رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

الأب رفيق جريش في حواره لـ"البوابة نيوز": البابا أرسل خطابًا سريًا لشيخ الأزهر في عهد الإخوان.. ومسار العائلة المقدسة مشروع قومي جديد.. وتحملت مصاريف المكتب الصحفي طيلة 18 عامًا

الأب رفيق جريش في
الأب رفيق جريش في حواره لـ البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يكن يعتبر مهمة «المتحدث الرسمى للكنيسة الكاثوليكية بمصر» مهنة أو وظيفة لشخص يلقى بالبيانات أو ينقل الأخبار وينتهى دوره، بل أضاف الأب رفيق جريش الكثير لهذا الدور من خلال ثقافته الخاصة وعلاقته الممتدة برجال السياسة والفكر والثقافة، لذلك تعجب الكثيرون عندما ترك هذا الدور مؤخرا، وكان من الضرورى أن نذهب إليه ونطرق بابه لنتعرف على كواليس هذا القرار ونتطرق إلى بعض الأسرار.

■ في البداية كيف تأسس المكتب الصحفى للكنيسة الكاثوليكية بمصر؟
- بدأ المكتب الصحفى على يد الراحل الأنبا إسطفانوس الثاني، بطريرك الأقباط الكاثوليك، بمناسبة زيارة البابا يوحنا بولس إلى مصر عام ٢٠٠٠، وبما أنى المسؤول عن جريدة «حامل الرسالة الكاثوليكية» كان من الطبيعى أن أكون المتحدث الرسمي، وكان يرأس لجنة الإعلام نيافة المطران الأنبا يوحنا قلتة. 
■ وماذا حدث أثناء الزيارة؟
- نجح المكتب الصحفى فى تغطية زيارة البابا لمصر، الأمر الذى دعا البطريرك إسطفانوس الثانى ومجلس البطاركة الكاثوليك أن يطلبوا استمراره وتنميته.
■ وهل كان هناك اعتراض لكونك تنتمى لطائفة الروم الكاثوليك وليس للأغلبية وهى طائفة الأقباط؟
- الحقيقة البطريرك اسطفانوس الثانى كان راهبا لعازورى وعمل عدة سنوات فى لبنان، ورغم أنه كان صعيديا غير أنه كان منفتحا ولايفرق بين الطوائف وبعضها، بل أذكر أنه كان يعاملنى كابنه، وكان يتحدث فى التليفون ويقول «أنا البطريرك «تعال أريدك فى أمر ما»، كما ترأس الصلاة فى كنيستى «القديس كيرلس للروم الكاثوليك بالكوربة» أكثر من مرة، ما خدمت مع قداسته فى مؤتمر الأسرة. 
■ ماذا أضفت لدور المتحدث الرسمى للكنيسة؟
- كنت معروفا للأوساط الثقافية والفكرية والسياسية فى مصر مما ساعد ذلك المكتب الصحفى للكنيسة الكاثوليكية أن يقوم بعدة أدوار فعالة، وظهر ذلك بوضوح فى المواقف الحاسمة بعد ثورة ٢٥ يناير وأثناء حكم الإخوان وبعد ذلك. 
■ وما دورك أثناء أزمة البابا بندكت؟
- كان هناك موقفان محرجان للبابا بندكت، أولهما وهى محاضرة راتينزبنيج بألمانيا، حيث أشار إلى حوار من العصور الواسطي، وتم اعتباره إساءة للإسلامـ وتكابلت على وسائل الإعلام المرئية والمقروءة، وشعرت أن هناك تربصا شخصيا بي، وبتوفيق الرب استطعت امتصاص حالة الغضب الكبير بعد أن شرحت مقاصد البابا، وقلت إن البابا بندكت «خانه الصواب»، وتفهم الأزهر ذلك.
وفى اليوم التالى ذهبنا للأزهر، نيافة المطران يوحنا قلتة وأنا، والتقينا فضيلة الإمام محمد سيد طنطاوي، شيخ الجامع الأزهر، وكان فى حالة غضب شديد واستطعنا امتصاص غضبه، إلى أن هدأت الأمور، والتقى البابا بندكت مع السفراء العرب لدى الفاتيكان وشرح موقفه، وقدم شبه اعتذار وهدأت الأمور. 
