السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

مفاجأة "كيليشدار" تفسد فرحة "أردوغان" بالفوز

كيليشدار وأردوغان
كيليشدار وأردوغان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رغم فوز رجب طيب أردوغان وحزبه في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي جرت في تركيا في 24 يونيو، إلا أن هناك من يرى أن ما تحقق، كان "نصف انتصار"، إن لم يكن مؤشرا على بداية نهاية حكم الإسلاميين في هذه الدولة.

فالأتراك انتخبوا الرئيس الثالث عشر في تاريخ تركيا الحديث، والبرلمان الـ27، إلا أن النظام السياسي لن يكون كما كان في السابق، فقد تحول من برلماني إلى رئاسي بصلاحيات تجعل الرئيس "ديكتاتورا"، غير عابئ بالمعارضة أو رغبة الشعب، وهذا ما قد يعجل بنهاية تجربة حزب العدالة والتنمية، المحسوب على "الإخوان"، بعد احتكاره للسلطة لأكثر من 16 عاما. 
أيضا، فإن فوز أردوغان وحزبه جاء في إطار قلق الأتراك من الفوضى، التي تعم المنطقة، ورغبتهم في استقرار بلادهم، حتى على حساب حرياتهم، خاصة أن أردوغان استغل أزمات العراق وسوريا، لتنفيذ عمليات عسكرية خارج الحدود، لكسب أصوات القوميين الأتراك، من جهة، والترويج أنه الزعيم القوي من جهة أخرى، رغم أن استطلاعات الرأي قبل الانتخابات أظهرت تراجعا في شعبيته هو وحزبه، على خلفية تراجع الاقتصاد.
ولعل النسب التي حققتها المعارضة التركية في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، تظهر أيضا أن أردوغان في مأزق، فقد تجاوز "حزب الشعوب الديمقراطي" الكردي العتبة الانتخابية وهي 10 في المائة من أصوات الناخبين، ودخل البرلمان، ما شكل صدمة لحزب "العدالة والتنمية"، وتراجعت أغلبيته البرلمانية، لأنه كان سيحصل على على 70 مقعدا إضافيا في حال خسارة "حزب الشعوب".

