الأربعاء 01 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

المفسدون في الأرض

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ما الذى أصاب المجتمع وكأنها لعنة وأصابتنا لقد انتشرت حوادث العنف من قتل وسرقة وتحرش بالنساء بشكل ملحوظ.. فما السبب فى ذلك؟ وبالتأكيد ليست الحالة الاقتصادية التى تمر بها الشعوب هى السبب، وإلا فآبائنا وأمهاتنا فى زمن الحروب والانهيار الاقتصادى ما كانوا يفعلون تلك الأفعال المريبة، فقد كانوا يربطون على بطونهم ويتحملون معاناة المعيشة حتى يأتى الفرج من الله، وكانت الأخلاق سامية والضمير هو المسيطر على الأفعال، ما الذى تغير ومن المتسبب لما وصلنا إليه الآن؟
تغيرت السلوكيات منذ أربعين عاما، وأخذت فى الانحدار بشكل ملحوظ حتى وصلنا إلى ما نحن عليه الآن، والكارثة أن السرقة لم يقم بها الفقراء بحجة إنهم يسرقون لحاجتهم الشديدة، وهذا ليس مبررا للخطأ أبدا، بل بعض الأغنياء أصحاب النفوذ فى الوظائف أصبح لدينا أزمة ضمير واضحة وضوح الشمس، لقد أصابنا الذهول عندما نسمع يوميا عبر الصحف ووسائل الإعلام المرئى والمسموع عن دور الرقابة الإدارية فى الكشف عن الفاسدين؛ حيث تقود هيئة الرقابة الإدارية حملات مكثفة لكشف الفساد ومحاربته فى جميع مؤسسات وهيئات الدولة، ورأينا أن الكثير من الفاسدين أصحاب مناصب مهمة يرتشون أو يسرقون من المال العام، والمثير للدهشة أنهم يدعون الفضيلة والإيمان!! وبالرغم أنهم يتقاضون رواتب بالآلاف إلا أن المشكلة لديهم ليست مادية بل أزمة ضمير.
يعتبر الفساد آفة على المجتمع، وهو ظاهرة وبائية خطيرة انتشرت فى كثير من الوظائف الحكومية، وهذه الظاهرة الخطيرة وما تسببه من كوارث على المجتمع ليست وليدة اليوم، ولكنها متراكمة عبر الأزمان، حتى أصبحت عادة متأصلة بين الكثير من أبناء المجتمع، والفاسد هو الشخص الذى أساء استخدام السلطة الرسمية الممنوحة له سواء فى مجال المال العام أو النفوذ أو التهاون فى تطبيق النظام أو المحاباة، وكل ما يضر بالمصلحة العامة وتعظيم مصلحته الشخصية فقط، والفساد يتسبب فى نشر الكراهية والاحتقان فى المجتمع؛ لأنه يدمر فرص تحقيق المساواة والعدالة بين المواطنين، ويجعل الشخص القادر ماليا الذى يقدم الرشاوى فرصته أكبر بكثير من غيره الذى لا يملك المال، لذلك يجب القضاء على هذه الظاهرة التى أصبحت متأصلة فى مجتمعنا، والتى تمقتها جميع الأعراف والأديان السماوية، وسن القوانين الرادعة التى لا تتهاون ولا تتصالح مع الفاسد، بل تجرمه وتعاقبه أشد العقوبة، ويكون تطبيق القانون على الجميع أيًا كان منصبه، وليس هناك أى استثناء، وأيضا التشهير بالفاسد إن كان حرامى أو مرتشى، حتى يكون عبرة لغيره، وأيضا لا بد من نشر التوعية المدروسة، والتى تعالج الظاهرة بشكل مباشر عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة، وعبر وسائل الاتصال الإلكترونية «فيسبوك» ومواقع الصحافة الإلكترونية، وتكثيف هذه الحملات للتوعية وللترهيب، وبيان أن إرتكاب ذلك الجرم يخالف الشرع والقانون، وعقوبته مغلظة ولا تهاون بها تحت أى مسمي، وكذلك يجب على أفراد المجتمع محاربة الفساد بشتى صوره وأشكاله والتعاون فى ذلك، ويحتم علينا التزامنا الدينى والوطنى والأخلاقى والإنسانى أن نسهم جميعًا فى الحد من هذه الظاهرة التى تهدد المجتمع، والتى توسعت بشكل غير مسبوق وأضرت المجتمع باستغلال المال العام والخاص بوجه غير شرعي، وبالتالى يتوجب على رجال الدين التوعية للمجتمع بأن هذا الفعل محرم ومجرم شرعا، وعلى المدارس أن تقوم بحملة توعية للتلاميذ ضد كل ما هو خطير ويضر الفرد والمجتمع.
ومن ناحية أخرى يجب ربط الترقيات والحوافز والمكافآت بسجل الموظف وخلوه من ممارسة الفساد الإدارى والمالي؛ ووضع الشخص المناسب فى المكان المناسب بالاعتماد على الكفاءة وليس المحسوبية والواسطة والعلاقات الأسرية.
علينا أن نتصدى جميعا لهذه الظاهرة، وأخيرا نتقدم بالشكر الجزيل لهيئة الرقابة الإدارية على الجهد المبذول لكشف الفاسدين.