أما الموقف الثاني، فوقع بعد تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية فى ٣١ ديسمبر عام ٢٠١٠، فبعدها بأيام اجتمع البابا بندكت مع السفراء العرب، وطالب مصر بحماية المسيحيين ومواطنيها من الاعتداءات الإرهابية، وهنا ضخمت قناة الجزيرة التعبير، ووضعته كخبر ثابت على شريط الأخبار لمدة يومين، وقالت: البابا يطلب حماية المسيحيين فى مصر، وكانت القناة الوحيدة التى صاغت الخبر بهذا الشكل، وأخذت تلح على وجوده.
ولهذا الموقف قرر الإمام أحمد الطيب تجميد الحوار مع الفاتيكان، وظل الحوار مقطوعا مع الفاتيكان وليس مع الكنيسة الكاثوليكية المصرية، وكان لها إسهاماتها وتم تمثيلها فى بيت العائلة الأنبا يوحنا قلتة فى مجلس الأمناء وأنا رئيس لجنة الإعلام.
وظل الحوار مقطوعا برغم المحاولات العديدة التى قامت بها الكنيسة الكاثوليكية المحلية وسفير الفاتيكان فى ذلك الوقت، وهو المطران مايكل فيتزجيرالد، وكان متخصصا فى الإسلاميات، ولم تتغير الأمور إلا باختيار بابا جديد للفاتيكان، هو البابا فرنسيس خلفا للبابا بندكت، وإرسال الإمام الأكبر تهنئة للبابا، ورد البابا عليها بخطاب خاص، وكان فى ذلك الوقت الإخوان يحكمون مصر وقمت بتقديم الخطاب يوم ٢٩ يونيو ٢٠١٢ فى مكان خارج المشيحة، لن أذكره الآن، حتى يمكن تقديمه لممثل للإمام الأكبر بعيدا عن أعين المتربصين من الإخوان. 
■ وهل كنت تعلم بمحتوى الخطاب؟ ولماذا هذه السرية؟
- كل ما أستطيع قوله أنه خطاب خاص. 
■ هل كنت تتقاضى أجرا عن مهمة المتحدث الرسمى؟
- لا.. تحملت شخصيا مصاريف المكتب طيلة ١٨ عاما، من خلال الإنفاق على المكتب والموظفين مع حامل الرسالة والأجهزة والمتابعة.
■ ماذا حدث اذن لتترك هذه المهمة؟
- بعد ١٨ عاما طلبت إعفائي، وكنت أفكر فى ذلك منذ عدة سنوات لتجديد الدم، وقد تقدمت برؤية عما يجب أن يكون عليه المكتب الصحفى بالداخل والخارج، ومن المنتظر أن تنفذ.
■ وهل بتركك المكتب الصحفى للكنيسة سوف تبتعد عن الإعلام؟
- ما زلت مسئولا عن صحيفة حامل الرسالة، وهى من أقدم الصحف فى مصر، حيث يعود امتيازها لعام ١٩٥٨ وتصدر باللغتين العربية والفرنسية، وهذا عمل صحفى، كما أن نشاطى الصحفى متمثل فى كتابة خمسة مقالات صحفية بصحف ومواقع إلكترونية أسبوعيا ما زال مستمرا، وتركى مهمة المتحدث سوف يجعلني أركز فى النواحي العلمية والثقافية والفكرية أكثر، فلدى اهتمامات متعددة، وأذكر أنه كان لى السبق فى ترجمة بعض فصول مذكرات هيلارى كلينتون، الأمر الذى دعا الصحف إلى البحث عنها والاهتمام بها، كذلك أنا عضو فى لجنة المواطنة بالمجلس الأعلى للثقافة، وأشارك فى عدة مؤتمرات فى الداخل والخارج بأوراق بحثية، كان آخرها مؤتمر فى لبنان تحت عنوان «المواطنة والتربية والتعليم).