وجاءت تصريحات زعيم حزب "الشعب الجمهوري" المعارض كمال كيليشدار أوغلو، لتزيد من مأزق أردوغان، وأنه لن يهنأ كثيرا بالفوز، فقد نقلت وكالة "فرانس برس" عن كيليشدار أوغلو، قوله الثلاثاء الموافق 26 يونيو، إنه لن يهنئ أردوغان على فوزه بالانتخابات، واصفا إياه بـ"الديكتاتور".
وأضاف كيليشدار أوغلو، في مؤتمر صحفي عقده في أنقرة "لا يمكن أن نهنئ رجلا لا يدافع عن الديموقراطية، سأهنئه على ماذا؟"، وتابع "لماذا سأهنئ ديكتاتورا؟".
وينتقد كيليشدار أوغلو باستمرار أردوغان بسبب حملات التطهير الواسعة، التي جرت في تركيا منذ الانقلاب الفاشل في يوليو 2016.
ومن بين أكثر من 77 ألف شخص سجنوا منذ محاولة الانقلاب، يوجد نائب من حزب "الشعب الجمهوري" هو انيس بربر أوغلو، الذي اتهم بتسريب معلومات سرية إلى صحيفة "جمهورييت" التركية.
وجاءت تصريحات كيليشدار أوغلو، بعد أن حصل مرشح حزبه في انتخابات الرئاسة محرم اينجه على 30.6 في المائة من الأصوات، مقابل 52.6 في المائة لأردوغان.
وفيما أعلن محرم اينجه أنه "يقبل" هزيمته أمام أردوغان، إلا أن تصريحاته عقب الانتخابات جاءت متفقة مع جاء على لسان كيليشدار أوغلو، مشيرا إلى أن تركيا انتقلت إلى "نظام متسلط". 
وأضاف اينجه في تصريحات له في 25 يونيو، أن النتيجة، التي حققها في الانتخابات، هي الأعلى لحزب الشعب الجمهوري منذ 41 عاما، داعيا أردوغان لأن يكون رئيسا لجميع الأتراك، وليس حزب العدالة والتنمية فقط.
وتابع اينجه، مخاطبا أروغان "توقف من الآن فصاعدا عن التصرف بصفتك الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الحاكم، يجب أن تكون رئيسا لـ81 مليون تركي".
وتمكن إينجه خلال حملته كمرشح لحزب المعارضة الرئيسي في تركيا، من فرض نفسه في موقع الخصم الرئيسي لأردوغان، وانتقد التعديل الدستوري الذي دفع أردوغان باتجاهه، والذي يعزز بصورة كبيرة الصلاحيات الرئاسية، وأوضح أنه كان بإمكانه إرغام أردوغان على خوض دورة ثانية، لو حصل مرشحو المعارضة الآخرون على المزيد من الأصوات.
ويبدو أن نسبة الأصوات الكبيرة، التي حققها إينجه، تزيد من تصميمه على مواصلة تحدي أردوغان، بانتظار موعد الانتخابات المقبلة، إن لم تتطور الأمور، باتجاه انتخابات برلمانية مبكرة، في حال عجز أردوغان وحزبه عن معالجة الأزمة الاقتصادية في البلاد.
وتدعم استطلاعات الرأي قبل الانتخابات أيضا آمال إينجه، حيث نقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية عن رئيس شركة "متروبول" التركية للأبحاث، أوزر سنجار، قوله في 14 يونيو، إن استطلاعات الرأي التي أجرتها شركته أظهرت تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية الحاكم من 50% إلى 46%.
وبدوره، قال الباحث في معهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، إيلشات سايتوف في 18 يونيو:"لدى المعارضة التركية فرصة أكبر بقليل من الحزب الحاكم للفوز في الانتخابات البرلمانية إذا جرت الانتخابات بنزاهة".
ونقلت وكالة "نوفوستي" عن سايتوف، قوله:"حتى بعد الانتقال إلى نظام رئاسي في تركيا، فإن البرلمان سيحتفظ بكثير من السلطة، وإذا أصبح أردوغان رئيسا معارضا للبرلمان، فإن هذا سيخلق له كثيرا من المتاعب". 
وتابع "يمكن للبرلمان تمرير القوانين التي تحد من سلطة أردوغان، وحينها كما يقولون في أمريكا، سيكون أردوغان (بطة عرجاء)، أي أنه يفوز في الانتخابات، ولكن مع تحجيم صلاحياته الواسعة".
وبموجب التعديل الدستوري الذي أُقر في تركيا في إبريل 2017، فإن صلاحيات واسعة أصبحت بيد الرئيس المنتخب بعد هذا التعديل، حيث سيلغى منصب رئيس الوزراء، وستكون صلاحية تعيين الوزراء وعزلهم في يد الرئيس، فضلا عن تعيين كبار المسئولين والقضاة وإعلان حالة الطوارئ وحل البرلمان وإصدار مراسيم تتمتع بقوة القانون، وإعداد ميزانية الدولة، لكن البرلمان يتمتع أيضا بحق المصادقة على الميزانية، وفي وسعه أيضا محاكمة وعزل الرئيس، بعد موافقة الأغلبية.
وبعد التعديل الدستوري، كانت الانتخابات الرئاسية مقررة في نوفمبر 2019، لكن أردوغان، دعا إلى تقديمها إلى الأحد الموافق 24 يونيو 2018، بسبب ما وصفها بالحاجة إلى قرارات على الصعيد الاقتصادي وأزمات المنطقة، لكن مراقبين يرون أن إجراء الانتخابات مبكرا عن موعدها، جاء بسبب التراجع المتزايد في شعبية الرئيس وحزبه، وخشتيهما من الهزيمة، إن أجريت الانتخابات في موعدها.
وكانت نتائج انتخابات الرئاسة التركية، أظهرت حصول أردوغان على 52.5% من مجموع المصوتين، فيما حصل أبرز منافسيه محرم اينجه على 30.7%.
وبالنسبة للانتخابات البرلمانية، فقد أظهرت حصول "تحالف الشعب" الذي يضم حزب العدالة والتنمية الحاكم، والحركة القومية اليمينية وحزب الاتحاد الكبير، على 53.5%، فيما حصل أقرب منافسيه "تحالف الأمة"، الذي يضم "حزب الشعب الجمهوري، وحزب الخير، وحزب السعادة، والحزب الديمقراطي"، على 34.1% من الأصوات، بينما خاض حزب الشعوب الديمقراطي، الانتخابات منفردا، وتجاوز العتبة الانتخابية، ما شكل مفاجأة في هذه الانتخابات، لأنه جعل البرلمان الجديد، ليس لونا واحدا أو حكرا على الحزب الحاكم وحلفائه.
ويبدو أن الأسوأ مازال بانتظار حزب أردوغان، حيث خسرت الليرة التركية 19 في المائة من قيمتها منذ شهر و35 في المائة في غضون سنة، في مقابل الدولار. 
وجاء تراجع الليرة بعد إعلان أردوغان أنه يخطط لإحكام سيطرته على الاقتصاد إذا فاز في الانتخابات، وفيما يطالب الخبراء المصرف المركزي باتخاذ إجراءات أبرزها رفع نسب الفوائد، لمواجهة هذا التراجع، يرفض أردوغان هذا الاقتراح، ويدعو إلى خفض أسعار الفائدة، فيما تحذر وكالة "ستاندرد آند بورز غلوبال" العالمية للتصنيف الائتماني من أزمة مالية وشيكة في تركيا، إذا فشلت السلطات في تخفيف الضغوط على العملة، وفي تقليص تكاليف الاقتراض الحكومي.
وبصفة عامة، فإن الصلاحيات الواسعة، التي حصل عليها أردوغان، قد تكون كلمة السر في إسقاطه، خاصة في ظل تزايد الاستياء الشعبي من تدهور الأوضاع الاقتصادية.