرهابية بعد عام من الفشل فى إدارة شئون مصر يعتبر «إنجازًا تاريخيًا بكل المقاييس» ولمن ينكر اليوم ما وصلنا إليه بعد خمس سنوات من تحسن فى الوضع العام للدولة على الصعيد الدولى والإقليمى، ورغم ما نمر به من صعاب نتاج الإصلاح الاقتصادى والذى نكرر مرارًا أنه لابد منه إلا أنه علينا أن نتذكر الحال الذى كنا عليه وقتها وكيف أن حالة الاحتقان التى زادت بين طوائف الشعب وجعلته على شفا حرب أهلية فى كل شارع وميدان وكيف كانت الجماعات الإرهابية تتخذ من سيناء مرتعًا وملاذًا آمنًا لها، وكيف كنا على وشك مشاهدة إنشاء حرس ثورى مماثل لنظيره الإيرانى كقوة موازية للجيش والشرطة، ولكن ولاءها للجماعة الإرهابية، وكيف كان كلًا منا لا يأمن على نفسه وأهله فى الشوارع وحتى فى البيوت.
لمن ينكرون ما وصلنا إليه هل تناسيتم كيف كانت الدولة المصرية على وشك التفكك سياسيًا واجتماعيًا وثقافيًا، وكيف أن الدولة كلها بمؤسساتها المختلفة كانت تسير وفقًا لأهواء المرشد وجماعته خاضعين لأوامر أنقرة والدوحة؟ هل تناسيتم كيف كانت السفارة القطرية تعيث فى الأرض فسادًا بأموالها علنًا بلا خجل، هل تناسيتم كيف أن الاحتياطى النقدى وصل لما تحت الصفر بعد أن تآكلت المعونات والمنح وكيف كان العجز فى الكهرباء والغاز والبوتاجاز والبنزين والسولار، هل تناسيتم تصريحات رئيس وزراء الإخوان لكيفية مواجهة عجز الطاقة، وعجز رغيف العيش. بالفعل كنا دولة بلا سمعة اقتصادية عالميًا مع تصنيف متدهور، لم يكن لنا رؤية واضحة للبحث عن ثروات البلاد. حينما ظهر فى الأفق المرشح المحتمل وقتها عبدالفتاح السيسى وطالبه الجميع بالترشح للرئاسة لإنقاذ البلاد مما كانت فيه لم ينافق ولم يجمٍل الحديث ويرسم صورة وردية للمستقبل، بل أكد مرارًا وتكرارًا أن الوضع صعب والصورة قاتمة ولتخطيها علينا أن نعمل فوق طاقتنا وعلينا اختصار ما يحتاج إنجازه 10 سنوات إلى سنة واحدة حتى نعوض ما فاتنا، أخبرنا بأنه علينا بدء يومنا من الفجر للعمل مرددًا أكثر من مرة «هل ستتحملون»؟ يومها رد الجميع نعم سنتحمل، فماذا حدث اليوم؟ هل كنا ننتظر أن تتغير أحوالنا للأفضل بدون تعب؟ هل كنا نأمل أن تنقلب الأمور من تحت الصفر لأعلى المراتب ونحن نسترخى فى منازلنا أو على الشواطىء؟ هل كنا نعتقد أن تتقدم بنا الدولة ونحن نبدأ يومنا ظهرًا ونلهث وراء الإجازات. أعلم أن الكثيرين سيقولون نحن نعمل بالفعل ولا عائد نرى. هذا الكلام غير حقيقى لأن بلدنا الآن تتحول ثقافتها وقناعة مواطنيها لتصبح قدر الإمكان كالخارج ألا وهى الاقتصاد فى كل شىء وألا نكون مجتمعًا استهلاكيًا، ونحاول أن نكون مجتمعًا منتجًا وأن نستغنى عن كل ما هو غير ضرورى للحياة طالما فوق إمكانياتنا، مع الوقت سنتعلم الترشيد فى الاستهلاك، سنتعلم تنظيم أسرتنا، وأن يكون عددها مناسب لإمكانياتنا ودخلنا وأن نترك الموروثات القديمة من أمثال «كل عيٍل بييجى برزقه». لاجدال أن الطبقة الوسطى والفقيرة تعانى أشد المعاناة الآن جراء هذا الإصلاح وهو شىء منطقى لأن الأغنياء عندهم ما يحميهم من الإحساس بمثل هذه التقلبات والضغوط ولكنه قدر وفُرض علينا أننا الجيل الذى يعاصر مرحلة التحول فى وطننا. أعلم أنه من الصعب أن أجد آذان صاغية تسمع أى حديث عن أى إنجازات أو إيجابيات حدثت وتحدث فى وطننا تلك الفترة، ولكن الحقائق لا يمكن إغفالها ولا إنكارها ولو لم يكن هناك تحسن فى الوضع الاقتصادى الفعلى للدولة ووضع أساس للمشروعات التنموية فى البلد كان الوضع سيكون أسوأ بكثير مما نحن فيه الآن خاصة إذا علمنا بأن مصر زاد تعدادها حوالى 18% خلال الثمانى سنوات الأخيرة، وهو معدل يأكل الأخضر واليابس مع أعتى اقتصاديات العالم فما بالنا مع دولة كانت وحتى وقت قريب لا تنتج شيئًا إلا أقل القليل. للأسف الاستمرار فى ارتداء النظارة السوداء - مهما كان الوضع صعبًا - سيثبط من عزيمتنا وسيهدم معنوياتنا، ونحن أيضًا من سيدفع الثمن.
30 يونيو ينبغى ألا ننساها، ولا ننسى كيف كنا قبلها، وكيف أنقذنا الله بها، وكيف تحمّل الشعب المصرى وعبر بعدها سلسلة من الصعاب والتحديات المتواصلة، ولا يزال الاستهداف مستمرًا، ولا تزال العزيمة المصرية راسخة صلبة.
ستبقى مصر قوية، طالما ظلت روح مواجهة التحديات مستمرة. وستبقى مصر قادرة، طالما استمرت وحدة شعبها ووعى أهلها فى مواجهة المحن المستمرة والمؤامرات التى لا تنقطع.
حفظ الله مصر وشعبها وجيشها