■ ماذا تتمنى للمكتب الصحفى الجديد؟
- أتمنى بصفة عامة للكنيسة الكاثوليكية أن تكون كاثوليكية بحق، وكلمة كاثوليك تعنى (الجامعة) فيتم تمثيل السبعة طوائف المندرجة تحت اسم كاثوليكية، بحيث لا تستثر طائفة بعينها أى الأقباط الكاثوليك، وهم العدد الأكبر ليتم استيعاب الجميع. 
■ وماهذه الطوائف؟
- هم سبعة طوائف، هم الأقباط الكاثوليك الأكثر عددا، ثم الروم الكاثوليك الذين أنتمى لهم، والموارنة والسريان والكلدان والأرمن واللاتين الشرقيين.
■ لاحظ البعض إغفال المكتب الجديد لأخبار الطوائف الأخري.. فما تعليقك؟ 
- ربما قلة خبرة أو لأنه جديد.
■ كيف ترى وصول أول وفد للحج الدينى فى مسار العائلة المقدسة؟
- «العائلة المقدسة» مصطلح دينى تاريخي، فالعائلة مكونة من المسيح وهو طفل وأمه السيدة مريم العذراء ويوسف النجار، خطيب مريم، صاحب يوسف النجار المسيح وأمه فى رحلة الهرب من هيرودس، فحاولوا قتل المسيح الطفل فهربت به مريم ويوسف النجار إلى مصر.
تباركت مصر بزيارة السيد المسيح والعذراء مريم والبار يوسف النجار، وتنقـلوا خلال هذه الرحلة فى أرض مصر، شمالًا وجنوبًا وشرقًا وغربًا.. وفوق روابى ووديان أرض مصر الطيبة، وعلى ضفاف نيلها العـظيم، وجدت العائلة المقدسة الأمان والحماية. ومنحت العائلة المقدسة البركة لأرض مصر وشعبها «مُبَارَكٌ شَعْبِى مِصْرُ» (أشعياء ١٩: ٢٥)
ورحلة العائلة المقدسة لأرض مصر، حدث انفردت به مصر وسط بلاد العالم كله. تحتفل به الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والكاثوليكية على حد سواء واعتبرت هذا اليوم عيدا تحتفل به يوم ٢٤ بشنس الذى يوافق الأول من يونيو من كل عام. وبارك البابوان تواضروس الثانى والبابا فرنسيس بابا روما هذا المسار.
وذكر الإنجيل بحسب القديس متى البشير أنه بعد ميلاد السيد المسيح، أراد هيرودس الملك قتله لأنه عرف من المجوس الذين جاءوا من المشرق ليسجدوا للطفل ويقدموا له هدايا بأنه ملك ووريث عرش داوود.
تحركت العائلة المقدسة إلى مصر، ومرت بأماكن كثيرة وباركتها، ومكثت هناك حتى مات هيرودس الملك، وبذلك تمت نبوة هوشع النبى فى عودة السيد المسيح إلى أرض إسرائيل: «من مصر دعوت ابنى» (هوشع ١١:١).
ورحلة العائلة المقدسة لأرض مصر تغرس قيما روحية وإنسانية واجتماعية، وإكرام الضيف وقبول الآخر، من المتألمين واللاجئين والنازحين من مخاطر الحروب والنزاعات، الذين بلا سكن ولا مأوي، الذين ليس لهم أحد يذكرهم. 
هذا المسار المبارك أطول مسار روحى فى العالم يجتازه الحجاج ليساعدهم على الترفع عن حياة العالم والارتقاء بالنفس والصلاة لله والتقرب منه.. يأتى عـيد دخول السيد المسيح أرض مصر هذا العام فى وسط احتفال كبير حيث يشهد هذا المشروع مجهودات متواصلة من وزارات السياحة والآثار والتنمية المحلية وغيرها، واعتباره مشروعًا قوميًا تتضافر فيه كل جهود الوزارات والهيئات وكل أجهزة الدولة ونأمل أن تكون الحكومة المصرية مهدت الطرق ووسائل الانتقال حتى يستطيع حجاج العالم زيارة مصر والسير على خطى العائلة المقدسة.